رشيد نيني نموذجا "" يقال أن الصحافة هي مرآة المجتمع تنعكس فيها كل المخاضات والصراعات التي تكتمن داخله , ومن خلالها يمكن فهم مايجري ظاهريا وباطنيا , بل والتنبؤ بممكنات التغيير فيه في مستواها الأفقي والعمودي . الطرح قد يكون صحيحا إلى حد ما في مجتمعات منحت قوانينها كل الحرية لصحافييها في التقصي والحصول على المعلومة وفي التعليق عليها دون رقابة موضوعية أو ذاتية .لكن الوضع يختلف جذريا في دول وأنظمة شمولية أو لاديمقراطية حيث لامكان ا للرأي الذي يغرد خارج سرب الطبالين الذين لايتعبون في الترديد كالببغاوات لبلاغات الدولة وبياناتهاالسخيفة والتي أبدع المغاربة في وصفها بإعلام كولوا لعام زين . وفي هاته الحالة تصبح الصحافة مرآة لكنها مقلوبة لاتعكس حقيقة واقع المجتمع بل تعطي نظرة خاطئة ومشوهة لهذا الواقع بل ومضللة وهو أشد أنواع القمع على راي عبد السلام المودن . ولعل المتتبع لمسار الصحافة المغربية في جانبها المكتوب في الخمس سنوات الأخيرة سيلاحظ أنها وصلت إلى عنق الزجاجة بفعل عوامل متداخلة ذاتية وموضوعية لأن الصحافيين أبناء بيئتهم ونتاج وضعهم الإجتماعي والسياسي في آخر المطاف . وضع أفرز ثلاثة توجهات متباينة في طروحاتها وعلاقاتها مع المجتمع والنظام السياسي الحاكم . التوجه الأول يمكن نعته بالطرح التصادمي في علاقته مع الدولة. ويعتقد أصحابه أن النظام السياسي ليس ديمقراطيا في بنيته وتوجهاته لاتخدم مصلحة الشعب الذي يتوق لبناء وطن حر ديمقراطي يتسع للجميع , ومن هذا المنطلق فدور هذا التوجه هو فضح كل ممارسات من هم في السلطة من أصغر موظف إلى الملك الذي يعتبر أعلى سلطة دون تمييز مادام الكل يمارس السلطة كل من موقعه .ويواجه هذا النوع بكل اشكال القمع والإضطهاد والمنع من طرف الدولة بكل أجهزتها لكونه يشكل خطرا حقيقيا على النظام وبنياته المخرنية . أما التوجه الثاني فينعت بالطرح المخزني أو الصحافة الصفراء الممولة بسخاء من أموال دافعي الضرائب لأنه يشكل الدرع الإعلامي للدولة ودوره الوحيد هو تلميع وجهها محليا ودوليا والنفخ في إنجازات حتى وإن لم توجد في الواقع لتصوير المغرب على أنه أجمل بلد في العالم أو الإلدورادو المفقود . وإذا كان الوضوح في المواقف ومايسمى خطوط التحرير سيد الموقف عند هذين الإتجاهين وهو وضع مطلوب ومفروض أن يكون عليه كل صحفي نزيه ليكون شفافا في علاقته مع القارئ فإن التوجه الثالث يضع أصحابه في خانة المنزلة بين المنزلتين .أو مايصطلح عليه في القاموس الصحفي نفاقا وخداعا الحياد والموضوعية والإستقلالية . وهذا النوع من الصحافيين لايستقرون على حال . ففي نفس مقال أو عمود رأي ستجدهم يتكلمون باسم الشعب وهمومه وفي نفس الوقت يمجدون من أوصل الشعب لهذا الوضع من حكام ومسؤولين بأساليب تعبيرية غاية في الدهاء والمكر تنطلي على القارئ الذي لم يمتلك أدوات التحليل النقدي للخطاب من كل ابعاده وهي غالبية القراء في المغرب. وسيكون مفيدا أن نأخذ كتابات أحد الصحفيين المغاربة لمقاربة هذا الموضوع من كل جوانبه كمثال لهذا النوع من الذين يتوجهون تارة قبل المشرق وتارة قبل المغرب . وقد وقع خاتياري على الصحفي رشيد نيني لعدة اعتبارات منها : فالرجل يمكن وصفه بدون تردد ظاهرة الصحافة المغربية في 5 سنوات الأخيرة على الأقل .