انتقد أحمد البوكيلي، الأستاذ المتخصص في الفكر الإسلامي، تحول النقاش حول إصلاح المدونة إلى صراع إيديولوجي بعيد عن جوهر القضية، معتبرًا أن بعض الخطابات السياسية تحاول الركوب على الدين لتحقيق مكاسب معينة. وخلال ندوة نظمتها الفيدرالية الوطنية للمرأة التجمعية، السبت 08 فبراير الحالي بالرباط، أوضح البوكيلي أن "المغرب يتميز عبر تاريخه بقراءة مقاصدية متزنة، بعيدًا عن التطرف والانغلاق". وشدد المتحدث على ضرورة بناء فكر قانوني وثقافي مغربي أصيل، يُغني المواطنين عن التأثر بالنقاشات الخارجية، مشيرًا إلى أن مراجعة المدونة ليست محل خلاف، بل ضرورة مجتمعية تتماشى مع التطور الطبيعي للعقلية المغربية.
وأشار البوكيلي إلى أن الملك محمد السادس قام بإحالة ملف الإصلاح على مؤسسة العلماء، باعتبارها الجهة الدستورية المخولة بالاجتهاد الشرعي. وأضاف أن هذا النهج يعكس احترام التقاليد المغربية القائمة على الاعتدال والوسطية. وأكد أن هذه المقاربة تعكس احترام الخصوصية المغربية وترسّخ التوازن بين الهوية الدينية والثقافية للبلاد ومتطلبات التطور المجتمعي. وانتقد البوكيلي بشدة محاولات بعض الخطابات السياسية الركوب على الدين واستغلاله في معركة إصلاح مدونة الأسرة، معتبرًا أن هذه الممارسات تضر بالنقاش المجتمعي وتساهم في تشويه الرؤية حول الإصلاحات المنشودة. وأوضح أن بعض التيارات تحاول فرض رؤى معينة لا تنسجم مع الخصوصية المغربية، مؤكدًا أن المغرب يتميز عبر تاريخه بقراءة مقاصدية مرنة للشريعة الإسلامية، تتسم بالاعتدال والوسطية، وهو ما يجعل من إصلاح مدونة الأسرة ضرورة مجتمعية ينبغي أن تتماشى مع التغيرات التي يشهدها المجتمع المغربي. وقال إن تحويل النقاش إلى صراع إيديولوجي يجعل منه أحيانًا أقرب إلى الجدل الكاريكاتوري، مما يؤثر على الوعي الجماعي للمجتمع ويساهم في ترسيب أنماط فكرية غير منتجة. واعتبر أن التحدي الأكبر يتمثل في بناء ثقافة قانونية وفكرية مغربية أصيلة، تقوم على الاعتزاز بالانتماء إلى الهوية المغربية، بعيدًا عن التأثيرات الخارجية التي قد لا تتلاءم مع السياق المحلي. وأضاف أن المغاربة يجب أن يكونوا مطمئنين لمسار إصلاح مدونة الأسرة، باعتباره جزءًا من التطور الطبيعي للمجتمع، وليس موضوعًا للصراعات الإيديولوجية والسياسية. وأكد أن المراجعة تأتي استجابة لحاجات مجتمعية متجددة، وينبغي أن يتم التعاطي معها بعقلانية ونضج، بعيدًا عن الاستقطابات التي قد تعيق تحقيق الأهداف المرجوة.