تعكس قضية "دنييال غلبان" وما ترتب عنها من نقاشات على سلامة عقلية المغاربة ، بل تحول مهم في أفكار المجتمع المغربي، الصحافة كانت وسيلة لإثارة هذا النقاش ، وكان لها سبق في ذالك تشكر عليه ، فهي بذالك حاولت استنهاض الضمير المغربي واستقراء ميولاته بشأن ما وقع في العالم الإسلامي ، وما ترتب عنه بعد ذالك من انقلابات على ما سمي بالشرعية التي أفرزتها صناديق الإقتراع ، دعونا من "الربيع العربي" ، والربيع الإسلامي "، لنرجع إلى حكاية المغاربة ، والسفاح " دنييال" الذي انزل عليهم كالصاعقة ، وجعل الصحافة طبعا الجريئة ، ترمي بمدادها على كل الشبهات ، بل تثير كل العناوين مع هذا المجرم مغتصب الأطفال ، لتجعلها مادة للنقاش القانوني والسياسي ، وفي خضم ذالك فوجئ الجميع بانتقال موضوع "دنييال" إلى مستويات مختلفة في الجدال ، و سنقتصر في هذه المقالة على المنحى الذي صار فيه اتجاه الموضوع نحو الدبلوماسية بعد التصريح الذي أدلى به السفير الإسباني بالمغرب ألبرتو نافارو ، في بيان أشار فيه بأن الأخبار التي نشرتها بعض وسائل الإعلام حول مكالمات هاتفية مع مستشار الملك، فؤاد عالي الهمة، في موضوع دانيال غالفان فينا، "عارية تماما من الصحة". وجاء أيضا في نفس البيان الذي عممته الوكالة الرسمية للإنباء "لاماب" أن سفارة إسبانيا تجري اتصالات على كافة المستويات ومع كل مؤسسات الإدارة المغربية، وخاصة عندما يتعلق الأمر بتحسين وتسهيل التعاون القضائي والأمني. هذه التصريحات من شأنها أن تضع صورة السفير وسمعته على المحك ، خاصة وان ردود أفعال من الصحافة اعتبرته تصريحا في غير محله ، ويهدف إلى إستهلاك داخلي مادام أن كبريات الصحافة الإسبانية لم تنقله ، وهي المعنية بالتوضيح أكثر من المغاربة . دخول السفير ألبرتو نافارو الإسباني في موضوع "دنييال" ، عبر بيانات وبلاغات ، يجر بنا إلى الحديث عن تاريخ تعيين هذا الشخص على السفارة الإسبانية بالرباط ، وعن الأزمة السياسية التي عانت منها العلاقات المغربية الإسبانية قبل تعيينه ، وتعيين في نفس الوقت ولد سويلم عائدا من البوليساريو سفيرا للمغرب باسبانيا ، وحتى نعود إلى ماسبق فان السيد ألبرتو نافارو تم الإتفاق على تعيينه يوم الجمعة 1 أكتوبر 2010، على اتر اجتماع رئيس الوزراء الإسباني خوسيه لويس رودريجيث ثاباتيرو بالملك محمد السادس بنيويورك ، وهو القادم من لشبونة سنة 2008 وقد شغل عدة مناصب هامة في إسبانيا والاتحاد الأوروبي منها: سفيرا لبلاده في هندوراس وتشيكوسلوفاكيا وممثلا لاسبانيا أمام الاتحاد الأوروبي، ثم سفيرا للمفوضية الأوروبية في البرازيل، خلفا لسلفه لويس بلاناس الذي عين ممثلا لإسبانيا لدى الاتحاد الأوروبي ، في حين تم تأخير تعيين ولد سويلم سفيرا للمغرب ، القيادي البارز في صفوف البوليساريو وأحد مؤسسيها، في بداية سبعينيات القرن الماضي، ويعتبر أحد أبرز شيوخ قبيلة أولاد الدليم، وأحد مؤسسي البوليساريو سنة 1973 في الوقت الذي كان لا يتجاوز 22 سنة، لكنه كان وقتها العضو الوحيد في الجمعية الإسبانية (البرلمان) ، بينما كان والده عضو (الكورطيس)، البرلمان الإسباني،. تعين ولد سويلم من طرف الملك محمد السادس،بعد عفو من نوع خاص بالصحراء المعروف بإختصار بعرف " إن الوطن غفور رحيم"، تزامن مع الإحتفال بالذكرى العاشرة لعيد العرش، بعد ما بقي منصب السفير شاغرا بمدريد لمدة طويلة و الذي كان يتولاه عمر عزيمان والذي صادف خلال مشواره الدبلوماسي في مدريد أزمتان؛ تمثلت الأولى في زيارة غير مسبوقة قام بها ملك إسبانيا خوان كارلوس وعقيلته الملكة دونيا صوفيا لمدينتي سبتة ومليلية، حيث تم استدعاء السفير عزيمان إلى الرباط للتشاور، وظل هناك أكثر من شهرين قبل العودة إلى موقعه في مدريد بعد انتهاء الأزمة. أما الأزمة الثانية، فتمثلت في الإضراب عن الطعام الذي شنته الناشطة الصحراوية أمينتو حيدر