لأنه صاحب العمود الأكثر مقروئية في المغرب وصاحب سيرة لم تكن سهلة في اي وقت من الأوقات ثم لأن مقالاته تحدث جدلا واسعا عند القارئ المغربي على اختلاف مستوياته . رب ضارة نافعة لقد كان للأحداث السياسية التي عرفها المغرب في صيف هذا العام وخاصة التقييمات المختلفة لمرور عشر سنوات على حكم الملك محمد السادس الفضل في خروج رشيد نيني من غموضه في كثير من المواضيع الحساسة وذلك حين شن هجوما عنيفا غير برئ في محاولة للرد على الصحافيين الذين يختلفون معه في قضايا عديدة . وهي التي سأحاول مناقشة بعضها بهدوء بعيدا عن منطق حسم الحسابات الشخصية الضيقة التي تحكمت في نقاشات قبيلة الصحفيين فيما بينهم وهي طبيعية ومطلوبة لو لم تنزل أحيانا إلا مستويات التلاسن في الحمامات والبارات . إن المتتبع لعمود رشيد نيني المشهور "شوف تشوف" منذ انطلاقته في جريدة الصباح إلى الآن سيلاحظ أن تجربته اتسمت بمرحلتين متميزتين ومتمايزتين :مرحلة ماقبل 600مليون ومابعدها . قبل تغريمه الشهير في 2008 كان قلم رشيد نيني حادا لدرجة كبيرة في انتقاد الأوضاع المزرية للمغاربة وكان عموده بمثابة منصة إطلاق صواريخه التي تطال معظم المسؤولين بأسلوب مرن وسهل وبنفحة ساخرة يستطيع أي متعلم استيعابه , وهي خصائص جعلت منه صاحب العمود الأكثر مقروئية . لكن هذا لايعني أنه لا يستثني أحدا في تلك المرحلة . فلعبة النقد الانتقائي كانت موجودة منذ البداية لكنها متخفية ومستترة. فالمدة التي إشتغل فيها داخل القناة الثانية مثلا لم يكتب فيها سطرا واحدا ينتقد تسييرها ونوعية برامجها الكارثية لكنها ستصبح هدفا لكتاباته بعد مغادرتها . وقد أجاب عن سؤال في الموضوع من طلبة المعهد العالي للصحافة بقوله إن أخلاقيات المهنة وميثاق الشرف كان يمنعني من ذلك .عجيب ! قناة عمومية ينخرها الفساد والمحسوبية وبرامج دون المستوى لكن ميثاق القرف وليس الشرف يجعلها في منآى عن سهام نقده اللاذعة وهو العارف بخباياها . وجبة المخزن السحرية !! من المهم الإشارة إلى أساليب قديمة وفعالة كان نظام الحسن الثاني ينهجها لقمع المعارضين وإسكاتهم إلى الأبد بل وجعلهم خدامه الأوفياء دون علم أحد غيرهم . هناك أسلوب القمع بالإعتقال أو القتل أو النفي , أسلوب الإغراء بالمال والمناصب والإمتيازات , ثم أسلوب التوريط الذي يليه الإبتزاز والتهديد وهو الذي يهمنا في هذا المقام . فقد كانت الأجهزة السرية تترصد معارضيها وتنصب لهم الفخاخ كأن تورط قيادي سياسي في فضيحة أخلاقية أو صفقة تجارية مشبوهة لايستطيع المعني إنكارها ومن شأن خروج تفاصيلها إلى العلن ان تعصف بمستقبلة المهني أو السياسي .