ماكرون يشيد بمشاركة المغرب كضيف شرف في المعرض الدولي للفلاحة بباريس    المنتخب السعودي يتأهل لكأس العالم للشباب بفوزه على الصين    أخنوش وبايرو يثمنان "التحول الكبير" في العلاقات الثنائية المغربية الفرنسية    "البيجيدي" مستاء من قرار الباشا بمنع لقاء تواصلي للحزب بالرشيدية    باريس تحتفي بالفلاحة المغربية    عجز الميزانية قارب 7 ملايير درهم خلال يناير 2025    إسرائيلي يقبل رؤوس مقاومي "كتائب القسام" بقطاع غزة    الملك يبارك يوم التأسيس السعودي    نهضة بركان تسير نحو لقب تاريخي    القبض على شخص استغل حريق سوق بني مكادة لسرقة بضائع التجار    دنيا بطمة تلفت أنظار السوشل ميديا    التخلص من الذباب بالكافيين يجذب اهتمام باحثين يابانيين    مشروع قرار أمريكي من 65 كلمة فقط في الأمم المتحدة يدعو لإنهاء الحرب في أوكرانيا دون الإشارة لوحدة أراضيها    "الصاكات" تقرر وقف بيع منتجات الشركة المغربية للتبغ لمدة 15 يوما    مساءلة رئيس الحكومة أمام البرلمان حول الارتفاع الكبير للأسعار وتدهور الوضع المعيشي    رفض استئناف ريال مدريد ضد عقوبة بيلينغهام    في حضور أخنوش والرئيس الفرنسي.. المغرب ضيف شرف في المعرض الدولي للفلاحة بباريس    زخات مطرية وتساقطات ثلجية مرتقبة بعدد من المناطق المغربية اليوم    رئيسة المؤسسة البرازيلية للبحث الزراعي: تعاون المغرب والبرازيل "واعد" لتعزيز الأمن الغذائي    لاعب الرجاء بوكرين يغيب عن "الكلاسيكو" أمام الجيش الملكي بسبب الإصابة    سيناريوهات ما بعد هزيمة العرب وأمريكا في أوكرانيا    إحباط محاولة تهريب مفرقعات وشهب نارية بميناء طنجة المتوسط    مراكش: فتح بحث قضائي في حق عميد شرطة متورط في قضية ابتزاز ورشوة    الكوكب المراكشي يبحث عن تعزيز موقعه في الصدارة عبر بوابة خريبكة ورجاء بني ملال يتربص به    بين العربية والأمازيغية: سعيدة شرف تقدم 'الواد الواد' بحلة جديدة    بحضور أخنوش.. الرئيس الفرنسي يدشن المعرض الدولي للفلاحة بباريس الذي يحتفي بالمغرب كضيف شرف    "العدل والإحسان" تدعو لوقفة بفاس احتجاجا على استمرار تشميع بيت أحد أعضاءها منذ 6 سنوات    استثمار "بوينغ" يتسع في المغرب    السحب تحبط تعامد أشعة الشمس على وجه رمسيس الثاني    متابعة الرابور "حليوة" في حالة سراح    استشفاء "بابا الفاتيكان" يثير القلق    فيديو عن وصول الملك محمد السادس إلى مدينة المضيق    الصحراء المغربية.. منتدى "الفوبريل" بالهندوراس يؤكد دعمه لحل سلمي ونهائي يحترم سيادة المغرب ووحدته الترابية    تحقيق في رومانيا بعد اعتداء عنيف على طالب مغربي وصديقته    إطلاق "كازا تراث"… منصة مخصصة لاكتشاف تراث المدينة    كيوسك السبت | المغرب الأول إفريقيا وال 16 عالميا في أساسيات مزاولة الأعمال    الصين تطلق أول نموذج كبير للذكاء الاصطناعي مخصص للأمراض النادرة    قرعة دوري أبطال أوروبا.. ديربي مدريدي وقمتان ناريتان    رمضان 2025.. كم ساعة سيصوم المغاربة هذا العام؟    النصيري يدخل التاريخ مع فنربخشة التركي    دراسة: هذه أفضل 4 أطعمة لأمعائك ودماغك    رفع الستار عن فعاليات الدورة الثالثة من مهرجان روح الثقافات بالصويرة    تقدم في التحقيقات: اكتشاف المخرج الرئيسي لنفق التهريب بين المغرب وسبتة    المؤتمر الوطني للعربية ينتقد "الجائحة اللغوية" ويتشبث ب"اللسانَين الأم"    حوار مع "شات جيبيتي".. هل الأندلس الحقيقية موجودة في أمريكا؟    "ميزانية المواطن".. مبادرة تروم تقريب وتبسيط مالية جهة طنجة للساكنة    لجنة تتفقد المناخ المدرسي ببني ملال    فوز صعب ل"الماص" على المحمدية    الحصبة.. مراقبة أكثر من 9 ملايين دفتر صحي وتخوفات من ارتفاع الحالات    من العاصمة .. الإعلام ومسؤوليته في مواجهة الإرهاب    محكمة بالدار البيضاء تتابع الرابور "حليوة" في حالة سراح    على بعد أيام قليلة عن انتهاء الشوط الثاني من الحملة الاستدراكية للتلقيح تراجع نسبي للحصبة وتسجيل 3365 حالة إصابة و 6 وفيات خلال الأسبوع الفارط    روايات نجيب محفوظ.. تشريح شرائح اجتماعيّة من قاع المدينة    6 وفيات وأكثر من 3000 إصابة بسبب بوحمرون خلال أسبوع بالمغرب    اللجنة الملكية للحج تتخذ هذا القرار بخصوص الموسم الجديد    أزيد من 6 ملاين سنتيم.. وزارة الأوقاف تكشف التكلفة الرسمية للحج    الأمير رحيم الحسيني يتولى الإمامة الإسماعيلية الخمسين بعد وفاة والده: ماذا تعرف عن "طائفة الحشاشين" وجذورها؟    التصوف المغربي.. دلالة الرمز والفعل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صاحب الجلالة يوجه رسالة سامية إلى المشاركين في المناظرة الوطنية حول السياسة العقارية
جلالة الملك يدعو للانكباب على مراجعة وتحديث الترسانة القانونية المؤطرة للعقار بما يضمن حماية الرصيد العقاري وتثمينه

كما دعا صاحب الجلالة، في الرسالة السامية التي وجهها إلى المشاركين في المناظرة الوطنية حول موضوع "السياسة العقارية للدولة ودورها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية"، التي افتتحت أعمالها اليوم الثلاثاء بالرباط، وتلاها مستشار صاحب الجلالة، عبد اللطيف المنوني، إلى الرفع من فعالية تنظيم العقار وتبسيط مساطر تدبيره، لتمكينه من القيام بدوره في تعزيز الدينامية الاقتصادية والاجتماعية لبلادنا.
وبعد ما ذكر جلالة الملك بأن العقار يعتبر عامل إنتاج استراتيجي، ورافعة أساسية للتنمية المستدامة بمختلف أبعادها، أكد جلالته أن العقار هو أيضا الوعاء الرئيسي لتحفيز الاستثمار المنتج، المدر للدخل والموفر لفرص الشغل، ولانطلاق المشاريع الاستثمارية في مختلف المجالات الصناعية والفلاحية والسياحية والخدماتية وغيرها.
وفضلا عن ذلك، تضيف الرسالة الملكية، فالعقار تنبني عليه سياسة الدولة في مجال التعمير والتخطيط العمراني، وهو الآلية الأساسية لضمان حق المواطنين في السكن.
وبالنظر للطابع الأفقي لقطاع العقار، تؤكد الرسالة الملكية، فإن الإكراهات والرهانات التي تواجهه تعد أمرا مشتركا بين مختلف الفاعلين والمهتمين به، وهو ما يقتضي اعتماد منظور شامل في معالجتها يستحضر كافة الأبعاد القانونية والمؤسساتية والتنظيمية والإجرائية، ويراعي خصوصيات هذا القطاع، وطبيعة بنيته المركبة والمتشابكة، الناتجة عن تداخل مجموعة من العوامل التاريخية والاجتماعية والاقتصادية.
وفي هذا الصدد، يقول جلالة الملك، يشكل الجانب التشريعي أحد أهم التحديات، التي يتعين رفعها لتأهيل قطاع العقار، وذلك نظرا لتنوع أنظمته، وغياب أو تجاوز النصوص القانونية المنظمة له، إضافة إلى تعدد الفاعلين المؤسساتيين المشرفين على تدبيره.