أواخر 2009.. ، وهنا لامفر من طرح بعض الأسئلة ، مادام أن موضوع " دنييال" أثار مسالة غاية في الأهمية وهو دور الدبلوماسية ، والسفارات في معالجة قضايا الأجانب . إن الخروج الإعلامي للسفير الاسباني يثير الشكوك ، وهوا لذي سيجعل الموضوع مفتوحا ، فإذا كان الحسم لم يثم بعد في محاكمة المجرم "دنييال" في اسبانيا ، فإن تصريح السفير نافروا سيجعل الأمر أكثر تعقيدا ، ومادم أنه ينفي قطعا أن يكون هناك اتصالا بشخص المستشار الملكي فؤاد علي الهمة ، فإنه من جانب أخر يؤكد على التعامل مع مؤسسات الدولة ، وهنا الأمر يستدعي توضيحا من رئيس الحكومة عبد الإله بن كيران الذي ذكر هو الأخرى اسمه في مانسب إليه من أن ملك اسبانيا التمس منه طلب التدخل لدى الملك للعفو على احد الإسبان لدواعي صحية ، فهل يحتاج السفير الاسباني مرة أخرى إلى إقناع الرأي العام الاسباني ، في إصدار بلاغ أخر ينفي فيه ما نسب إلى الملك خوان كارلوس ؟؟ ، ربما تكون السفارة الاسبانية من المفروض عليها على الأقل تنوير الرأي العام الإسباني الذي يهمه موضوع العفو على ذوي السوابق العدلية ، كما أن غياب الغير المبرر للسفير المغربي في اسبانيا يطرح أسئلة ألامبالاة بقضايا المغاربة ، خاصة وان مباشرة مسؤولين مغاربة من وزارة العدل والحريات ولقائهم مع نظرائهم الإسبان لتدارس قضية المسمى دانييل كالفان المدان في المغرب بالاغتصاب والذي سحب العفو الذي منح له ، سبقه ما نقل عن جريدة "إيل باييس" الإسبانية من تبريرات عن السفير الإسباني في الرباط، ألبرتو نافارو، قوله إنه لا يمكن تسليم دانيال كالفان إلى المغرب ل"أنه مواطن إسباني"، ما يعني أنه سيتم التعامل معه كأي سجين إسباني في المغرب تم ترحيله إلى سجن في بلاده". وهو نفس الإتجاه الذي سار عليه الرميد وزير العدل في تصريح عبر "القناة الثانية " قبل التقاء مسؤولين من وزارته بنظرائهم الإسبان، حيث أكد منذ الوهلة الأولى أن المغرب منفتح على أي اقتراح تتقدم به السلطات الإسبانية في شأن المجرم الإسباني غالفان وهي إشارة قبلية إلى كون المجرم الاسباني لن يعود إلى المغرب ، في حين أن تتبع هذه الإجراءات لم يعار لها الإهتمام الكافي من طرف السفارة المغربية بمدريد خاصة وان أعمال الدبلوماسيين عادة ما يتضمن نقل الرسائل بين وزارتي خارجية بلدي المرسل والمضيف، ويتوقف نجاح التفاوض على الأسلوب والطريقة التي يتم بها نقل الرسالة. ،وموازاة مع ذالك تتحدث مصادر من المحكمة العليا ببلنسية، وضع شكاية جديدة ضد المسمى "دانييل كالفان فينا"، ، "للاشتباه في اغتصابه قاصرا قبل سنوات" بتوريفيخا (أليكانتي). وهذا الإجراء الذي اتخذته العائلات الاسبانية أيام فقط من وصول المجرم "دنيال"التراب الإسباني ، يحتاج إلى توضيح من طرف سفارتنا في مدريد التي يرأسها عائد من تندوف ، مادام أن مساعي المغاربة هو عودة المجرم إلى سجنه بالقنيطرة لإغلاق الملف . أسئلة حول السفارة المغربية والاسبانية تحيلنا إلى سؤالا أخر عن السفارة العراقية التي لم تحرك ساكنا رغم ورود اسم" دنييال" كضابط عراقي في عهد الرئيس الأسبق صدام حسين ؟؟ فهل الخرجات الإعلامية للسفير الاسباني ، من شأنها أن تثير فضول البحث المضني عن حقيقة صمت سفارة المغرب بمدريد ، وسفارة العراق بالرباط ؟؟ وهل هناك جامع بين هذا الاكتشاف الغير مفهوم لفضيحة "دنييال" وعلاقات التحالف ضد الارهاب الذي قاده بوش، اسئلة مثيرة تحول دون اغلاق ملف "دنييال"، خاصة وان اسبانيا اليوم تطالب بجبل طارق من بريطانيا الحليف الاستراتيجي للولايات المتحدةالامريكية. في نفس الوقت نتسأل عن سر زيارة كارلوس وعلاقتها بمشروع النفق لربط افريقيا باوربا ، وهل حسابات اسبانيا و تلين مواقفها حيال قضايا سبتة ومليلية ، والصحراء . ، رهين بدعم المغرب لاسبانيا في قضية جبل طارق ، بحشد تأييد عربي للتصويت لصالحها في الاممالمتحدة ؟؟؟.