25 يناير, 2017 - 09:30:00 التشابه بين قضية المعطي منجب (المغرب) وليلى يونس (أذربيجان) مُدهش للغاية.ناشطان حقوقيان ورمزان للمعارضة في بلديهما، استعمل النظامان المغربي والأذربيجاني نفس الأساليب القمعية من أجل تشويه سمعتهما من لدن الرأي العام من جهة واستعملا قضاءً متحكماً فيه من أجل إسكات صوتيهما. مثقفان يُنظر لهما كمعارضَين مؤرخ ومناضل حقوقي وصحافي بمجلة "زمان" الناطقة بالفرنسية، يُتابَع منجب من طرف النظام المغرب بتهمة "المس بالأمن الداخلي للدولة" و"تلقي أموال من الخارج[1]".أما ليلى يونس، التي درست أيضاً التاريخ، فقد تم سجنها وزوجها سنة 2014 بعد متابعتهما بتهمة "خيانة الأمة" و"الاحتيال الضريبي". أسس منجب، العضو في المجلس التأسيسي ل"حركة 20 فبراير" (النسخة المغربية ل "الربيع العربي")، مركز ابن رشد للدراسات والتواصل (CIR) الذي عمل على تدريب مئات الصحافيين، ونشطاء حقوق الإنسان، خاصة من الشباب. كما عمِلعلى إرساء قنوات للحوار ما بين التيارات السياسية المختلفة، من أجل التخفيف من حِدّة التوتر في البلاد عقبأحداث الدارالبيضاء الارهابية عامي 2003 و2007. غير أنه، وبضغط من السلطات، بعد سلسلة من منع أنشطته، اضطر المركز إلى وضع حد لأنشطته واقفال أبوابه. الحوار ممنوع كعادة الأنظمة الاستبدادية، التي لا تستطيع الحِفاظ على بقائها بدون الإبقاء على توتر على الجبهتين الداخلية والخارجية، نهج كِلا النظامين المغربي والاذربيجاني، نهج سياسة "فرق تسد". بالنسبة إليهما، يُشكّل التوتر (في مستوى يمكن السيطرة عليه) مورداً سياسياً من الدرجة الأولى.لهذا يعتقد العديد من المراقبين، أن استهداف منجب ويونس يعود بشكل أساسي إلى تجرؤهم على تقريب ما أراد النظام تفريقه.فقد قام منجب، مؤلف كتاب "مواجهات بين الإسلاميين والعلمانيين"، بإطلاق حوار وطني[2] بين التيارات الاشتراكية والعلمانية، من جهة، والإسلاميين ممثلَين على الخصوص بكل من "جماعة العدل والإحسان" والتيار المناهض للمخزن من داخل "حزب العدالة والتنمية"، من جهة أخرى . أثار هذا المشروع، الذي يعتبر سابقة في بلدٍ معروف أكثر بالمواجهات الدامية أحيانا بين الجانبين خاصة في الحرم الجامعي، اهتمام جمهورواسع كما جلب اهتمام كبرى وسائل الإعلام، مثل قناة الجزيرة التي غطت المناقشات. كما مكنت سلسلة اللقاءات، التي نظمت بين عامي 2007 و 2014، من إحداث تقارب حقيقي بين بين التيارات الإسلامية والعلمانية ، وهو ما مهّدلتشكيل قطب ديمقراطي موحد. غير أن أي تقاربالجانبين ، خارج النظام، يعتبرخطراً سياسياًمن طرف "نخبة الدولة"، التي لم تتمكن من البقاء في السلطة أساساً، إلا بفضل انقسامات المجتمع السياسي. في الجانب الأذربيجاني، ومن أجل خفض التوتر بين بلادها ومنطقة "القوقاز"، تجرأت يونس على تنظيم أول محاولة تقارب بين المجتمع المدني لبلادها وأرمينيا المجاورة، اللتين تتنازعان منطقة "ناغورني كاراباخ"المتواجدة في أذربيجان والتي غزاها الأرمن. عقدت مؤلفة كتاب "مسؤوليات السياسي"، الحوار مع منظمات المجتمع المدني الأرمنية[3]، إلا أن جهودها لتعزيز مسار سياسي معتدل وديمقراطي ورفضها القومية المتطرفة والعنف، جعلانها تدفع الثمن حيث اتهمت من قبل صحافة نظام بلادها بالتجسس لصالح العدو (أرمينيا). بالمثل تم اتهام منجب، في المغرب، بالعمل من أجل رفع الحصارعن عدو لدود(جماعة العدل والاحسان) والتعاون مع منظمات معادية للوطن ك"فري بريس آنليميتد". الإغراء أو الإقصاء بعد رفضهما أي شكل من أشكال التفاوض خلف الكواليس، وجد هذين "العنيدين الغير القابلين للتطويع" باستعمال قاموس الغرف المغلقة السلطة في باكو والرباط أنفسيهما رغماً عنهما في مواجهة مباشرة مع نظامين يريدان رأسيهما بأي ثمن. لكن، قبل الهجوم عليهما، على النظامين أولاً تجاوز عقبة كبيرة، هي المصداقية الواسعة