كما شددت الرسالة الملكية على ضرورة اعتماد الآليات الملائمة لعقلنة تدخلات مختلف الفاعلين المعنيين، داخل الإطار القانوني والمؤسساتي الحالي، وذلك ضمانا للنجاعة والفعالية المنشودة، على المستويين الوطني والترابي، سواء فيما يخص تخطيط السياسة العقارية للدولة، أو تتبع تنفيذها وتقييم أثرها.
وعملا على تعزيز الأمن العقاري وتحصين الملكية العقارية والرفع من قيمتها الاقتصادية والائتمانية، أبرز جلالة الملك أنه يتعين العمل على مضاعفة الجهود، من أجل الرفع من وتيرة التحفيظ العقاري، في أفق تعميمه على كافة التراب الوطني، مع استثمار التكنولوجيا الرقمية التي يشهدها عالم اليوم، في مجال ضبط البنية العقارية، وتأمين استقرارها وتداولها.
وأضاف جلالته أنه "اعتبارا لأهمية العامل البشري، الذي ما فتئنا نوليه بالغ عنايتنا، فإنه يتعين مواصلة العمل على الرفع من مستوى التكوين الأساسي والمستمر للموارد البشرية المشرفة على تدبير قطاع العقار، ولاسيما عبر دعم التخصص في هذا المجال، والانفتاح على المستجدات التي يعرفها على المستويين الوطني والدولي".
وفي السياق نفسه، دعا صاحب الجلالة للانكباب على إصلاح نظام الأراضي الجماعية، مثمنا فتح حوار وطني بشأنها. كما دعا إلى ترصيد نتائج هذا الحوار ومخرجاته الأساسية، لتأهيل أراضي الجماعات السلالية، لتساهم بنصيبها في النهوض بالتنمية، وجعلها آلية لإدماج ذوي الحقوق في هذه الدينامية الوطنية، وذلك في إطار مبادئ الحق والإنصاف والعدالة الاجتماعية، بعيدا عن كل الاعتبارات المتجاوزة.
وفي هذا الصدد، دعا جلالته أيضا إلى تضافر الجهود من أجل إنجاح عملية تمليك الأراضي الجماعية الواقعة داخل دوائر الري لفائدة ذوي الحقوق، مع مجانية هذا التمليك.
كما أهاب بالجهات الحكومية المعنية للعمل على تسريع وتيرة تصفية الوضعية القانونية للأراضي الجماعية، بهدف توفير مناخ ملائم لدمج أمثل لهذه الأراضي في مسلسل التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد.
وتلبية للتطلعات المعبر عنها من طرف الجماعات السلالية ومختلف الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين، أثناء الحوار الوطني حول الأراضي الجماعية، المنعقد سنة 2014، أكد جلالة الملك أنه من الضروري إعادة النظر في الإطار القانوني والمؤسساتي، وتبسيط المساطر لتدبير أنجع لهذا الرصيد العقاري.
كما أبرزت الرسالة الملكية أن وثائق التعمير وآليات التخطيط العمراني، ينبغي أن تستهدف خدمة المواطنين، وهو ما يتطلب، يقول جلالة الملك، العمل على التهيئة الجيدة للفضاء العمراني والحد من التفاوتات المجالية، وتكريس العدالة الاجتماعية، بدل أن تكون هذه الوثائق وسيلة للمضاربة، التي تتنافى مع مصالح المواطنين.
كما يتعين، تضيف الرسالة الملكية، أن يكون التعمير آلية لإرساء العدالة العقارية في توزيع الأعباء والارتفاقات المقررة للمصلحة العامة بين ملاك الأراضي، وضمان توزيع عادل لفائض القيمة الناجم عن وثائق التعمير.
وفي هذا الصدد، أكدت الرسالة الملكية على ضرورة تسريع إقرار المدونة الجديدة للتعمير، بهدف خلق المرونة اللازمة لإعداد وتنفيذ وثائق التعمير، مع العمل على جعلها أداة ناجعة لتعبئة العقارات، ومحاربة المضاربة العقارية.
أما بخصوص دور العقار في مجال السكن، شدد جلالة الملك على ضرورة إرساء آليات عملية وإجرائية، لضبط السوق العقارية، قصد تفادي المضاربة وانعكاساتها على الأثمان، وكذا إيجاد حلول مبتكرة لتمويل العقار الموجه للسكن، واعتماد الشفافية في مساطر تعبئته، وذلك بهدف تسهيل ولوج المواطنين لسكن لائق وكريم.
