يشغل الفيس بوك مجالا واسعا في حياة الفرد والمجتمع لرحابته التي تسمح بمناقشة مجموعة من الأمور لا يتسع مجالها في مواقع أخرى, حتى أصبح يسمى موقعا اجتماعيا لأنه يجمع جل مكونات المجتمع بما فيها جمعيات المجتمع المدني والأحزاب السياسية وفعاليات أخرى من السلك الدبلوماسي. لذلك فاستغلال هذا المكون الاجتماعي فيما سيعود بالنفع على الإنسان يعد الهدف الذي يصبو إليه كل من يعشق النقاش ومقارعة الأفكار بالأفكار لا النقاش الجاف الذي لا فائدة ترجى من ورائه. وتشير الإحصاءات إلى أن الأكثر إقبالا واستعمالا للفيس بوك سواء في العالم العربي عامة أو المغرب خاصة هم الشباب، هذا المكون الذي يعتبر الدعامة الأساسية التي يعتمدها أي مجتمع في البناء والتشييد, يشيد عالما خاصا به في عالم آخر يسمى الفيس بوك، يبني فيه أفكاره، يناقشها بشكل جميل وحضاري، يؤدي في الأخير إلى إخراج الفكرة من الافتراض إلى الواقع, وهذا حصل بالفعل إذ أصبحنا نرى جمعيات أسست على شكل مجموعات في الفيس بوك، وبالنقاش الحضاري الهادف تم إخراجها إلى حيز التنفيذ، وأضحت مكونا من بين مكونات المجتمع المدني وذات سلطة اقتراحية, بل أكثر من ذلك استفادت من سهولة تبادل الأفكار والمعلومات والمعرفة, كما أنه باب للتواصل والاتصال و يسهل على الإعلاميين اللقاء ببعض الشخصيات النافدة في البلدان كأمناء الأحزاب ورؤساء المصالح العامة والخاصة إلى آخره من الأمور التي يلعب فيها الفيس بوك دورا مهما في الحياة. إلا أننا نصطدم بحقيقة وجود شباب يسعى من وراء الفيس بوك إلى شيء آخر سلبي محض وعقد لقاءات المجون والدعارة "الفيسبوكية", ويستغل الفيس في أمور غير أخلاقية لا مهنيا ولا إنسانيا, ويسعى سعيه وراء أعراض الناس ويستغله بشكل سلبي ناشرا صور الخلاعة وإثارة النعرات الطائفية، وكذا التشهير و السب والقذف. فهذا الاستعمال السلبي يؤدي في غالب الأحيان إلى فتنة لا تحمد عقباها, مع العلم أن الاختلاف في الأفكار والآراء لا يفسد للود قضية, ولكن البعض لا يستسيغ هذا ويسعى من وراء ذلك إلى إنزال جام غضبه على الإنسان الذي يقارعه بالفكر, سعيا منه إلى القضاء على نور النقاش وشمس الحضارة بنشر شتى أنواع الرذيلة والسلبية، أو تشويه صورة بعض الشخصيات الفاعلة في المجتمع بكل أشكال القذارة والتحقير. هناك نقاشات ومواضيع عديدة يفتحها شباب اليوم، أو جيل المستقبل إن صح التعبير على هذا الموقع الاجتماعي، منها ما هو سياسي واجتماعي وصحي وبيئي إلى غير ذلك من المواضيع التي تعد حديث الساعة في الساحة المحلية والإقليمية والعالمية, وقد أدى تفاعلهم الإيجابي إلى الخروج بمجموعة من الأفكار والتوصيات أعطت نتيجتها على أرض الواقع، وزادت من هامش الحرية والحقوق, إلا أنه رغم كل هذا فلا زال بعض الشباب يعاني من مشاكل متعددة تختلف بحسب اختلاف البيئة أو المحيط الذي يعيش فيه أو ينتمي إليه. وبين سلبية وإيجابية الفيس بوك على شبابنا الالتزام التام بالخطوط الخضراء والحمراء في تعاملهم مع هذا الموقع إذ هناك أمور لا طائل من وراء الجري أو السعي وراءها لحصد نتائج مستقبلا كيفما كانت نوعيتها, فهذه النتائج تتعلق بأخلاق الشاب أو الشابة وقيمهم الإنسانية المثلى, والسعي إلى رسم منهاج خطة طريق وهدف سيصل إليه عاجلا أم آجلا. ولكن يبقى السؤال مطروحا ومفتوحا, كيف وما هي نوعية الأهداف التي يخطها كل شاب؟ وفي نقاش الشباب على الموقع لا بد من المعرفة التامة والشاملة وثقافة عامة تكون بمثابة حصن حصين لهذا الشاب من إكراهات مختلفة تختلف بحسب الناس أو الشباب الذين يتعامل معهم حتى لا يسقط في الجهل المركب الذي يسقط فيه العديد من شبابنا, والتحلي بالأخلاق الفاضلة وقيم الإنسانية والتغيير إلى الأفضل. وكما سبقت الإشارة فإن بعض الشباب شغله الشاغل هو السعي وراء أعراض الناس والتفكيك الأسري والعائلي، وكذا نشر أفكار تافهة لا أساس لها من الصحة لخدمة أجندة معينة, فهذه أمور لا تمس صلب ما يعانيه الشباب من مشاكل : البطالة والفقر والبؤس والمخدرات والخمر ... إلى آخره من الظواهر الاجتماعية التي أصبحت تنخر في الشباب وترمي بهم في جب لا قرار له. مدينة القصيبة - إقليم بني ملال