التي يتمتع بها"الخصمين" في بلادهما وفي الخارج.. الأحداث، ستظهر أن مخيلة نظامين، راكما تجربة كبيرة في القمع، لا تفتقر إلى الخيال.. وسائل القمع "الجديدة" من أجل تشويه سمعتهما وتهيئة الرأي العام لتقبل ما سيلي، تم الهجوم على منجب وليلى باستعمال وسائل الاعلام المقربة من النظامين. تم اتهامها ب"الخيانة " و"التجسس" و"التهرب الضريبي" و"الاحتيال" و"التجارة غير الشرعية" وغيرها، وهي اتهامات كثيراً ما لجأت إليها سلطات البلدين ضد الصحافيين والناشطين المزعجين. في مقال نشره على موقع "أوريونXXI" قبل محاكمته، قام منجب بنفسه بتفكيك هذه الأساليب الجديدة التي يستخدمها نظام بلاده لتشويه من يعتبرهم خصومه. يُلخص منجب هذا التكتيك في ثلاثة أسلحة: الجنس للإسلاميين، والمخدرات للمناضلين الشباب، و"المال" لشخصيات اليسار. في غشت من سنة 2015، تمت إدانة ليلى يونس بثماني سنوات ونصف سجناً بتهمة "الاحتيال والتهرب الضريبي والاتجار غير المشروع"، بعد محاكمة غير عادلة وفقا للعديد من منظمات حقوق الانسان الدولية. خلال الفترة نفسها، وُجِّهت للمعطي منجب تهمة "تهديد الأمن الداخلي للدولة"، بعد اتهامه من قبل وزارة الداخلية ب "التهرب الضريبي". في غضون أشهر قليلة نشرت وسائل إعلام مغربية ك "الاحداث المغربية" وجريدة "الأخبار" وموقع "Le360"، عشرات المقالات التشهيرية ضد المعارض المغربي. اختلفت التهم حسب جمهور القراء المستهدف. فعلى سبيل المثال وصفه موقع "لاروليف" ب "الخمسيني المصاب بسن اليأس الذكوري المبكر[4]". وفقا لدراسة حول خطاب الحقد والكراهية في الصحافة المغربية، أجراه سنة 2015 "مرصد الاعلام في شمال افريقيا والشرق الأوسط"، سجلت اثنتين من "وسائل الاعلام" هذه (الاحداث المغربية والأخبار) 67,38 بالمائة من مجموع التجاوزات المسجلة، والتي تنوعت ما بين السب والقذف، وصولا إلى الدعوة إلى القتل. لتقييد تحركاته، ولِم لا عزله، تم حظر منجب من مغادرة التراب الوطني في غشت من عام 2015، وتم البدء في التحقيق معه من قبل الوكيل العام للملك لمحكمة الاستئناف بالرباط بتهمة تنظيم أنشطة من شأنها "إضعاف ولاء المواطنين للمؤسسات". لم يتمكن من كسر هذا الحِصار إلا بعد إضراب مفتوح عن الطعام دام أربعة وعشرين يوما، لقي خلالها دعماً كبيرا من الأوساط الأكاديمية الدولية، كالعالِم الأمريكي "نعومتشومسكي[5]"، والعديد من القادة التاريخيين المغاربة، كعبد الرحمان اليوسفي وامحمد بوستة[6]. في 15 يوليوز 2014، ردا على سؤال حول تزايد خطر الإرهاب في البلاد، فتح محمد حصّاد، وزير الداخلية المغربي، النار على المنظمات المنظمات الحقوقية[7]، قائلاً ان الجهود التي تبذلها الأجهزة الأمنية تعترضها "سلوكات بعض الجمعيات" التي "تنشط تحت ستار الدفاع عن حقوق الإنسان" بنية القيام بأعمال تخدم أجندات بعض البلدان الأجنبية "تحت غِطاء الدفاع عن حقوق الانسان". هذا التصريح، الذي ربط بشكل مباشر بين الارهاب والدفاع عن حقوق الإنسان، كان بمثابة إعداد للرأي العام للقمع الذي سيأتي بدعوى حماية الأمن الداخلي وسلامة الوحدة الترابية. في سنة 2015، تمت رسمياًمتابعة منجب، وستة من زملائه، بتهمة "المس بالأمن الداخلي للدولة"، وهو ما يعني مواجهة أحكام تتراوح ما بين 5 و25 سنة سجناً. خلال نفس السنة، أدان النظام الاذربيجاني نفس العدد من الصحافيين والفاعلين المدنيين بأحكام ثقيلة، جلها بتهم حول جرائم اقتصادية مزعومة. محمد السادس وإلهام علييف: الكثير من القواسم المشتركة بالاضافة إلى عامل السّن وموالاتهما للغرب، هناك العديد من نقاط التشابهبين الملك محمد السادس والرئيس إلهام علييف. الاثنان يقدمان نفسيهما كمحاربان للتطرف الديني[8]، لكنهما في الواقع يسيطران بشكل مطلق على الاقتصاد الوطني لبلدين يزخران بموارد طبيعية غنية. على الرغم من أن الفوسفات يوفر