24 أبريل, 2017 - 10:28:00 تناقلت عدة وسائل إعلامية خبر توقيف الصحفية سمية الدغوغي عن تقديم النشرات الإخبارية بسبب استعمالها لمصطلح الصحراء الغربية في تقرير صحفي قامت بتقديمه بقناة ميدي1؛ وهو الأمر الذي يستدعي المساهمة في النقاش حول الحادثة؛ خاصة وأن هناك تناولا إعلاميا كبيرا للقضية وصل إلى مستويات أظنها غير مقبولة؛ ومبالغ فيها بسبب قضية حان الوقت لفتح نقاش جدي حولها؛ وحول أبعادها؛ وهي المتعلقة بمسألة اللغة المستعملة حول الموضوع؛ وطبيعة المفردات التي نستعملها كثيرا في الخطاب الإعلامي الرسمي. وقبل أن أشير إلى الموضوع، أعود للتذكير بأنه في السنوات الماضية وعندما يريد الإعلام الرسمي الحديث عن المخيمات كان في أغلبه يصف المخيمات وأهلها بمختلف النعوت القدحية، لكن أظن بل لاحظت أنه حدث نوع من التغيير ومن تلطيف الخطاب عندما استعمل الملك في إحدى خطاباته وصف "ساكنة المخيمات" وهو ما يبدو أنها كانت إشارة إيجابية للإعلام الرسمي في ضرورة تجويد لغته المستعملة، أظن أنه سنصل لليوم الذي نستعمل فيه وصف اللاجئين لأنها البوابة ليتمتع هؤلاء بمختلف حقوقهم على رأسها الحق في التنقل، كل ذلك دون أن يعني أننا تخلينا عن أي موقف في الملف ومن القضية الوطنية. اليوم تعود القضية للنقاش؛ صحفية تستعمل مصطلح الصحراء الغربية في تقريرها لتقوم الدنيا ولا تقعد حولها وتكون كبش فداء في الموضوع: هل أخطأت؟ هل باستعمالها لهذا المصطلح تكون قد اصطفت إلى جانب الخصوم؟ لابد وقبل الإجابة على السؤال، الإشارة إلى ما يلي: - مصطلح الصحراء الغربية هو وصف بمجال جغرافي معين؛ حيث تتموقع الأقاليم الجنوبية؛ وحيث إلى جانبها توجد الصحراء الشرقية؛ ولا تعني بالضرورة أنها دلالة على الاعتراف بوجود كيان وهمي هناك. - مصطلح الصحراء الغربية تخلينا عن استعماله وعن إعطائه مدلوله العادي؛ هو ما استغله الخصوم وحملوه مدلولا سياسيا بسبب حساسيتنا المفرطة من المصطلح. - في جل الوثائق الأممية يستعمل مصطلح الصحراء الغربية؛ ونحن نقبل بذلك؛ بل وقد تكون هناك مراسلات أممية تحمل هذا المصطلح دون أن يعني ذلك أن الأمر يتعلق بأرض أخرى غير الصحراء التي تمتد سيادتنا عليها. - المغرب يقوم بمراجعة علاقاته الدولية؛ واحدة من أهم ما يجب أن يتم القيام به هو مراجعة اللغة التي يستعملها الموجهة للداخل والخارج لأنها تقوي من خطابنا ومصداقيته وتجعل الآخر يستمع إليك ولأطروحتك. - في حال تطبيق مبادرة الحكم الذاتي ماذا سنسمي هذا الإقليم؟ ألن نسميه بإقليم الصحراء الغربية؟ - استعمال مصطلح الصحراء الغربية سيؤدي إلى هدم جزء كبير من اللغة التي يستعملها الخصوم؛ ف"البوليساريو" مثلا أعلنت عن الجمهورية-الوهمية- في الأراضي الجزائرية؛ ووصف الأقاليم الصحراوية بالصحراء الغربية لا إحالة له على جمهورية الوهم مادام الأمر يتعلق بتموقع مجالي لهذه الأقاليم. - هناك عدة إطارات حقوقية ومدنية تقوم بعمل ترافعي قوي لصالح المغرب لدى الأممالمتحدة ولدى مجلس الأمن وتقاريرها أصبحت مرجعا وينظر إليها بسبب اللغة التي تستعملها؛ على رأسها الصحراء الغربية؛ وتقاريرها تحرج الجزائر نظرا لمسؤوليتها على أوضاع المخيمات ولالتزاماتها الدولية وتحرج "البوليساريو"؛ واكتسبت هذه التقارير المصداقية بسبب اللغة التي تخاطب بها هذه المؤسسات. - حساسيتنا من هذا المصطلح جعلت الخصوم يعطونه مدلولا سياسيا بل انفصاليا؛ وهو ما لا علاقة له بواقع الحال وبخلفية المصطلح/الوصف. ونحن نقيم علاقات دولية مع دول مازالت تحافظ على علاقتها بالجبهة؛ واستطعنا بفضل الرؤية الجديدة لدبلوماسيتنا من تحقيق اختراقات في دول وأنظمة كانت أبوابها موصدة على المغرب وفي وجه مصالحه؛ اعتبرنا أن الأمر يتعلق برؤية دبلوماسية جديدة لا تعترف بالطابوهات السياسية التي سجنا أنفسنا فيها وضيعنا على المغرب فرصة تحييد دول عديدة من هذا الصراع المفتعل منذ سنوات؛ اليوم نقوم بتصحيح الوضع وتجديد رؤيتنا. هذا التطور سيفرض علينا تجديد اللغة التي نستعملها تجاه قضيتنا الوطنية؛ من بينها استعمال الصحراء الغربية دون أية عقد ودون أن يعني ذلك أننا تخلينا عن مغربيتها أو عن حقوقنا فيها بل على العكس قد تكون له نتائج إيجابية وقوية خاصة على مستوى الخارج. لذلك لا أظن أن الصحفية أخطأت خاصة وأن التقرير باللغة الفرنسية مما يعني أنه كان موجها للخارج؛ بل يجب انتهازها فرصة لفتح هذا النقاش دون طابوهات ودون تشكيك في نوايا مستعمليه.