قال المنصف المرزوقي الرئيس التونسي الأسبق إن المغاربة هم الشعب العربي الوحيد الذي يتظاهر منذ شهورا دعما للشعب الفلسطيني في غزة. وأوضح المرزوقي خلال مشاركته أمس الجمعة، عبر تقنية الفيديو في أشغال الجامعة الربيعية "لفدرالية اليسار الديمقراطي"، الممتدة على مدى ثلاثة أيام بالجديدة، أنه لا يمكن الحديث عن الديمقراطية ولا الشعوب العربية ولا الثروات المضادة دون الرجوع إلى غزة لأنها اليوم بيت القصيد.
وأضاف " قليل من يعرف أن المأساة التي تعيشها غزة هي آخر تبعات تصفية الربيع العربي، لأنه ليس هناك ربط واضح في أذهان الناس بين فشل وإفشال الربيع العربي وما يحدث في غزة". وتابع " تصوروا لو أن محمد مرسي كان اليوم هو الذي يحكم مصر أو أي زعيم ديمقراطي أنتجته الانتخابات، فهل كانت هذه المأساة تحصل؟ طبعا لا". وأكد المرزوقي أن مأساة غزة بدأت بالأساس بالثورات المضادة في مصر والإتيان بالجنرال عبد الفتاح السيسي الذي أحكم الحصار غزة، لأنه عندما نتذكر الحصار دائما نذكر إسرائيل لكن في الواقع الحصار على غزة يشارك فيه أيضا النظام المصري. واعتبر أن نجاح الثورة المضادة في مصر وخنق غزة هو الذي أوصل للنتيجة التي نعيشها اليوم، لذلك ما نراه اليوم هو أحد تبعات إفشال الربيع العربي. وتحدث المرزوقي أيضا عن ما يقع في سوريا، مشيرا أن يشكل مواصلة الثورة التي أجهضت والتي انتصرت اليوم، وبالتالي فإن مسار الثورة في سوريا لازال متواصلا، ومازال مستمرا أيضا في السودان فمن وراء ما يحدث حاليا في السودان؟. وسجل أن الدولة "الشريرة" التي تسمى الإمارات هي التي تغذي الثروات المضادة في إطار تصفيتها للربيع العربي، حيث تدخلت في مصر بانقلاب وفي تونس بالمال الفاسد، وفي ليبيا بالتخريب ونفس الشيء الآن مع السودان. وأكد المرزوقي أن معركة الربيع العربي مازالت متواصلة ونحن الآن في خضم هذه المعركة التي يظنها البعض أنها انتهت، لأن من أدى إلى انفجار العالم العربي، هو أزمة الدولة، وأزمة المجتمع وأزمة الطبقة السياسية، وهذه الأزمات لم تنتهي بعد. وأوضح أن أزمة الدولة التي ورثناها عن الاستعمار مركبة لأنها مرتبطة بالاستبداد والفساد، ولو كان هناك استبداد على الطريقة الصينية أو حسب نموذج سنغافورة، يعني تحقيق التنمية وكرامة الإنسان كان ممكن أن نتفهم، ودليل ذلك أن بلدان مثل ليبيا والجزائر كانت لها كل الإمكانيات كي تكون بلدان متقدمة وغنية، والعراق كذلك لكن الاستبداد الفاسد هو الذي دمر آمال الشعوب. وأشار المرزوقي أنه كان دائما يقول إن الديمقراطية في تونس لا يمكنها أن تحل المشاكل الاجتماعية والاقتصادية، لأن تونس دولة صغير بموارد محدودة لذلك كانت دعواته دائما من أجل فضاء عربي ومغاربي وتكتلات اقتصادية، مشددا على أن الدول الاستبدادية لا تتحد بل تتحارب فيما بينها. وأبرز أنه لا طالما ليست هناك دول ديمقراطية في منطقة المغرب الكبير فلا يمكن لأن نحلم بأي اتحاد، لأن الديكتاتوريات لا تتحد بل تتحارب فيما بينها وهذا ما نراه اليوم. وتحدث المرزوقي أيضا عن أزمة المجتمع العربي، مشيرا أن الطبقة المتوسطة في العالم العربي تطالب بالحرية لكن فئة واسعة من مجتمعاتنا تعاني من الخصاص والفقر بشكل كبير وبالتالي لا يمكن المراهنة عليها لأنها غير مهتمة في الأصل بفكرة الديمقراطية. وأشار أن الشقاق بين " العلمانيين" و"الإسلاميين" أنهك العالم العربي وأدخله في متاهات كبيرة وأحدث شرخا عميقا داخل مجتمعاتنا، والذي كان أحد أسباب تخريب الثورة في تونس.