قال البنك الدولي إن الجمع بين مستويات الفقر المرتفعة الموجودة مسبقا في غزة، والنزوح الداخلي واسع النطاق، وتدمير المنازل، والأصول الثابتة، والقدرة الإنتاجية، بالإضافة إلى الانكماش الاقتصادي الهائل، يعني من الناحية الواقعية أن كل سكان غزة تقريبا سيعيشون في فقر، على الأقل في المدى القصير. وأشارت مذكرة البنك الدولي حول تأثيرات الصراع في الشرق الأوسط على الاقتصاد الفلسطيني، أنه منذ بداية النزاع في أكتوبر 2023، "أدت الأعمال العدائية في قطاع غزة إلى خسائر فادحة في الأرواح. وكانت آثار النزاع على الاقتصاد الفلسطيني وخيمة مثل الخسائر في الأرواح، فضلا عن سرعة ومدى الأضرار." يقول البنك الدولي ووصفت المذكرة الأضرار التي لحقت بالأصول الثابتة وانخفاض تدفقات الإنتاج عبر الأراضي الفلسطينية بأنها "لا مثيل لها." وتوقع البنك الدولي أن يترك الصراع آثارا دائمة على السكان المتضررين في إسرائيل وغزةوالضفة الغربية، وتمتد إلى ما هو أبعد من أي تقييم اقتصادي. ووفقاً لمصادر الأممالمتحدة، فإن 40 بالمائة من جميع الوفيات الناجمة عن الصراع الحالي في الشرق الأوسط هم من الأطفال دون سن 18 عاما. وقد أدى الصراع إلى تفاقم الأزمة الإنسانية الموجودة مسبقا في غزة وزاد بشكل كبير من التحديات الاقتصادية والتنموية في كل من القطاعين؛ أي في غزةوالضفة الغربية. وقد نزح حوالي 1.7 مليون فلسطيني يعيشون في غزة (حوالي 75 بالمائة من إجمالي السكان في غزة) داخليا، في بعض الحالات عدة مرات، ويعاني جميع سكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة من نقص الغذاء والمياه والكهرباء والوقود والطب. وقدر خبراء البنك الدولي أن الصراع أدى إلى تدمير عشرات الآلاف من الوحدات السكنية، حيث أصبح أكثر من 1.2 مليون شخص بلا منازل حاليا. كما كان للنزاع تأثيره على القطاع الصحي، حيث أن ثلث مستشفيات غزة البالغ عددها 36 مستشفى فقط تعمل بشكل جزئي، في حين تم إغلاق الباقي بسبب الأضرار و/أو نقص إمدادات الكهرباء. منذ بداية الصراع، شهد الاقتصاد الفلسطيني واحدة من أكبر الصدمات المسجلة في التاريخ الاقتصادي الحديث. وفي غزة، انخفض الناتج المحلي الإجمالي بأكثر من 80 بالمائة في الربع الرابع من عام 2023؛ أي من حوالي 670 مليون دولار أمريكي في الربع الثالث إلى ما يقرب من 90 مليون دولار أمريكي في الربع الرابع. وتشير التقديرات إلى أن القطاع الخاص قد واجه خسائر في الإنتاج يبلغ مجموعها حوالي 1.5 مليار دولار أمريكي في الشهرين الأولين من الصراع، أو ما يقرب من 25 مليون دولار أمريكي يوميا. ويتجاوز التدهور الاقتصادي في الأراضي الفلسطينية بالفعل تأثير الصراعات في عامي 2008 و2012 أو 2014 أو 2021، وعلى مدى العقدين الماضيين، فهي متأخرة فقط عن الانتفاضة الثانية من حيث التأثير. وتتوقف التوقعات إلى حد كبير على شدة الصراع ومستوى القيود. فإذا ظلت حدة الصراع مرتفعة بعد الأشهر الأولى من عام 2024، أو إذا لم تتم إزالة القيود المفروضة على الحركة والوصول إلى الضفة الغربية، فقد يصبح الانكماش الاقتصادي أكثر وضوحا. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الغياب المطول أو الانخفاض الحاد في إيرادات المقاصة قد يدفع السلطة الفلسطينية إلى اللجوء إلى تدابير ضبط أوضاع المالية العامة متطرفة، وربما غير منظمة، مما يؤدي إلى مزيد من التخفيضات في الرواتب العامة. وهذا بدوره من شأنه أن يؤدي إلى تفاقم الانخفاض في الاستهلاك، وفي نهاية المطاف يؤدي إلى انخفاض النمو بشكل أكبر مع حدوث آثار سلبية طويلة المدى.