كما حث جلالته الحكومة على مواصلة إصلاح الأنظمة العقارية المرتبطة بالاستثمار الفلاحي، بما يجعل من العقار دعامة أساسية لتطوير الفلاحة، ورافعة للتنمية القروية.
وشدد على ضرورة تركيز الجهود على تيسير ولوج المستثمرين إلى العقار، وتبسيط مساطر انتقاله وتداوله، مع العمل على تثمين العقار العمومي وضمان الولوج إليه، وفق قواعد الشفافية وتكافؤ الفرص، في إطار نظام جبائي عقاري عادل وفعال ومحفز للاستثمار، من شأنه الموازنة بين حقوق الملاكين والدولة، وضمان إسهام فاعل للعقار في الدينامية الاقتصادية.
وتابع جلالته أن الرفع من فعالية ونجاعة السياسة العقارية للدولة، يقتضي اعتماد استراتيجية وطنية شمولية وواضحة المعالم، وتنزيلها في شكل مخططات عمل، تتضمن كافة الجوانب المتعلقة ببلورة وتنفيذ هذه السياسة، مع ما يرتبط بذلك من تدابير تشريعية وتنظيمية وإجرائية وغيرها، في تكامل بين الدولة والجماعات الترابية، باعتبارها فاعلا أساسيا في التنمية المجالية.
وخلصت الرسالة الملكية السامية إلى أن تنزيل أي سياسة عقارية ناجحة، يبقى رهينا بمدى مواكبتها بالتتبع والتقييم المستمر، للاختيارات المتبعة من طرف الدولة في مجال تدبير العقار، بهدف قياس أثرها على مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية. ومن ثم العمل على تقويم اختلالاتها، وتحسين نجاعتها وفعاليتها.
وفي ما يلي نص الرسالة الملكية السامية التي تلاها مستشار جلالة الملك، عبد اللطيف المنوني.
"الحمد لله، والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه،
حضرات السيدات والسادة،
يطيب لنا أن نتوجه إلى المشاركين في هذه المناظرة الوطنية الهامة، حول موضوع "السياسة العقارية للدولة ودورها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية"، التي أبينا إلا أن نضفي عليها رعايتنا السامية، اعتبارا للمكانة الأساسية التي يتبوؤها قطاع العقار، في مواكبة دينامية التنمية الشاملة التي تشهدها بلادنا.
وإننا نتطلع لأن تشكل هذه المناظرة فرصة سانحة للفاعلين في هذا المجال، للقيام بتشخيص جماعي لواقع هذا القطاع الحيوي، والوقوف على أبرز الإكراهات التي تعيق قيامه بوظائفه، واقتراح التوجهات الكبرى لسياسة عقارية وطنية متكاملة وناجعة.
وفي هذا الصدد، ندعوكم لاستلهام فضائل الحوار والتفكير الجماعي، واعتماد المقاربة التشاركية، التي كرسناها كنهج لا محيد عنه، في معالجة كل القضايا الكبرى للأمة.
حضرات السيدات والسادة،
لا يخفى عليكم أن العقار يعتبر عامل إنتاج استراتيجي، ورافعة أساسية للتنمية المستدامة بمختلف أبعادها. ومن ثم، فالعقار هو الوعاء الرئيسي لتحفيز الاستثمار المنتج، المدر للدخل والموفر لفرص الشغل، ولانطلاق المشاريع الاستثمارية في مختلف المجالات الصناعية والفلاحية والسياحية والخدماتية وغيرها.
وبالإضافة إلى ذلك، فهو محرك ضروري للاقتصاد الوطني، لأنه يوفر الأرضية الأساسية لإقامة مختلف البنيات التحتية، والتجهيزات العمومية. كما تنبني عليه سياسة الدولة في مجال التعمير والتخطيط العمراني، وهو الآلية الأساسية لضمان حق المواطنين في السكن.
وبالنظر للطابع الأفقي لقطاع العقار، فإن الإكراهات والرهانات التي تواجهه تعد أمرا مشتركا بين مختلف الفاعلين والمهتمين به. لذا، فإن معالجتها تقتضي اعتماد منظور شامل، يستحضر كافة الأبعاد القانونية والمؤسساتية والتنظيمية والإجرائية، ويراعي خصوصيات هذا القطاع، وطبيعة بنيته المركبة والمتشابكة، الناتجة عن تداخل مجموعة من العوامل التاريخية والاجتماعية والاقتصادية.
