23 يناير, 2017 - 06:23:00 حالة "الانسداد" التي وصل إليها رئيس الحكومة المكلّف، عبد الإله بنكيران، دفعته إلى ملازمة بيته في شارع "الليمون" وسط الرباط، بعدما تَعَطّلت عجلة المشاورات، التي انطلقت منذ 106 أيام، وهي المشاورات التي جعلت زعيم حزب "العدالة والتنمية" يتوارى عن الأنظار . وكان بنكيران، أعلن، خلال استقباله في وقت سابق، لعدد من أعضاء شبيبة حزبه، في فيديو تم نشره عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أنه لا يخرج من بيته إلا لضرورة قصوى، وأن استمرار مسلسل المشاورات رهين بحجم التنازلات التي يقدّمها باقي الأطراف، مذكراً أعضاء حزبه أن "الانتصارات التي حققها حزبه منذ العام 2011 وصولا إلى العام 2016 مرورا بالعام 2015، كلها من عند الله". وقد سبق لبنكيران، أن عايش نفس التجربة خلال سنة 2011، عندما اصطدم مع معارضة "القصر" على استوزار المصطفى الرميد، الذي سيصبح فيما بعد وزيرا للعدل والحريات، بحيث فضّل رئيس الحكومة المنتخب حينها، المكوث في منزله على مواجهة رجالات "القصر"، ما دام وصلت المشاورات إلى عنق الزجاجة. الغضبة" البنكيرانية" المعطي منجب، المؤرخ والمحلل السياسي، اعتبر أن "لجوء بنكيران لمنزله راجع إلى إحساسه بالضغط، فقد مرت أكثر من 100 يوم ولم تجد الحكومة الطريق الصحيح لتتشكل، فهو إذن، غاضب من "البلوكاج" الذي يفعلّه "القصر" للضغط عليه حتى يقبل بكل الشروط، والتي تأتي في مقدمتها تراجعه عن لعب دور الزعيم والقائد للحكومة المقبلة، كما حصل في الولاية السابقة". وقال المؤرخ المغربي، '' أن بنكيران يحاول أن يظهر بأن مجرد "مجذوب" لا يملك أي مصلحة مادية ولا سياسية في قيادة الحكومة؛ أصحاب المخزن يريدون رأسي، وأنا أمثل الشعب وليفعلوا به ما شاؤوا"، يقول منجب. واستطرد منجب في حديثه قائلا: "إننا أمام غضبة "بنكيرانية" على غرار الغضبة الملكية، قبل أن يشير إلى "أننا سنكون إزاء سيناريوهين اثنين: أولهما قبول بعض شروط بنكيران عبر تشكيل حكومة بدون الاتحاد الاشتراكي، أو الذهاب لانتخابات جديدة، ما دام القصر يرفض أن يترأس زعيم أول حزب في الانتخابات الحكومة المقبلة، فإن هناك أطراف ترفض سيناريو إعادة الانتخابات بذريعة أنها مكلفة مالياُ، لكن الواقع أنها تخاف من فقدان مقاعدها النيابية". شخصية روحانية من جهة أخرى، قال علي السيجاري، أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري بكلية أكدال بالرباط، إن "عبد الإله بنكيران يفتقد لما اعتبره "ثقافة سياسية" تحدّد توجهاته ومنطلقاته، فهو تارة يقدّم نفسه على أنه "ضحية" لأطراف داخل الدولة تحاول الركوب على المشاورات، وتارة أخرى يظهر وكأنه يسعى للخروج منتصراً من معركة فاقدة للشرعية". واعتبر السيجاري أن "بنكيران شخصية ''روحانية'' تعتمد على الخطابة وتبني قراراتها من بعدٍ روحي، فهو يتصرف كرئيس لزاوية يحاول فرض رأيه على الجميع بلباسه التقليدي البسيط الخارج عن "البروتوكول"، قبل أن يشير إلى أن "زعيم الإسلاميين ابتعد عن المنطق الدستوري والثقافة الديمقراطية لأنه بات يتصرف خارج مؤسسة رئاسة الحكومة، وهذا يسيء لسمعة الدولة لأنه فيه تهميش للبرتوكول الرسمي". وأوضح المحلل السياسي أنه "بات من الضروري أن يتدخل الملك لوضع حد لما اعتبره "عبثا سياسيا"، هذا التدخل يقتضي إما تعيين شخص آخر من حزب "العدالة والتنمية"، إما أن نتجه لحكومة وحدة وطنية، معرجا في حديثه على وجود أغلبية صوّتت على رئاسة المجلس وتحاول أن تخلق نوعا من التوازن بين البرلمان والحكومة، وهناك في المقابل حكومة أقلية". احترام الدستور ويرى يحيى اليحياوي، أستاذ التواصل السياسي، أن "عبد الإله بنكيران، رئيس حكومة معين، لكنه رئيس حكومة تصريف أعمال أيضا، كرئيس حكومة معين، له أن يدير المشاورات من بيته أو من مكتبه في الحزب، لكن كرئيس حكومة تصريف أعمال، ليس من حقه أن يمتنع عن الدوام في مكتبه برئاسة الحكومة". الخبير في الإعلام والاتصال زاد موضحا:"لا يرتبط الأمر بالتعويضات التي يحصل عليها وهو معتكف ببيته، بل لأن ثمة أعضاء حكومة يمارسون مهامهم طبقا لمقتضيات الدستور، المفروض أن يستقبلهم في مكتبه برئاسة الحكومة للحسم في الجاري من قضايا ومستجدات". وأورد المتحدث ذاته، أن "مرابطته في بيته تشي بأننا لا بإزاء حكومة جديدة ولا بإزاء حكومة تصريف أعمال، حالته كحالة الزوجة التي خاصمها زوجها، وعوض أن تذهب لبيت أهلها، جلست قبالة الباب، عسى أن يأتي من يطيب بخاطرها"، يقول اليحياوي.