كثيرا ما نتحدث عن التعايش والاندماج وقبول الآخر في الضفة الأخرى في الشمال وكثيرا ما كتبت تحاليل وتعليقات عما يعانيه مغاربة العالم من عنصرية وتفرقة وتهميش، وكثيرا ما ندد الحقوقيون والفاعلون الجمعويون عن تعرض المغاربيين لشتى أنواع العنصرية ولم نسأل يوما أنفسنا عن التهميش والتمييز والرفض لمهاجرين نتعايش معهم في بلدنا القادمين من جنوب الصحراء والذين يؤثثون في السنوات الأخيرة مشاهد يومية في أغلب شوارع وأزقة المدن في المغرب، وهم في الحقيقة يعكسون بشكل أو بآخر صور المغاربيين من الجيل الأول الذين هاجروا إلى أوربا ، فإذا كان الأوروبيون ينعتوننا ب"المورو" و"البور" أو ألقاب أخرى فإننا اليوم نفعل الشيء ذاته مع مهاجري جنوب الصحراء فهم بالنسبة لنا "عوازا" "لكوحل" "المصنانين" ...الخ كثيرا ما نتحدث عن التعايش والاندماج وقبول الآخر في الضفة الأخرى في الشمال وكثيرا ما كتبت تحاليل وتعليقات عما يعانيه مغاربة العالم من عنصرية وتفرقة وتهميش، وكثيرا ما ندد الحقوقيون والفاعلون الجمعويون عن تعرض المغاربيين لشتى أنواع العنصرية ولم نسأل يوما أنفسنا عن التهميش والتمييز والرفض لمهاجرين نتعايش معهم في بلدنا القادمين من جنوب الصحراء والذين يؤثثون في السنوات الأخيرة مشاهد يومية في أغلب شوارع وأزقة المدن في المغرب، وهم في الحقيقة يعكسون بشكل أو بآخر صور المغاربيين من الجيل الأول الذين هاجروا إلى أوربا ، فإذا كان الأوروبيون ينعتوننا ب"المورو" و"البور" أو ألقاب أخرى فإننا اليوم نفعل الشيء ذاته مع مهاجري جنوب الصحراء فهم بالنسبة لنا "عوازا" "لكوحل" "المصنانين" ...الخ، هذه الفكرة بالذات تبادرت إلى ذهني وأنا أشارك في ندوة نظمتها الجمعية المغربية للدراسات والبحوث حول الهجرة بمشاركة وزارة الهجرة و مؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين في الخارج ومجلس الجالية وبحضور عدد من الباحثين والخبراء في دول المغرب العربي وأوروبا بكلية الحقوق بالرباط ، والتي كان موضوعها "دينامية الهجرة: هجرة العودة وأثرها على المجتمعات المصدرة في المغرب العربي وغرب إفريقيا. فبعد البحثين اللذين قدمتهما كل من الأستاذتين مليكة بنراضي وحورية علمي مشيشي وكانتا موفقتان في الوثائق المقدمة عن هؤلاء المهاجرين المنحدرين من جنوب الصحراء في مدن المغرب الكبرى، الأول بعنوان المغاربة ومهاجرين جنوب الصحراء أي علاقات والبحث الثاني: من جنوب الصحراء في إفريقيا إلى المغرب وواقع الهجرة الغير الشرعية ،هذان البحثان اللذان طرحا تعامل المغاربة مع هذه الظاهرة الجديدة وتعامل دول المغرب العربي كحكومات. اكتشفنا أننا فعلا أمام ظاهرة يجب الانتباه إليها وهو أننا بلد مستقبل للهجرة أيضا فلم نعد بلدا مصدرا فقط ، إذن أصبح من اللازم علينا كحكومة وبلد يرسي أسسه الديمقراطية ومتفتح على الآخر ويعترف بحقوق الإنسان بل عضو في منظمات وجمعيات عامة دولية ونشيط في مؤتمرات عالمية غير حكومية حول الهجرة ولديه مجتمع مدني ينظم ويساهم في الدفاع عن الحق في العيش والحرية ، يجب أن يتعامل ويدبر أمر هؤلاء المهاجرين الذين قد تمتد إقامتهم في المغرب إلى عشر سنوات، في انتظار دائم لحلم العبور إلى الضفة الأخرى دون أن نعير وجودهم أحيانا أدنى اعتبار. لقد أبانت سياسات العودة التي وضعتها دول الشمال وحركة التنقل بين الضفتين عن فشلها في تدبير هذا الملف الذي طالما كان محط نقاش ودراسة في دول السوق الأوروبية المشتركة، وينبه البحث إلى خطورة الوضع وإلى ضرورة سن سياسة واضحة لمساعدة هؤلاء المهاجرين الذين يتمتعون بموجب القانون الدولي بحرية الإقامة و التنقل. وكشف البحث الذي أذهلني شخصيا نتائجه بأن نسبة 74 في المائة من المغاربة عنصريون اتجاه المهاجرين الأفارقة من جنوب الصحراء، بمعنى أننا نرفض إقامتهم بيننا وننعتهم بنعوت غير لائقة مثل أنهم يمارسون الدعارة والتسول والسرقة وحاملي فيروس داء السيدا وغيرها من النعوت السلبية. أما نظرتهم لتعاملنا معهم فقد أبانت النتائج أن نسبة 92 في المائة من المغاربة في نظر هذه الفئة من المهاجرين تعتبرنا عنصريين إزاءهم. فأين نحن إذن من قيم التضامن وكرم الضيافة وحسن الاستقبال التي مافتئ المغرب يروجها لاستقبال المهاجرين أو الضيوف الوافدين، هل يتعلق الأمر سوى بوصلات إشهارية سياحية خاوية من جوهر هذه القيم التي نسعى لترسيخها، ماذا فعلنا كبلد مضياف اتجاه هذه الفئات التي استقبلنا على أرض المغرب؟ والى متى سنلعب دور الدركي الذي يحمي أوروبا من جحافل المهاجرين السريين ألم يحن وقت الحسم وإبداء موقف صريح، ألم يكن الرئيس ألقذافي صائبا في رأيه حين فرض مليارات الدولارات على أوروبا ليساهم في حل المشكلة، إن هؤلاء المهاجرين قضية مشتركة تتوزعها بلدان المغرب العربي ولنكون في مستوى التعامل بقيم التضامن المطلوبة وكرم الضيافة. لابد أن نراعي مصالحنا المشتركة مع أوروبا بما في ذلك التفاوض بجد مع الأوروبيين وأولهم الأسبان لتحسين ظروف عيش هؤلاء المهاجرين وتوفير إقامة طيبة لهم خلال مدة تنقلهم وإقامتهم التي قد تطول أكثر وأكثر. قبل أن تضيق صدورنا وأرضنا بهم فنحن اليوم نعيش معهم "حكرة" المغاربة في أوروبا عموما وفرنسا خصوصا في الستينات في بلاد غريبة بلا رحمة، قد يختلف الوضع لكننا في نهاية المطاف علينا أن نساءل ضمائرنا وإنسانيتنا وحق هؤلاء الأفارقة في حياة كريمة أينما حلوا وارتحلوا حتى نكون منطقيين مع أنفسنا ونبحث بجد عن صيغة لإيوائهم في أحسن الظروف ونستثمر تواجدهم كورقة ضغط على الساسة في أوروبا وخصوصا الأحزاب مثل الحزب الشعبي في اسبانيا، في إطار واضح يحفظ الحقوق والمصالح ويصون الكرامة الإنسانية ولنعمل فعلا بمبدأ التسامح بين الشعوب. بنيونس بحكاني