في هاته الحالة ما على الضحية إلا أن ينفذ طلبات المخزن مقابل الصمت وستر الفضيحة وغالبا ما يكون المقابل تسريب أسرار التنظيم بل وتويه خطه نحو الإعتدال والتراجع . وما أكثر هذا النوع من الفيروسات في إطاراتنا الجماهيرية في الوقت الراهن . لكن ماعلاقة هذا وحالة الصحفي رشيد نيني ؟ وهل فعلا ورطه المخزن ليصبح بوقه المفضل في غفلة من الجميع ؟ لقد كانت منهجية رشيد نيني في استقاء الأخبار والمعلومات السبب الذي وضعه في فخ من كانوا يترصدونه . فضرورة تحرير عمود يومي ومطول بأي ثمن لم يجعل له هامشا للتقصي في المعلومات التي يستقيها خاصة إذا كانت تندرج في خانة الفضائح الأخلاقية للمسؤولين وهي سلعة مطلوبة عند القراء أكثر من أي موضوع آخر ,ولأن العمل بهكذا منهجية سيوقع صاحبها لامحالة في الفخ طال الزمن أم قصر . النتيجة هي الحكم على جريدته المساء بغرامة خيالية إلتقطها من يتربصون به الدوائر وحولوها إلى أداة ابتزاز سيستعملها طرف داخل الدائرة الضيقة لمحيط الملك من أجل تشويه كل من يسير ضد تيارها الجارف وتصفية حساباتها على يد أكثر الأقلام مقروئية ومصداقية ولو مظهريا , وكانت النتيجة موت الصحفي وميلاد شئ آخر. سقوط الأقنعة في مقال له معنون "ماهي مهمتنا بالضبط" حاول رشيد نيني أن يعطي درسا للصحافيين حول أبجديات الكتابية الصحفية ورفع سقف التحدي بإعلانه أن مصلحة الوطن هي العليا . وأن دور الصحافي هو إسقاط الحكومات كما هو الحال في امريكا حين ترتكب أخطاء في حق الوطن من اجل المستقبل !!مقارنة فظيعة بين حكومة منتخبة ديمقراطيا ولها كل الصلاحيات من أجل تطبيق برامجها في أمريكا يقارنها بحكومة مخزنية لاسلطة لها ولابرامج لها وفاقدة لأي مصداقية منذ البداية في المملكة المغربية . هذه ليست مقارنة بل مغالطة وتمويه . و هو أسلوبه المفضل وتكتيكه المتبع من أجل إبعاد كل محاسبة للمؤسسة الملكية الآمرة والناهية في كل شئ حسب الدستور المغربي وإلصاق كل البلايا والإخفاقات لبعض الوزراء وليس كلهم . لنفترض جدلا أن حكومة الملك التي يراسها عباس الفاسي لها كل الصلاحيات وبالتالي من الواجب انتقاد الأحزاب التي أفرزتها , فمن نحاسب عن أخطاء وزراء السيادة كوزير الداخلية و الأوقاف والشؤون الإسلامية الذين لاينتميان لأي حزب غير حزب الذي عينهم ؟ أليس الملك من يجب أن يسأل عن أخطاء وزراءه و ما أكثر فضائحهم ؟ الصحافي الحقيقي هو من يسمي القط قطا والأسد أسدا . حين انفجرت فضيحة عقار تارودانت التي مررها التوفيق وزير الأوقاف للماجيدي الكاتب الخاص للملك بثمن بخس لم يسأل ولي امرهما الأول والأخير عن موقفه من هذه الصفقة الفضيحة بل ماعاد يتكلم عنها أصلا .