11 فبراير, 2016 - 06:37:00 صادق المجلس الوزاري الذي ترأسه الملك محمد السادس، بالعيون على مشروع القانون التنظيمي المتعلق بمجلس الوصاية، الذي يحدد كيفية وقواعد سير هذا المجلس، بناء على أحكام الفصل 44 من الدستور، الذي خول لمجلس الوصاية العمل كهيئة استشارية بجانب الملك الغير البالغ، حتى يدرك تمام السنة العشرين من عمره، ويمارس اختصاصات العرش وحقوقه الدستورية، باستثناء ما يتعلق منها بمراجعة الدستور. دستور 2011، نص على أن المجلس، يباشر كل اختصاصات الملك ما عدا المراجعة الدستورية، بينما ألحق مشروع القانون التنظيمي تفصيلا جديدا، لا يحق لمجلس الوصاية بموجبه، "المراجعة الدستورية، واختصاصات وامتيازات المملك التي يمنحها له الدستور"، وفق ما أشار له تقرير ل"وكالة المغرب العربي". ويرأس مجلس الوصاية، رئيس المحكمة الدستورية، ويضم رئيس الحكومة، ورئيس مجلس النواب، ورئيس مجلس المستشارين، والرئيس المنتدب ل"المجلس الأعلى للسلطة القضائية"، والأمين العام ل"المجلس العلمي الأعلى"، بالإضافة إلى عشر شخصيات يعينهم الملك بمحض اختياره. ضبابية تحتاج إلى تدقيق لكن مشروع القانون المنظم لمجلس الوصاية، تسوده بعض الضبابية، التي تحتاج التدقيق، حسب تقرير لمجلة "تيل كيل"، التي كشفت عن تناقضات بين مكونات المجلس واختصاصاته، بحيث يحق للمجلس تعيين رئيس حكومة جديد، في الوقت الذي يفترض في تركيبته وجود رئيس حكومة ممارس لمهامه، وهو ما تفسره "تيل كيل" بأنه بإمكان رئيس الحكومة إبعاد منافسه. تفسير هذا الغموض، نجده في تقرير آخر لمجلة "جون أفريك"، تقول فيه على لسان مصطفى السحيمي، أستاذ القانون الدستوري ، "إن هذا التناقض لا يشكل أي مشكلة، مادام سيتخذ المجلس قراره في تعيين رئيس الحكومة بعد الانتخاب". أوجه الغموض تتضح أيضا، في صفة "التمثيلية"، هل يتحمل مسؤوليتها مجموع أعضاء المجلس أم وحده رئيس المجلس، يحق له تمثيله في رئاسة المجلس الأعلى للعلماء، و إدارة الجيش مثلا؟ وكذلك بالنسبة للأعضاء العشر الذي يعينهم الملك، إذ جرت العادة أن تظل لائحة الأسماء التي يعينها الملك سرية، ليظل السؤال، هل سيعلن الملك عن لائحة الأسماء التي سيعينها بالمجلس هذه المرة؟ بالعودة إلى تاريخ المغرب، يفيد تقرير "جون أفريك"، أن دستور 1977 كان أول من نص على وجود مجلس للوصاية، ومنذ ذلك الحين حافظت الملكية على استمرارها. أما أول سلطان علوي خضع للوصاية، فحصل ذلك في عهد مولاي عبد العزيز الذي أٌعلن سلطانا عام 1894 عن سن يناهز 14 سنة، لكن لم يباشر مهامه كسلطان إلا بعد وفاة الوصي عليه با حماد في 1900، الذي ورّث الملك الشاب وضعية أكثر اضطرابا من التي تركها والده، وفي عهد الملك الوارث الذي لم تكن له (كاريزمة) قائد دولة، ازداد تأزم الوضع بالمغرب أكثر مما أدى إلى فرض الحماية عليه. وبتأسيس مجلس وصاية متعدد الأعضاء، استطاعت الملكية بالمغرب الاتعاظ من دروس الماضي، والحفاظ على طبيعة الحكم الوراثي واستمرار الملكية. لغز يصعب نفسيرة بالعودة إلى اختصاصات المجلس، تساءلت "جون أفريك"، عن كيف يمكن تفسير حقيقة انه لا يمكن لمجلس الوصاية، ممارسة "الامتيازات والاختصاصات المخولة للملك بموجب النصوص التشريعية"، التي جاء بها مشروع القانون التنظيمي، وهو ما اعتبره محللون سياسيون "لغزا لا يمكن تفسيره إلا بعد تعميم القانون التنظيمي". من جهة أخرى، يضيف المصدر ذاته، يجب إضافة توضيح فيما يتعلق بممارية السلطة العسكرية المخولة لمجلس الوصاية، إذ يكتسي رئيس المجلس صفة القائد الأعلى للقوات المسلحة الملكية، رمزيا. ولا يحق لرئيس المجلس إعلان الحرب أو الزج بالبلاد في حروب أو إصدار مراسيم من شأنها إلحاق تغييرات بالجيش، ويقتصر دوره أي على تصريف الأعمال الإدارية للمؤسسة العسكرية. وفيما يخص السن التي تسمح للملك الغير البالغ بتسلم العرش، جاء في تقرير المجلة الصادر في باريس، انه منذ دستور 1962، تم تحديد سن البلوغ في 18 سنة، إلى غاية المراجعة الدستورية في 23 ماي 1980، حيث حددها الحسن الثاني في 16 سنة، وابنه محمد السادس لم يحكم إلا بعد وفاة والده وكان يبلغ من العمر 36 سنة عند توليه الملك، وبالتالي لم يكن مجلس الوصاية ليفيد في شيء، خصوصا بعد استبعاد الحسن الثانى كل معارضيه، ولاسيما بعد وفاة شقيقة الذر الوحيد مولاى عبد الله، الذي جرده قيد حياته (توفي مولاي عبد الله عام 1981) من صفة رئيس مجلس وصاية ومنحه إلى رئيس المحكمة العليا. وباعتماد دستور 2011، أصبح سن البلوغ مرة أخرى هو 18 سنة، مع إضافة مستجد 'إلى غاية سن 20، يظل الملك الشاب مدعوما بأوصيائه بصفة استشارية" "إمارة المؤمنين" دون سن البلوغ وصاية المجلس على الملك الغير البالغ، لا يعني أنه لا يملك أي سلطة، توضح "جون أفريك"، الملك المستقبلي يرث صفة أمير المؤمنين، ويقول السحيمي في هذا الصدد، "ربما نجد صعوبة في تقبل فكرة أن طفلا يقود صلاة الجمعة او المجالس الدينية في رمضان، لكن يجب معرفة أن صفة أمير المؤمنين، لا تأخذ مشروعيتها من الدستور، ولكن من البيعة". بالنسبة للملكية العلوية التي تستمد مشروعيتها من النسب إلى النبي محمد، البيعة إرث متعلق بالسلالة الحاكمة لا تقبل المنازعة، وهذا ما يفسّر عدم تنازل الملك عن هذا التقليد، بالرغم من الاحتجاجات المتعددة من اجل إلغاء حفل البيعة، لسبب بسيط، كون البيعة جوهر الشرعية الدينية للحكم، على حد ما جاء في تحليل المجلة الفرنسية.