ويشكل الجانب التشريعي أحد أهم التحديات، التي يتعين رفعها لتأهيل قطاع العقار، وذلك نظرا لتنوع أنظمته، وغياب أو تجاوز النصوص القانونية المنظمة له، إضافة إلى تعدد الفاعلين المؤسساتيين المشرفين على تدبيره.
لذا، ندعو للانكباب على مراجعة وتحديث الترسانة القانونية المؤطرة للعقار، بشقيه العمومي والخاص، بما يضمن حماية الرصيد العقاري وتثمينه، والرفع من فعالية تنظيمه، وتبسيط مساطر تدبيره، لتمكينه من القيام بدوره في تعزيز الدينامية الاقتصادية والاجتماعية لبلادنا.
كما يجب اعتماد الآليات الملائمة لعقلنة تدخلات مختلف الفاعلين المعنيين، داخل الإطار القانوني والمؤسساتي الحالي، وذلك ضمانا للنجاعة والفعالية المنشودة، على المستويين الوطني والترابي، سواء فيما يخص تخطيط السياسة العقارية للدولة، أو تتبع تنفيذها وتقييم أثرها.
وعملا على تعزيز الأمن العقاري، وتحصين الملكية العقارية، والرفع من قيمتها الاقتصادية والائتمانية، فإنه يتعين العمل على مضاعفة الجهود، من أجل الرفع من وتيرة التحفيظ العقاري، في أفق تعميمه على كافة التراب الوطني. كما ينبغي استثمار التكنولوجيا الرقمية، التي يشهدها عالم اليوم، في مجال ضبط البنية العقارية، وتأمين استقرارها وتداولها.
واعتبارا لأهمية العامل البشري، الذي ما فتئنا نوليه بالغ عنايتنا، فإنه يتعين مواصلة العمل على الرفع من مستوى التكوين الأساسي والمستمر للموارد البشرية المشرفة على تدبير قطاع العقار، ولاسيما عبر دعم التخصص في هذا المجال، والانفتاح على المستجدات التي يعرفها على المستويين الوطني والدولي.
وفي نفس السياق، ندعو للانكباب على إصلاح نظام الأراضي الجماعية، التي نثمن فتح حوار وطني بشأنها، واستثمار وترصيد نتائج هذا الحوار ومخرجاته الأساسية، لتأهيل أراضي الجماعات السلالية، لتساهم بنصيبها في النهوض بالتنمية، وجعلها آلية لإدماج ذوي الحقوق في هذه الدينامية الوطنية، وذلك في إطار مبادئ الحق والإنصاف والعدالة الاجتماعية، بعيدا عن كل الاعتبارات المتجاوزة.
وفي هذا الصدد، ندعو إلى تضافر الجهود من أجل إنجاح عملية تمليك الأراضي الجماعية الواقعة داخل دوائر الري لفائدة ذوي الحقوق، مع مجانية هذا التمليك.
كما نهيب بكافة الجهات الحكومية المعنية للعمل على تسريع وتيرة تصفية الوضعية القانونية للأراضي الجماعية، بهدف توفير مناخ ملائم لدمج أمثل لهذه الأراضي في مسلسل التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد.
وتلبية للتطلعات المعبر عنها من طرف الجماعات السلالية ومختلف الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين، أثناء الحوار الوطني حول الأراضي الجماعية، المنعقد سنة 2014، فإنه من الضروري إعادة النظر في الإطار القانوني والمؤسساتي، وتبسيط المساطر لتدبير أنجع لهذا الرصيد العقاري. حضرات السيدات والسادة،
إذا كان للعقار الدور الأساسي في مجال التعمير والتخطيط العمراني، فإن وثائق التعمير وآليات التخطيط العمراني، ينبغي أن تستهدف خدمة المواطنين. وهو ما يتطلب العمل على التهيئة الجيدة للفضاء العمراني، والحد من التفاوتات المجالية، وتكريس العدالة الاجتماعية، بدل أن تكون هذه الوثائق وسيلة للمضاربة، التي تتنافى مع مصالح المواطنين.