ثم ألم يجب عباس الفاسي بكل دهاء حين سؤل عن برنامجه الحكومي بأن توجيهات الملك محمد السادس هي برنامجه . وزكى الملك هذا الموقف برسالة من باريس يجدد ثقته في وزيره الأول ؟ إنتهى الغموض إلا من يريد ذر الرماد في عيون الشعب ! خطوات وقرارات عباس هي توجيهات الملك ويتحمل كل نتائجها السلبية والإيجابية . والحال أن صحفينا الهمام وأمثاله يلصقون الإخفاقات لعباس وبعض وزراءه وما يسمى مشاريع النماء وحده الملك من ينجزها !!قوالب واش من قوالب !! في عموده "لبس قدك إواتيك" طلع علينا رشيد نيني بمقالة أخرى يطالب فيها عباس الفاسي ان يحذو حذو ساركوزي في ترشيد نفقات الدولة في ظل الأزمة العالمية حين أخذ هذا الأخير طائرة كباقي الركاب نحو امريكا حفاظا على اموال الفرنسيين . جميل ! والأجمل لو كانت عنده بعض الشجاعة وهو صحفي الشعب كما يسمي نفسه أن يطلب نفس الشئ من الملك وهو يعرف ان المؤسسة الملكية تكلفنا الكثير من الأموال بدون وجه حق وبدون نتيجة تخدم مصالح فقراء المغرب ويعدون بالملايين . لم تكن له الشجاعة ليشير إلى مليار سنتيم تذهب يوميا لميزانية عشرات القصور الملكية التي لايسكنها غير الجن معظم أيام السنة . لم يسأل عن سبب زيادة ثروة الملك هذا العام لوحده من كل ملوك ورؤساء الدول بمليار دولار في الوقت الذي تراجع ترتيب المغرب في سلم التنمية البشرية إلى الدرجة 130 عالميا ! لم يستفسر المؤسسة الملكية لماذا خسرت مآت الملايين في عيد ميلاد إبني الملك الحسن وخديجة في حين يموت مآت الأطفال من أقرانهم في جبال المغرب المنسي بالجوع والبرد . لم يشر لخبر إرسال الملك لسيارته الغالية جدا إلى بريطانيا لإصلاحها على متن طائرة عسكرية ضخمة دورها نقل الجنود والعتاد لحماية الوطن الذي يتبجح صديقنا الصحفي أن مصلحته فوق كل إعتبار . من الصعب أن يمر أسبوع دون أن يذكر في عمودة فضيحة النجاة محملا تبعاتها إلى عباس الفاسي لوحده وهو الذي كان وزيرا في حكومة عينها الملك ووحده من يحاسبها وقد كان الحساب على قد الفعل إذ بدأ سطوع نجم عباس بعد الجريمة من وزيرعادي إلى وزير دولة بدون شغل فوزير أول !! كل هذا تم بإمضاء الملك !! وبالمقابل لم يستطع محام الشعب رشيد أن يتكلم ولو بالإشارة على خطاب العرش الذي كذب فيه الملك على 30 مليون مغربي حين بشرهم باكتشاف كميات هائلة من النفط بتالسينت .من الواضح أن الكذبة لم تكن مقصودة منه لكننا لم نسمع عن متابعة من ضحكوا على شعب بأكمله ولا اعتذارا من الملك كما يفعله الحكام الذين يحترمون شعوبهم . أم أن الاعتذار لايليق بمقام الملوك المعصومين خاصة إذا كانت شعوبهم من الرعاع مثلنا . لن تجد أثار لأسئلة من هذا النوع في أعمدة صحفي الشعب رشيد نيني الذي لم يعد يتقن إلا مرافعات النيابة العامة في مواجهة المناضلين ايام الجمر والرصاص والأمثلة لاحصرها وسأكتفي بذكر بعضها : إتهم بنشمسي بزعزعة استقرار البلد والعمل على تقويض ركائز الأمة التي هي الدين