موكوينا: سيطرنا على "مباراة الديربي"    موتسيبي: كأس أمم إفريقيا للسيدات المغرب 2024 ستكون الأفضل والأنجح على الإطلاق    الصويرة تستضيف اليوم الوطني السادس لفائدة النزيلات    ضمنهم موظفين.. اعتقال 22 شخصاً متورطين في شبكة تزوير وثائق تعشير سيارات مسروقة    مهرجان "أجيال" بالدوحة يقرب الجمهور من أجواء أفلام "صنع في المغرب"    طقس حار من السبت إلى الاثنين وهبات رياح قوية مع تطاير الغبار الأحد بعدد من مناطق المغرب        صادرات الصناعة التقليدية تتجاوز 922 مليون درهم وأمريكا تزيح أوروبا من الصدارة    الرئيس الصيني يضع المغرب على قائمة الشركاء الاستراتيجيين    افتتاح أول مصنع لمجموعة MP Industry في طنجة المتوسط    وهبي: أزماتُ المحاماة تقوّي المهنة    خبراء: التعاون الأمني المغربي الإسباني يصد التهديد الإرهابي بضفتي المتوسط    الإكوادور تغلق "ممثلية البوليساريو".. وتطالب الانفصاليين بمغادرة البلاد    المغرب التطواني يُخصص منحة مالية للاعبيه للفوز على اتحاد طنجة    حكيمي لن يغادر حديقة الأمراء    المحكمة توزع 12 سنة سجنا على المتهمين في قضية التحرش بفتاة في طنجة    ابن يحيى تشارك في افتتاح أشغال المنتدى البرلماني السنوي الأول للمساواة والمناصفة    بوريطة: المقاربة الملكية لحقوق الإنسان أطرت الأوراش الإصلاحية والمبادرات الرائدة التي باشرها المغرب في هذا المجال    من العاصمة .. إخفاقات الحكومة وخطاياها    مجلس المنافسة يفرض غرامة ثقيلة على شركة الأدوية الأميركية العملاقة "فياتريس"        "أطاك": اعتقال مناهضي التطبيع يجسد خنقا لحرية التعبير وتضييقا للأصوات المعارضة    لتعزيز الخدمات الصحية للقرب لفائدة ساكنة المناطق المعرضة لآثار موجات البرد: انطلاق عملية 'رعاية 2024-2025'    هذا ما قررته المحكمة في قضية رئيس جهة الشرق بعيوي    مندوبية التخطيط :انخفاض الاسعار بالحسيمة خلال شهر اكتوبر الماضي    فاطمة الزهراء العروسي تكشف ل"القناة" تفاصيل عودتها للتمثيل    مجلس الحكومة يصادق على تعيين إطار ينحدر من الجديدة مديرا للمكتب الوطني المغربي للسياحة    المحكمة الجنائية الدولية تنتصر للفلسطينيين وتصدر أوامر اعتقال ضد نتنياهو ووزير حربه السابق    طبيب ينبه المغاربة لمخاطر الأنفلونزا الموسمية ويؤكد على أهمية التلقيح    قانون حماية التراث الثقافي المغربي يواجه محاولات الاستيلاء وتشويه المعالم    توقعات أحوال الطقس غدا السبت    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    ما صفات المترجِم الناجح؟    خليل حاوي : انتحار بِطَعْمِ الشعر    الغربة والتغريب..    كينونة البشر ووجود الأشياء    الخطوط الملكية المغربية وشركة الطيران "GOL Linhas Aéreas" تبرمان اتفاقية لتقاسم الرموز    المجر "تتحدى" مذكرة توقيف نتانياهو    رابطة السلة تحدد موعد انطلاق الدوري الأفريقي بالرباط    بنما تقرر تعليق علاقاتها الدبلوماسية مع "الجمهورية الصحراوية" الوهمية    مفتش شرطة بمكناس يستخدم سلاحه بشكل احترازي لتوقيف جانح    القانون المالي لا يحل جميع المشاكل المطروحة بالمغرب    "سيمو بلدي" يطرح عمله الجديد "جايا ندمانة" -فيديو-    بتعليمات ملكية.. ولي العهد يستقبل رئيس الصين بالدار البيضاء    العربي القطري يستهدف ضم حكيم زياش في الانتقالات الشتوية    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    تجدد الغارات الإسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية عقب إنذارات للسكان بالإخلاء        تفكيك خلية إرهابية لتنظيم "داعش" بالساحل في عملية مشتركة بين المغرب وإسبانيا    الولايات المتحدة.. ترامب يعين بام بوندي وزيرة للعدل بعد انسحاب مات غيتز    وفاة شخصين وأضرار مادية جسيمة إثر مرور عاصفة شمال غرب الولايات المتحدة    أول دبلوم في طب القلب الرياضي بالمغرب.. خطوة استراتيجية لكرة القدم والرياضات ذات الأداء العالي    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في حاجة الشرعية إلى المشروعية
نشر في لكم يوم 02 - 10 - 2013

بغض النظرعن طبيعة الشروط التي تمت ضمنها استحقاقات الخامس والعشرين منة نونبر2011 وعن نسبة المشاركة أو عدد الأصوات التي أحرز عليها كل حزب من الأحزاب المتموقعة ضمن الأغلبية أو المعارضة، فلا جدال في أن وجود حزب العدالة والتنمية اليوم في رئاسة الحكومة هو وجود شرعي من الناحية القانونية وبدون منازع، ويكون بذلك الحزب المذكور يملك الصفة القانونية لترأس الحكومة حسب الدستور.
إلا أنه وفي سياق ما يثار من نقاش على مستوى الفرق بين مفهومي الشرعية والمشروعية على اعتبار أن ما هو شرعي يدخل في إطار المرجعية القانونية، وأن ما هو مشروع يرتبط بالمرجعية الأخلاقية ذات الصلة بمفهوم الحق بالمعنى الكوني أو الطبيعي باعتباره قيمة القيم وأنه يعلو ولا يعلى عليه وأن القانون تبعا لذلك يفتقر للهالة التي يتمتع بها الحق، في سياق ذلك يفقد مفهوم الشرعية صدقيته وقوته التي يستمدها من القانون فقط، طالما أن الظروف التي انتقل ضمنها حزب العدالة والتنمية من المعارضة إلى السلطة والتي أحرز خلالها على الصفة القانونية لهذا الانتقال، ليست ظروفا عادية بالمعنى المألوف الذي تعاقبت ضمنه العديد من الأحزاب المغربية على هذه السلطة ، وإنما هي ظروف مختلفة تماما أبرز سماتها أنها كانت مسبوقة بحراك اجتماعي رفع شعار الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، وأن حزب العدالة والتنمية قدم نفسه كحزب يملك القدرة والأهلية للنهوض بهذا الدور الكبير- الاستجابة للمطالب والانتظارات- فتفاعلت الشروط والعوامل الذاتية والموضوعية ووجد حزب العدالة والتنمية نفسه بعد استفاقته من نشوة الفوز ب107 مقعد برلماني، وجد نفسه مطالبا باستعمال سلطة الشرعية الانتخابية من أجل الوفاء بتلبية الحاجات والانتظارات التي التزم بها ، فما الذي حصل؟
إن المتتبع لما يعانيه هذا الحزب بصفة خاصة والحكومة التي يترأسها بصفة عامة بخصوص المعيقات والأعطاب الكابحة لهذه لشرعية التي لم تتمكن وبعد سنتين كاملتين من مباشرة الملفات المستعصية الكبرى على مستوى التعليم والصحة والسكن وكذا التراجع عن الحماس الكبير الذي أبدته الحكومة بخصوص الملفين الثقيلين : المقاصة والتقاعد، يضع هذه الشرعية الانتخابية في الميزان ويدعو إلى التساؤل عن السر الكامن وراء حقيقة هذه الشرعية المعاقة، وما إذا كانت شرعية انتخابية كما هو متعارف عليه في الأدبيات الديمقراطية أم أنها تتميز بخصوصية ما، هي التي جعلتها شرعية معطلة؟