عُملة صعبة أقل في المغرب مما توفره الهيدروكربونات في أذربيجان، إلا أن محمد السادس استطاع أن يُراكِم ثروة تقدر ب5،7 مليار دولار أمريكي، وفقا لمجلة فوربس، جعلته يتربع على عرش أغنياء شمال أفريقيا واحتلال الرتبة الخامسة على مستوى القارة[9]. أمّا علييف، الذي يصعب تقدير ثروته، فهو الشخصية الأكثر فسادا في العالم في عام 2012، وفقا لتصنيف حول الفساد والجريمة المنظمة[10]. كما أنه سيطر منذ 2013 على الحكم، الذي "ورثه" من والده، حيدر علييف، المستقيل لأسباب صحية. الصحافة الاستقصائية بين المِطرقة والسِّندان لتكميم أفواه وسائل الإعلام المستقلة، ضاعف النظامينمنذ سنة 2013، من هجماتهما على الأصوات الحُرة. بطبيعة الحال، كان الصحافيون الاستقصائيون الهدف الأول. بضغوط من النظام، تم حلّ مركز ابن رشد للدراسات والتواصل، الذي رأسه المعطي منجب. في سنة 2011، أوقفت السلطات الأذربيجانية الصحافية الاستقصائية خديجة إسماعيلوفا، الحائزة على الجائزة الدولية لحرية الصحافة لليونسكو. كما تم تسريب شريط فيديو[11]منسوب لها يُظهِرها في أوضاع جنسية. بالمثل، أقدمت العديد من "المنابر الإعلامية" في المغرب على نشر "معلومات" تتعلق بالحياة الخاصة لمنجب من أجل تشويه سمعته. فعلى سبيل المثال، اتهمه موقع "أكورا بريس"، من بين تهم أخرى، ب "ممارسة الجنس خارج نطاق الزواج مع روسية" مع إعطائها اسما يوحي بأنها يهودية. لم يكتف الموقع بذلك، بل هدده بالقتل قائلاً "فليحمد الله أن داعش بعيدة عن المغرب حتى لا تطاله رصاصة من رصاصات صبية البغدادي الذين لم يعد يستهويهم الرجم وفضلوا عليه الرصاص للقصاص من الزاني و الزانية[12]". أما موقع "كواليس"، فوصفه بكونه "مؤيد شرس للمثلية الجنسية[13]." بتهمة "التهرب الضريبي واختلاس الأموال والتجارة غير المشروعة "تم إرسال إسماعيلوفا، المعروفة بتحقيقاتها حول الفساد بقمة النظام، إلى السجن لمدة سبع سنوات ونصف. في المغرب، تم سجن علي أنوزلا، الصحافي الاستقصائي وأحد أصدقاء منجب، سنة 2013، بتهمة "التحريض على الإرهاب"، بعد سلسلة مقالات لاذعة تناولت كُلفة الملكية وعطل الملك الطويلة في الخارج. لكن الحُكم على أنوزلا جاء خاصة لمعاقبته بعد تفجيره لقضية العفو الملكي عن البيدوفيل الاسباني "دانيال كالفان"، مغتصب عشرات الأطفال (والمحكوم عليه بالسجن لثلاثين عاما)، الشيء الذي أثار غضب الملك. في النهاية، يحتل المغرب وأذربيجان الثلث الأخير من التصنيف الأخير لمنظمة "مراسلون بلا حدود"حول حرية الصحافة. [1]https://www.washingtonpost.com/opinions/free-speech-goes-on-trial-in-morocco/2015/11/20/9eaea2d2-8f9e-11e5-baf4-bdf37355da0c_story.html?utm_term=.fee87db46684 [2]http://www.reseau-ipam.org/spip.php?article1380 [3]http://www.la-croix.com/Monde/En-Azerbaidjan-Leyla-Yunus-retrouve-la-liberte-2015-12-11-1391744 [4] [5]http://www.h24info.ma/maroc/affaire-monjib-le-philosophe-americain-noam-chomsky-implore-mohammed-vi/37543 [6]http://telquel.ma/2015/10/27/grands-dirigeants-politiques-soutiennent-maati-monjib_1467971 [7]https://www.fidh.org/fr/regions/maghreb-moyen-orient/maroc/15831-maroc-un-ministre-accuse-les-ong-de-repondre-a-un-agenda-etranger-et-d [8]http://www.la-croix.com/Monde/En-Azerbaidjan-Leyla-Yunus-retrouve-la-liberte-2015-12-11-1391744 أنظر أيضاً جريدة "لوموند"، 14 غشت 2016 [9]http://www.forbes.com/africa-billionaires/list/ [10]http://www.courrierinternational.com/breve/2013/01/04/le-president-aliev-champion-de-la-corruption [11]https://www.meydan.tv/en/site/society/7345/ [12]http://www.agora.ma/114978.html [13]http://www.cawalisse.com/88427/09/21/31/17