بعد تصريحاته ضد الهجمات السيبرانية.. هاكرز يسرّبون معطيات شخصية تنسب للناطق الرسمي باسم الحكومة    الحكومة تصادق على تعيينات جديدة في مناصب عليا    بموجب مرسوم جديد.. تفعيل نظام الدعم الخاص للمقاولات الصغرى والمتوسطة    حقائق بخصوص عمليات استيراد الأبقار والأغنام وتداعياتها السياسية والمالية    أكثر من نصف الأمريكيين ينظرون سلبيا لإسرائيل.. استطلاع جديد يكشف تداعيات حرب غزة    أمانديس تحتفي بأطفال التوحد في يومهم العالمي وتعزز التماسك الاجتماعي    شركة Balearia تعلن موعد إطلاق بيع التذاكر لخطها البحري الجديد بين طريفة وطنجة المدينة    الصحافة والثقافة    الدولار يواصل الهبوط والذهب يرتفع    تصنيف ميليشيات "البوليساريو" جماعة إرهابية .. خطوة أمريكية تلوح في الأفق    سيارة مشبوهة تقود لاكتشاف كمية هامة من المخدرات بالقنيطرة    رصاصة شرطي تقتل جانحا بالقنيطرة    "صحة" الشهادة الطبية الممنوحة ل"قائد تمارة" تثير جدلا داخل المحكمة        الحكومة: الهجوم السيبيراني فعل إجرامي تقف وراءه جهات معادية أزعجتها الانتصارات الدبلوماسية للمغرب    بعد اتهامها بنسف لجنة التقصي حول "دعم المواشي".. الحكومة تؤكد أن اختيار الآليات الرقابية اختصاص البرلمانيين    الأمير مولاي رشيد يزور ضريح المولى إدريس الأزهر بمناسبة حفل ختان الأميرين مولاي أحمد ومولاي عبد السلام    أمطار قوية تصل إلى 70 ملم مرتقبة بعدد من الأقاليم الجمعة والسبت    بميزانية مليار درهم.. المغرب يطلق برنامجا لدعم البحث العلمي والابتكار    مسؤول إسباني .. التقارب الثقافي وسيلة ممتازة لتعزيز العلاقات المغربية الإسبانية    الدار البيضاء تحتضن الدورة الثانية من المسابقة المغربية لأفضل أصوات الكورال العربي        أسود الفوتسال يكتسحون الصين بثمانية أهداف ويحافظون على الصدارة الإفريقية في تصنيف الفيفا    توقعات أحوال الطقس غدا الجمعة    السلطات الصحية بجنوب إسبانيا تتأهب لمواجهة "بوحمرون" القادم من شمال المغرب    تحليل | لماذا فرض ترامب على المغرب رسوما جمركية أقل من الجزائر؟    طنجة تحتضن الدورة الأولى لمهرجان فيوجن المغرب 2025    باختياره المغرب ضيف شرف، يحتفي مهرجان باريس للكتاب ب "قوة" و"حيوية" المشهد الأدبي والنشر في المملكة (رشيدة داتي)    لإطلاق تراخيص البناء.. الموافقة على تحديد مدارات 56 دوارًا بإقليم الفحص-أنجرة    لقاءات مغربية-ألمانية في برلين حول فرص الاستثمار في المغرب    المغرب والفليبين يحتفلان بنصف قرن من العلاقات الدبلوماسية    دعوات نقابية لإنهاء شراكة مكتب التكوين المهني مع "مايكروسوفت" بسبب دعمها الاحتلال الإسرائيلي    نهضة بركان يتأهل إلى نصف نهائي كأس الكنفدرالية الإفريقية    فليك سعيد برباعية دورتموند ويحذر لاعبيه من التخاذل إيابا    ماكرون: فرنسا قد تعترف بدولة فلسطينية في يونيو    مرشح ترامب لرئاسة وكالة "ناسا" يعطي الأولوية للمريخ        "الهاكا" تلزم "دوزيم" ببث الأذان صوتيًا    مظاهرة حاشدة أمام السفارة الجزائرية في باماكو        توقيع اتفاقية شراكة بين الجامعة الملكية المغربية للشطرنج والأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة الدرالبيضاء سطات    ليفربول يتقدم في التفاوض مع صلاح    شباب قسنطينة: مواجهة بركان صعبة    "العدل الدولية" تنظر اليوم في شكوى السودان ضد الإمارات بتهمة "التواطؤ في إبادة جماعية"    مصطفى لغتيري يثري أدب الصحراء    المغرب يحفز نقاشات أكاديميين أفارقة وأمريكيين حول "آداب الاغتراب"    النفط يواصل التراجع مع تصاعد الحرب التجارية بين الصين وأمريكا    1000 جندي احتياط في سلاح الجو الإسرائيلي