كما يتعين أن يكون التعمير آلية لإرساء العدالة العقارية في توزيع الأعباء والارتفاقات المقررة للمصلحة العامة بين ملاك الأراضي، وضمان توزيع عادل لفائض القيمة الناجم عن وثائق التعمير.
وفي هذا الصدد، نؤكد على ضرورة تسريع إقرار المدونة الجديدة للتعمير، التي سبق أن أطلقنا مسلسل إعدادها، بهدف خلق المرونة اللازمة لإعداد وتنفيذ وثائق التعمير، مع العمل على جعلها أداة ناجعة لتعبئة العقارات، ومحاربة المضاربة العقارية.
أما بخصوص دور العقار في مجال السكن، الذي نخصه بكامل اهتمامنا، فإننا نلح على ضرورة إرساء آليات عملية وإجرائية، لضبط السوق العقارية، قصد تفادي المضاربة وانعكاساتها على الأثمان، وكذا إيجاد حلول مبتكرة لتمويل العقار الموجه للسكن، واعتماد الشفافية في مساطر تعبئته، وذلك بهدف تسهيل ولوج المواطنين لسكن لائق وكريم.
كما نحث الحكومة على مواصلة إصلاح الأنظمة العقارية المرتبطة بالاستثمار الفلاحي، بما يجعل من العقار دعامة أساسية لتطوير الفلاحة، ورافعة للتنمية القروية، التي تحظى بالأولوية ضمن اهتماماتنا.
ونود التأكيد على أهمية تثمين العقار الفلاحي التابع للملك الخاص للدولة، والذي مكن من خلال عملية الشراكة بين الدولة والقطاع الخاص، من تحقيق نتائج سوسيو-اقتصادية جد إيجابية، ساهمت في تطوير القطاع الفلاحي، وتبلورت محليا في خلق قيمة مضافة وثروات إضافية مهمة، علاوة على إحداث العديد من فرص الشغل.
وبما أن النهوض بالاستثمار رهين بتوفر العقار، باعتباره الأرضية التي تحتضن المشاريع التنموية والاستثمارية، فإنه يتعين تركيز الجهود على تيسير ولوج المستثمرين إلى العقار، وتبسيط مساطر انتقاله وتداوله، مع العمل على تثمين العقار العمومي وضمان الولوج إليه، وفق قواعد الشفافية وتكافؤ الفرص، في إطار نظام جبائي عقاري عادل وفعال ومحفز للاستثمار، من شأنه الموازنة بين حقوق الملاكين والدولة، وضمان إسهام فاعل للعقار في الدينامية الاقتصادية.
حضرات السيدات والسادة،
إن الرفع من فعالية ونجاعة السياسة العقارية للدولة، يقتضي اعتماد استراتيجية وطنية شمولية وواضحة المعالم، وتنزيلها في شكل مخططات عمل، تتضمن كافة الجوانب المتعلقة ببلورة وتنفيذ هذه السياسة، مع ما يرتبط بذلك من تدابير تشريعية وتنظيمية وإجرائية وغيرها، في تكامل بين الدولة والجماعات الترابية، باعتبارها فاعلا أساسيا في التنمية المجالية.
ولأن التقييم، الذي يعد أحد مقومات الحكامة الجيدة، يجب أن يشكل جزءا لا يتجزأ من آليات التدبير العمومي، فإن تنزيل أي سياسة عقارية ناجحة، يبقى رهينا بمدى مواكبتها بالتتبع والتقييم المستمر، للاختيارات المتبعة من طرف الدولة في مجال تدبير العقار، بهدف قياس أثرها على مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية. ومن ثم العمل على تقويم اختلالاتها، وتحسين نجاعتها وفعاليتها.
ولنا اليقين في أن الأفكار والمقترحات، التي ستنبثق عن أشغال ملتقاكم، من شأنها أن تسهم في وضع خارطة طريق لبلورة وتنفيذ سياسة عقارية وطنية متكاملة، كفيلة بتجاوز الإكراهات المتعلقة بهذا القطاع، والاستجابة للمتطلبات المتزايدة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد، بما يساهم في تحقيق تطلعاتنا إلى ترسيخ دعائم مجتمع متوازن ومتضامن، على الصعيدين الاجتماعي والمجالي.
أعانكم الله، وكلل أشغالكم بكامل التوفيق والنجاح.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.