قال "المرصد الأمازيغي للحقوق والحريات" إن المنهجية التي تم إتباعها في إعداد مشروع الدستور أدت إلى تمرير " دستور في جو من السرية و الغموض و الإلتباس، الذي أقصى بشكل تام قوى المجتمع المدني، كما تعامل بشكل مهين مع الأحزاب السياسية المغربية". وأضاف المصدر في بيان توصل موقع "لكم" بنسخة منه أن مشروع الدستور"أحيل على الاستفتاء بسرعة فائقة لم تسمح لأي طرف من الأطراف بتدارسه و إبداء الرأي حوله و السعي إلى اقتراح المضامين البديلة". وعبر المرصد عن إدانته "للأسلوب الذي تم به تعبئة أحزاب سياسية محافظة، في اللحظات الأخيرة لإعداد مشروع الدستور، بغرض اٌلإلتفاف على مكاسب طالما طالبت بها القوى الديمقراطية الحية بالبلاد بذريعة الحفاظ على التوازنات بين الأطراف المختلفة" واعترف المرصد بأن مشروع الدستور المعروض على الاستفتاء "هو في حقيقته دستور معدل يتضمن بعض المكاسب في إطار استمرار بنية الاستبداد التي لم تتغير، و التي ما زالت تمركز كل السلطات في يد الملك، مما يجعلها مكاسب مقيدة بصيغ قانونية تمثل عوامل عرقلة كلما تطلب الأمر بذلك. مما من شانه أن يبعث على الخيبة ويثير قلق واستياء القوى الحية المطالبة بالتغيير وبملكية برلمانية حقيقية، يجعل المغرب يخلف ميعاده مع التاريخ في ظرف عصيب و مناخ إقليمي متوتر". وقال المرصد إن " ترسيم اللغة الأمازيغية يعد مكسبا هاما جاء ثمرة لجهود مختلف الفاعلين في الحركة الأمازيغية منذ عقود طويلة وحلفائهم من داخل التنظيمات المدنية و السياسية، غير أن الصيغة التي ورد بها في نص مشروع الدستور، تثير التباسات و تأويلات كثيرة. فتخصيص فقرة منفردة لكل لغة من اللغتين الرسميتين على حدة، عوض جمعهما في فقرة واحدة باعتبارهما لغتين رسميتين للدولة، يبعث على الاعتقاد في وجود تراتبية بين لغة رسمية أولى هي العربية، ولغة رسمية ثانوية هي الأمازيغية، و بما أن اللغة لا تنفصل عن الإنسان فان الأمر يتعلق في هذه الحالة بمواطنين من الدرجة الأولى و آخرين من الدرجة الثانية" كما أشار المرصد إلى كون "الحديث عن قانون تنظيمي يحدد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفيات إدماجها في مجال التعليم وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية، يطرح السؤال حول ما إذا كان هذا القانون سينطلق من الصفر في إدماج الأمازيغية في مجالات سبق أن أدمجت فيها منذ سنوات، وحققت تراكمات هامة، وان بشكل متعثر بسبب غياب الحماية القانونية، لكن بمبادئ واضحة لا يمكن التراجع عنها". وأضاف المرصد أن "التنصيص على أبعاد الهوية المغربية لم يحترم السبق التاريخي و الخصوصية الحضارية للأمازيغية، كما أنه خالف ما ورد في الخطاب الملكي ليوم 9 مارس من كون الأمازيغية في صلب الهوية المغربية، وهو ما يعني كونها تحتل مكان الصدارة قبل العناصر الأخرى. ولا حظ المرصد أن استثناء المؤسسة الرسمية التي تعنى بالشأن الأمازيغي من الدسترة، "يطرح أكثر من سؤال حول خطة الدولة للتدبير المقبل للشأن الأمازيغي، خاصة بعد إقرار الأمازيغية لغة رسمية". وسجل المرصد أن "تغييب الانتماء الإفريقي للمغرب واختزال علاقته مع القارة الإفريقية في تقوية علاقات التعاون و التضامن، واستعمال كلمة الانتماء في الحديث عن علاقة المغرب ب"الأمة العربية و الإسلامية"، يعد قفزا على الواقع والتاريخ والجغرافيا، ويفقد المغرب إمكانية الاستفادة من رهانات حضارية وجيواستراتيجية بديلة للرهان على المشرق والشرق الأوسط". ولاحظ المرصد أن "التراجع عن الصيغة التي تنص على المغرب دولة مدنية و عن حرية المعتقد التي هي من الأسس الراسخة للديمقراطية، يعد انتكاسة لمشروع الدستور الحالي الذي كان من الممكن أن يقطع شأوا بعيدا في تكريس الحقوق والحريات الأساسية كما هي متعارف عليها عالميا". وخلص المرصد إلى القول بأن "مشروع الدستور المقترح للاستفتاء رغم احتواءه على بعض المكاسب الهامة، إلا انه لا يرقى إلى مستوى تطلعات الشارع المغربي كما عبرت عنها حركة 20 فبراير. مما يتطلب من كل مكونات المجتمع السياسي والمدني الديمقراطي الاستمرار في الضغط المدني السلمي من أجل ملكية برلمانية حقيقية تقر فعليا مبادئ الحرية والمساواة والعدل والكرامة، وتؤسس لتعاقد سياسي جديد يكرس سيادة الشعب".