11 يوليوز, 2017 - 04:10:00 قال رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، اليوم الثلاثاء بالرباط، إن "الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية والمؤسساتية التي راكمها المغرب، والتي تشكل رصيدا مهما، ستمكن من المضي بكل ثقة في ورش تجديد النموذج التنموي الوطني". وأضاف العثماني، في افتتاح لقاء خصص لتقديم نتائج تشخيص تطور النموذج التنموي المغربي الذي أشرف على إنجازه مركز التنمية التابع لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية ضمن المرحلة الأولى من الدراسة متعددة الأبعاد للتنمية بالمغرب، أن الخيارات الكبرى لهذا النموذج، التي ارتكزت على جملة من الثوابت، قد خضعت لعدة تعديلات قصد مواكبة التحولات السياسية والاقتصادية للبلاد وتطورات المحيط الدولي وما رافقها من تحول في الرؤى والسياسات الاقتصادية العالمية. وتابع رئيس الحكومة أن "الطفرة التي عرفها الاقتصاد المغربي في ظل هذا النموذج التنموي وقدرته على امتصاص الصدمات، سواء منها الناتجة عن عوامل داخلية كالجفاف أو المترتبة عن عوامل خارجية كالأزمات الاقتصادية وارتفاع أسعار المواد الأولية"، منوها "بقدرة الاقتصاد الوطني على استقطاب استثمارات أجنبية مهمة ذات قيمة مضافة عالية في مجالات حيوية واعدة كالصناعة والطاقة". واعتبر رئيس الحكومة أنه بالرغم من هذه التراكمات الإيجابية، فإن الاقتصاد الوطني لا يزال يواجه تحديات عدة، أبرزها تحقيق المغرب لمعدلات نمو دون المستويات المرجوة والضرورية لامتصاص البطالة وإحداث تحسن نوعي في مستوى عيش السكان، والتفاوتات الاجتماعية والترابية الناجمة عن السياسات المعتمدة حتى اليوم والتي تضر بالاستقرار والتماسك الاجتماعي وكذا في ضعف التكامل بين السياسات العمومية وغياب رؤية شاملة ومندمجة للتنمية، مما يحد من فعالية هذه السياسات. وبخصوص تجديد النموذج التنموي الوطني، أكد العثماني على ضرورة تنمية الرأسمال البشري من خلال الإنجاز الفعلي والفعال لإصلاح منظومة التربية والتكوين بشكل يتجاوز المقاربة القطاعية ويجعل من العنصر البشري الرهان الأساسي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية. كما شدد على ضرورة الوعي بالمطالب الملحة المتعلقة بالعدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص لتمكين المواطنين من المساهمة في خلق الثروة والاستفادة من ثمارها بشكل عادل، مشيرا إلى أن جزءا مهما من الساكنة يضل غير معني وغير مستهدف وغير مستفيد من مجهود الدولة في التنمية، مما يستدعي التعاطي بقوة مع هذا الأمر وتبني سياسات إرادية ومبدعة لمعالجته. من جهة أخرى، دعا رئيس الحكومة لاستحضار ندرة الموارد المالية وضرورة ترشيدها وتوجيهها نحو الاستعمال الأمثل، عبر تقييم فعالية الاستثمارات قصد توجيهها نحو المشاريع الأكثر مردودية، ومواصلة تحسين مناخ الأعمال وتعزيز الثقة في الوجهة المغربية بغية تعبئة الموارد الخارجية، خاصة الاستثمارات المباشرة الأجنبية. كما أكد على ضرورة إرساء نظام حكامة فعال، قائم على إنجاز مجموعة من الإصلاحات القانونية والمؤسساتية، مناطها تعزيز تنسيق والتقائية السياسات والبرامج العمومية وإعادة تحديد دور الدولة في كليتها، وإعادة توزيع الأدوار المنوطة بمكوناتها وفروعها، في انسجام فيما بينها وتكامل مع باقي الشركاء من قطاع خاص ومجتمع مدني. ونوه العثماني أيضا بجودة وراهنية ووجاهة الموضوع الذي تطرق له تقرير منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، قائلا إنه يشكل فرصة لتقييم التقدم الذي أحرزه النموذج التنموي للمملكة وتحديد الصعوبات التي اعترضته والنقائص التي يجب أن يتداركها، بغية ترصيد الإنجازات وتصحيح الاختلالات، بما يؤهل المغرب لمواصلة مسيرته التنموية بثبات.