والملكية والعربية في عموده المعنون "يخاف مايحشم " وهي تهم سخيفة في محاولة للرد على الأعداد الأربعة التي حاول فيها فريق تيل كيل تقييم عشرية حكم الملك محمد السادس من زاوية نظرهم . لنناقش بهدوء هاته الركائز ومن يهددها حقيقة إن كانت فعلا أعمدة للدولة المغربية . إن اعتبار العربية لوحدها لغة وثقافة من ركائز الأمة المغربية طرح عنصري خطير لأنه يتناسى مكونا مغربيا متجدرا في تربة هذا الوطن منذ آلاف السنين وهو الهوية الأمازيغية والتي لم تستطع كل الغزوات الثقافية والدينية واللغوية من اجتثاثها . أما المسؤول عن تهديد اللغتين الأمازيغية والعربية فهي سياسة النظام الذيلية للأمبريالية الفرنسية وليس من ينشر صحفا بالفرنسية وإلا ماموقع جريدته المفرنسة لوسوار . مالفرق بين نيني وبنشمسي إذن؟ فالسياسة التعليمية في المغرب كانت تملى أهدافها الرئيسية من باريس ومقرات المؤسسات الدولية المقرضة .والمؤسسة الملكية من تسهر على هذا التطبيق لأنها فاقدة لأي شكل من أشكال الإستقلالية . هل هناك دولة ذات سيادة حقيقية يجري رئيسها حواراته الصحفية داخل بلده بلغة غير لغته الرسمية حتى ولو كان يتقن عشر لغات كما كان يفعله الحسن الثاني بافتخار وتبعه محمد السادس رغم قلة حواراته ؟ أما أن يعتقد صاحبنا ومعه ملايين المغاربة أن الملكية رمز الإستقرار ووحدة المغرب وكأنها قدر إلهي وبدونها لن تقوم قائمة لهذا الوطن فهو طرح كارثي وجهل وتجاهل فظيع لتاريخ البشرية يريد منا أصحابه أن نبقى عبيدا إلى مالانهاية وهو نوع من الإرهاب النفسي يتم الترويج له كلما أحس النظام بإمكانية تجاوزه! ولتوضيح الكلام سأقلب الآية وأطرح سؤالا معكوسا . هل من دولة وأمة في الأرض وفي المريخ على مر العصورتطور اقتصادها وحفظت كرامة وحرية أهلها في التعبيروالوجود وهي محكومة بنظام ملكي مقدس ذو صلاحيات مطلقة على السلط القضائية والتشريعية والتنفيذية ؟؟ ولا مثال واحد للأسف . والإستقرار المبني على القمع والترهيب ماهو إلا استقرار شكلي وخادع لأنه مفروض بالقوة . إن أول من يهدد كيان المغرب ووحدته هي الملكية في شكلها الحال لأن غالبية المغاربة تعيش غريبة مهمشة داخل وطنها . إن مشكل الصحراء أكثرالأمثلة تعبيرا ومأساوية مازلنا نؤدي ضريبتها إلى الآن . فتاريخ جيش التحرير في الجنوب المغربي يذكرنا أن نطام محمد الخامس أعطى ضوءا أخضر في سرية للإسبان والفرنسيين سنة 1958 من أجل القضاء على وجود فيالفه هناك فيما كان يعرف بحرب " أ وراكون" أو" إكوفيون" لأن مطالب المقاومين كانت تشترط تحرير المغرب ا تحريرا حقيقيا وكاملا وهو ماكان سيشكل خطرا على الوجود الإسباني والفرنسي والنظام الملكي التبعي لهما . وقد فر المقاتلون الصحراويون إلى موريطانيا ثم إلى الجزائر بعد استقلالها لتدفعهم إلى المطالبة بالإنفصال عن المغرب بعد 14سنة وهو المطلب الذي تحكمت فيه أهداف جيوستراتجية