في هذا وجهة نظر ألمانية تحاول أن تشرح لماذا يتدفق آلاف اللاجئين في الوقت الراهن نحو أوروبا. وجخة النظر هذه عبارة عن مقال من إعداد صحفيين ألمانيين هما ماتياس غيباور ورانيا سالوم، نشر بمجلة "شبيغل أونلاين" الألمانية. وفي يستعرض الصحافيان عدة أسباب وفرضيات تحاول أن تشرح ه\ا التدفق الكبير للاجئين، وتفضيل غالبيتهم للتوجه إلى المانيا. ترجمة بوعمرو العسراوي في كل شهر يتم تسجيل أرقام قياسية جديدة فيما يخص أعداد اللاجئين القادمين نحو أوروبا، لماذا يسلك كثيرون هذا الطريق في الوقت الراهن؟ هناك أسباب عدة تقف في خلفية توالي كل هذه الأحداث.. خلال هذا الأسبوع تزايد عدد السوريين المتواجدين أمام بوابة السفارة الألمانية في لبنان، السفارة تقوم أيضا بالأعمال الخاصة بسوريا. الغالبية من السوريين جاؤوا في سفر مباشرة من بلدهم إلى سفارة ألمانيا بعد أن دفعوا في سبيل ذلك مئات من الدولارات، ولكي يحجزوا أيضا لفائدة أسرهم الليالي الضرورية في فنادق بلبنان، فمن دون هذه الحجوزات لايسمح لهم أبدا المراقبون اللبنانيون على الحدود بالدخول .. سبب هذا التدفق البشري غير المسبوق هو إشاعة انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي مثل انتشار النار في الهشيم تقول إن ألمانيا سوف ترسل بواخر عبور لتسفير سوريين مباشرة من لبان وتركيا نحو أوروبا، بيد أن الأمر لم يكن سوى فرقعة في الهواء، ومن تمة واحدا من الأسباب التي جعلت كثيرين يشدون في الوقت الراهن الرحال في الطريق إلى أوروبا، إلى ذلك تنتصب أسباب أخرى وراء هذا التدفق البشري وهي: - فصل الصيف: في مثل هذه الشهور من الصيف يكون البحر المتوسط أكثر هدوءا، ما يجعل السفر بالتالي تقريبا من دون خطورة، وهذا ينطبق أيضا على السفريات البعيدة عبر دول البلقان حيث يظطر الهاربون للنوم غالبا في الهواء الطلق، حاليا الأمر سهل أكثر ودرجة الخطورة أقل مقارنة بفصل الشتاء.. - الخدمة العسكرية: يهرب كثير من الرجال الشباب في سورياوالعراق من بلدانهم لأن موجة العنف الدائرة هناك تفرض عليهم أن يكونوا حطبا في نار الحرب المستعرة، والحال هاته فإن نظام الأسد في سوريا يطاردهم بشراسة أكبر أمام مغادرة كثير من "المحاربين" للبلد، كما أن مليشيات أخرى ترفع أيضا من ضغوطاتها مثل ما يحصل في المناطق السورية الكردية، حيث لجأ تنظيم " وحدات حماية الشعب" الكردي الموالي لحزب العمال الكردستاني إلى إقرار إجبارية الخدمة العسكرية على الرجال.. - تقدم الجهاديين: في منطقة حمص السورية تسجل "الدولة الإسلامية" تقدما أكبر، هناك حيث يعيش كثير من السوريين المنتمين لأقليات دينية، كثيرون منهم فقدوا الأمل في المستقبل داخل بلدهم وبالتالي فهم يراهنون على الانعتاق من خلال الرحيل مباشرة نحو أوروبا عوض الهروب بداخل سوريا.. - غياب الأفق: هو الأهم بين الأسباب، فمنذ سنوات وطاحونة العنف والقتل تدور رحاها في سورياوالعراق، وبذلك توقفت دورة حياة كثيرين أوأصيبت بالجمود، فأصبح هؤلاء لا يغادرون بيوتهم خوفا من الوقوع في الاشتباكات، ولايذهبون إلى العمل أو المدرسة والجامعة، وصار كل شئ حولهم أكثر غلاء يلتهم مدخراتهم في أجواء حرب تشدد الخناق حول أعناقهم أكثر فأكثر، وكل شئ يسير نحو الأسوء، من دون أن تلوح نهاية في الأفق.. - مفعول الحلقة: الإحساس بفقدان الأمل صار هو السائد في البلد، بينما يرى الناس في شبكات التواصل الاجتماعي صورا مرحة، ويسمعون أخبار من أصدقاء وأقارب هربوا في وقت سابق إلى أوروبا وبلغوا أراضيها، ما يجعل المتبقين يعقدون كل آمالهم على شد الرحال إلى بعيد، بل وصار أيضا مفعول الحلقة يسري عبر بلدان: فالعراقيون يرون كيف وجد السوريون طريقا إلى أوروبا فيسافرون ورائهم، كما رأى البعض الآخر أن حظه قد لاح : شباب إيرانيون، أفغان وباكستانيون يتنقلون في رحلات إلى تركيا وينظمون من تمة لباقي الحلقة.. - الوسطاء والمهربون: بعض مراحل الطريق إلى أوروبا لايتسنى قطعها بدون وسطاء أو مهربين، وأجواء الحروب في العراقوسوريا، وهي بلدان بها طبقة متوسطة مهمة، خلقت طلبا كبيرا وأدخلت الكثير من المال في اللعبة، فاقتحمت بذلك العصابات الإجرامية الكبيرة السوق وجعلت "احترافيته" في تصاعد، فهم يقدمون "باقة من العروض" على مواقع التواصل الاجتماعي بات معها كل واحد بإمكانه القدوم نحو أوروبا ما دام يحمل معه المال الكافي، كما يطلق المهربون أنفسهم أحيانا حرارة في هذه العروض وغالبا ما تكون عروضا خاصة، مثل أن كل شخص استقطب خمسة آخرين إلى رحلة السفر بإمكانه الركوب بالمجان، أو يتم نشر "إشاعات مدروسة" لجذب الناس.. وإشاعة " وضع ألمانيا لبواخر عبور"، التي جذبت حشودا من السوريين نحو بوابة السفارة الألمانية في لبنان أو إلى تركيا، تم إطلاقها هكذا عن قصد، وهو ما جعل وزارة الخارجية الألمانية تذهب في الاعتقاد في وقوف مهربين وراء الأمر، فجاء منها رد فعل وبسرعة إذ نشرت على الموقع الإلكتروني لسفارات ألمانيا في لبان وتركيا والمملكة العربية السعودية، البلدان التي يتواجد بها الكثير من السوريين، وبلغة عربية واضحة تقول إنها مجرد كذبة كبيرة رمى بها مهربون هكذا في وجه العالم، " المهربون مجرمون وسيبقون دائما مجرمين" يقول رد السفاراة الألمانية ثم يضيف " مصلحتهم الوحيدة هي المتاجرة بحياة اللاجئين..".