الواقع أن ظاهرة الاعتداءات الجنسية على الأطفال ظاهرة فظيعة أخذت تتنامى في واقعنا المعاصر،هاتكة بذلك عفة العديد من المدن والقرى، ظاهرة مقيتة تلف بظلالها الكالحة وتركتها البغيضة على أطفالنا الأبرياء وعلى أسرهم التي طالما دفعتهم قساوة العيش وقهرها الكافر لترك فلذات أكبادهم عرضة لمتاهات الشارع البهيم،وخدما محتقرا أو قل فريسة جنسية سهلة غضة طرية في البيوتات،أو ضحايا الوسطاء الأنذال للهجرة السرية إلى الخارج ولو على حساب العرض والشرف والاضطرابات النفسية التي ترافق صاحبها وتحطمه مدى الحياة،ناهيك عن المجتمع الذي لن تقوم له يوما قائمة بجيوش من المرضى النفسيين الأنذال تتربص بهم جيوش من الضحايا الأبرياء العتاة كل بضاعتهم حقد وكراهية وانتقام من عالم لم يرحم يوما ضعفهم وقلة حيلتهم ؟؟. لذا أحيي كل الفاعلين والمناضلين والدعاة الذين ما فتئوا يستنكرون بشدة كل هذه الممارسات غير الشرعية والاعتداءات الجنسية الممارسة على الأطفال وأدعو معهم إلى ما يلي: أولا: لماذا ومتى وأين...وكم ومن وكيف...أسئلة ضرورية تستوجبها خطوات الطريقة المثلى لحل أي مشكلة أو أزمة أومعضلة،ومن بين هذه المعضلات طبعا معضلة اغتصاب الطفولة وتدمير البراءة وآدمية الإنسان؟؟.لماذا هذه الظاهرة ما فتئت تستفحل في المجتمع ولا يخبو ضجيج وشظايا فضيحة جنسية على الأطفال إلا ليستعر من جديد وفي حالات أنكى وقصص أبشع وأماكن أوسع ؟؟.لماذا تتفاقم هذه المأساة الفظيعة رغم كل الجهود المبذولة ومن كافة الأطراف لمعالجتها أو على الأقل الحد أو التخفيف منها ومن آثار دمارها الشامل على الفرد والمجتمع ؟؟. نعم وجب علينا إعادة طرح الأسئلة الحقيقية ونحن نتحرك للتشخيص الميداني السليم والمعالجة التراكمية الكافية الشافية؟؟.ما هي الأسباب الحقيقية للظاهرة؟.من هم مجرموها وضحاياها ومن أية فئة و بيئة وثقافة هم؟.من هي الأطراف التي تقع عليها المسؤولية وكيف يتصرفون؟.ما هو الوجه والحجم القانوني في القضية؟.لماذا فشلنا في معالجة المعضلة حتى الآن؟.ما هي المقاربات البديلة والتي ينبغي اعتمادها بكل حجية ومقصد و منطق ؟؟. هذه الأسئلة ليست بديهية ولا مجترة ولا مستهلكة،ولنأخذ مثلا سؤالا بسيطا من قبل من سيحمي أطفالنا من الاغتصاب؟.أكيد أنني مثل الناس قد ذهبت في الإجابة عن هذا السؤال كل مذهب،فقلت الآباء بالدرجة الأولى وقلت الأساتذة والمربون وقلت المسئولون والقانون،وقلت كل شيء غير الذي كان يجب أن أقول وهم الأطفال أنفسهم؟؟؟.استنتجت هذا وغيرت على إثره قناعتي وأنا أتصفح في الموقع الإلكتروني لرابطة الأمل للطفولة المغربية: rabitatofoula.com،ففي إطار حملتها الوطنية لمحاربة الاستغلال الجنسي للأطفال وضع النسيج الطفولي الوطني في موقعه دلائل في الموضوع أحدهما يخص الأطفال وكيف يحمون ذواتهم بذواتهم،والآخر يخص الآباء و الآخر يخص الأساتذة والمربون ودائما كيف يحمون أطفالهم من الظاهرة المشينة؟.الغريب أن الدليل الموجه للأطفال هو من كان الأكثر تحميلا أو على الأقل نقرا وقراءة واطلاعا بالآلاف،يليه دليل الآباء ثم دليل المربون في الرتبة الأخيرة؟؟.وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على أن الأطفال أكثر اهتماما بالموضوع ربما لأنهم الضحايا،وربما كانت هناك اطلاعات أخرى من أطراف أخرى ولكن لنفس الهدف هو تحسيس الأطفال أو الضحايا المحتملين،والغريب أن يكون الاطلاع على دليل المربون هو الأقل اطلاعا عليه،ربما لأنهم أعرف بالموضوع أو رافضون له ما داموا يكونون هم الجناة في بعض الحالات ؟؟. وقل مثل ذلك على مقاربة الإعلام والتشهير التي قد تأتي بعكس مقاصدها أحيانا،خاصة في غياب المقاربة التربوية والمقاربة الحقوقية والأسرية والقضائية متكاملة ؟؟. لابد أن يكون الرهان على المقاربة الشمولية ويكون فيها الأطفال أنفسهم عنصرا أساسيا خلافا لكل المقاربات السائدة حتى الآن،ولا يستهينن أحد بطاقات الأطفال ومواهبهم وشجاعتهم أو ربما إصرارهم وعنادهم ومرارتهم إذا ما وعوا وعزموا واتحدوا،فالأطفال من كانوا وراء انتفاضة الحجارة وهم من على رأس من ملئوا ميادين التحرير،أفلا يكونون في مقدمة كل مسيرة استنكارية وتضامنية وكل الأشكال النضالية،حتى يبتكوا بشعاراتهم أذان المستبدين والمفسدين والمتخاذلين ؟؟. على أي نعود إلى سؤالنا الجوهري: متى سنتمكن من حماية أطفالنا من الاغتصاب فعلا ؟؟.