أكد تقرير للبنك الدولي أن المغرب هو أحد أكثر البلدان شحا في المياه بالعالم، إذ يقترب بسرعة من الحد المطلق لندرة المياه البالغ 500 متر مكعب للفرد سنويا. ونبه البنك الدولي في تقرير له حول "المناخ والتنمية بالمغرب" إلى أن تزايد حالات الجفاف وشدتها، يشكل مصدرا رئيسيا لتقلبات الاقتصاد الكلي، وتهديدا للأمن الغذائي في المملكة. وعلى المدى الطويل، يمكن أن يؤدي انخفاض توافر المياه وانخفاض غلة المحاصيل بسبب تغير المناخ إلى خفض إجمالي الناتج المحلي بنسبة تصل إلى % 6.5، يضيف التقرير. وفي الوقت الذي تبلغ فيه الزراعة المعتمد على المطر بالمغرب 80 في المئة، حذر التقرير من تأثر هذا النوع من الزراعة بالجفاف وشح المياه بفعل التغيرات المناخية قد يؤدي إلى هجرة ما يصل إلى 1.9 مليون مغربي إلى المناطق الحضرية بحلول عام 2050، وهو ما يمثل حوالي 5.4% من إجمالي السكان. وتوقف البنك الدولي على نهج المغرب لسياسة بناء السدود في العقود الأخيرة، مع توسيع شبكة الري بالتنقيط، مما أدى إلى زيادة إنتاجية المياه في القطاع الفلاحي ، الذي يعد أكبر قطاع مستهلك للمياه في المغرب، وقد ساعد ذلك المغرب على التحول إلى محاصيل أكثر إنتاجية ومضاعفة القيمة الزراعية الحقيقية المضافة تقريبا على مدى العقدين الماضيين. لكن ومقابل ذلك، أدت هذه الاستثمارات الكبيرة إلى زيادة الضغوط على الموارد المائية، وأدت إلى الاستغلال المفرط لموارد المياه الجوفية. وأكد التقرير أنه في إطار ارتفاع مستوى تعرض المغرب لمخاطر موجات الجفاف وشح المياه، فإن الاستثمار في البنية التحتية للمياه يحقق عوائد إيجابية للاقتصاد ويجب أن يظل أولوية، وهو الاستثمار الذي ينبغي أن يقترن بتدابير إضافية، مثل إدارة الطلب على المياه، وحكامة المياه، وغير ذلك من الإجراءات المصممة لإحداث تغييرات سلوكية، وهو ما يتسق مع توصيات النموذج التنموي الجديد. ومن باب المفارقة، رصد ذات التقرير أن المغرب مهدد بالجفاف، لكنه مهدد أيضا بالفيضانات التي تشكل عائقا للتنمية، فالفيضانات هي أكثر الأخطار الطبيعية المرتبطة بالطقس في المغرب وهي الأكثر حدوثا، وتسبب خسائر مباشرة تقدر بنحو 450 مليون دولار سنويا، ناهيك عن أثرها غير المتناسب على الأسر الأكثر احتياجا وضعف. وبالإضافة إلى ذلك، ونظرا لأن أكثر من 65 % من السكان و 90 % من الصناعات تتركز على ساحل المملكة، فإن ارتفاع منسوب سطح البحر يشكل عامل إجهاد آخر طويل الأجل، لاسيما في المناطق المنخفضة التي ستسهم في تفاقم مخاطر الفيضانات. وأبرز التقرير أنه ورغم وضع المغرب هيكلا متطورا لإدارة مخاطر الكوارث وتمويل جهود التصدي لها، إلا أن حجم الاستثمارات في الحد من المخاطر والتغطية التأمينية لا يزال غير كاف.