مشروع إماراتي إسباني لاستخراج رفاته وإعادة الإعتبار إليه تاريخ أبو عبيد الله محمد الثاني عشر، هو آخر ملوك الأندلس المسلمين الملقب ب"الغالب بالله". وكان ملكا على غرناطة (من بني نصر من ملوك الطوائف)، استسلم لفرديناندو وإيزابيلا يوم 2 يناير 1492. وسماه الإسبان el chico أي (الطفل) وBoabdil أي (أبوعبد الله)، بينما سماه أهل غرناطة الزغابي أي (المشؤم أو التعيس). خلعه والده ابن أبو الحسن علي بن سعد، من الحكم وطرده من البلاد عام 1482، وذلك لرفضه دفع الجزية لفرناندو الثاني ملك أراغون كما كان يفعل ملوك غرناطة السابقين. حاول غزو قشتالة عاصمة فرناندو فهزم وأسر في لوسينا عام 1483، ولم يفك أسره حتى وافق على أن تصبح مملكة غرناطة تابعة لفرناندو وإيزابيلا ملوك "قشتالة" و"أراجون". الأعوام التالية قضاها في الاقتتال مع أبيه أبي الحسن علي بن سعد وعمه أبي عبد الله محمد الزغل. في المنفى المغرب توفي آخر ملوك غرناط "أبوعبد الله" في مدينة فاس سنة 1533 حيث ترقد جثثه حتى الآن، ويعتزم فريق إماراتي إسباني استخراج رفاته لإزاحة غبار الذل والتعامل السيء الذي لحقه عبر التاريخ. وسيتم ذلك في إطار مشروع ممول من طرف الإماراتي مصطفى عبد الرحمان وخافيير بلاغوار السيناريست الذي يعمل على فيلم وثائقي طويل عن "أبوعبد الله" أطلق عليه إسم "رجل عامله التاريخ بسوء والفضل يعود له في إنقاذ غرناطة والامبراطورية". فقد أبو عبيد الله غرناطة في عام 1492، وهو ما يعني نهاية الأندلس، ونفي مع أسرته بالمغرب، في ما كان يعرف آنذاك بسلطنة فاس. وفي عام 1489 استدعى فرناندو وإيزابيلا "أبوعبد الله" لتسليم غرناطة، ولدى رفضه أقاما حصارا على المدينة، وفي 2 يناير 1492 استسلمت المدينة. انتقل لفترة وجيزة إلى قصر له في البشرات بالأندلس ثم رحل إلى المغرب الأقصى عند محمد الشيخ المهدي، ونزل في مدينة غساسة الأثرية المتواجدة في إقليمالناظور ونهايته أتت حين تقاتل مع قريب له يحكم فاس، حيث قتل قريبه في تلك المعركة عام 1527. كان من شروط الاستسلام أن يأمن الغرناطيون على أنفسهم وأموالهم ودينهم كمدجنين، ولكن ما إن استقر له الحكم بعد مرور 9 سنوات على سقوط غرناطة نكث فرديناندو بالعهد وخير المسلمين، إما اعتناق المسيحية وإما مغادرة الأندلس، وكانت تلك هي نهاية الأندلس. وقال فيرخيليو مارتينيث إينامورادو المستشار العلمي للمشروع الإماراتي الإسباني "من دون أن يعيش معارك وصراعات في فاس، لم يتبو"أبوعبد الله" أي منصب في الدولة إذاك، حيث عاش 40 سنة حتى توفي في صمت سنة 1533". دفن في "مصلى" فاس بعد 150 سنة على دفنه أراد أحد المؤرخين والذي يدعى "المقري"، أن يعرّف ب"أبوعبد الله" لأحفاده وذكر أنه دفن بالمصلى بفاس القريبة من "باب العدالة" إحدى أشهر المعالم التاريخية، والتي يطلق عليها اليوم إسم "باب المحروق". غير أن البيروقراطية المغربية، منعت الخبراء من إجراء الحفريات الأثرية والتي من الممكن أن تكشف تحليلات الطب الشرعي فيها عن سبب وفاة "أبوعبد الله". بلدية فاس عاتبت كل وزارة من شأنها إعطاء الموافقة على إجراء الحفريات، ومنها على الخصوص، وزارة الثقافة ووزارة الشؤون الإسلامية ووزارة الداخلية، وهي الجهات التي من شأنها إعطاء التعليمات النهائية بشأن إجراء الحفريات، المنتظر العمل عليها الأسبوع المقبل. الطبيب الشرعي الباسكي الأصل "فرانسيسكو إتشيباريا" رفقة فريق مكون من أربع علماء آثار، التزم بإتمام الحفريات فيما إذا توصلت إسبانيا بترخيص بذلك، مؤكدا أنه سيقوم باستخراج عظام وأسنان "أبوعبد الله" في ظرف خمسة أيام فقط، فيما ستتطلب تحاليل الحمض النووي شهرين. آخر سلالة ل"أبوعبد الله" رجحت الرواية التاريخية أنه إذا ما تم التأكيد على أنه يدفن في كنيسة فاس منذ خمسة قرون رجل يبلغ من العمر 70 سنة، يمكن آنذاك تحليل الحمض النووي لرجل يعيش حتى اليوم بالمكسيك، والذي تبين من خلال التحاليل أنه من سلالة "أبوعبد الله"، من أخت أو ابنة ملك غرناطة، والتي اضطرت لدخول المسيحية من أجل البقاء في غرناطة حيث أنجبت من "فيرناندو إلكتوليكو"، وسلالته هي التي أنشأت ما يسمى اليوم ب"الدول الأمريكية". من جهته أشار مصطفى عبد الرحمان إلى أنه مازالت هناك إمكانية وجود بقايا رفات أب أو جد ب "أبوعبد الله"، المعروف أنهم دفنوا بمنطقة "ألمونيكر" قرب غرناطةبإسبانيا. وفي وصفه ل"أبوعبد الله" قال عبد الرحمان "كان رجل دولة وحوار، محارب أنقذ حياة شعب بأكمله، وكان ضروريا أن يشهد له التاريخ". "أبوعبد الله" رجل السياسة والحوار قال عبد الرحمان إن أبوعبد الله" عرف عبر التاريخ على أنه خائن وجبان، وذكر التاريخ أن المكان الذي ألقى منه نظرته الأخيرة على غرناطة مازال معروفا باسم زفرة العربي الأخيرة (el último suspiro del Moro) ، حيث بكى فقالت له أمه عائشة الحرة "ابك كامرأة لأجل شيء لم تصنه كرجل". عبد الرحمان يؤكد أن "أبوعبد الله" كان "رجل سياسة وحوار بامتياز"، وهو الرجل الذي استطاع الدفاع عن حقوق الغرناطيين، وأخذ معه إلى المنفى مئات من الغرناطيين و2000 يهودي لم يريدوا البقاء في غرناطة. وأضاف عبد الرحمان أن "أبوعبد الله" كان رجل المواقف التاريخية، وقال "سيكون من المشوق العثور على بقايا رفاته، وحتى وإن لكم نتمكن من مواصلة البحث، سنكون على الأقل ربحنا الحديث عن رجل عظيم ك"أبوعبد الله". - عن موقع "أ بي سي" ترجمة: فاطمة شكيب