آخر المسلسلات المشوقة للمخزن في هذا البلد، وآخر ما أنتجت عبقرية المسؤولين عندنا : "الشماكرية" في خدمة الديمقراطية ، إنها المسرحية الأكثر تشويقا في صراح النظام ضد الشعب . مئات من المنحرفين وذوي السوابق العدلية ومجرمي الأحياء الشعبية الذي اعتادوا احتراف النشل و "الكريساج" في عتمات الأزقة الضيقة، يجندون من طرف السلطات للاحتفال بالدستور الجديد وتلميع وجهه "الديمقراطي" في أكثر من مدينة، حاملين صور الملك والرايات الموروثة من حقبة المقيم العام الفرنسي اليوطي، ومدججين بسكاكين أخفوها لوقت قصير وأشهروها فيما بعد في وجه المتظاهرين سلميا من أجل التعبير عن دستور المخزن . المخزن يصارع اللحظات الأخيرة قبل إفلاسه، هذا هو العنوان الأكثر تعبيرا عما قامت به السلطات يوم 19 يونيو 2011 من تجيشش ضد مظاهرات حركة 20 فبراير ، واستعانت بفرق "الطبالة والغياطة"، من أجل إثارة انتباه المارة والساكنة واستدراج الأطفال والمارة والمشردين حتى تكبر "الجوقة" وتبدو التجمعات المصطنعة أكثر حشدا للجمهور . ربما هناك أقلية من المواطنين انظموا للتظاهرات المؤيدة للدستور نظرا لاقتناعهم بما تضمنه من "تعديلات"، وهذا من حقهم، لكن لا حق لأحد في إثارة الفوضى في الشوارع وعرقلة السير وإزعاج الساكنة بزعيق أبواق سيارات نقل البضائع والمواشي، التي تكدس فيه من جيء بهم من أجل الصراخ باسم الملك واعتلوا سطوحها في مشهد نادر داخل في مراكز المدن الكبرى، ولا حصانة قانونية لمن أعتدوا على مواطنين آخرين باستعمال السيوف والسكاكين، وأشاعو الرعب في أوساط المارة وأخلوا بالحياء العام بالتفوه بالكلام النابي. هكذا لم يجد الدستور المسكين من يصرخ تأييدا له إلا أفواه الشماكرية "المعطرة" بروائح السيليسون والماحية !! المنحرفون والمجرمون ضحايا النظام المكرس لواقع الأزمة المعمقة بكل أشكال الظلم التي تمارس وصور الحكرة والإهانة التي يتعرض لها المواطن يوميا ، يسقطون مرة أخرى ضحايا التوظيف المخزني القذر في حرب إعلامية وسياسية ضد الأصوات المعارضة للدستور، خسرت في أولى جولاتها... ما معنى أن يستعين النظام ب"بلطجية" مدججين بالسلاح، للإشادة بالمضمون "الديمقراطي" للمغرب ؟ أليس هذا قمة الإفلاس الذي وصل إليه تفكير رجال المخزن ؟ ثم متى كانت "البلطجة" المستندة لرفض حق الآخر في التعبير عن رأيه المختلف، بما يتنافى مع الديمقراطية ذاتها، وسيلة لإثبات "ديمقراطية" هذا الدستور ؟ هذه الأساليب عادة ما تستعملها الأنظمة الديكتاتورية، حين توقن قرب انهيارها أو على الأقل فشلها في كبح حراك الشعب بالأساليب الأخرى. السلطة تلعب بالنار، عبر عملها على شحن أجواء الشارع بتشكيل تجمعات في الشارع للبلطجية والمنحرفين والمقرقبين، بما قد يهدد الاستقرار وأمن هذا البلد، وقد حصدت السلطات نتائج غبائها لما اعتدى بلطجي مستأجر لترديد "عاش الملك" على أحد رجال البوليس بفاس وأرداه أرضا في لحظه هياج على أنغام عيساوة المرفوقة "بشعارات "هوهوهوو ملكنا واحد هوهوهوهو ..محمد السادس هوهوهوهو " !!! ، فهل وصلت الرسالة ؟ في حال استمرار السلطات في السير على نفس النهج مستقبلا، استحضار الاعتداءات التي تعرض لها بعض المتظاهرين سلميا من طرف هؤلاء "الشماكرية"، سنكون حينها أمام مساهمتها البينة بوعي أو بغيره في اتجاه إشاعة الفتنة وإثارة حرب أهلية في مستويات دنيا، وعندها لا أحد يستطيع وقف الحريق الذي سيزحف على الأخضر واليابس ... للإشارة فحركة 20 فبراير في بعض المدن استفادت كثيرا من الأشكال التي أبتدعها "البلطجية" من أجل التعبير عن فرحهم بالدستور الجديد ، بعد الاشمئزاز الذي أثارته سلوكاتهم في نفوس المواطنين، وعرفت الحركة في عدد من المدن انضمام فئات جديدة لمسيرتها بحماس أكبر، وقد شوهد عدد من قادة الأجهزة الأمنية بفاس يوم 19 يونيو وهم في حالة هياج وهستيريا بعض فشل مخططهم القاضي بنسف تظاهرة الحركة بخلق تصادم مع أفراد البلطجية ، بل أعطت أساليبهم مفعولا عكسيا وتم تسجيل مسيرة تاريخية بكل المقاييس، جعلت مسؤولا أمنيا بعد أن استبد به الغضب يحث بشكل هستيري بعض سائقي السيارات الذين تواجدوا قرب التظاهرة على دهس المتظاهرين وإراقة دمائهم... فهل فهم العقل الأمني المتكلس الرسالة ؟ ناشط بحركة 20 فبراير