إن السياق الذي استفاد ضمنه حزب العدالة والتنمية من الشرعية الانتخابية لا يسمح بالحديث عن شرعية كاملة غير منقوصة على الجميع الامتثال إليها كشرعية قائمة بذاتها، وإنما هو سياق استثنائي حصل ضمنه شبه تعاقد أو تواضع بنوع أقرب ما يكون إلى الصفقة بالتراضي الضمني بلغة الإشارة والرمز التي تكون في سياق معين أبلغ من الصريح أو المكتوب. إذ بسرعة فائقة حصل نوع من التفاهم بين الدولة وحزب العدالة والتنمية على الحاجة الماسة لردم الخلاف والاختلاف مرحليا على الأقل وضرورة الاقتناع الثنائي بحتمية القبول بصيغة الأخذ والعطاء: السلطة في مقابل تسفيه الحراك الاجتماعي وإفراغ المطالب من كل محتوى. صحيح ان هذه الوظيفة – تسفيه الحراك- لم يضطلع بها الحزب المذكور بمفرده بل بشراكة مع كل الأحزاب التي تؤتت المشهد السياسي الحالي في الموالاة أو المعارضة، لكن الأكثر صحة أن التركيز على العدالة والتنمية أكثر من غيره آنذاك أملته اعتبارات موضوعية وهي الواقع المتردي لكل الأحزاب التي تعاقبت على السلطة وبالتالي غياب الفائدة من التعويل عليها ومهما أبدت من استعداد لإتقان أية وظيفة موكولة لها في مقابل البقاء في السلطة أو العودة إليها. ولعل هذه الحيثيات التي رافقت هذا النوع من الشرعية التي يستند إليها حزب العدالة والتنمية هي التي تكمن وراء ما يعانيه اليوم من وضعية حرجة حرجا مزدوجا أفقده المشروعية المطلوبة كصمام أمان للشرعية القانونية أمام من تواضع معهم من جهة - القوى المناهضة للتغيير- إذ يذكرونه كل حين بلغة الرمز والإشارة وكلما تحدث عن الشرعية، بهشاشة هذه الشرعية التي تأسست على الابتزاز إن لم تكن الوصولية المفضوحة،ومن جهة أخرى أمام المتواضع عليهم – القوى ذات المصلحة في التغيير- إذ يذكرونه وبلغة صريحة من خلال الكشف عن الكم الهائل من المواقف المتناقضة الناجمة عن هذا التحول الكلي من موقف الزهد في السلطة طيلة الفترة التي قضاها في المعارضة إلى موقف المغالاة حد التطرف في التمسك بها وتجنب كل ما من شأنه أن يهدد بإبعاده عنها ولو بتجرع كل ما يحاك ضده إمعانا في الإذلال على حد تعبير أحد القياديين في الحزب، ولو بانقلابه على ما اعتبره في مرحلة سابقة من قبيل المبادئ والثوابت التي لا مساومة عليها. انظر كيف يتحول من وضعية الضحية بالأمس القريب حين كان في حاجة لمن يؤازره في محنته الناجمة عن تهمة مساندته للإرهاب وهو في المعارضة،إلى وضع يتفنن فيه قياديوه اليوم وقد انتقلوا إلى السلطة في البحت عن كل المفردات التي تلصق تهمة الإرهاب ضد من رفض إلصاق التهمة بهم . وهو ما أكدته القيادية في العدالة والتنمية التي امتلكت شجاعة العقلاء لتعلن عن إغلاقها مدياع سيارتها وهي تستمع لتخبط وزير الاتصال وهو يتلعتم في البحث عن المفردات القادرة على إدانة من رفض إدانتهم بالأمس، وذلك من أجل تقديمه لشهادة واضحة وصريحة وبكامل المسؤولية بخصوص حسن السلوك الضامن للبقاء في السلطة، وآية ذلك " وقد شهد شاهد من أهلها".
