تقدم قضاة المغرب بمذكرة ترافعية إلى رئيس الحكومة عزيز أخنوش، من أجل إحالة القانون رقم 38-15 المتعلق بالتنظيم القضائي على المحكمة الدستورية للبت في مدى مطابقته للدستور. وطالب المكتب التنفيذي لنادي قضاة المغرب، رئيس الحكومة، بإحالة القانون رقم 15-38 المتعلق بالتنظيم القضائي، والذي تمت المصادقة عليه من لدن مجلس المستشارين بتاريخ 01 فبراير 2022، على المحكمة الدستورية للنظر في مدى مطابقته لمقتضيات الدستور، خصوصا في شقه المتعلق بالمقتضيات المنظمة للجمعية العامة داخل المحاكم. وضمن النادي مذكرته بعدد من الملاحظات التي يراها تتناقض والتوجهات الدستورية بخصوص القضاء واستقلاليته والتدبير الديمقراطي لهذا المرفق الهام كما أقره الدستور، حيث شدد على أهمية مجلس الجمعية العامة للمحكمة، التي اعتبر النادي أنها يجب أن تكون ذات الصلاحية في التقرير بخصوص تدبير المحاكم, مسجلا أنه للجمعية العامة داخل المحاكم، باعتبارها جهازا قضائيا مستقلا، مهام قانونية ذات ارتباط وثيق بضمان حق المواطن في التقاضي المنصوص عليه في الفصل 118 من الدستور، وهي: تحديد الأقسام والغرف والهيئات وتأليفها داخل المحكمة، وتوزيع القضايا والمهام على قضاة هذه الأخيرة، وضبط عدد جلسات وأيام وساعات انعقادها. كما أشار المصدر، إلى أنه للجمعية العامة، وفق هذه المهام، دور محوري في تكريس مبدإ استقلالية السلطة القضائية المنصوص عليه في الفصل 107 من الدستور، وضمان تنزيله تنزيلا حقيقيا وعمليا على أرض الممارسة القضائية، خصوصا على مستوى استقلالية القضاة في عملهم القضائي عن الإدارة القضائية. واعتبرت المراسلة، أن مقتضيات مشروع القانون المنظمة للجمعية العامة لم تراع هذه القواعد بالمرة، إذ أسنَدت، في مادته 26، المهامَ الأصلية للجمعية العامة إلى مكتب المحكمة الذي يتشكل من أصغر وأكبر قاض من قضاة المحكمة، ورؤساء الأقسام بها، إضافة إلى المسؤولين القضائيين القائمين على الإدارة القضائية بها وبعض نوابهم. ويضيف المصدر، أن الجمعية العامة يجب أن تجد من أي دور آخر حينما قَصَر اختصاصها على مجرد الاطلاع على عرض رئيس المحكمة الابتدائية أو الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف، حسب الحالة، لبرنامج تنظيم العمل داخل المحكمة دون أي إمكانية لمناقشته والمصادقة عليه وفق آلية التسيير الديمقراطي الذي أضحى اختيارا دستوريا بموجب الفصل 1 من الدستور، وهو ما قد يثير الكثير من الإشكالات ستَعتوِر، لا محالة، التدبير الأمثل للشأن القضائي داخل المحكمة. وأكد نادي قضاة المغرب، أن المادة 26 وما يليها من المشروع، أغفلت تحديد طريقة دعوة مكتب المحكمة، وكذا النصاب القانوني الواجب اعتماده لعقد اجتماعه، فضلا عن عدم وضعها لآلية تصريف الاختلاف داخله من حيث المناقشة والتصويت وترجيح الأصوات عند التساوي وما إلى ذلك من التقنيات المتعارف عليها ديمقراطيا. ورصدت المذكرة، إسناد سلطة القرار في وضع برنامج عمل المحكمة إلى مكتب هذه الأخيرة، دون إمكانية مناقشته وعرضه على مسطرة مضبوطة للمصادقة عليه من طرف الجمعية العامة المكونة من كل القضاة (رئاسة ونيابة عامة)، مع هيمنة الإدارة القضائية على العضوية فيه، قد يشكل مدخلا من مداخل التأثير على استقلالية السلطة القضائية. وأكدت المذكرة، أن مشروع القانون قد جاء مخالفا لصريح ما ذهبت إليه المحكمة الدستورية في قرارها الصادر بتاريخ 08 فبراير 2019، تحت عدد 19-89، في الملف عدد 19-041، والذي بت في مدى مطابقة القانون رقم 15.38 للدستور من عدمه، حيث أقرت مبدأ تشاركية القضاة في تسيير الشأن القضائي بالمحكمة من خلال فتح المجال أمامهم لمناقشة مشروع برنامج توزيع المهام والقضايا عليهم المُعد من لدن مكتب المحكمة. كما شددت المراسلة، على أن آلية المصادقة عليه بالتصويت عبر نصاب قانوني محدد ومضبوط، معتبرة أن المقتضيات المنظمة لهذه الآلية غير مكتملة من حيث عدم استشرافهاللحالات المتعلقة بعدم تَمَكن الجمعية العامة من عقد اجتماعها بسبب عدم حضور ثلث الأعضاء، وكذا عدم مصادقتها على مشروع برنامج العمل المعروض عليها بأغلبية الحاضرين. وطالب النادي من رئيس الحكومة إحالة القانون رقم 38-15 المتعلق بالتنظيم القضائي على المحكمة الدستورية للبت في مدى مطابقته لمقتضيات الدستور، وحماية لاستقلالية السلطة القضائية، وصونا لحق المواطن في عدالة مستقلة وناجعة. ويهدف مشروع القانون 15.38 المتعلق بالتنظيم القضائي، إلى ضبط العلاقة بين السلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة والوزارة المكلفة بالعدل داخل المحاكم، وتحديد اختصاصات الوزارة في مجال تدبير الإدارة القضائية، كما ينص على وجوب تحديد الخريطة القضائية وفق مقاربة عقلانية تهدف إلى تحقيق القرب من المتقاضين وتسهيل الولوج إلى العدالة وفعالية الإدارة القضائية ومراعاة حجم القضايا وكذا المعطيات الجغرافية والديموغرافية والاجتماعية، بالإضافة إلى اشتغال المحاكم بما يؤمن انتظام واستمرارية الخدمات القضائية وعقد الجلسات، مع اعتبار اللغة العربية هي لغة التقاضي والمرافعات أمام المحاكم وصياغة الأحكام مع مراعاة المقتضيات الدستورية المتعلقة بتفعيل ترسيم اللغة الأمازيغية، وتفصيل حقوق المتقاضين وما يرتبط بها بشأن ممارسة حق التقاضي والمساعدة القضائية والمساعدة القانونية والتعويض عن الخطأ القضائي، مع النص على تنفيذ الإجراء ات وتطبيق المساطر أمام المحاكم بما يضمن المحاكمة العادلة في جميع مراحل التقاضي واحترام حقوق الدفاع، وتيسير الوصول إلى المعلومة القانونية والقضائية، وتمكين المتقاضين من تتبع مسار إجراء ات قضاياهم عن بعد، في احترام تام للمعطيات الشخصية للأفراد وحمايتها والتواصل مع المتقاضين بلغة يفهمونها.