03 أكتوبر, 2016 - 11:14:00 كم هائل من الأرقام والمؤشرات الاقتصادية التي تصدرت برامج الأحزاب السياسية المشاركة في سباق الانتخابات التشريعية المقبلة، المزمع تنظيمها في الأيام القليلة المقبلة، والتي أعلنت عنها تباعا مع انطلاق الحملة الانتخابية، وغلبت البرامج الاقتصادية على السياسي، نظرا لطبيعة المرحلة، وما يفرضه السياق الذي يحكم ''الأجندة الانتخابية''، على أساس أن، معظم الأحزاب السياسية تبنت، في أوراقها ''الترافعية'' خطابا واقعيا وبرغماتيا، هدفه الانتقال إلى مرحلة ''اقتصادية'' تنبني بالأساس، على تطوير النموذج التنموي، من خلال تحقيق نسبة النمو تتراوح ما بين 5 إلى 8 في المائة، وهي نسب تبقى غير واقعية لاسيما في ظل الصعوبات التي يواجهها الاقتصاد الوطني وكذلك الاقتصاد الدولي، ما دفع عدد من الباحثين يشككون في قدرة الأحزاب السياسية على بلوغ أهدافها الاقتصادية. غياب البروفايلات الاقتصادية الباحث في الاقتصاد المالي والتدبير العمومي، نور الدين الازرق، سجل أن معظم اقتراحات الأحزاب للنمودج التنموي الاقتصادي في برامجها الانتخابية، استلهمت افكارها من الدراسة التي أعدها البنك الافريقي للتنمية ومبادرة تحدي الألفية والحكومة المغربية من جهة ومن خلاصات الندوة التي نظمتها جمعية مفتشي المالية ومن تقارير المؤسسات المانحة وخصوصا صندوق النقد الدولي". وكشف الأزرق عن أن "اقتراحات الأحزاب وان كانت تبدوا براقة ومقدمة بصيغة منسجمة مع ذاتها إلا انها تخفي تناقضات داخلية عميقة. فجميع الأحزاب، يقول الأزرق: تهدف الى إيجاد نمودج تنموي مبني على العرض وخصوصا العرض الصناعي والعرض الموجه للخارج وبالتالي تبني كل اجراءات لدعم المقاولة ضريبيا وعقارا ومساطر واستثمارا عمومية مع العلم ان الاقتصاد المغربي في بنيته العامة تجاوز مرحلة الازمة العالمية لسنة 2008. واستطرد الأزرق حديثه قائلا:": ان المفهوم الرنان في برامج الاحزاب السياسية هو نتافسية الاقتصاد المغربي وهو مفهوم ايجابي اذا لم يخفي خلفه مطبين اثنين، مثل الاول في اشكالية نوعية الشغل الذي سينتجه والمؤكد انه سينتج شغلا مفقرا، لأن التنافسية في مجال المقاولة تعتمد على الضغط على احد عنصري الانتاج اليد العاملة والراسمال الثابت (آليات الانتاج). ''والمطب الثاني، بحسب المتحدث ذاته، يتمثل في الاعتماد على الاستثمارات الخارجية الموجهة الى التصدير كما هو الحال اليوم مع صناعة السيارات ومعدات الطيران والذي من شأنه أن يجعل البلد في وضعية ازمة مزدوجة ازمة تبعية للراسمال واللوبيات الدولية''. وأوضح لزرق، أن معظم الأحزاب لا تتوفر على ''بروفايلات'' اقتصادية وخبراء قادرون على وضع مخطط اقتصادي قائم بذاته'' مشيرا إلى أن ''الأحزاب تلجأ في معظم الأحوال إلى مراكز للدراسات التي لا تتوفر على الخبرة المطلوبة في تقديم برنامج اقتصادي واقعي''. الشعوذة السياسية ومن جهته، أكد المحلل الاقتصادي نجيب أقصبي، أن ''الأحزاب الوطنية كانت في السابق تقدم بدائل وتصورات حقيقية ولم تكن تنخرط في لعبة الأرقام، اليوم أصبحنا أمام واقع رديئ، هناك مهرجين يمارسون ''الشعوذة'' السياسية، بهدف استمالة أصوات الناخبين، فالأرقام المقدمة في البرامج الانتخابية ينقصها قابيلة ''الاستئناس''. وأوضح أقصبي، أنه ليس هناك حزبا في المغرب مستقل عن الدولة، يملك إمكانية وضع نموذج اقتصادي حقيقي يحدد الخطوط الكبرى للعجلة الاقتصادية، فالدولة تحتكر المعطيات والأرقام، وأمام هذا الواقع، تضطر الأحزاب إلى ممارسة الشعوذة، من خلال تقديم أرقام مغلوطة ''منفوخة'' غرضها الوصول إلى أكبر عدد ممكن من الناخبين''. ولفت أقصبي قوله بأن حجم الاستثمارات في المغرب هزيل، وهذا لا يساهم بحسب اعتقاده، في بلوغ نسبة نمو مرتفعة، كما حددت بعض الأحزاب في برامجها الانتخابية، لأن الاستثمارات، وإن كانت في المغرب، لا تساهم في خلق فرص شغل حقيقية، ويبقى وقع هذه الاستثمارات على القيمة المضافة ضعيف جدا.