يطالبون بوقف الحرب على غزة    جوني تو: تأثير السينما يلامس المجتمع.. والجنوب يحتاج "توافقا ثقافيا"    سلطات مليلية تحتجز كلب "مسعور" تسلل من بوابة بني انصار    آيت الطالب يقارب "السيادة الصحية"    تقليل الألم وزيادة الفعالية.. تقنية البلورات الدوائية تبشر بعصر جديد للعلاجات طويلة الأمد    دراسة: أدوية الاكتئاب تزيد مخاطر الوفاة بالنوبات القلبية    العيد: بين الألم والأمل دعوة للسلام والتسامح    أجواء روحانية في صلاة العيد بالعيون    طواسينُ الخير    تعرف على كيفية أداء صلاة العيد ووقتها الشرعي حسب الهدي النبوي    الكسوف الجزئي يحجب أشعة الشمس بنسبة تقل عن 18% في المغرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مائتا يوم عن مجزرة غزة: زمن غير الزمان
نشر في لكم يوم 03 - 05 - 2024

هكذا مرَّت مائتا يوم،على بداية إحدى أشواط المواجهة القديمة/الجديدة؛وكذا الجديدة التي لن تغدو قط قديمة،تتَّسع الفترة الزمنية شهرا بعد شهر،وكأنَّها سرديات تتعلَّق بحكاية فريق سينمائي حطَّ الرحيل لتصوير سيناريو فيلم،فاشتغل خلال تلك المدَّة على تصوير مشاهد تمثيلية حربية أو تستعيد حيثيات كارثة جغرافية مسحت مكانا آهلا سلفا بالبشر ومغمورا بالحياة،وأضحى مجرد أثر بعد عين.
قلت فريقا سينمائيا،كناية عن الحلم،مادمت أتمنى الاستمرار في غفوة نومي تحت وطأة هذا الكابوس اللامتخيَّل حقيقة،حتى لاأكتشف بمجرد الاستيقاظ،بأنَّه معطى للأسف ليس كذلك،بل موصول بجريمة واقعية متكاملة المعالم واضحة الدلائل تتوالى فصولها واقعيا ضمن أبعاد الزمكان الهندسي خلال القرن الواحد والعشرين،تبعا لكل تجارب آليات منظومات الإجرام التي بلغها مدى العقل الشرِّير،وسط عالم يدعى حديثا،في قلب المدينة المعاصرة،ضمن مسار المدنية المتحضِّرة،أمام تبصُّر وبصيرة مختلف مؤسَّسات الحكمة البشرية.
مائتا يوم،شكَّلت ساعاتها إبادة محكمة الصُّنع في حقِّ الفلسطينيين،عفوا اقتلاعا لجذور الإنسان وكنه الإنسانية وماتبقى للإنسان كي يظلَّ سيِّدا على نفسه.رقم جليٌّ في ذاته،ربما بدا خفيفا على اللسان،يجري مجرى اللُّعاب،لأنَّه يبقى رقما في نهاية المطاف مثلما يقال،لكن دلالة المائتين الواردة في هذا السياق ليست قط كذلك،نتيجة إحالتها المباشرة على ماكينة موت شرس لم تتوقَّف أبدا رحاها،وتجسيد للفطرية الحيوانية وفق أبشع مظاهرها،لذلك يعتبر حقا تعداد وحداته،أثقل ثقلا من حمولة صخرة سيزيف.
تراجيديا كبيرة حدثت منذ الثامن أكتوبر،غاية 23 أبريل(نيسان)،اليوم الذي أدركت معه جلسات احتفالات القتل يومها المائتين : 34ألف قتيل و77 ألف مصاب؛أغلبهم من الأطفال والنساء،على وجه التقريب مادامت النسبة غالبا أكثر بكثير.تعطُّل الطاقة الإنتاجية للمنشآت الاقتصادية في غزة؛بحيث ناهزت الأضرار المادية رقميا 30 مليار دولار.انهيار،مصادر الأنشطة الاقتصادية تحديدا مابين بين 90 و95.% تدمير منازل أكثر من مليون شخص، ونزوح 75% من السكان. يحتاج 11 ألف فلسطيني جريح،العلاج خارج القطاع الذي تدمَّر تقريبا.فيما يكابد 10 آلاف آخر آلام السرطان ويكتسحهم الموت كلّ آن.
لاشك،أنَّ مرتكزات الإطار العام لانتعاش أسباب هذه الجريمة،وتمدُّد شرايينها الدموية طيلة مائتي يوم،أمام أعين الإنسانية،نكاية بوجودها،تحقيرا لمختلف معانيها القائمة والممكنة،تنهل بكل أريحية من السَّقطات الكبرى الثلاث،التي ليست بالاكتشاف الجديد بل تعكس فقط مزيدا من تمادي الشرِّ بخصوص إفشاء مكنوناته الدفينة،ثم استفاض أكثر في سبيل الإبانة عن سوء طويَّته،ولم يعد يملك مايخجل منه :تضاعف مبتذل ومكشوف جدا لحربائية أمريكا،ازداد نفاق الغرب الأوروبي خبثا،استفحل السرطان الصهيوني تعفُّنا.
