تواصلت، يوم الثلاثاء 11 غشت، ولليوم الثاني سهرات المهرجان الوطني لفنون أحواش، في دورته الرابعة، بمدينة ورزازات، جنوب شرق المغرب، بعرض رقصات فن أحواش للرقص الأمازيغي بالبلاد. وأحيت سهرة الثلاثاء، ست فرق مغربية، وهي فرقة "جمعية الأصالة" بورزازات (جنوب شرق)، وفرقة "احواش ايمينتانوت (وسط)، وفرقة "أحواش دوار واد الطين" بتاحنوات (وسط)، وفرقة "تسكوين" بشيشاوة (وسط)، وفرقة "إسمكان" بإنزكان (جنوب)، و"فرقة أكدلاكال" تلوين بتارودانت (جنوب). وشهد ثاني أيام المهرجان حضورا جماهيريا كبيرا، قُدمت خلاله رقصات من فن "أحواش" اختلفت تنويعاتها وأغراضها، وتراوح عدد أفراد كل فرقة بين 15 و 32 فردا، فرقتان منهما تضم نساء، والفرق الأخرى كلها من الرجال. وظهرت فرقة "الأصالة" بوارزازات مرتدية لباسا تقليديا وبلغة مزركشة ودمالج فضية بخلاخل لدى النساء، وجلباب أبيض وسروال فضفاض وبلغة بيضاء وخنجر لدى الرجال، وتميزت هذه الفرقة بكون الرجال فيها كانوا جالسين يشكلون دائرة، وهم يضربون الطبل والدف، فيما النساء تطفن وهن يرددن أهازيج أمازيغية ويصفقن بشكل متناغم مع ضربات الدف والطبل. أما فرقة "أحواش ايمينتانوت" فتميزت بكونها تضم إلى جانب 14 فردا من الرجال، 8 نساء، يشترط أن يكن عازبات، ولا تشارك نساء المنطقة المتزوجات في أحواش، وقد بدى الرجال في لباس مغربي تقليدي باللون الأبيض، فيما بدت نساء الفرقة وقد اتشحن بالأزرق والأبيض وغطين رؤوسهن بغطاء مزركش يغلب عليه اللون الأحمر، مدلى على أعناقهن، وحلي فضية مدلات على صدورهن، واستعملت الفرقة الناي والدف آلتين للعزف. وكانت فرقة "أحواش دوار واد الطين" بتاحنوات، كلها من الرجال تضم 17 فردا 13 منهم واقفون واثنين جالسين أحدهما يضرب الطبل والآخر يقرع آلة موسيقية حديدية تشبه الدف. أما فرقة "تسكوين" بشيشاوة، فتتكون من 16 فردا رقصتها جماعية يؤدونها بشكل حر وبخطى قوية وصرخات حربية بينة، وعلى إيقاعات تمزج بين دقة الاداء والايقاع، يتقدمهم رئيس الفرقة وهو يرقص بكتفيه ويقوم بحركات تمثيلية يتجاوب معه أعضاء الفرقة عبر الضرب على الدف وآلة موسيقية تسمى "الطعريجة". وحدها فرقة "إسمكان" بإنزكان (جنوب) كانت أقرب في ايقاعاتها ورقصاتها وآلاتها الموسيقية إلى رقصة كناوة ذات الأصول الإفريقية، حيث ردد أعضاء الفرقة صلوات على النبي وأهازيج محلية متداولة باللهجة المغربية، وتميزت هذه الفرقة بكون رئيسها انفرد بلباس أخضر، يتقدم أعضاء فرقته الذين ارتدوا لباسا أبيض وبلغة صفراء. أما "فرقة أكدلاكال" تلوين بتارودانت (جنوب)، فقد كانت كلها من الرجال وتميزت بكونها الرفقة الوحيدة التي اختلف لباس أعضائها بين الأبيض والأزرق الفاتح، وعمامات صغيرة. وقال الحسين ايت الفقيه، الباحث المتخصص في التراث الشفهي للمنطقة، إن رقصات "أحواش" حربية في أصلها القديم، وأنها موسيقى حربية يحضر فيها الانتصار والعنف. وأضاف في مداخلة له حول الأبعاد الرمزية في رقصة أحواش، إن "رقصات أحواش في الأصل كانت احتفاء بالانتصار وليس زهوا، وكل رقصة اختفى فيها العنف، فهي تشويه لرقصة أحواش". واشار إلى أن الرجل ثابت في رقصات أحواش، بينما المرأة متحركة، وهو ما اعتبره دليلا على مكانة المرأة في ثقافة هذه المناطق. وتشارك في هذا المهرجان الذي تتواصل فعالياته على مدى ثلاثة أيام، 18 فرقة فلكلورية أمازيغية تمثل تلوينات مختلفة من فن أحواش والذي تشتهر به القبائل الأمازيغية بمناطق جبال الأطلس الكبير وجبال الأطلس الصغير والواحات الصحراوية التي تقطنها هذه القبائل، لتعبر من خلال هذا التراث الفني الذي يؤدى بشكل جماعي راقص عن أفراحها، وابتهاجها بأيام الخصب ومواسم الحصاد، وأعراس أبنائها، وتحضره النساء والرجال على حد السواء في تناغم يستحضر العادات الخاصة بكل منطقة.