28 غشت, 2016 - 11:06:00 بقلوب يعتصرها الألم والأسى الممزوج بالحكرة وغياب الإنصاف، يحكي من أسموا أنفسهم "ضحايا الأخطاء الطبية في أكادير" ما وصفوه ب"جرائم طبية" وقعت لهم من قبل أطباء ممارسين، فضاعت أعضاؤهم البشرية وتنامت آلام جراحهم التي لم تندمل بعد، فيما الأطباء "تمصلوا" من الاعتراف بما وقع، على حد تعبير الضحايا في لقاء مفتوح نظمه فرع الجمعية المغربية لحقوق الانسان بأكادير، مساء اليوم السبت 27 غشت 2016، بمقر النقابة الوطنية للصحافة المغربية. ضحايا تقليص الثديين هاجر ذات ال25 عاما، إحدى ضحايا الأخطاء الطبية إثر عملية تقليص حجم الثديين من قبل طبيبة تشتغل بالمشفى الجهوي الحسن الثاني، وأجرت لها العملية في مصحة خصوصية في قلب أكادير يوم 9 شتنبر 2015. تقول الضحية هاجر: إن الطبيبة "غ.م" اتقت معها على كلفة العملية البالغة مليوني سنتيم وحصرت موعدها وطمأنتها بأنها ستكون ناجحة مائة بالمائة، فأجريت العملية بالمصحة الخصوصية. غير أنه بعد أقل من أسبوع، بدأ سيلان يتدفق من ثديي الضحية هاجر، كما تحكي، وسقطت حلمة ثديها الأيسر، فأصيبت بصدمة كبيرة وهي تنظر إلى ثدييها في حالة مقززة. لم تشفع كل الاتصالات التي بوشرت من قبل الضحية مع الطبيبة عبر الهاتف، بعدها استنجدت هاجر مستعينة بأمها بإدارة المصحة الصحية الخاصة، لدعوة الطبيبة قصد حل المشكل الذي بات يؤرقها. لتحل الطبيبة بعد أكثر من 5 ساعات وتطمئن من جديد الضحية هاجر بأن الأمر حادث عرضي وأنها ستشفى فيما بعد. معاناة الضحية استمرت باستمرار نزيف ثدييها وسيلان ماء نتن منه. تشرح حالتها قائلة: بعد 4 أشهر من إجراء العملية انتفخ ثديي وشعرت بسخونة زائدة فيه، عدت إلى المصحة ومنحتني الطبيبة مسكنات زادت من معاناتي فيما بعد بإحداث ثقب في ثديي الأيمن واستمرار السيلان. عادت الضحية من جديد إلى المصحة، وهناك انتظرت من الثانية عشرة زوالا حتى السادسة مساء بعد إلحاحي وصياحي وعويلي بفضاء الاستقبال، مما اضطر إدارة المشفى للمناداة على الطبيبة لمعالجة المشكل. حينها حلت الطبيبة وسألتها الضحية هاجر عن وضع ثدييها الذي صار ندوبا وآثارا وسيلانا وثقوبا (خاصة في ثديها الأيمن) عن ماهذا الذي حل بي، فكان جواب الطبيبة: ما عرفتش؟ الضحية قالت في شهاداتها الحارقة، وهي تتألم وتبكي : لا أستطيع إكمال حياتي هكذا حيث صارت بلا معنى، تمنيت لو أن طبيبا تطوع وعالجني، خاصة وأن الطبيبة تحدثني وقالت لي إنني طبيبة وزوجي طبيب، وديري جهدك ما تديري والو. لم تقو هاجر على إكمال شهادتها النابضة، وهي تعتصر ألما وتذرف دمعا، قائلة: سأضع حدا لحياتي ثاني الضحايا، صديقة الضحية الأولى التي تحمل اسم "جميلة"، التي تختلف معها في موقع الحادث، هو المركز الجهوي الاستشفائي الحسن الثاني بمدينة أكادير. تقول الضحية جميلة: اتفقت مع الطبيبة على تصغير الثديين بإجراء العملية يوم 11 ماي 2015، بعد إجراء التحاليل المخبرية والفحوصات القبيلة بمصحة خصوصية في المدينة. معاناة جميلة استمرت لأكثر من عام. تروي ذلك قائلة: يوميا سيلان في ثدياي اللتان تصدر منهما رائحة كريهة يرافقهما قيح وثقب ينزف. بعد إجرائي للتحاليل المخبرية والفحوصات التي أعقبت إجراء العملية الجراحية من قبل الطبيبة، تبين أن أنسجة ثديي ماتت، حتى أنني في كل لحظة صرت مهددة ببترهما وبمرض السرطان لا قدر الله، تروي الضحية جميلة في ألم وتعسر. الضحية جميلة قالت إنها لجأت للقضاء ووجهت شكاية لمدير المركز الجهوي الاستشفائي الحسن الثاني