وهل الحملات والمظاهرات والمحاكمات وحدها تكفي،أم أن الأمر أعقد من ذلك وهو يتطلب أمورا أخرى غائبة أو مغيبة على الأرجح لتبقى الأمور في غالبيتها جعجعة ولا طحين،واستثمار في تفاقم المشاكل بدل تنمية الحلول وتعميمها وإحكامها؟؟. 1- سنتمكن من حماية أطفالنا من الاغتصاب،حينما تتحمل كافة أطراف المجتمع مسؤوليتها في واجب تشجيع ثقافة العفة والفضيلة ومحاربة سخافة الميوعة والرذيلة،التي تعتبر بحق من الأسباب الرئيسية لهذه الفواحش اللواطية الاغتصابية الشنيعة لكونها تتغذى بالأساس على الخلاعة والشذوذ والإباحية ومختلف مظاهر الفقر والتفقير والجهل والتجهيل والعري والإثارة والدعارة،ولكل هذا مع الأسف لوبيات وعصابات وسياسات خفية ومعلنة ؟؟؟. 2- سنتمكن من حماية أطفالنا من الاغتصاب،حينما تهتم الأسرة بأبنائها وتوجيه الرعاية والعناية والتوجيه اللازم لهم حتى يتعلموا ويتربوا ويترعرعوا على مفاهيم الحلال والحرام والطاعة والمعصية والخطأ والصواب...،من منابعه الفطرية الصافية لا من انحلال الشارع وفوضاه أو من غواية الفضائيات البهيمية البوهيمية،ومع الأسف كم منا يدافع عن ثقافات مستلبة تغتصب الأطفال حتى من أسرهم فتنسبهم إلى الشوارع والمآوي هذا إن لم تغتصبهم حتى من حقهم الطبيعي في الولادة والحياة ؟؟؟. 3- سنتمكن من حماية أطفالنا من الاغتصاب،حينما تعتني الجمعيات المدنية وكل المؤسسات الدينية والتربوية والإعلامية ببرامج التربية على مكارم الأخلاق وتنمية شخصية الأطفال في أجواء من الثقة والانفتاح الإيجابي والصداقة الوفية،حتى يكتسبوا ثقافة الممانعة الذاتية ضد مظاهر الشذوذ والإباحية،والرفض التلقائي للانخراط في عصابات الانحراف والعنف والهدر المدرسي والمخدرات والدعارة...،ولكن من غير المعقول هذا الهمل الذي عليه صنف من أطفالنا وهم لا يدرون من أجسادهم شيئا،ولا درسوا عن أعضائهم الخاصة وأمراضها ما يحفظهم وإياها،وصنف آخر كثرة انفتاحه واستلابه وحريته غير المسئولة تفجر جسده وأعضاؤه قبل الأوان كالمنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى ؟؟؟. 4- سنتمكن من حماية أطفالنا من الاغتصاب،حينما ترصد السلطات وتحرص على تطبيق اتفاقيات حقوق الطفل التي وقع عليها المغرب وخاصة تلك التي ترمي إلى حماية الطفولة ورعايتها والعناية بها،والضرب بيد من حديد على كل القناصين المحليين والأجانب الذين يتربصون بحياة الأطفال وأمنهم وعرضهم وسلامتهم النفسية والجسدية،التي هي في الحاضر والمستقبل أمن وعرض وسلامة هذا الوطن ؟؟؟.أ 5- سنتمكن من حماية أطفالنا من الاغتصاب،حينما نفعل دستورنا الجديد كما ينبغي وخاصة فيما يتعلق بضمان كرامة الانسان المغربي في العيش وحقه في حرية التعبير والمشاركة في التغيير،وخاصة في مجلس الأسرة والطفولة ومجلس الشباب والعمل الجمعوي،وبكيفية لا تذوب فيه الطفولة في الأسرة فتضيع حقوقها،ولا بكيفية يذوب فيها الشباب في العمل الجمعوي رغم أهميته فيبتعد عن أدواره الأساسية في الدفاع وبشكل شمولي وديمقراطي عن قضاياه كسلامة الصحة والعقيدة وجودة التمدرس ووجود الشغل والتمكن من الزواج وغير ذلك من عوامل الاستقرار والعطاء الوطني،وأخيرا حينما نعتقد قولا ونؤمن فعلا أن أطفالنا وشبابنا أمانة في أعناقنا استرعانا الله إياها فلنحذر الرعاية مع الهمل ف"إن الله سائل كل راع ما استرعاه حفظ أم ضيع" ؟؟؟.