أخطر سوسة تقوض نظام التفاهة الرأسمالي الطفيلي في المغرب هي البطالة. وجميع ارقامها المقدمة رسميا غير صحيحة، مثلا الرقم 10 في المئة المتغنى بالهبوط تحت عتبته رسميا فهو مأخود بناء على احصائيات ومعايير "العام زين" التي تستند على احتساب الفئة النشطة في الاقتصاد المنظم وخصوصا في المدن. وفي هذا السياق، لا بد من التوقف عند أرقام وزير التربية الوطنية شكيب بنموسى بخصوص تباري 180 ألف مجاز لشغل 15 ألف منصب تعاقد خارج قانون الشغل وخارج الوظيفة العمومية. وأكثر من 80 في المئة من ال180 الف متبار تتراوح اعمارهم بين 25 و30 سنة. هذا الرقم وحده فضيحة تكشف عن فشل السياسات العمومية في ميدان التشغيل وفشل القطاع الخاص في تحريك عجلة النمو الإقتصادي الضعيفة جدا والمرهونة بالأمطار السماوية. لا أعرف سر هذا الارتياح الذي ينتاب ضمير المسؤولين عن كارثة البطالة التي قد تنفجر في وجه الجميع، بطالة ملايين الخريجين والمهدور حقهم في الدراسة والمنقطعين لأسباب تصنعها الدولة. بالأمس القريب، تحدث وزير التعليم العالي بخجل أمام مجلس المستشارين، وقد تعاطفت معه، عندما وصف الاكتظاظ بالاقبال المتزايد على الجامعات رغم أن المعاهد العليا المختصة في الهندسة والطب والصيدلة لم تستقطب هذه السنة الا 32 الف طالب. فيما استقبلت الجامعات ذات الاستقطاب المفتوح أكثر من 300 الف طالب جديد(عدد سكان قطر أو البحرين). جميل جدا ان يتجاوز المغرب عتبة المليون طالب في الاجازات الأساسية، التي يكرهها بنموسى والأوليغارشية التكنوقراطية داخل الحكومة. ولكن الاجمل أن يعي الأهمية الكبرى لهذه الأدمغة / المادة الرمادي في تحقيق التقدم الاقتصادي والإجتماعي المنشود. ورغم هذا العدد الكبير للطلبة الذين يدرسون من أجل العلم والبحث العلمي والشغل وهذا حق دستوري مكفول بالقانون الدولي. يأتي وزير تكنوقراطي جاهل بالحضارة والتاريخ ونضال الشعب من أجل الحرية والاستقلال والديمقراطية ولازال يحمل الجنسية الفرنسية، وقدم نسخة من النموذج التنموي الجديد للسفيرة الفرنسية قبل عرضه على الملك، ليقضي على آمال أكثر من مليون طالب (وزراء كل طالب أم ثكلى وأب مكلوم)في الحلم بمنصب مالي بسيط في التعليم بالتعاقد على علاته وويلاته. دون ذكر مئات آلاف أخرى من الخريجين الذين ينتظرون الذي يأتي ولا يأتي، وجزء كبير منهم أنهكهم القطاع الخاص الجشع، أو تائهين في مهن قطاع غير مهيكل أكثر هشاشة. *** لقد وصل نظام التفاهة في المغرب الى درجة مركزة من اللاعودة أمام حكومة تضم سياسيين فقط ( وهبي والبركة )والباقي تكنوقراط لا يفرقون بين الليف والبام في السياسة ومستعدون أن يوقعوا على أي قرارات(صادرة من دولة القرارات كما وصفها بنكيران يوما ما) جهزت له دون أن يدركوا أبعادها الخطيرة..لا تهمهم الا حقائبهم ومكانتهم الإجتماعية الزائفة…وتزلفهم لصناعهم وأولياء نعمتهم. لا حظوا ما فعل الوزير المخلوع محمد حصاد في ملف حراك الحسيمة وهو الرجل القوي في النظام الذي يدعي توفره على هاتف احمر بينه وبين الدوائر العليا. وفي النهاية كاد أن يتسبب في زعزعة استقرار البلاد في ملف الحسيمة وفي ملف انتخابات 2016، وكاد ينقل برامجه التخريبية الى التعليم قبل الإطاحة به، بعد أن روجوا أن الدولة توسلت اليه( وقبلت حتى رأسه) ليقبل بحقيبة التعليم وارتداء جبة مصبوغة بصباغة حزب الحركة الشعبية. المهندس حصاد هذا هو النموذج الذي لازالت تشتغل به ماكينة اختيار بروفايلات الوزراء. والموت للسياسة وللأحزاب والموت للشعب حتى. الاغلبية الساحقة من وزراء حكومة أخنوش هي من طينة الوالي/ المخلوع حصاد.( لا أعرف ان كانت الدولة قد استرجعت القطعة الأرضية التي حصل عليها بوصفه من لائحة خدام الدولة الى جانب لفتيت ولشكر والآخرين التي لازال الصحفي عمر الراضي يقبع بسببها في السجن….). هؤلاء الناس لا يحسون بآلام الشعب ولم ينتخبهم الشعب يوما، وولدوا وفي أفواههم ملاعق من ذهب طاطا وفضة تنغير وفوسفاط خريبكة. وهم الآن استحالوا آلى أوليغارشية تسببوا في ردة حقوقية وسياسية. وأذكوا بسلوكاتهم انهيار منظومة القيم واستفحل الفساد مععهم الى درجة غير مسبوقة. *** وبالعودة الى خرافنا كما يقول الفرنسيون: يجب سن قانون بصرف تعويضات عن البطالة من مال الشعب لأولاد الشعب. لأن هذه القنبلة قابلة للإنفجار في وجه الجميع. اذا استمرت في النمو ككرة الثلج فستلحق الضرر الأكبر الاستقرار الوطن والشعب. وكفى من الكذب على الذقون لا يمكن لحكومة التكنوقراط / الموظفين أن تنجز مهمات الدولة الإجتماعية. لا تخلطوا المفاهيم: الدولة الإجتماعية مشروع يساري أو على الأقل مشروع اشتراكي ديمقراطي. وأخنوش وجماعة الكارتيل المالي الذي يسنده لا يمكنه أن يتجاوز نظره وعمله مفهوم "الصدقة" المقدمة الى شعب المتسولين. وهي تجربة فاشلة تسابقت عليها الدولة والإسلاميين وتبنتها الأحزاب الإدارية ولم تسفر عن نتائج إيجابية: ازداد فقر وعدد الفقراء وازداد غنى الأغنياء وقل عددهم. وماتت الطبقة الوسطى، طبقة الثقافة والسياسة والأحزاب والمجتمع المدني. النموذج التنموي لحكومة أخنوش هو القروض للخارجية وضبط التوازنات المالية الماكرواقتصادية. وإغفال التوازنات الإجتماعية. والتطبيق المبالغ فيه لتوصيات صندوق النقد الدولي الجاهزة، والتعايش مع لوبيات الريع والمحسوبية والفساد. أما الحداثة و الديمقراطية وحقوق الإنسان ومحاربة البطالة فهي سياسة وأخنوش لا يقوم بالسياسة.