ناشد فيصل عبد الحسن، وهو كاتب عرافي يقيم بالمغرب، الملك محمد السادس لتهجير اللاجئين وعددهم837 إلى بلدان لجوء ثالثة. وقال عبد الحسن، الذي يقيم في المغرب منذ 1997 كلاجئ، إنه "ما دام المغرب لا يستطيع أن يوفر لهم أبسط حقوق اللاجئ في العيش الكريم، فليس من التحضر، لأية حكومة أن لا تغيث من جاء إلى أرضها طالبا الغوث، وقد قال الله مخاطبا المسلمين في الحث على أجارة المستجير، حتى لو كان كافرا! وأن يجار حتى يبلغ مأمنه، أي أن يتعهد المسلمون في ذلك البلد بطعامه وكسائه". وأضاف عبد الحسن، في مقال نشره موقع إلكتروني، "من هذا المنبر أدعو المسؤولين في هذا البلد الشقيق: لا لتجويع اللاجئين الأفارقة ومن مثقفي العراق في المغرب ولا لدفعهم للانتحار غرقا في المحيط الأطلسي، وهم يبحثون عن وطن ثالث يغيثهم من بطالتهم وجوعهم في المغرب، وبحثهم عن الحياة الكريمة في هجرة سرية محفوفة بالمخاطر، والويلات للوصول إلى إحدى الجزر الأسبانية، فهذا ليس من شيم أهل المغرب أو من أخلاقهم وكرمهم الذي يضرب به الأمثال" . ................ فيما يلي المقال كاملا: من قصص اللجوء في المغرب أن أغلب لاجئيها العراقيين من المثقفين، شعراء وروائيين ومسرحيين وسينمائيين وكتابا وعازفين موسيقيين معروفين، ومعظم هؤلاء للأسف لم يوفقوا في بقائهم في هذا البلد، ولا حين هاجروا منه إلى ظلمات المحيط وعواصفه، ومجهوله، ولكن من لاجئيها العرب والأفارقة من كان موفقا ومعظمهم من السياسيين، فدماؤهم أكثر حرارة فيما يبدو من دماء العراقيين، ( ولو أنه قيل العكس عن الدم العراقي الفائر) ومن هؤلاء العرب كأحمد بن بلة، الذي كان لاجئا في الخمسينات في المغرب من عام 1955-1956 واعتقل بعد ذلك بعملية قرصنة جوية فرنسية في عام 1956، وهو يغادر المغرب متوجها إلى تونس لحضور اجتماع للقيادات الجزائرية في الخارج مع مجموعة من رفاقه، فأجبر الفرنسيون الذين كانوا يحتلون الجزائر طائرتهم بواسطة طائرات حربية فرنسية، على الهبوط في مطار العاصمة الجزائرية، وتم اعتقالهم، ولكنه صار رئيسا للجزائر بعد استقلالها من عام 1962- 1965، ومورجان تسفا نيجيراي، الذي كان لاجئا في المغرب عام 1999-2001، وبعد ذلك صار رئيسا لوزراء حكومة زمبابوي منذ عام 2008، وحتى يومنا الحالي، و"أحمد بوضياف" الذي كان لاجئا في الدارالبيضاء عام 1956، ثم صار رئيسا للجزائر في الثمانيات، وكذلك أمير طوارق تمبكتو، الأمير محمد علي الأنصاري، الذي كان لاجئا في مدينة الرباط وصار وزيرا في الحكومة النيجرية، وكذلك الرئيس الحالي للجزائر"عبد العزيز بوتفليقه"، الذي ولد في مدينة وجدة المغربية عام 1937، لأب من اللاجئين الجزائريين في المغرب. في اواخرعام 1997 قادتنا ظروف بلدنا السياسية إلى المغرب لما عرفناه عن سمعته الطيبة، وانفتاحه الجديد على العالم المتحضر، من خلال نوافذ عديدة، ومنها نافذة ثقافة حقوق الإنسان، وكان وقتها معروضا علي وعلى غيري العمل، والاستقرار في تونس، لكنني عند زيارتي لذاك البلد العزيز، ومحاولتي مع أخوة مثقفين وكتاب وأدباء عراقيين وعرب هناك، لقاء منصف المرزوقي، احد أقطاب الدفاع عن حقوق الإنسان في تونس وقتها، فعرفنا من خلال سعينا ذاك، أن السلطات