كثيرة هي القواسم المشتركة بين المغاربة والفرنسيين منها... الحلزون. في فرنسا أو غيرها من البلدان، اسبانيا مثلا، تقدم عادة طبق الحلزون في المطاعم وغالبا ما تخصص لمآدب الأعياد، مع صلصة الثوم. أما في المغرب فالحلازين بالتوابل هي من الأطباق الشعبية. ويأتي الفرق شاسعا بين طريق تناول هذا الطبق في هذه البلدان. ففي فرنسا، مثلا يباع طبق حلزون بسعر يتجاوز طبق شريحة لحم، وفي المغرب يبدأ السعر ب5 دراهم. في المغرب، يؤكل الحلزون (ببوش في اللغة المحلية) أثناء التجوال في الشوارع والأحياء القديمة التي تعج بالبائعين المتنقلين. ويبدو أن هذه العادة تروق للسياح. وتحتاج هذه الرخويات الخنثوية (فالذكور تبيض مثل الإناث) إلى 6 أشهر لتصبح بالغة قبل أن ينتهي بها المطاف إلى قدر تطهى فيها، ليتلذذ بها الزبائن. ويقول عبدالرحيم، بائع الببوش أمام أحد الأبواب القديمة في العاصمة المغربية، "نبيع الحلازين على مدار السنة. فالطلب قائم دائما عليها في جميع أنحاء المغرب. وأنا أزاول هذه المهنة منذ 25 عاما". وتشبه الحلازين المغربية تلك التي نجدها في اسبانيا وجنوب فرنسا إلى حد كبير. فهي غنية بالبروتين والماغنيزيوم وفقيرة بالدهون. تقليديا، تغلى الحلازين في حساء من التوابل ويقدمها البائع إلى المارة في الشوارع بواسطة مغرفة. أما تحضيرها فيستوجب غسلها سبع مرات غسلا كثيفا ثم تغلى لبضع دقائق قبل أن يضاف إليها اليانسون الأخضر وعرق السوس والصعتر والفلفل الحلو والحار والنعناع وقشر البرتقال الحلو والمر. منذ فترة وجيزة، راج هذا الطبق المحلي في أحياء الرباط الثرية. طريقة التحضير هي عينها لكن طريقة التقديم تأتي أكثر "رقيا". فالحلازين هي دائما "باب أول" في حين أن العربة التي تباع فيها صممت خصيصا لهذا المشروع. كذلك، تجوب شاحنة صغيرة الأحياء الثرية لتعرض هذا الطبق. ويقول يوسف أحد الزبائن الأوفياء لوكالة فرانس برس، "اعتدنا تناول الحلزون مع أهلنا عندما كنا صغارا. هنا، الأطباق التي تقدم نظيفة وما من مخاوف صحية". مؤخرا، استحدث محمد علوي عبدلاوي مفهوم "ببوش الدار". فيوضح "نقدم لزبائننا الحد الأقصى من الضمانات. وآمل أن يحذو المنافسون الآخرون حذونا، فنتمكن من توفير طبق صحي ونظيف وعالي الجودة لزبائننا المغاربة". وتقوم النساء والأولاد خصوصا بجمع الحلازين المغربية التي تصدر أيضا إلى الخارج وإلى اسبانيا خصوصا. وتشير وكالة التنمية الاجتماعية التي أطلقت الكثير من المشاريع الرامية إلى دعم الإنتاج الزراعي في هذا البلد حيث تعيش غالبية السكان في فقر مدقع، إلى أن حجم الحلازين المصدرة يتراوح ما بين 7 آلاف و8 آلاف طن في السنة. لكن ما من أرقام دقيقة ومصرح بها تدل على الحجم الإجمالي للصادرات. ويصل الإنتاج الوطني من الحلازين إلى 10 آلاف طن في السنة، تصدر منها نسبة تتراوح ما بين 80% و85%. وترتكز تربية الحلازين في سواحل الأطلسي في مناطق القنطرة والجديدة وجنوب سلسلة جبال الريف. كذلك نجد أنواعا كثيرة برية في المناطق الداخلية مثل الوادي الواقع شرق جبال الأطلس. *أ ف ب