قال ابن رشد في سياق رده على الفقهاء الذين كفروا الفلاسفة واتهموهم بالزندقة وإشاعة الكفر والإلحاد رافضين ترجمة التراث اليوناني، وبصفة خاصة فلسفة الحكيمين أفلاطون وأرسطو لما تتضمنه في نظرهم من تعارض بين المرجعية الفلسفية اليونانية القائلة بقدم العالم والمرجعية الدينية الإسلامية القائلة بحدوثه ، قال في كتابه "فصل المقال فيما بين الحكمة والشريعة من اتصال" :"إن مثل من منع النظر في كتب الحكمة من هو أهل لها، من أجل أن قوما من أراذل الناس قد يظن بهم أنهم ضلوا من قبل نظرهم فيها، مثل من منع العطشان شرب الماء البارد العذب حتى مات من العطش، لأن قوما شرقوا به فماتوا، فإن الموت عن الماء بالشرق أمر عارض، وعن العطش أمر ذاتي وضروري." قال ابن رشد في سياق رده على الفقهاء الذين كفروا الفلاسفة واتهموهم بالزندقة وإشاعة الكفر والإلحاد رافضين ترجمة التراث اليوناني، وبصفة خاصة فلسفة الحكيمين أفلاطون وأرسطو لما تتضمنه في نظرهم من تعارض بين المرجعية الفلسفية اليونانية القائلة بقدم العالم والمرجعية الدينية الإسلامية القائلة بحدوثه ، قال في كتابه "فصل المقال فيما بين الحكمة والشريعة من اتصال" :"إن مثل من منع النظر في كتب الحكمة من هو أهل لها، من أجل أن قوما من أراذل الناس قد يظن بهم أنهم ضلوا من قبل نظرهم فيها، مثل من منع العطشان شرب الماء البارد العذب حتى مات من العطش، لأن قوما شرقوا به فماتوا، فإن الموت عن الماء بالشرق أمر عارض، وعن العطش أمر ذاتي وضروري." لايتعلق الأمر في هذه المساهمة بمرافعة قانونية إن على مستوى الشكل أو الموضوع بخصوص الاعتقال الذي تعرض له الصحفي علي أنوزلا، إذ وحدهم أهل الاختصاص أقدر على تناول هذا الموضوع بكل جوانبه وحيثياته ، وإنما يتعلق الأمر بما أثاره الشريط المنسوب إلى القاعدة من نقاش جدي بخصوص الرسائل التي يروم تمريرها، وما يقتضيه ذلك من ضرورة اتخاذ الحيطة والحذر مما يمكن أن يترتب عن هذه الرسائل المتضمنة في الشريط. وهو ما يلتقي حوله الصحفي حميد المهدوي بموقع لكم في سياق تصديه للمزايدين على وطنية السيد أنوزلا من خلال حوار مصور مع الموقع الإلكتروني هسبريس، حيث قال ما مفاده:أليست وظيفة الإعلام من خلال الكشف عن الواقع كما هو هي الرصد والتتبع والتحذير؟ وهو الموقف عينه المعبر عنه من طرف القياديين في العدالة والتنمية السيد بلال التليدي في مقال له تحت عنوان " رسائل القاعدة " . والسيد حامي الدين في مقال له : تحت عنوان: " الجهاد المفترى عليه " . ولئن كان ما قاله السيد المهدوي بخصوص موضوع الوطنية التي لاينبغي أن يزايد فيها أحد على أحد، هو قول يستحق التنويه، وذلك في سياق رده على الحملة المغرضة التي شنها زعماء أحزاب معينة، على السيد علي أنوزلا، فإن ما كتبه السيد بلال التليدي والسيد حامي الدين بخصوص الرسائل المتضمنة في الشريط يستحق التنويه كذلك عدا شيئا جوهريا أهمله القياديان المذكوران ولا ينبغي بأية حال من الأحوال السكوت عليه. فما الذي قاله القياديان في العدالة والتنمية وما الذي سكتا عنه في سياق قرائتهما لرسائل القاعدة المتضمنة في الشريط؟ . المنطوق به في قراءة الشريط: حدد السيد بلال التليدي من خلال قراءئه للشريط في مقاله المذكور ثلاث رسائل : الرسالة الأولى وتهم خطاب تنظيم القاعدة، والرسالة الثانية تكشف مركزية تطوير الخطاب.. والمأزق الذي يوجد فيه هذا التنظيم، أما الرسالة الثالثة فتخص استمرار اشتغاله على المظلوميات من خلال التركيز على محنة السلفيين . هذه ثلاث رسائل أساسية.. يقول السيد التليدي، و الجواب عليها يتطلب حسب القيادي في حزب العدالة والتنمية الالتفات إلى الأبعاد الآتية: البعد الأمني- البعد السياسي – البعد الديني – البعد الحقوقي ... ويقول السيد حامي الدين في قراءته للشريط "...