هو كل فرد ينتمي إلى الأغلبية الساحقة من الشعب المغربي من فقراء الطبقة المتوسطة و من الطبقات الشعبية التي تعيش البؤس على جميع المستويات إقتصاديا و سياسيا و ثقافيا ،فهو نمودج للعبودية المزدوجة : المفروضة من طرف المخزن و المختارة التي قبلها ،عن وعي أو عن لاوعي ، نتيجة كفاية الخنوع المكتسبة عبر سيرورة طويلة من التدجين و القهر . فالمغربي الصغير تطبع مع الأغلال لدرجة أنه صار يخشى أن يفقدها ؛ وأصبحت السلاسل تأتث حياته و حولته لقن مطيع لمختلف الأسياد الذين صنعهم : الاب ،الفقيه ،رجل السياسة ، صاحب السلطة ... هو فنان بارع في تحويل المفاهيم : فالتخلف بالنسبه له هو خصوصية ،والذل هو صبر جميل ، و القهر وفق تعريفه طاعة لأولي الأمر ،وبيع روحه للمتاجرين بالدين في نظره إيمان وورع . هو أيضا الذي له هواية لعبة الإعادة ، يحاول ان يعيد كل شيء : الزمن الماضي ، القيم الماضية ، البرلماني الإنتهازي الذي صوت عليه و لم يفعل شيء ،العادات البالية والتقاليد ....فله أزمة مع الوقت والزمن يهوى ماضيه ولايدري لماذا ، ويعيش فصاما عنيفا مع حاضره و لا يقيم إعتبارا لمستقبله . هو من قوة الروتين الذي يعيشه في وجوده ، أصبح مرتبطا بعالمه الصغير البئيس لدرجة صار يخشى كل جديد ممكن أن يحول شبه حياته إلى حياة ، وتحول إلى خفاش يعشق الظلام و يخاف النور ، وأصيب بمازوشية عنيفة أتجاه مستبديه و جلاديه .أصبحت ذهنيته عبارة عن كثل من العوائق المعرفية و منجم لتفريخ مختلف أليات و ميكانيزمات التأخر والتخلف و الشعودة ، فهو يتعامل مع العلم بشماتة و يتحين الفرص ليرميه خارج جمجمته التي أصبحت مستوطنة بثقافة ماضوية أصولية شوفينية و خرافية . هو مقهور وقاهر ؛ هو ضحية أسياده و جلاد لمن أضعف منه : زوجته ،أطفاله ، تلاميدته ، زبناءه... المغربي الصغير له أنفة مصطنعة بدوية : الذكورة في الشكليات و الأشياء المبهمة ولكنه خاضع رام لكل أشكال الكرامة أمام حاكميه و مديريه و أرباب عمله . هو مصاب ببانورايا تسقط أوساخه على الأخرين و مجمل بارع لبشاعته ، يستطيع بسهولة أن يبرر أخطائه و أمراضه إما بإرجاعها لإلاهه أو رميها على الأخرين . هو منافق بإمتياز، يعيش بأقنعة متعددة ليخبأ بواسطتها كل الضعف و الهوان الذي يحس به ، فهو غير قادر على مصارحة ذاته لغسل وساختها ، لهذا فهو حقود على المرايا التي تعكس بشاعته . يخاف التغيير و يعشق التقليد ، مريض بالخوف و التخلف ، العيش الكريم بالنسبة له إشاعة و السعادة غول . يعيش الإنتظار و يكره الفعل ، حياته عبارة عن لحظات بؤس مستنسخة و مملة ، ولكنه يمارس عليها نوعا من التثقيف ليجملها بكلمات مثل "غادي تسلك و المكتوب والقدر ". الغد بالنسبه له لغز لا يحله سوى من يتلاعب أكثر بعقله و مصيره (بعد الاتحاد الاشتراكي أنجح المغربي الصغير إنتهازية اشد تخلفا وهي حزب العدالة والتنمية ) . هو مؤمن بالوسائط مع إلاهه ؛ بتجار دين ومشعودين يمصون مخه ليصنعوا منه مستقبلا لهم ( متخلف مثل الفيزازي لولا المغربي الصغير لكان نكرة حقيرة ) المغربي الصغير رضي بدور الوسيلة وليس الهدف : هو سلم يصعد عليه كل أسياده الذين خلقهم، و لم يكتف بهذا فقط بل هو مدافع شرس عن هذا الوضع ليقف أمام كل محاولة تحوله إلى كائن مستقل له غاية من هذه الحياة . فهو لايعيش سوى إدا كان مريدا : للشيخ و رجل السياسة والمسؤول و يموت إدا أصبح مستقلا ، يعشق أن يكون مبتلعا : من طرف الاسرة و القبيلة و الدرب والجماعة و الحزب .... وجوده لا يحمل معنى سوى بفعل الإنتماء و كينونته لا تكتمل سوى بفعل التبعية . هو عابد لمصلحته الجد ضيقة و إنتهازي بارع مع أمثاله لكنه مصاب بفشل دريع في مواجهة أسياده ؛ يمكن أن يضحي بكل شيء في سبيل إرضائهم . المغربي الصغير في الاخير هو مسكين ، مقهور في لقمة عيشه و معولب بثقافة ماضوية متخلفة في عقله و أناه الأعلى مليئة بالقيود و العوائق ، هو مهدور الإنسانية و مخصي الإرادة وضحية تكالب مخزن وقح في الفساد و أصولية متطرفة في التخلف و الجهل . ملاحظة : العنوان مستنبط من عنوان كتاب رائع لويليام رايش وهو مؤلف " إسمع أيها الرجل الصغير "