التونسية منعت أي اتصال بالرجل، وهناك من قال أيضا، انه كان معتقلا في ذلك الوقت!! فشطبنا على ذلك الأمل الساذج، في البقاء في بلد جميل كتونس، وممارسة نشاطاتنا الإبداعية والثقافية فيه، كأي بلد ينشط ليدخل بأهله إلى القرن الواحد والعشرين، معززا ومكرما للإنسان، وحقوقه في العيش الكريم، يقتسم فيها الحاكم والمحكوم، هموم دفع عجلة البناء إلى الأمام، بروح الفريق الواحد، والوطن المشترك، والأمل بغد أفضل لجميع أبناء البلد . فسمعنا ونحن هناك من كاتب مغربي، يقول، أقصدوا المغرب، فنحن نعيش أهنأ أيامنا، وقد وضعنا وراء ظهورنا، سنوات الرصاص، وأيامها الصعبة، وكانت بالفعل سنوات صعبة على الجميع، حكومات ومحكومين. هبطنا المغرب في منتصف أكتوبر عام 97 في عهد الراحل الملك الحسن الثاني، فوجدنا أن ثقافة حقوق الإنسان، قد بدأت تصير تطبيقا حقيقيا في مفاصل كثيرة من الحياة المغربية، إلى درجة أن بعض أدباء المغرب كانوا يقولون لنا أن اللصوص قد ازدادوا في البلاد بسبب تطبيق شروط حقوق الإنسان!! مبررين ذلك بأن اللصوص امنوا بطش الشرطة السابق!! فقد أخذت الشرطة تحترمهم أكثر من اللازم، ولأنها كانت حذرة في تطبيق قوانين حقوق الإنسان بحذافيرها، في دوائرها ومكاتبها، فلم يعد اللص يجد عنتا، وإهانة، حينما يمسك متلبسا، بجريمة ما، وحين يوضع في السجن، فهو يجده- بسبب الحرص على تطبيق حقوق الإنسان فيه- فندقا يوفر له الراحة والطعام، والتعليم على مهنة ما، تفيده في المستقبل، ويجمع من كده خلال مدة سجنه مبلغا من المال يستفيد منه حين انتهاء محكوميته!! وقتها قلنا العيش في هذا البلد الكريم خيرا ألف مرة، من بلد غني كالعراق، لا تستطيع أن تقول فيه كلمة حق، ولا تستطيع أن تكتب فيه، ما تعتقده صحيحا! وتنظر لأبناء بلدك يقادون كالأغنام للحروب، ولمصائر مؤلمة، لا تبقي ولا تذر، إذا قالوا ما لا ينبغي قوله أو كتابة ما لا يرضاه الحاكم. كانت وقتها بناية المفوضية العليا للاجئين في عام 1997 صغيرة جدا، وسط الدارالبيضاء، بناية صغيرة جدا! لكن من فيها كانوا رحماء، كانت واحة للأمن والسلام، وسط حديقة واسعة مملوءة بزهور اليللك الفواحة، وكانت البناية، كنيسة قديمة، أهديت إلى المنظمة الدولية، ليقوم موظفوها بعملهم الإنساني في خدمة من يلجأ للمغرب من كافة الجنسيات في العالم، كان موظفوها نشطين، قبل أن ينخر سوس الفساد معظم موظفيها في السنوات التالية، وكان اللاجئون يستقبلون ويعرضون مشاكلهم، وأغلبها يحل وتعطى المساعدات المادية، والعينية لهم، وكان ذلك يصب في سمعة ثقافة حقوق الإنسان في المغرب، وطنا وشعبا وحكومة، ويقرب المغرب كثيرا من مصاف الدول التي تعبر بشعوبها من زمن الهمجية، إلى زمن احترام حقوق الإنسان! كان ذلك قبل 14 عاما، ولكن ماذا حصل بعد كل تلك السنوات؟! لقد حرصت قبل أيام قليلة على زيارة المفوضية العليا للاجئين في الرباط، وريثة تلك، التي كانت في الدارالبيضاء، وكنت قد عرفت أن ذات المفوضية، التي كانت في الدارالبيضاء، قد تم نقلها إلى الرباط، فكيف وجدتها – في عامي 2010 و2011؟! أي بعد 14 عاما على وجود تلك المفوضية، التي كانت تشعرك بإنسانية اللاجئ، وكرم هذه البلاد! وحرص مسؤوليها على سمعة المغرب في حفظه