.... أيا كانت وجهات النظر والاتجاهات التي تكونها الجماعات والحركات الاحتجاجية داخل المغرب حول تفجيرات مقهى أركانة بمراكش ، وأيا ما كانت محاولات تغييرها وتوجيهها و التأثير فيها من قبل صناع القرار داخل المغرب، أو حتى تكوين رأي عام جديد - من قبل الحكومة المغربية نفسها- فإن ذلك لن يتم إلا عن طريق الإقناع بالحجة والدليل اللذان يتطلبان التواصل بكل ما يستلزمه من مناقشة فعالة لمختلف الآراء والمواقف التي يمكن أن تدفع بمرتكبي هذا العمل الإرهابي الشنيع إلى ارتكابه وفحصها ، ونقد الأفكار المعارضة مع الاستعداد لتقبل الاختلاف وقبوله إن ثبتت صحته ونجاعته من قبل من سولت لهم أنفسهم قراءة الحادث من منظور يخالف ما تروج له الوسائل الإعلامية . إن فرض الآراء و الأفكار والروايات عن طريق القهر و الخطابات السائسة الرأسية ، ومطالبة الشعب باعتناقها والأخذ بها بغير اقتناع منه لا يعني أبدا صناعة رأي عام بأي وجه من الوجوه ، أي إن حرية التعبير و حرية إبداء الرأي هي الضامن لذلك ، والأساس الذي يقوم عليه الاتجاه العام في المجتمع الذي تتفاعل كل أطيافه التفاعل الإيجابي الباني لا السائس المسيس.إذ لا يمكن تحقق هذا الأمر بوجود إعلام مكبل باتجاهات و آراء النظم السياسية ،فالمسؤولية الكبرى لتغيير هذا الواقع الضبابي بخصوص الأعمال الإرهابية ملقاة على عاتق النظم السياسية نفسها ،ومن يقودها ،فهي التي بإمكانها إتاحة درجة أكبر من الصدق وحرية التعبير عن مرتكبي هذا الجرم داخل المؤسسات الإعلامية ، هاته الأخيرة أقرب إلى أن تكون أداة للتعبير عن الرأي العام والدفاع عنه ،ولو اقتضى الأمر مواجهة السلطة نفسها ،إذا أرادت أن تتخذ قرارات بمفردها لا تتماشى و وجهات نظر المحتجين والحركيين بالأساس. إذ أن هناك من يروج أن هذا الإرهاب ما كان ليكون لولا تزايد وتصاعد مطالب من يلقبون أنفسهم بالحركات.وذلك بغية نسف هذه الحركات واقتلاعها من جذورها. إن المتأمل في المشهد الإعلامي المغربي لن يجد إلا قرارات تصنع مركزيا و تفرض على الجماهير دون اعتداد بتصوراتها الجماعية الواعية وغير الواعية بخصوص ما تُخدر به من قبل وسائل الإعلام بالقهر المفضي إلى اغتصاب الجماهير... فإذا كانت ثمة حالات دعيت فيها الحركات إلى المشاركة في صنع هذه القرارات ، فقد كان ذلك بقصد التأييد و المساندة لا غير .إذ لا استغراب في وصف ديمقراطية بلدنا بأنها ديمقراطية التأييد والاغتصاب و ليست ديمقراطية التنزه والتجرد . إن هذا الوضع يلزم القيادات السياسية أن تعبأ بالتغذيات الراجعة لحركات الجماهير الاحتجاجية بخصوص ما تتخذه من سياسات و قرارات تمررها عن طريق الإعلام ، فالدولة العصرية و الديمقراطية حقا، هي التي تشرك الفرد في قراراتها . و لا تجعله مجرد مضف للشرعية عليها بتأييده لها أو ناصرا إياها بصمته أو تحفظه أو خوفه منها ،وبالأحرى الخوف من معاكسة التيار التضليلي الذي يجتاح كل واقف أمامه ... هذا البريد محمى من المتطفلين. تحتاج إلى تشغيل الجافا سكريبت لمشاهدته.