26 يوليوز, 2018 - 11:49:00 كشفت تقرير حديث ل "مراسلون بلا حدود" تهديدا جديدا يتعرّض إليه الصحافيون، إنه "التنمر الالكتروني" الذي يرتكب بشكل واسع من قبل "جيوش الكترونيّة" سواء كانوا أفرادا معزولين أو مرتزقة يعملون لمصلحة الأنظمة الاستبداديّة. التقرير الجديد نشر يوم 26 يوليوز، تحت عنوان: "التنمر الالكتروني ضد الصحفيين: عندما تطلق الجيوش الالكترونية اعتداءاتها". وتحذر من خلاله المنظمة من اتساع التهديد الجديد على حريّة الصحافة. التقرير الجديد يكشف النقاب عن مقترفوا "التنمر الالكتروني" الواسع على الصحافيين، ويجيب عن السؤال: من هم؟ هل هم مجرّد "قراصنة"، أم أفراد أو مجموعاتِ أفرادٍ مختبؤون خلف شاشاتهم؟ أم مرتزقة المعلومة على الشبكة الذين يمثّلون "جيوشا الكترونية" فعليّة أسستها الأنظمة الاستبدادية؟ أما هدف هذا التهديد الجديد، حسب تقرير المنظمة الدولية فهو في كل الحالات واحد: تكميم الصحافيين الذين تزعج أصواتهم باستخدام أساليب عنف نادر. ووثّقت "مراسلون بلا حدود"، لأشهر، هذه الهجمات الجديدة على الشبكة وحلّلت الأسلوب العَمَلي لهؤلاء المتصيدين لحرية الصحافة الذين عرفوا كيف يستعملون التكنولوجيات الجديدة حتى يُعطوا امتدادا أكبر لنموذجهم القمعي. وصرّح كريستوف دولوار، أمين عام "مراسلون بلا حدود" بالقول: "التهجم الالكتروني ظاهرة تنتشر على الصعيد الدولي، وتمثّل اليوم أحد أخطر التهديدات على حريّة الصحافة. وقد اكتشفنا أنّ الحروب الالكترونيّة لا تُشنّ فقط بين الدول، لكنّ أعداء الصحافة أسسوا جيوشا الكترونية لمهاجمة وإضعاف كل الذين يسعون إلى الحقائق بصدق. يدفع هؤلاء الطغاة مرتزقتهم لاستهداف الصحافيين وإطلاق رصاص حيّ عليهم في العالم الافتراضي، تماما كما يفعل آخرون في ميدان الحرب". تقرير المنظمة الدولية التي يوجد مقرها في باريس يكشق عن حقائق مثيرة، ويصل إلى خلاصات عامة، حيث يقول إنه من الصعب تحديد الرابط المباشر بين المجموعات الالكترونية، التي تهاجم الصحافيين، والأنظمة. فيما وثق التقرير حالات تهجم الكتروني على صحافيين في 32 بلدا، وكشف عن حملات كره منظّمة من قبل الأنظمة القمعية أو الاستبدادية كالصين وروسيا والهند وتركيا وفيتنام وإيران والجزائر. ويقول التقرير ‘ن هذه الحملات العنيفة على الشبكة، تطلقها أيضا مجموعات يلتقي فيها أفراد أو مجموعات سياسية في بلدان تعرف بكونها ديمقراطية، خاصة في المكسيك، وأيضا في بلدان متقدّمة في التصنيف العالمي لحرية الصحافة على غرار السويد وفنلندا. ويسلط التقرير الضوء على الجانب التنفيذي الذي تعتمده الأنظمة المعادية لحرية الصحافة، والتي تنسق الهجمات الالكترونية ضد الصحافيين من خلال ثلاث مراحل: أولا، التضليل (يقع إغراق المضمون الصحفي على شبكات التواصل الاجتماعي بفيض من الأخبار الزائفة التي تخدم النظام). ثانيا، التضخيم (يقع الرفع من قيمة هذه المواد، بشكل مصطنع، عن طريق معلقين تؤجّرهم الأنظمة لوضع رسائل على شبكات التواصل أو باستعمال برامج الكترونية (روبوتات) تنشر المضمون أوتوماتيكيا). ثالثا، التهديد (استهداف الصحافيين بشكل شخصي وشتمهم وتهديدهم بالقتل وتشويه سمعتهم من أجل إسكاتهم). ويصل التقرير إلى أن نتائج هذا التهجم الإلكتروني تكون أحيانا مأساوية عندما يجنح أغلب الصحافيين ضحاياه، الذين استجوبتهم مراسلون بلا حدود، إلى الرقابة الذاتية في ضلّ موجة العنف التي لم يتخيلوا مداها. ويكشف التقرير أن النساء الصحافيات هنّ الأكثر تعرضا للهجمات الالكترونية، حيث كان ثلثي الصحافيات ضحايا التهجم الإلكتروني، و25 % من هنّ تمّ التهجم عليهن عبر الشبكة الالكترونية. ويورد التقرير حالة الصحفيّة الهندية رانا أيوب التي هدفا لمساندي النظام من "اليوداها Yoddhas" التابعة لنارندا مودي، والذين يستهدفون الصحفيّة بسبب تحقيقاتها الصحفيّة حول وصول الوزير الأوّل الهندي إلى الحكم. تقول: "وصفوني بالمومس. وضعوا وجهي على صورة جسد عار. وأخذوا صورة أمّي من حسابي على انستغرام ليعبثوا بها بكلّ الأشكال". وبحسب نفس التقرير يعتبر الصحافيون الاستقصائيون من بين أهداف هذه الجيوش الالكترونية، على غرار ألبرتو اسكورسيا الذي تم تهديده بالقتل على خلفية تحقيقاته حول استعمال "الحسابات النائمة" للتأثير على الحملات الانتخابية خلال الانتخابات الرئاسية الأخيرة في المكسيك. ويورد التقرير حالة الصحفية ماريا روسا في الفلبين التي تم استهدافها من قبل الجيوش الالكترونية، في حين يواجه الموقع الذي تديره "تذكّر Rappler " مضايقات قضائيّة. ومنذ انتخاب رودريغو دوترت رئيسا، في 2016، يقع استهداف الصحافيين الفلبينيين الذين ينجزون تحقيقات مستقلّة بخصوص النظام. أما في فرنسا، فيقول التقرير إنه تمّ الحكم على شخصين بستة أشهر سجنا مع وقت التنفيذ وخطيّة مالية قدرها 2000 أورو بعد تهديد الصحفية نادية دام عبر شبكة الانترنت. كما تمّ الحكم على شخص ثالث ستة أشهر مع وقف التنفيذ بعد أن هدّدها بالقتل على خلفيّة القضية الأولى. ويحمل التقرير الشركات التي تبيع الحسابات المزيفة، مثل دوفيميDevumi، مسؤولية اجتماعيّة مباشرة في انتشار هذه التهديدات الجديدة: تهديد صحفي بشكل واسع ليس بالأمر السّهل، لكنّه بالمقابل غير مُكلف. ومن خلال بحثها تقدم "مراسلون بلا حدود" 25 توصية توجّه إلى الأنظمة والجماعات الدولية والمنصات الالكترونية ووسائل الإعلام والمستشهرين من أجل الانتباه إلى هذه التهديدات الالكترونية الجديدة.