لحقوق لاجئيه وفق اتفاقية جنيف لحقوق اللاجئين لعام 1952 التي وقع عليها المغرب ! وجدت بناية كبيرة، مريبة بشكلها!! تذكرك ببنايات المخابرات، فهي تبدو كقلعة غامضة محصنة من قلاع كافكا، مقتطعة من كوابيس رواياته وقصصه، تطل على وادي أبي رقراق، وتسترها أبواب الحديد العالية، ومصدات ودروع الأفراد القضيبية، وكوة صغيرة يطل منها حراس غلاظ شداد، لا يسمحون لأحد بالدخول، إلى داخل البناية، وموظفوها يوحون لك بأنهم رجال مخابرات، وأنهم سيحرصون على نقل كل ورقة من اللاجئ لوزارة الداخلية مباشرة، وليسوا موظفي إغاثة إنسانية، والناس من أولئك اللاجئين، المنكوبين من جميع الجنسيات، عراقيين، فلسطينيين، وأفارقة، رجالا، ونساء، وأطفالا، جاءوا يطلبون مساعدة المفوضية العليا للاجئين! يقضون الساعات، منتظرين، تحت شمس لاهبة، من غير ظل يستر رؤوسهم، ولا مقعد يستريحون عليه، وسط الشارع العام، وبعضهم كان ينام ليلا في الشارع أمام المبنى، ولا أذن تستمع إليهم، أو أحد يقضى احتياجاتهم، الإنسانية، ولا يظن احد أن تلك الاحتياجات أموالا أو مواد عينية! بالرغم من حاجتهم المستعجلة والضرورية لها، لتمكينهم من العيش في بلد شحيح الأعمال كالمغرب، لا يسمح فيه للأجنبي اللاجئ بالعمل فيه، بل هي مجرد متطلبات إدارية وأوراق ثبوتية، أو ما يتطلبه اللاجئ عادة من موافقات الإقامة في المغرب لأن الأعانات المالية قطعت عن اللاجئين منذ سنة 2001 وصار العطاء شحيحا فقط للمحاسيب ولمن نال رحمة موظفي المفوضية وهم أقل من القليل ونسبة لا يعتد بها ! أناشد المغرب، المضياف والبلد المسلم، وأناشد من هذا المنبر أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس بالإيعاز للمفوضية العليا للاجئين في المغرب، لتهجير لاجئيها وعددهم837 إلى بلدان لجوء ثالثة، ما دام المغرب لا يستطيع أن يوفر لهم أبسط حقوق اللاجئ في العيش الكريم، فليس من التحضر، لأية حكومة أن لا تغيث من جاء إلى أرضها طالبا الغوث، وقد قال الله مخاطبا المسلمين في الحث على أجارة المستجير، حتى لو كان كافرا ! وأن يجار حتى يبلغ مأمنه، أي أن يتعهد المسلمون في ذلك البلد بطعامه وكسائه، أو توفير عمل كريم له حتى يجد مخرجا من بلائه " وَإِنْ أَحَدٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ..... صدق الله العظيم (6-التوبة) ومن هذا المنبر أدعو المسؤولين في هذا البلد الشقيق: لا لتجويع اللاجئين الأفارقة ومن مثقفي العراق في المغرب ولا لدفعهم للأنتحار غرقا في المحيط الأطلسي، وهم يبحثون عن وطن ثالث يغيثهم من بطالتهم وجوعهم في المغرب، وبحثهم عن الحياة الكريمة في هجرة سرية محفوفة بالمخاطر، والويلات للوصول إلى إحدى الجزر الأسبانية، فهذا ليس من شيم أهل المغرب أو من أخلاقهم وكرمهم الذي يضرب به الأمثال . ولنتذكر أذن يا مغربنا السعيد أيامك الزاهية في 1997، وللأسف لقد مضيت متقدما في حقوق لاجئيك، ولكن للوراء. وأقول هنا، بلسان لاجئيه، كتابا وفنانين ومثقفين، وعامة المغضوب عليهم من بني البشر في هذا البلد الكريم: يا مغرب الأخيار إلى الأمام در من جديد كما أنت دائما !! --- تعليق الصورة: مهاجرون أفارقة يجلسون أمام مقر المفوضية العليا للاجئين في الرباط