معقدة في المنطقة خاصة أن الحرب الباردة بين المعسكر الشرقي والغربي في اوجها . وفي نفس السنة التي كان الإسبان والفرنسيين يقنبلون قرى الصحراء كانت طائرات و جيوش الأمير الحسن الثاني تدك منطقة الريف فوق ساكنيها وتعرضت للعقاب الجماعي لعقود أنتجت وضعا نفسيا واجتماعيا واقتصاديا لدى الريفيين كاد يخلق منطقة أخرى من المغرب تطالب بالإنفصال . المغرب لم توحده الملكية بل قسمته إلى مغربين متناقضين في كل شئ ويسيران بسرعتين متباعدتين , وهي ارضية خصبة للتشتت (تنامي المطالبات بالإستقلال الذاتي وهروب مآت الشباب في الشرق للجزائر طلبا للحماية بعدما وجد سكان الهوامش أنهم مغاربة للواجبات دون الحقوق .ثم أي وحدة حافظ عليها النطام المغربي ونحن آخر دول إفريقيا التي لم تستعد بعد جزء من أراضيها من الإسبان , والمصيبة أنه لحد الآن لم يقم هذا النظام بأي خطوة في هذا الإتجاه وأولها وضع طلب في مكتب اللجنة الأممية الرابعة المختصة في قضايا تصفية الاستعمار تحت مبررات مشبوهة مثل القول بضرورة الأخذ بعين الإعتبار للعلاقات القوية مع إسبانيا ووالحفاظ على مصالح المغرب الإستراتجية . طزز على حماة الوطن ورمز سيادته !!!هل هناك مصلحة تأتي قبل تحرير الرض المغتصبة ؟؟ نعم هناك مصلحة النظام الحاكم وليس الشعب . وماذا عن الدين والشيخ نيني؟ أحد نجاحات كتابات نيني تعود إلى لعبه على الوتر الديني إلى درجة يخيل أحيانا أن رشيد نصب نفسه شيخا يفتي في كل شئ ووحده من يعرف و يفهم في الشكل الديني الواجب على المغاربة إتباعه . ها كم أمثلة من فتاويه عفوا من كتاباته لنفهم من أي مغراف ديني يشرب . من النادر ان يمر اسبوع دون أن يخلو عموده اليومي من موضوع متعلق بالخمر ومخاطره على صحة الأفراد والجماعات وهو موقف سليم من الناحية المبدئية والأنظمة العلمانية أكثر صرامة في قوانينها من قوانين أمة محمد للأسف . إلى هنا لامشكل. لكن المصيبة حين يشرع في مهاجمة جزء من لوبي الخمور من وجهة دينية ويتغاضى الطرف عن طرف آخربدافع سياسي , وهنا الكارثة ! إليكم حديث الرسول الذي رواه [أبو داود والترمذي وابن ماجة] قال(: (لعن الله الخمر وشاربها وساقيها وبائعها ومبتاعها وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه).سنكتفي بنوعين من الملعونين هنا في هاته السلسلة الخمرية .بائعها وحاملها أي الموزعين بالمصطلح التجاري .إذا كان صحفي الشعب الجرئ لايدري أهم موزعي الخمور في المغرب فسنذكره بهما .سلسلة أسواق مرجان وأسيما !!!!وهما مملوكتين للأخطبوط الإقتصادي المغربي أونا التي تملك المؤسسة الملكية أسهما كبيرة وسيطرة سياسية مطلقة عليها . ماالنتيجة بكل بساطة .أن الملكية مع رمزيتها الدينية ,إمارة المؤمنين , تساهم في توزيع الخمور على المغاربة بالعلالي وتسبب في هلاك مآت المغاربة سنويا!!!