– وضع عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة المغربية حكومته في موقع حرج في ظل الاستقطاب الحاد داخل العالم العربي ما بين المؤيدين للإخوان المسلمين في مصر وما بين الداعمين لإزاحتهم عن السلطة. فخلال لقاء لشبيبة حزبه بالدر البيضاء عقد يوم 25 غشت، ظهر بنكيران وهو يرفع شارة "رابعة العدوية"، التي يرفعها المتضامنون مع "الإخوان المسلمين" في مصر بعد فض السلطة بالقوة للاعتصام الذي كان يقيمه مناصرو الرئيس السابق محمد مرسي. وقرأ مراقبون في حركة بنكيران "موقفا سياسيا"، سيضع حكومته في حرج مع مخاطبيها في دول الخليج، خاصة السعودية والإمارات العربية المتحدة، الدولتان الداعمتان للنظام الحالي في مصر الذي عزل حكم "الإخوان المسلمين". ويصعب في المغرب تفسير "حركة" بنكيران، في وقت اتخذت فيه حكومته ووزارة الخارجية التي يرأسها وزير ينتمي إلى حزبه مواقف رسمية مساندة للنظام الجديد في مصر. لكن بنكيران يجد نفسه في موقف صعب ما بين التزامات السياسة الخارجية المغربية التي يحددها الملك، وما بين مواقف حزبه وحركة "الإصلاح والتوحيد"، الذراع الدعوي للحزب وشبيبة الحزب، وكلهم اتخذوا مواقف مساندة ومتضامنة مع جماعة "الإخوان المسلمين" في مصر. وكانت دول الخليج العربي، خاصة السعودية والإمارات والكويت، قد سارعت إلى الإعلان عن تقديم دعم مادي للمغرب على خلفية الحراك الشعبي الذي عاشته المنطقة خلال السنتين الماضيتين في إطار مساندتها للأنظمة الملكية في المنطقة لتصمد ضد رياح ثورات "الربيع العربي" التي حملت الإسلاميين إلى الحكم في أكثر من دولة عربية. ومن شأن رفع بنكيران شارة "رابعة العدوية"، أن تجعل منه "مخاطبا غير مرحب به" لدى دول الخليج الداعمة اقتصاديا للمغرب. ويأتي "تصرف" بنكيران الأخير ليفاقم من مصاعب حكومته التي تعيش حالة جمود منذ أن انسحب منها حزب "الاستقلال"، ودخل في مفاوضات غير محسومة مع حزب "التجمع الوطني للأحرار" لكسب أغلبية جديدة. ويكاد لا يوجد أي تفسير منطقي لتأخر تشكيل النسخة الثانية من حكومة بنكيران التي تعيش على وقع انتقادات حادة توجه لها من طرف الملك ومن طرف خصومها، مما دفع بنكيران مؤخرا إلى التلويح بالذهاب إلى انتخابات سابقة لأوانها.