ألم يئن الأوان وبعد أن أعلن بعض العقلاء من خارج السلطة في حزب العدالة والتنمية بمن فيهم نجل السيد رئيس الحكومة عن موقف مخالف لمنحى الوزراء مستنكرين ولو بلغة مؤدبة هذا العبث الخلاق، ألم يئن الأوان لتغليب صوت الحكمة والتعقل لإزالة ما يلف السمع والبصر والبصيرة من غشاوة، تداركا للأمر وقبل الوصول إلى مرحلة الانهيار الشامل ، التي سبق لبعض قياديي الحزب القائد للتناوب الأول أن اعترفوا بوصول حزبهم إليها، نتيجة تمسكهم بالسلطة من أجل السلطة ؟
أليس جديرا بقادة حزب العدالة والتنمية الذين يرددون كل مناسبة بأن لا ضير في تضرر شعبية الحزب إذا كان ذلك من أجل مصلحة الوطن، أن يدركوا أن هذا القول مستهلك واستعمل قبلهم من طرف من سبقوهم وأصبح اجترارا لا قيمة له شأنه شأن قطع نقدية فقدت بصماتها وتحولت إلى مجرد قطع نقدية مبتذلة لا قيمة لها؟ على النحو الذي يبينه الفيلسوف الألماني نيتشه في سياق كشفه عما يشوب الحقيقة من تضليل يمارس من طرف ذوي المصالح لتتحول بفعل ذلك الحقيقة إلى مجرد وهم قاتل . فكيف يجوز والحالة هذه أن تشكل الحقيقة المرتبطة بالمنفعة معيارا صالحا لتحديد مصلحة الوطن؟
وإن قراءة متمعنة بين سطور الرسالة المؤدبة من إبن رئيس الحكومة لأبيه ستكشف عما تحمله بين ثناياها من تخوف كبير مما يمكن أن تفعله السلطة الماكرة بهذا الحزب الذي يحدو وبدون وعي حدو النعل بالنعل على خطى سابقيه الذين قتلتهم السلطة سريريا إلا من كانت له شجاعة الاعتراف بالأخطاء وشجاعة الإصرار على الأداء الشخصي لفاتورة الأخطاء بالإعلان عن الاستقالة من الحزب ومن السياسة، وهو أمر ليس متيسرا لأي كان، إذ لولا تشرب السيد اليوسفي – نتيجة إقامته لسنوات طويلة في تلك البلدان الديمقراطية التي تعتبر فيها السلطة مجرد وسيلة وليست غاية في ذاتها خلافا لما هو عندنا حيث الماسك بها يريد الإبقاء عليها مدى الحياة والخارج منها يقيم الدنيا ولا يقعدها من أجل العودة إليها- لولا تشربه للقيم الديمقراطية التي تجعل الكرامة الإنسانية فوق كل اعتبار، لكان مجبرا على التواجد بالأمس إلى جانب رفاقه في مظاهرتهم الشهيرة إلى جانب الدواب مطالبا بحق العودة إلى السلطة المغتصبة جراء الابتعاد عن المنهجية الديمقراطية. لكنه حدس المناضل الصادق والمتمرس جعله يدرك بعد فشل التناوب الأول أن هناك كم هائل من العوائق الذاتية والموضوعية تحول دون تحقيق شعاره المفضل الذي ظل يردده "إن التغيير آت لا ريب فيه" فاختار الانسحاب المشرف في الوقت المناسب الذي ضمن لصاحبه الاحترام الذي يبدو أنه لن يحظى به الآخرون بعد انتهاء صلاحيتهم . أفلا تعتبرون؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.