فليخرج مدافعي الدين وفي مقدمتهم الصحافي الغيور عن صحة المغاربة رشيد ليقول هذا للشعب الأمي ويطلب من صاحب الجلالة أن ينسجم دوره الديني ونوع الأموال التي تستثمرها مؤسساته الموجودة في كل القطاعات .وقبل ان يعطي دروسه السخيفة عن الوطنية والتدين للآخرين عليه أن يعطينا دليلا وحيدا في القرآن والسنة عن شرعية توارث الحكم من أب لأب كما فرضه الحسن الثاني في دستوره لسنة 1962 .نفس الدستور الذي عين نفسه أميرا للمؤمنين لتصبح الصفة سيف ديمقراطيس يقطع به جثث معارضيه . إن الدين الذي يدافع عنه وباسمه ماهو إلا إسلام رسمي سلطاني ورثناه من الأمويين أما دين المغاربة فهو شئ غير ذلك دون ان ننسى أن مآت الآلاف من المغاربة لهم نطرة وفهم مختلف جذريا عن النظام الملكي من المنطور الديني وفي مقدمتهم اتباع الشيخ ياسين فهل يتكلم رشيد باسم هؤلاء أم مقصيون من تامغربيت ديالو. الإستخفاف بالقارئ! يقول مثل أمازيغي" أساك إرا ربي أد إينغ أبوخو إكاس أفريون "ومعناه أن الله حين يريد قتل حشرة يجعل لها أجنحة . حالة صديقنا الصحفي تشبه إلى حدم هذا الوضع , فالرجل أوصله الغرور إلى درجة ماعدا يدري الأخطاء الجسيمة التي يرتكبها في حق الصحافة والقراء الذين اوصلوه إلى ماهو عليه .لقد أخرج تقسيما ثنائيا غريبا ومضحكا في الآن سيرا على منهجية بوش في تقسيم الدول إلى محور للشر ومحور للخير .فالقراء حسب فقيهنا نيني الذين يطالعون جرائد لايطيقها صنفهم في خاتة الحشاشين والسكارى ممايعني ضمنيا أن وحدهم من يقرؤون له لهم الشفاعة والإيمان وهي دعوة صريحة لمقاطعة الصحف المارقة والفاسدة وسيكون وصيا على القراء لأنه وحده من يستطيع قراءتها وإخبارنا بمافيه .عجيب !!!حلال له وحرام علينا كي لانتهم بالسكر والتحشش . فما حيلة من يقرأ للجميع كي يستطيع تكوين رايه وموقفه الشخصي .وسنسال فضيلة الشيخ المفتي رشيد نيني عن موقف الشرع من قارئ يتأبط في يمناه جريدته المفعمه بالإيمان وروائح المسك ويتابط في يسراه جرائد تفوح منها روائح الخمر والحشيش ؟ كل شئ متوقع مع من يستغل تعاطف القراء مع جريدته المساء ليهرف على الملايين التي تبرعوا بها لمسانته في محنته مع غرامة 600 مليون سنتيم .لقد استجاب القراء بعفوية لزيادة سعادة المدير في ثمن جريته ليس بسذاجة كما يعتقد بل ليؤدي الغرامة ويحافظ على استقلاليته المفترضة كي يؤدي رسالته بعيدا عن الضغوط والمساومات .زيادة كانت ستكفيه لجمع مبلغ الغرامة في ظرف 4 اشهر .وفي الوقت الذي كان القارئ ينتظر نهاية الحكم المهزلة أخرج الصحافي مصطفى حيران رسالة قيادة المساء إلى الملك لإعفاءهم من أداء الغرامة في أسلوب مهين لايليق بمواطن بسيط فبالأحرى بصحفي الشعب الأول كما يسمي نفسه . وللإشارة فلم يسبق له أن نفى الرسالة الإهانة .