قال رئيس مجلس المستشارين، عبد الحكيم بن شماش، السبت بالرباط، إن النموذج المغربي للعدالة الاجتماعية يجيب على تحديات مفصلية تهم أساسا تعزيز أسس التضامن الاجتماعي وتوزيع ثمار النمو الاقتصادي بالارتكاز على ترصيد عدد من التجارب الوطنية والمبادرات العمومية. وأوضح بن شماش، خلال تقديمه لمشروع الوثيقة المرجعية للنموذج المغربي للعدالة الاجتماعية ضمن أشغال المنتدى البرلماني للعدالة الاجتماعية، الذي ينظمه مجلس المستشارين، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، أن هذه التحديات، تتمثل أساسا في تعزيز أسس التضامن الاجتماعي، الفئوي، المجالي والبيئي، والتضامن بين الأجيال، خاصة عبر سياسات وبرامج اجتماعية مبنية على منطق الحقوق وتلعب فيها الدولة والجماعات الترابية دورا استراتيجيا. وأضاف أن الإجابة عن هذا التحدي، يمكن أن تتحقق من خلال، على الخصوص، تأسيس استراتيجية تصحيح التفاوتات المجالية بناء على الآليات المالية الملائمة وعلى استثمار الإمكانيات المؤسساتية الجديدة، ووضع آلية مستدامة للتنسيق على أعلى مستوى حكومي، تضمن التقائية السياسات الاجتماعية الموجهة للفئات الهشة. كما تهم هذه التحديات، حسب بن شماش، جعل النمو الاقتصادي في خدمة العدالة الاجتماعية والتماسك الاجتماعي والإدماج، خاصة عبر تحديد المعالم الكبرى لنموذج وطني لتوزيع ثمار النمو الاقتصادي، من خلال استخدام الضرائب والرسوم والإعفاءات لتصحيح الاختلالات المتعلقة بولوج بعض الفئات الاجتماعية إلى حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية. أما التحديات الأخرى فتتجلى، يضيف رئيس المجلس، في ضمان التقائية السياسات العمومية القطاعية والترابية الموجهة نحو تحقيق العدالة الاجتماعية، وكذا السياسات المندمجة الموجهة نحو فئات خاصة كالأطفال والشباب والمسنين والأشخاص ذوي الإعاقة، وذلك من خلال وضع آلية مستدامة للتنسيق على أعلى مستوى حكومي، تضمن تناغم السياسات الاجتماعية، بما في ذلك التحمل الأفقي للسياسات المتعلقة بفئات عمرية واجتماعية معينة كالأطفال، والشباب، والمسنين، والأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة. وأبرز بن شماش أن هذه التحديات، تتعلق أيضا بترصيد وتوسيع المكتسبات الوطنية في مجال الحماية الاجتماعية ومكافحة الفقر وجعلها رافعة لسياسات عمومية دامجة خاصة للفئات الهشة، مشيرا إلى أنه يمكن تحقيق هذا الهدف، من خلال تقديم تحفيزات جبائية ملائمة لخروج بعض الفئات المهنية من الاقتصاد غير المهيكل، وتعويض منظومة المقاصة بمنظومة دعم اجتماعي عمومي للفئات الأكثر فقرا وهشاشة، مبنية على استهداف اجتماعي وترابي دقيق. كما تهم هذه التحديات، يوضح رئيس مجلس المستشارين تقوية المكتسبات الوطنية في مجالات الحوار الاجتماعي مع استثمار الفرص الدستورية الجديدة في مجال الديمقراطية التشاركية ، مضيفا أن رفع هذا التحدي يقتضي على الخصوص استثمار الإمكانيات الجديدة للديمقراطية التشاركية في تكامل مع منظومة الحوار الاجتماعي، خاصة الإمكانيات المتاحة بمقتضى الفصل (13) من الدستور، إضافة إلى تحدي الحماية من الآثار الاجتماعية للتقلبات المناخية، وذلك في إطار متطلبات التنمية المستدامة. من جانبه، قدم رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان ادريس اليزمي، في مداخلة بالمناسبة، مقترحات تتعلق بالمداخل المنهجية الكفيلة ببناء نموذج مغربي للعدالة الاجتماعية، مضيفا أن الرسالة الملكية الموجهة إلى المشاركات والمشاركين في المنتدى، أسست لهذه المداخل المنهجية بتركيزها على المقاربة التشاركية و الحقوقية، وكذا على تكريس المساواة بين الجنسين في السياسات العمومية، في تكامل مع الأجندة الأممية للعدالة الاجتماعية. وتهم هذه المقترحات، حسب اليزمي، تعزيز العمل المشترك بين المؤسسات الدستورية والبرلمان، لإرساء أسس نموذج مغربي للعدالة الاجتماعية، واستثمار المفاهيم المؤطرة للقانون الدولي لحقوق الإنسان. أما مداخلات ممثلي المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي ومؤسسة الوسيط والمندوبية السامية للتخطيط، والمجالس الجهوية، فأكدت على أن العدالة الاجتماعية قضية جوهرية لإقرار السلم الاجتماعي وتحقيق التنمية المستدامة المنشودة في إطار مناخ تسوده الشفافية. وتوخى المنتدى البرلماني للعدالة الاجتماعية، الذي انطلقت أشغاله الجمعة تحت شعار "تنمية الكرامة الإنسانية لتمكين العيش المشترك"، النهوض بأدوار العمل البرلماني في تمكين العدالة الاجتماعية، وتوسيع وتعزيز النقاش المجتمعي والحوار الديمقراطي حول شروط ومسؤوليات الالتزام بمواثيقها الدولية، وبآلياتها الأممية ومرتكزاتها الدستورية. وشارك في أشغال هذا المنتدى منظمة الأممالمتحدة وأجهزتها المعنية، بالإضافة إلى وكالات التعاون الدولي والاتحاد البرلماني الدولي والاتحادات البرلمانية الإقليمية والبرلمانات الشريكة والصديقة، فضلا عن أعضاء مجلسي البرلمان المغربي والمجالس الدستورية وممثلين عن القطاعات الحكومية ومجالس الجهات والمنظمات النقابية والمهنية وهيئات المجتمع المدني والمؤسسات الجامعية والأكاديمية وخبراء وإعلاميين.