تينغير سعيد الجيراري 19 يناير, 2016 - 11:20:00 تعد صناعة الكير (الرابوز) في بلدة تنغير من أقدم الحرف اليدوية التي تفنن أصاحبها في زخرفتها والحفاظ عليها، لكنها اليوم تواجه الاندثار مع انقراض رواد صناعتها، وعزوف الجيل الجديد عن تعملها. في السوق القديم بتينغير، بقي وحيدا، بعدما توقفت عشرات المحلات الصغيرة التي كانت متخصصة في صناعة هذه المنافيخ اليدوية عن العمل، في تجربته التي امتدت لأكثر من 32 عاما. وقال حسن عطوشي لموقع "لكم" إن هاته الحرفة معرضة للاندثار بسبب أجهزة الطهي الغازية والكهربائية الحديثة، وعزوف الشباب عن تعلمها، فضلا عن أن النسوة قلما يهتمن في بيوتهن بهاته الآلة التي تكنى "الرابوز" لدى أهالي المنطقة. وتنشط تجارة الكير في المناسبات والأعياد، حيث يرتفع الإقبال عليها، مما اضطره بمعية 14 حرفيا فقط ممن يمارسون هاته الصناعة يبدعون في صناعة منافيخ، تتوسطها ساعات أو تحمل إسم "تينغير" أو "صور مضايق تودغى العالمية" بالبلدة. وصار عطوشي، يصنع منافيخ، عبارة عن تذكارات، يقبل عليها السياح المغاربة والأجانب، بحسب تعبيره. والمنفاخ، يستعمل في البيت لنفخ وإيقاد الفحم، حتى يصير الأخير جاهزا للاستعمالات المتعددة. وتختلف المنافيخ، بحسب الحجم، منها الصغير الذي لا يتعدى ثمنه 20 درهما إلى الكبير الذي يصل ثمنه إلى ألف درهم. ويروي حطوش مراحل تصنيع المنفاخ قائلا: "إنها تتطلب تفاعل حرف مختلفة فيما بينها، منها النجارة والحدادة والخياطة والدباغة". وأولى هذا المراحل، تبدأ بصنع القالب الذي يُصنع من أنواع مختلفة من الأخشاب ليأخذ شكلا شبه دائري في جزئين متطابقين، وفي مقدمته يتم فتح فوهة ليتبث فيه أنبوب حديدي يصنع من مواد محلية يسهل خروج الريح أثناء عملية النفخ. وفي المرحلة الثانية، يتم تتبيث غصنين من أغصان الزيتون على شكل نصف دائري في نصف اللوحة الخشبية، ليغلفا بالجلد الجيد، ويتم فيما بعد إطباق الجزء الثاني من اللوحة الخشبية بإحكام باستعمال المسامير والدبابيس. ويحرص عطوشي على أن لا يترك فراغا لخروج الريح، حتى يؤدي المنفاخ وظيفته الذي رصدت من أجله. بعد إحكام شكل المنفاخ والتأكد من خروج الريح من فوهته، يشرع المعلم عطوش، في صباغته خارجيا، وغالبا ما يتم باللون الأحمر المعروف لدى أهالي تينغير، والمميز لمنتوج المنطقة الذي صار معروفا في المغرب بجودته وحرفيته. يصنع حطوش، وفق الطلب، 7 منافيخ صغيرة و 3 متوسطة الحجم للاستعمالات المنزلية يوميا، فيما يتطلب صنع المنفاخ الكبير في محله الصغير يومين إلى ثلاثة أيام. يأسف حطوش لحال هاته الحرفة، التي تعلمها من والده، فيقول: تصارع صناعة المنافيخ من أجل البقاء ونصارع معها من أجل لقمة العيش، في غياب حوافز ومجمع للصناعة التقليدية يقي الحرفة من الاندثار.