تجاوزت رقابة الوزير خالد الناصري، المغرب لتصل إلى دبيبالإمارات العربية المتحدة وإجبار سلطاتها على فصل صحفي مغربي ظل يعمل في القناة طيلة ثماني سنوات كرئيس تحرير. ويتعلق الأمر بالزميل عمر المخفي. فقد اتصل وزير الإتصال والناطق الرسمي بإسم الحكومة المغربية، ذات مساء بسكرتيرة قناة "دبي تي في"، وهددها بأنه سيعاقب مراسل القناة في المغرب، جلال المخفي، الذي اتصلت به القناة مساء يوم 19 يونيو لتسأله عن التظاهرات التي دعت إليها حركة 20 فبراير في المغرب. وبما أن أجوبة المراسل لم ترق الوزير فقد استعمل نفوذه لدى الإمارة النفطية للضغط على أمرائها من أجل إقالة المراسل، وفصل شقيقه الذي يعمل في نفس القناة. وحسب رسالة توصل بها موقع "لكم"، موقعة من قبل عمر المخفي، فإن إدارة القناة الإماراتية أخبرته بأن قرار فصله هو وشقيقه من عملها جاء من المغرب. وهذه في حد ذاتها سابقة في تاريخ المغرب. فمثل هذا الشكل من العقاب لم يكن معمولا به سوى في دولتين عربيتين هما تونس وليبيا اللتين كان حكامهما يبتزون العواصم العربية لفرض مراسلين يسايرون أهوائهم أو حتى منعهم. --- وفيما يلي نص رسالة عمر المخفي تحياتي وبعد، توصلت يوم 21 يونيو الجاري برسالة من مؤسسة دبي للإعلام تخطرني بإنهاء خدماتي في تلفزيون دبي بعد ثماني سنوات قضيتها فيه كرئيس تحرير. وجاء إقالتي بأثر فوري ودون مراعاة لفترة الإخطار المتعارف عليها. كما لم تردني بشكل رسمي أي توضيحات بشأن القرار ولكنني أبلغت شفويا بأن الأمر لا يتعلق بأي مأخذ علي لا من الناحية المهنية ولا الإدارية ولا الشخصية. وإنما اتخذ القرار لأسباب سياسية مرجعها الأول والأخير يوجد المغرب (دون تحديد لهذا المرجع). كما أخطر أخي جلال المخفي الذي يعمل كمراسل لتلفزيون دبي من سنوات بقرار مماثل وبنفس الحيثيات: أي بأثر فوري وبناء على احتجاج من وزير الاتصال السيد خالد الناصري. ولفهم بعض تفاصيل هذا القرار, أعود بكم إلى تاريخ 19 يونيو حين أجرى تلفزيون دبي على نشرة الثالثة ظهرا اتصالا مع المراسل للسؤال عن أسباب دعوة حركة عشرين فبراير لمسيرات جديدة ثم أتبعه بحوار مع وزير الاتصال تحول إلى هجوم مباشر على المراسل. ويمكنكم مشاهدة الرابط لمعرفة ما جرى على وجه الدقة ولتكونوا فكرة بأنفسكم عن الموضوع. بعد ذلك، اتصل الوزير بسكرتيرة قسم المراسلين وهدد ب "محاسبة المراسل سياسيا". وتوالت الأحداث وبات جليا منذ مساء 19 يونيو أن تلفزيون دبي قرر إنهاء خدمات جلال الذي يربطه به عقد متعاون freelance تفاديا لأي إحراج سياسي لقناة حكومية مع بلد صديق كالمغرب. كما تم استرضاء الوزير باستضافته مجددا على نشرة العاشرة مساء. ولكن، ووسط دهشة الجميع، اتسع القرار ليشملني كذلك وبالطريقة التي شرحتها آنفا. للمفارقة توصلت برسالة الإقالة بينما كنت أقرأ خبر استقالة وزير الإعلام الأردني طاهر العدوان احتجاجا على ما سماه بالمناخ المناهض لحرية الصحافة في الأردن وعلى جملة قوانين عرضتها حكومة معروف البخيت على البرلمان واعتبر الوزير المستقيل أنها تضيق على الممارسة الإعلامية. ولإيضاح الأمر أريد أن أؤكد على بعض الأمور بعجالة فيما يخصني أولا ثم فيما يخص