ظهر الحراك الاجتماعي في تونس ثم مصر واليمن فليبيا ثم سوريا،ليتوج بإسقاط الرؤساء أو الشخصيات الحاكمة، وليس إسقاطا للأنظمة، كما كانت تطالب بذلك الجماهير الغاضبة و الحشود الكبيرة في الشوارع...و ذلك لأن الأنظمة لا تسقط بسقوط الأشخاص بل بسقوط-أو قل-بدك البنية القائمة اقتصاديا و اجتماعيا و سياسيا... و على غرار الشارع العربي المنتفض، خرجت حركة 20 فبراير في المغرب، لتطالب هي أيضا بسقوط الفساد، لكن دون تحديد ماهيته. توجت بإجراء انتخابات باهتة أوصل فيها رجال الدولة العميقة الإسلاميين إلى رئاسة الحكومة، وذلك سيرا على منوال دول الربيع العربي. بعد مرور ما يقرب العامين على تولي الحكام الجدد زمام الأمور في هذه البلدان، ظهرت حركات جديدة تطالب بإسقاط الحكام الجدد أنفسهم، والذين كانوا بالأمس القريب أصدقاء و رفاق الميدان الذي طالب بإسقاط الأنظمة التي سيطرت لعقود طويلة في مصر و تونس. وكلها أمور طبيعية في تاريخ أي حراك و ثورة...لتتوج هذه الحركة المعارضة بإسقاط الرئيس المصري،بعيد تأسيس "حركة تمرد" التي حشدت الملايين في وجه الرئيس المعزول، وليتم بعد ذلك تأسيس حركة تمرد التونسية التي تطالب هي نفسها بتصحيح مسار الثورة. على غرار الشارع المصري و التونسي ظهرت حركة "تمرد المغربية قهرتونا" ،تطالب هي نفسها بإسقاط الحكومة، و تشكيل حكومة كفاءة وطنية، وملكية برلمانية و العدالة الاجتماعية وهلم جرا من المطالب الاجتماعية و السياسية ...وهي المطالب نفسها لحركة 20 فبراير. لكن الملاحظ على هذه الحركة الجديدة من خلال اجتماعاتها الأولى هو غياب مجموعة من الهيئات السياسية و الاجتماعية ذات الثقل النضالي و السياسي والعددي ،كتلك التي ظهرت مع فجر 20 فبراير،مما سيضع الحركة أمام محك كبير هو :ما مدى نجاحها في حشد الزخم الجماهيري في خرجاتها الأولى كالذي حشدته 20 فبراير في أوج عزها؟ إذا كانت تمرد المصرية هي تصحيح لمسار الثورة هناك،-هل تصحيح أم انقلاب- "فإن تمرد المغربية قهرتونا" لم تكن صريحة في توجيه سهامها إلى مكمن الخلل في المغرب، فهي تمرد ضد من؟هل ضد الحكومة أم من يحكم الحكومة؟ فالقاصي و الداني يعلم أن الحكومة ليس بيدها شيء، فكل ما تقوم به هو تصريحات هنا وهناك، ومرارا و تكرارا صرح زعيمها بأنه"مافيدهش"انه مجرد رئيس للحكومة. أليس حري بهذه الحركة أن تكون واضحة فكريا و ثابتة مبدئيا ، حيث تشير إلى مكمن الخلل بشكل واضح لا يحتاج إلى تأويل وبدون لف أو دوران.؟ألا بجدر بنا أن نتساءل ما الفرق بين "تمرد قهرتونا" و حركة 20 فبراير؟ هل ظهور هذه الحركة هو بداية لبلقنة-تمزيق-احتجاجات الشارع؟ وهل من مصلحة الشعب مثل هذه التفرقة؟ كلها أسئلة ليس الكفيل بالإجابة عنها أصحاب هذه الحركة أو تلك، فالواقع والأيام القادمة هي من سيقدم الإجابة الصحيحة.