من بين الألغاز التي مازالت تحوم حول سنوات حكم الزعيم الليبي السابق معمر القذافي، هو لغز الزعيم الشيعي ومؤسس حركة أمل اللبنانية موسى الصدر، الذي زار ليبيا في نهاية السبعينيات فاختفى ولم يظهر عنه أي خبر، والآن وبعد أزيد عن ثلاثين سنة عاد شيعة لبنان بالخصوص لفتح جرحهم القديم، خاصة أن الحوار الذي أجراه محمد بشير الحضار وهو آخر مسؤول قضائي في عهد القذافي مع جريدة الشرق الأوسط أول أمس أكد أن الرجل الشيعي الذي تحوّل إلى أسطورة لدى الشيعة وهناك من سماه بالمهدي المنتظر قد قتل فعلا بعد جدل طويل وحرب كلام بينه وبين معمر القذافي في خيمته، حيث قال المسؤول العسكري للجريدة بأن موسى الصدر الذي كان من أنشط الأسماء السياسية في لبنان في زمن الحرب الأهلية قال للقذافي بعد مناظرة مليئة بالشتائم والتحدي من الطرفين أنت رجل كافر ولا تصلح لأن تكون رئيس دولة مثل ليبيا، وهنا قرّر معمر القذافي في غياب الدولة اللبنانية التي مزقتها الحرب الأهلية القضاء عليه، وجاء في بيان الخارجية الليبية في ذلك الزمن أن موسى الصدر غادر باتجاه روما عبر الشركة الجوية الإيطالية، ورغم أن إيطاليا نفت وصوله إليها، إلا أن ضعف شوكة الشيعة في ذلك الوقت حيث كانت الثورة الإسلامية الإيرانية في فجر أيامها بعد عودة الإمام آية الله الخميني جعل الحادث يمر بسلام على معمر القذافي، ولكن بعد أن قوت شوكة حزب الله بالخصوص بعد قيادة أمانة الحزب لحسن نصرالله وتمكنه من وضع حركة أمل ورئيسها نبيه بري تحت أجنحته خاصة أن نبيه بري هو أحد تلامذة موسى الصدر؛ عاد الحديث وبقوة وبإلحاح عن ضرورة معرفة مصير موسى الصدر الذي كان على الدوام ضيفا على ملتقيات الفكر الإسلامي التي كانت تحتضنها الجزائر، وكان يحضر بدعوى من المرحوم نايت بلقاسم، وكان يَنشط المحاضرات وآخرها في مدينة تيزي وزو في عام 1975، كما التقى بالرئيس هواري بومدين في مسعى من الراحلين لأجل تضميد جراحات لبنان. إيران التي لم تعاد معمر القذافي علنا واعتبرته في بعض سنوات الثورة الإسلامية حليفا بسبب الاتفاق حول العداء للولايات المتحدةالأمريكية، لم تطالب أبدا بمصير موسى الصدر رغم أنه فارسي الأصل وهو من مواليد إيران .. وبعد اندلاع الثورة الليبية الأخيرة تبنت قناة المنار التابعة لحزب الله وكل القنوات الشيعية اللبنانية العداء لنظام معمر القذافي وأرسل الشيعة مبعوثين إلى طرابلس طالبوا بمعرفة مصير الزعيم الشيعي المغيّب عن الأنظار منذ زيارته الشهيرة لليبيا وبقي إبن الراحل ينتظر معجزة في أن يكون والده على قيد الحياة، خاصة أن معارضين ليبيين في السنوات السابقة قالوا إن موسى الصدر مازال في السجن، ولكن كلام محمد بشير الحضار وهروب القذافي وتسليم الكثير من أزلام النظام السابق أنفسهم واقتحام كل السجون والمحتشدات المدنية والعسكرية أكد أن موسى الصدر قد تمت تصفيته بالفعل ولا أمل في عودته إلى لبنان حيا أو ميتا، خاصة أن الحضار قال إن الرجل تم دفنه أولا في سرت ثم نُقل جثمانه إلى سبها ومنها إلى أماكن أخرى، وهناك من يقول إن رفاته أحرقت نهائيا لأن معمر القذافي وصفه بعابد النار والمجوسي الذي يجب حرقه.