لا يمكن للكلمة ولا الصورة أو الفيديو أن تنقل ما حدث في قرية إمين تلا بضواحي مدينة أمزميز؛ بسبب زلزال لم يكتف بإسقاط المباني، بل أسقط صخورا ضخمة من الجبل على جزء كبير من القرية فجعلها هباء منثورا. ففي مساء 8 شتنبر الماضي، ضرب المغرب زلزال بقوة 7 درجات على مقياس ريختر، مركزه في منطقة "إغيل" بالحوز؛ ما خلَّف 2946 حالة وفاة و5674 مصابا، وفقا لحصيلة غير نهائية أعلنتها وزارة الداخلية مساء الأربعاء. في إمين تلا كانت المشاهد مأساوية وروائح جثث الإنسان والحيوان تملأ القرية، ورجال الإنقاذ يمنون النفس بإنقاذ ما يمكن إنقاذه، فيما يبحث الأهالي عن ذويهم لعلهم يجدونهم ويكرمونهم بالدفن، وهو ما يعني أن الحياة باتت مجرد سراب. أبحث عن أمي الأمر يبدو أشبه بالخيال أو يفوقه، فصخور الجبل الضخمة الحجم سقطت على جزء كبير من مباني القرية فسوَّتها بالأرض. ورغم تضاؤل الأمل، يحاول رجال الإنقاذ من المغرب وقطر وإسبانيا وبريطانيا جاهدين الوصول إلى أحياء تحت الأنقاض، فيما يبحث منكوب مع شباب من القرية عن "أم حميد"، واكتفى بجملة واحدة لعجزه عن الحديث من هول صدمة بدت على وجهه: "أبحث عن أمي". وعلى الرغم من اصطحاب رجال الإنقاذ لكلاب مدربة عن البحث عن الأحياء والجثث، إلا أن الصخور الكبيرة وطبيعة المساكن الطينية تعّقد الأمور. قصص الأهالي مروعة جدا.. الناجون لم يستوعبوا حجم الصدمة بعد، فمحمد عدي (52 عاما) سافر قبل يومين مع أسرته إلى خارج القرية، وبعد عودته وجد العديد من أفراد عائلته تحت الركام. فقد محمد والده ووالدته وأخوه وأبناء الأخير، وبقي له أخ وحيد، واكتفى بقوله للأناضول إن "الأقدار اختارت أهالي القرية، رحمهم الله". ومحمد ليس بأسوأ حال من باقي أسر القرية، فكل أسرة لديها قصة مأساوية عن زلزال مدمر.. والبكاء يملأ المكان، فيما يقف الناجون فوق الركام لعل المنقذون يصلون إلى ذويهم. مقصد سياحي إمين تالا كانت مقصدا سياحيا، فهي تقع في منتصف الجبل وتطل على مناظر طبيعية خلابة، لكنها الآن تحولت إلى مقصد للعشرات من المنقذين والمتطوعين. والقرى المجاورة للقرية المنكوبة أقل ضررا، ولكنها أيضا في حالة يرثى لها، سواء قرية "إيغد" أو "انكول".. تحولت مبانٍ إلى أطلال، فيما تستمر الحياة بتناقضاتها من خلال الأشجار ومجاري المياه المتدفقة. عودة مغتربين إلى إمين تالا عادت مجموعة من المغاربة القاطنين في فرنسا للمشاركة في عملية البحث عن ذويهم في منزل تحول إلى رماد، لعلهم يصلون إلى الجثث. وبالقرب منهم مسنة وشاب وطفل صغير يذرفون الدموع، ففقدان الأقارب لا يقدر مرارته إلا مَن عايشه.. وهؤلاء بات مطلبهم الوحيد هو الوصول إلى الجثث؛ فالعثور على أحياء بات أشبه بالمعجزة. عدنان، أحد رجال الإنقاذ، قال إنهم في اليوم الخامس بالكاد وصلوا إلى بعض الجثث، أما في الأيام الماضية فتمكنوا من إنقاذ بعض الأفراد واستخراج الكثير من الجثث.