أقل مايمكن أن يفعله مادام اختار عطف الملك على مساندة قراءه أن يعتذر لهم علىخداعهم بعدم إخبارهم عن فحوى الرسالة وهو الذي لايتعب في المطالبة بالشفافية من المسؤولين و أن يرد المبلغ الذي جمعه من الزيادة للقارئ أو منحه لجمعية خيرية كما طالبت بذلك في مجموعة على الفايس بوك أنشأت لهذا الغرض حتى تستعاد كرامة القارئ .أم أن الجشع طغى على الضمير المهني والأخلاقي وليذهب القراء إلى الجحيم . لكن لايستطيع فدخول الحمام ماشي بحال خروجو . فجزء من المخزن ورطه في محاكمة مايعرف بشواذ القصر الكبير . وصيده كان ثمينا لأنه ماعاد يحتاج أبواقا إنتهت صلاحياتها وفقدت مصداقيتها أمام الشعب بل إلى خدام جدد مازالت لديهم مصداقية في الشارع . وقد بدأت الصفقة تؤتي ثمارها بنجاح ولتذهب المهنية والإلتزام الصحفين إلى الجحيم .وإلا مامعنى أن يكتب مدير أول صحيفة في المغرب في عموده المعنون" تقاد أولا خوي لبلاد " مايلي "الملكية لديها 30 مليون مغربي مستعد للدفاع عنها "؟؟؟ كيف وصل إلى هذه النتيجة وماهي الوسائل التقنية التي استعملها ؟؟ المؤسسات الصحفية ذات المهنية لاتطلق مثل هذه الأحكام والنتائج إلا بعد دراسات ميدانية أو استقراءات للراي تقوم بها مؤسسات ذات مصداقية ومتخصصة .هذا الكلام لايختلف عن تعاليق مصطفى العلوي على قناة البريهي في زيارات الملك .هاهي الجموع تخرج عن بكرة ابيها للتمني بالطلعة النيرة شيبا وشبابا ونساء وأطفالا ليجددوا الولاء ....رغم أن معظم الجموع حشرت في الشاحنات والحافلات كالخرفان دون ان يدروا إلى اين يساقون ومالمناسبة !! لكن ماذا ننتطر من صحافي يهاجم زملاءه في المهنة ويتهمهم بالمؤامرة لأنهم قاموا باستطلاع للراي حول نطرة المغاربة للملكية ودورها في المغرب .من له المصلحة في أن تمنع استقراءات الرأي في المغرب ؟ هل قدرنا أن ننتظر استفتاء مفبركا من الدولة ينتهي بنتيجة 99و99 كما هي استفتاءات الحسن الثاني؟ تغير الملك وتغير القرن وتغير العالم وهاهو التاريخ يعيد نفسه عندنا لكن بشكل كاريكاتوري !! أن تحمل هم الشعب فوق اكتافك شئ وأن تركب فوق همومه لتصل إلى مآربك شيئ آخر ! وخلط الأمرين واللعب على تشابههما لن يطول فحبل التضليل والخداع جد قصير والإستخفاف بذكاء القارئ المغربي لن يطول وجمع مالايجمع مغامرة سينتهي صاحبها خادما حقيرا تحت أعتاب الطغاة وضيفا جديدا على مزبلة التاريخ العريضة والواسعة والتي لاتتعب من طلب المزيد .إن مايجري في المغرب اشبه بمسرحية سخيفة شكلا وموضوعا والمصيبة أن بعض الأقلام تحاول بكل قوة تحميل فشل المسرحية التي تلعب من نصف قرن إلى أداء الممثلين وحدهم والمتناوبين على الركح وتبرئة دمة المخرج ومساعديه الذين يحركون الممثلين الكراكيز كما يشاءون خلف الكواليس .فماذا سيتغير في مسرحية يسيرها نفس الفريق حتى ولو تغير المنفذون ملايين المرات . وعلى رأي نزار قباني أقول لرشيد نيني وأمثاله ممن يغالطون المغاربة أن يختاروا الشعب أو ضد الشعب فليس هناك منطقة وسطى بين الجنة والنار . *كاتب مغربي مقيم بالولايات المتحدة الأمريكية