من الوهلة الأولى تبدو هذه الدعوة سطحية وساذجة رغم تغليفها بمبررات شرعية وبقراءات ظاهرية لآيات الجهاد في القرآن الكريم، لكنها يمكن أن تؤثر في دوي العقول البسيطة الذين يحملون عاطفة دينية دون أن يتسلحوا بالعلوم الضرورية لفهم الدين وفهم الواقع معا... " . المسكوت عنه في قراءة الشريط: على الرغم من أهمية هذه الأبعاد التي ينبغي الالتفات إليها كما دعا إلى ذلك السيد التليدي، وعلى الرغم من خطورة ما يمكن أن يترتب عن القابلية والاستعداد للإغراء والاختراق وكما حذر من ذلك السيد حامي الدين، فإن مالم يتم التطرق إليه والذي ينبغي أن يكون على رأس قائمة هذه الأبعاد، والاهتمامات التي تم استنتاجها من خلال القراءة الهادئة والمتمعنة التي قدمها القياديان المذكوران لهذا الشريط ،هو بعد الأمن المعرفي أوالتعليمي التربوي على التحديد، إذ ما لم يتم التطرق إليه من طرف السيدين بلال التليدي و حامي الدين من خلال قرائتهما الوظيفية والهادفة التي تروم معرفة وتفكيك منطق العقل الإرهابي، في سياق درء المخاطر قبل وقوعها، هو فشل الدولة والحكومات المتعاقبة في تدبير هذا الملف وبالتالي فشل كل المحاولات التي سعت من ورائها الدولة والحكومات المتعاقبة إلى تحقيق الأمن الروحي والمعرفي باعتباره الصخرة القوية والسد المنيع الذي يحول دون بروز النزوعات الداعية للعنف والتطرف وحرصها في مقابل ذلك وبنوع من الاستئثار على المقاربة الأمنية باعتبارها كافية وحدها لتحصين البلد من كل الإغراءات والاختراقات . ومن بين الأمثلة القوية على ذلك ما يلي: مباشرة بعد التفجيرات الإجرامية التي شهدتها مدينة الدارالبيضاء في السادس عشر من ماي 2003 أقدمت الدولة على مجموعة من الإجراءات الاحترازية والتي ارتبطت في تبريراتها بما سمي بالحفاظ على الأمن الروحي للمواطنين ، من قبيل تأهيل المساجد وتكوين الأئمة وتيسير التوعية الدينية باعتماد الوسائل السمعية البصرية داخل المساجد لترسيخ قيم الوسطية والاعتدال ، ونبد كل أشكال التطرف والمغالاة والانغلاق. وبموازاة ذلك أقدمت الدولة كذلك على اتخاذ قرار ارتجالي وبسرعة فائقة، وهو تعميم مادة الفلسفة على جميع الشعب والمستويات بالتعليم الثانوي. فإلى أي حد استطاعت الدولة أن تحقق ما راهنت عليه من خلال الاعتراف بمسؤوليتها الأخلاقية بخصوص التضييق على الفكر الفلسفي لصالح انتعاش الدراسات الإسلامية والاعتراف تبعا لذلك بضرورة إعادة الاعتبار لهذا النمط من التفكير العقلاني، والتعويل عليه في إشاعة قيم الحوار والتسامح والحق في الاختلاف ونبد كل أشكال العنف والإقصاء والاستئصال؟ إن المتأمل في واقع تدريس الفلسفة اليوم وفي واقع المتعلمين الذين يجدون صعوبة كبيرة في قراءة النصوص قراءة سليمة خالية من الأخطاء ، وأحرى قدرتهم على التفلسف بخصوص ما تقدمه هذه النصوص المترجمة ترجمة رديئة في كتب مدرسية ثلاثة منفرة يرمي بها المتعلم عرض الحائط فور انتهائه من الامتحانات الوطنية إذ لم يعد يذكر حتى عناوينها ولا أسماء مؤلفيها التسعة، إن المتأمل في هذا الواقع المرير لايسعه إلا الإقرار بالفشل الذريع بخصوص الرهان على تعميم مادة الفلسفة على كل الشعب بالتعليم الثانوي والفشل تبعا لذلك في تحقيق الأمن المعرفي وما يرومه من تحصين الناشئة وإقدارهم على مواجهة كل التحديات وما أكثرها. وماذا بعد؟ إذا كان الواجب الأخلاقي يقتضي الإعتراف للسيدين حامي الدين وبلال التليدي بما أبانا عنه من سبق وقدرة على التعامل النقدي الناضج مع ما يحمله الشريط من مضامين بعيدا عن كل المزايدات التي تقف عند حدود ردود الفعل العامية السطحية التي لاتملك الإرادة ولا الأهلية لتجاوز الظاهر والبسيط إلى الباطن والجوهر، فإن هذا الواجب الأخلاقي يقتضي كذلك أن يجهر هذين المثقفين والقياديين السياسيين بالحقيقة بخصوص الأسئلة التالية: أيهما أجدى وأنفع هل مشاهدة الشريط وتفكيك مضامينه واستثماره إيجابيا من خلال النقاش الجاد والحوار البناء، أم الهروب إلى الأمام بسياسة النعامة لا عين رأت ولا أدن سمعت؟ وما قولهما فيما قاله قاضي القضاة ابن رشد في سياق شبيه بما نحن بصدده اليوم:" وليس يلزم من أنه إن غوى غاو بالنظر فيها، وزل زال،..أن نمنعها عن الذي هو أهل للنظر فيها، فإن هذا النحو من الضرر الداخل من قبلها هو شيء لحقها بالعرض لا بالذات".وهل يجوز يا سيادة وزير العدل والحريات ان يمنع مثل هذين القياديين المثقفين من مشاهدة ونقد الفكر المخالف بدعوى وجود من سماهم السيد حامي الدين بدوي العقول البسيطة؟ وهل يجوز من الناحية الأخلاقية أن يوجد اليوم قيد الاعتقال من أتاح لنا فرصة النقاش الجدي- وفي لحظة تاريخية يتم ضمنها الإعداد لأعادة هيكلة منظومتنا التربوية- حول ما يعتور هذه المنظومة من خصاص كبير على مستوى الأمن المعرفي؟ .