معركة بدأت يوم السابع من أكتوبر،في شكل مناوشة نوعية.صحيح،أنَّها ستثير لامحالة ردَّة فعل لدى الطرف الإسرائيلي،تزيد حتما عن وقع الأولى قليلا،لكن تجلِّي صبيب هول كل ذلك الحقد الأعمى من طرف زمرة أسياد العالم،نحو جماعة إنسانية مسالمة وصغيرة،لاتبتغي من العالم سوى إنصاف حقِّها واحترام هويتها،هكذا تساقطت تباعا آخر أقنعة الزيف نحو الفلسطينيين.
يحتفلون إبَّان فترات"الهدوء"،بشعارات أشبه بجرعات انتشاء،تكتفي بتداول عبارات عامة تدغدغ الأحاسيس دون استتباب استراتجية ملموسة ومتكاملة بخصوص مشكل معقَّد، وبصدد التعقُّد أكثر فأكثر،يقتضي عدالة سخية بما يكفي،فائضا من الحكمة،في خضمِّ شرط أولي وجوهري،يتمثَّل أولا وأخيرا،في تخلُّص أمريكا من جشعها الامبريالي،وامتثالها كالجميع إلى ضوابط القانون الدولي،حتى يغدو فعلا قانونا ناجعا،يحمي ماتبقى لهذا العالم، كي لايتحلَّل تماما دون أن يترك قط أثرا قابلا للذِّكر.
حتما،تطلُّع من هذا القبيل،يستمر قابعا عند ملكوت الأحلام المستحيلة التي يصعب تحققها،بين عشية وضحاها،سوى شريطة انهيار أمريكا نتيجة أسباب ذاتية تأتي مفصليا على أسس مرتكزاتها الاقتصادية والاجتماعية،غير هذا الافتراض،تواظب أمريكا على أن تكون ذات أمريكا مثلما ترسخت بين طيات ذاكرتنا،ونحن أطفال نتابع حكايات أفلام رعاة البقر.إمبراطورية تنتعش على العنف والإرهاب والتخريب.
تلزم إعادة التأكيد،غير مامرة،بأنَّ القضية الفلسطينية تتجاوز مختلف الأبعاد القومية والعرقية والدينية،نحو كونها قضية إنسانية بامتياز،اختزلت دائما مستويات الصراع الحضاري بين منظومة الشعوب،مقابل وجهات جماعات اللوبيات والمافيات الرأسمالية الربحية التي تراهن،دون هوادة،على حدَّي المال والنخاسة،لذلك مافتئت تنتقل بالعالم صوب هاوية الجحيم على جميع المستويات،وتحويل البشرية جمعاء إلى جحافل من المنبطحين الخاضعين حسِّيا ومعنويا إلى التسليع والاستهلاك؛بالتالي تجريد الكائن البشري من مضامين هويته السليمة والبنَّاءة.
أبانت الأطروحة الصهيونية،خلال المعركة الحالية،عن قوام تصورها لنسق العالم الذي تريده،تحديدا مبرِّرات العنف والدمار والفوضى.من بوسعه حقا تأويل مايجري،بكيفية أخرى غير ثالوث الإبادة الممنهجة : لاقانون، لاضمير، لاأخلاق؟فقط الكلمة الأخيرة للهمجية والبربرية والعمى الغريزي.
يتلصَّص زعماء العالم متوارين خلف حجاب نفاقهم المفضوح،يترقبون بشغف ضمني الانتهاء من الفلسطينيين وتقطيع أوصال كيانهم كما لو أنهم لم يوجدوا قط،بعدها تنطلق مخططات لبنات المشروع الجيو-سياسي الجديد حسب أهواء المنتصر الأمريكي-الإسرائيلي
لكن السؤال الذي يلحُّ إلحاحا،يقتضي شيئا من الحسِّ الإنساني الاستشرافي، بخصوص وَهْم المرور السَّلس صوب واقع المرحلة المتخيَّلة دون أدنى وخز للضمير،أو أقل إحساس بالإثم والذَّنب نحو مختلف محاكمات التفتيش المنتصبة مقصلتها في حق الفلسطينيين بشتى أبشع وأقذر وأعفن تجليات الحقد الأعمى.
إجمالا،هل بوسع المنطقة استعادة حياة طبيعية،وأجيال سويَّة ومتوازنة،نفسيا وذهنيا،قادرة فعلا على التعايش المأمول،بعد كل أشكال القسوة الفظيعة التي تعاينها البشرية يوميا ضمن سياق زمن غير الزمان،من خلال غزة ثم مابعد فلسطين،والقادم تبعا لكل المقدمات الواردة أكثر فظاعة وسوءا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.