تحامل وزير الإعلام على مراسل تلفزيون دبي. فيما يتعلق بقرار إقالتي. - لم تقدم أي أسباب للقرار بشكل رسمي وكل الأسباب التي سيقت كانت شفهية وبناء على تحليلات أكثر منها على معطيات. - باستثناء فترة الإخطار التي لم تحترم، احترمت مؤسسة دبي كل القوانين المعمول بها في القطاع الحكومي بإمارة دبي وكذا كافة البنود الموجودة في العقد الذي يربطني بها بما في ذلك البنود الجزائية. - توصلت باعتذار شفوي من عدة مسؤولين في المؤسسة لعدم قدرتهم على تغيير هذا القرار "الذي نزل من عل" وبإيعاز من جهات في المغرب. فيما يتعلق بالناصري وجلال: - احتج السيد الناصري على تلفزيون دبي واعتبر أنه نصب له فخا لأنه استدعي للحديث عن الدستور الجديد لكنه استدرج للرد على مراسل القناة الذي هو عضو في حركة عشرين فبراير. وكما ستشاهدون في التسجيل، فإن الوزير هو نفسه من كان يهاجم المراسل رغم دعوات المذيع المتكررة للعودة إلى موضوع الدستور. - اتهم الناصري المراسل بمجافاة المهنية والحياد واتخاذ موقف متحيز لحركة عشرين فبراير. وهو أمر لا يمكنه إثباته لأن التفلزيون "فضاح". فعملنا يبث على الهواء مباشرة ولا يمكن إخفاؤه. كما أن مستويات المراقبة التحريرية في تلفزيون دبي متعددة وتبدأ مع رئيس تحرير قسم المراسلين (كزميلنا عبد المنعم الشبري) وتستمر مع رئيس تحرير النشرة (كزميلنا أنس بوسلامتي) وأحيانا مع مدير الأخبار نفسه. يعني يجب أن يكون المراسل شيطانا كي يمرر كلمة واحدة لا تتفق مع الخط التحريري للقناة (وكلكم يعرف أن هذا الخط هادئ ومتوازن). - ثم إن الناصري تحرك بسوء نية لمعرفته بسهولة التسويق في الإمارات ل "حالة التنافي" بين ممارسة مهنة الصحافة والانتماء لحركة مطلبية كحركة 20 فبراير. لم يخبر الوزير السلطات الإماراتية أن هنالك أكثر من 17 مؤسسة صحفية حزبية في المغرب تتلقى الدعم العمومي. لم يخبرهم أن عدد الصحفيين المغاربة الذين ينتمون لحركة 20 فبراير أو يدعمونها يعدون بالعشرات ولكنه لا يجرؤ على "محاسبتهم سياسيا". ولأعطيكم مثالا واحدا: زميلنا محمد العوني هو رئيس المجلس الوطني لدعم حركة 20 فبراير وهو أحد قيدومي دار البريهي. لقد أقدم السيد الناصري على أمر غير مسبوق لأنه حمل المنع والتضييق إلى آفاق أوسع. لقد عولمه أو عوربه. وهو في ذلك بلغ شأنا لم يصل إليه إدريس البصري نفسه. كما أن السيد الناصري أساء إلى المغرب (وهذه ليست المرة الأولى ) حين هوى بالمسؤولية الحكومية إلى حضيض غير مسبوق. فكيف لوزير يمثل دولة أن يخطاب سكرتيرة (لا زالت لم تنه فترة الاختبار قبل الترسيم) ليبثها شكاواه الإعلامية ويهددها بمحاسبة مراسل القناة سياسيا (إن فهم أحدكم معنى المحاسبة السياسية للصحفي فليشرحها لي رجاء). أعتذر عن الإطالة ولكنني أوضح لكم هذه الأمور لأنني مقبل على معركة فرضت علي. سأخوضها ليس باسم الرزق المقطوع لأنني أعرف أن سيرتي المهنية ستشفع لي عند مؤسسات إعلامية كثيرة، ولكن باسم الدفاع عن حقنا في الممارسة الصحفية المستقلة والنزيهة البعيدة عن ضغوط السياسيين وتدخلاتهم الكيدية. مع تحياتي عمر المخفي {youtube width="480" height="380" autostart="true"}9pWRkn16e9g{/youtube}