قال حزب العدالة والتنمية إن البلاد تعاني من موجة غير مسبوقة من الغلاء، وتواجه مجموعة من التحديات الكبيرة على المستويات السياسية والمؤسساتية والاقتصادية والاجتماعية، ولاسيما في ظل ضعف وارتباك الأداء الحكومي. ونبهت الأمانة العامة للحزب في بلاغ لها إلى خطورة حالة الارتباك غير المسبوقة التي رافقت صدور القرار الأخير لمجلس بنك المغرب، مذكرة رئيس الحكومة بمسؤوليته في الحرص على التنسيق بين مختلف الأطراف في احترام لقراراتها واستقلاليتها. واعتبر الحزب أن التخبط المؤسساتي الذي وقع مؤخرا على إثر قرار مجلس بنك المغرب برفع سعر الفائدة الرئيسي، وإلغاء الندوة الصحفية لوالي بنك المغرب وما رشح حول انزعاج رئيس الحكومة من هذا القرار والخروج الإعلامي للمندوب السامي للتخطيط وما نجم عن كل هذا من تضارب وتناقض في التصريحات بين مسؤولي مؤسسات رسمية، يؤثر على صورة ومصداقية مختلف مؤسسات الدولة، ويكشف حالة من التخبط المؤسساتي غير المقبول والذي ينبغي أن لا يتكرر. كما سجل البلاغ أن موجة غلاء الأسعار التي تعرفها منذ مدة جل المواد الاستهلاكية ولاسيما الغذائية منها، وعدم قدرة الحكومة على القيام بواجبها في معالجة أسبابها وتداعياتها، واستمرارها في التذكير والاحتفاء بإجراءات مالية وقانونية روتينية معتمدة منذ عقود، والتلويح بمجموعة من الوعود الحكومية السخية والتي وفضلا عن كونها لم تتحقق إلى الآن فإنها تساهم في تعميق أزمة الغلاء وتستفز المجتمع، وهو ما يتطلب التدخل بشكل مستعجل عبر إجراءات جديدة تتناسب مع هذه الوضعية الاجتماعية والمعيشية الصعبة والاستثنائية. واقترح البيجيدي، وبشكل مستعجل، ودون انتظار السجل الاجتماعي الموحد، صرف دعم مالي للأسر الفقيرة والهشة، بالاعتماد على اللوائح والبوابة الإلكترونية التي اعتمدت سابقا لصرف الدعم في فترة أزمة كوفيد، واستعمال الفائض المالي المحقق من المحصول الاستثنائي للضرائب والرسوم المفروضة على المحروقات والأرصدة المتوفرة بالصناديق الخصوصية ذات الصلة بدعم التماسك الاجتماعي. وقال الحزب إن من شأن هذا الإجراء أن يخلف حالة ارتياح لدى المواطنين عامة ويساهم بالخصوص في التخفيف على الفئات الهشة والفقيرة التي تعاني من موجة غلاء المواد الاستهلاكية والغذائية، والتي تشبه في آثارها إلى حد كبير حالة الحجر الصحي إبان أزمة كوفيد-19. ونبه إلى خطورة الإشكالات الكبيرة التي تصاحب تنزيل الحكومة لورش تعميم التغطية الاجتماعية، والتي تجسدت في حرمان فئات واسعة، كانت إلى الأمس القريب تستفيد من برنامج "راميد"، من حقها في الاستفادة من الخدمات الصحية المجانية، وكذا حرمان عدد من الفئات الهشة والفقيرة من برنامجي دعم الأرامل وتيسير. وأكد "العدالة والتنمية" على أن الوضعية المختلة وغير التنافسية التي يعيشها سوق المحروقات والشبهات التي أثيرت مؤخرا حول استيراد وتصدير الغاز الروسي، وعدم قدرة مجلس المنافسة على الاضطلاع بأدواره الدستورية في هذا الصدد بسبب عدم مبادرته وانتظاريته من جهة، وبسبب تأخر الحكومة في إصدار نصوصه التنظيمية من جهة أخرى، تعد من بين أبرز الأسباب التي أدت وتؤدي إلى استمرار موجة الغلاء واستفحالها، وقال إنه بصدد التنسيق مع فرق المعارضة لتفعيل الآليات الدستورية والمؤسساتية المناسبة مع ما بات يعرف ب "قضية الغاز الروسي". وحذر الحزب المعارض من خطورة المنطق المستفز الذي استقر عند الحكومة، ورئيسها بالخصوص، في التعامل مع قضايا المواطنين، وفي التعاطي السلبي والاستخفاف بالتحذيرات والتنبيهات المتكررة الصادرة عن بعض أحزاب المعارضة وممثليها بالبرلمان، وهو المنطق المطبوع باللامبالاة وعدم الاهتمام بالمشاكل والصعوبات الحقيقية التي تواجه المجتمع في معيشه اليومي، وبالإصرار على الترويج لتوقعات اقتصادية ومالية متفائلة وخاطئة وترديد الوعود السخية والتسويق لإنجازات وهمية. ولفت البيجيدي إلى ان منطق الحكومة هذا قد يؤدي إلى تزايد حالة القلق الاجتماعي الذي تتوسع دائرته وتبرز تجلياته بشكل مستمر، وإلى انهيار منسوب ثقة المواطنين في المؤسسات "المنتخبة" وفي قدرتها على القيام بواجباتها في الدفاع عن مصالحهم والاستجابة لانتظاراتهم المشروعة. ودعا البلاغ الحكومة للتركيز على الأولويات والانتظارات الحقيقية التي تشغل بال المواطنين والوفاء بالتزامات البرنامج الحكومي والإسراع في تبني سياسات عمومية قائمة على خدمة عموم فئات المجتمع ولاسيما الفئات الهشة والفقيرة، والتخلي عن منطق الاحتكار والجشع واستغلال النفوذ المرتبط بزواج المال بالسلطة، الخادم لفئة قليلة محظوظة على حساب باقي فئات المجتمع.