بأكادير للنظر في قضيتها، وفي نفس الوقت تتابع وضعيتها الصحية مع طبيب مختص في أمراض الثدي. كلية مسروقة وتقارير طبية متناقضة وفي شهادة للضحية حكيم لعناية، قال هذا الأخير إن ما تعرض له جريمة طبية بكل المقاييس لا نراها إلا في الأفلام السينمائية. يقول عن ذلك: قضية سرقة كليتي اليسرى تتجاوز الخطأ الطبي، هي جريمة مكتملة الأركان، يغيب فيها الضمير المهني وتنعدم فيها الانسانية، حيث بدأت من عملية إزالة "الفتق" التي لا تتعدى نصف ساعة إلى إزالة كليتي اليسرى، بل سرقتها من قبل طبيب، بعدما دخلت المشفى بكليتين. الضحية حكيم، أدلى بشهادتين طبيتين تتلبث عدم تواجد الكلية اليسرى بتاتا، وشهادة طبية ثالثة تحمل توقيع طبيب مختص عضو اللجنة المعنية من قبل هيئة الأطباء والتي خلصت إلى أن خدر الكلية المسروقة فارغ. ويتابع: أتوفر على أكثر من 10 شهادات أطباء وطبيب بالمستشفى العسكري، يؤكدون جميعهم أن الكلية اليسرى أجريت عليها العملية الجراحية وخدرها فارغ. واستغرب الضحية من كون التقرير الطبي الذي أنجز من قبل أطباء ينفي وجود الكلية اليسرى بتعليمات من وزير الصحة الحسين الوردي، غير أن هؤلاء الأطباء بعد 5 أشهر على مثولي أمامهم دون فحص سريري يسلمونني شواهد طبية تؤكد أن الكلية اليسرى غير موجودة وأنه تم استئصالها، على حد تعبيره. وتوقع الضحية حكيم أن "يكون لسرقة كليته اليسرى علاقة بعصابة منظمة تتاجر في أعضاء البشر". النيابة العامة بأكادير فتحت تحقيقا قضائيا في شكوى ضد مجهول، غير أن ذلك لم يقنع الضحية حكيم لعناية الذي وجه شكاية ضد أعضاء اللجنة الطبية التي عينها وزير الصحة لإعداد تقرير طبي حول "الكلية المسروقة". أي خطأ طبي وما حدود المسؤولية؟ وفي تدخل الحسين بكار السباعي، وهو محام بهيئة أكادير والعيون، قال "إن الدولة تتحمل مسؤوليتها في تأمين هذا الحق، ومن بينهما حالتان عرضت خلال هذا اللقاء (حالتي ضحيتي الثديين)". وأوضح السباعي أن "إثبات الخطأ الطبي مسؤولية تقع على عاتق المتضرر، وأنه في إطار عمليات التجميل فالمسؤولية عقدية والخطأ يبقى موجبا للتعويض". وبسط المحامي السباعي الاجتهادات القضائية في الحالات المعروضة، والتي تزاوج بين المسؤولية التأديبية بموجب أخلاقي وأصل فني، والمسؤولية الجنائية التي يعاقب عليها بنص، والمسؤولية المدنية من خلال المسؤولية العقدية والمسؤولية التقصيرية. أما الحقوقي والمحامي عباس مصباح، فقد أكد من خلال الشهادات المقدمة ما أسماه "انعدام المسؤولية والابتزاز والكسب والسيبة". وبسط المحامي عباس مصباح مثالين لخطئين طبيبن أفضيا إلى وفاة، الأول لطفلة عمرها 13 ربيعا، تم تخديرها موضعيا من قبل ممرض وتوفيت بعد إجراء عملية "إزالة اللوزتين" لكون كمية التخدير أكثر من اللازم، والثاني لرجل أجريت له عملية إزالة "الجلالة" وتوفي نتيجة نفس سبب الضحية الطفلة الأولى. الحقوقي عباس مصباح، شدد على أن قضية الضحية حكيم لعناية، "جريمة طبية لا علاقة لها بالمسؤولية الطبية، ينقصها التحقيق الجنائي لأن القانون الجنائي هو الذي يطالها" عزيز السلامي رئيس الفرع المحلي للجمعية المغربية لحقوق الاسنان بأكادير، قال في تدخله إن "قطاع الصحة يعيش وضعا مأساويا، وما يجري في أكادير إذلال للكرامة الانسانية في ظل غياب الضمير المهني والرقابة القضائية ليصير مستقبل الضحايا غامضا". ودعا السلامي إلى "تقوية القدرات الترافعية وتأطير الأشكال الاحتجاجية للمواطنين الضحايا بالجهة دفاعا عن حق الجميع في الصحة".