أعرب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان عن قلقه البالغ إزاء استمرار السلطات المغربية في اعتقال الصحافيين "عمر الراضي" و"سليمان الريسوني" في سجن عكاشة بالدار البيضاء، ما أدى إلى دخولهما في إضراب عن الطعام حتى إطلاق سراحهما. وأشار الأورومتوسطي في بيان له إلى أنّ الصحافيين لا يزالان قيد الاعتقال الاحتياطي منذ شهور عدة، ما دفعهم إلى الإضراب عن الطعام منذ يوم الخميس 8 أبريل، خاصةً بعد أن رفضت المحكمة الملتمسات العديدة التي تقدم بها دفاعهما من أجل إطلاق سراحهما بشكلٍ مؤقت، كونهما يمتلكان جميع ضمانات وشروط الحضور للمحاكمة ولفت المرصد الحقوقي الأوروبي إلى أن إدارة السجن عزلت الصحفيين انفراديًا، وأبقت زنازينهما مغلقة طوال النهار، في محاولة -على ما يبدو- للضغط النفسي عليهما، وإجبارهما على التراجع عن الإضراب عن الطعام. ونقل البيان عن ادريس الراضي والد الصحافي عمر أن ابنه في حالة صحية سيئة جدا داخل السجن، إذ فقد حوالي 10 كيلوغرامات من وزنه، كما أنه يعاني من مرض الربو ومرض آخر مزمن في الأمعاء. ونبه الراضي إلى أن مرض ابنه "يحتاج إلى فترة علاج متواصلة لا تظهر نتائجها الإيجابية إلا بعد 6 سنوات من تناول الدواء، وإذا لم يتم ذلك فإن المريض يصل إلى حالة مرضية لا يمكن معالجتها، وابني اقترب من الوصول إلى هذا المستوى الخطير من المرض جراء الإهمال الصحي الذي يتعرض له داخل المعتقل". كما نقل المرصد الحقوقي عن عائلة "الريسوني" أنه "يخضع منذ احتجازه للعزل الانفرادي، كما أنه فقد حوالي 15 كيلو غرامًا من وزنه داخل السجن، فضلاً عن أنه يعاني من ارتفاع مزمن في ضغط الدم، وهو ما يجعل إضرابه عن الماء يمثل خطرًا كبيرًا على صحته". وأضاف المرصد أن عائلة الريسوني أكدت أن سلطات السجن داهمت خلال الأيام الماضية زنزانته "بشكل مهين وعبثت بأمتعته، وتضع الآن استرجاع أمتعته شرطًا لإيقاف إضرابه عن الطعام وشرب الماء". وأبرز المرصد أن الصحافيين المعتقلين معروفان بانتقادهما لسجل حقوق الإنسان في المغرب، إذ حُكم على "راضي" سابقًا في مارس 2020 بالسجن لمدة أربعة أشهر، بسبب تغريدة له كان قد انتقد فيها إجراءات "المحاكمة الجائرة" لنشطاء حراك الريف وسجنهم، في حين أن "الريسوني" يُعرف عنه كتابة مقالات وآراء ناقدة للسلطات المغربية. وسجل الأورومتوسطي أنّ السنوات الأخيرة شهدت تصاعدًا في القضايا المتعلقة بالجرائم الجنسية المرفوعة على منتقدي السلطات المغربية من صحفيين ونشطاء مستقلين، إذ حاكمت السلطات في 2015 الصحفي الاستقصائي "هشام المنصوري" بتهمة الزنى، ووجهت للصحفي "توفيق بوعشرين" في عام 2019 تهمة الاعتداء الجنسي على العديد من النساء، وأصدرت حكماً في عام 2019 على الصحفية "هاجر الريسوني" بالسجن لمدة عام بتهمة ممارسة الجنس خارج إطار الزواج. وقال الباحث القانوني في المرصد الأورومتوسطي "عمر العجلوني"؛ "إن كانت التهم الموجهة للصحفيين بالاعتداء الجنسي صحيحة، فإن على السلطات المغربية التحقيق فيها بشكلٍ عاجلٍ وضمان المحاكمة العادلة عوضًا عن إبقاء الصحفيين في الحبس الاحتياطي لمدة غير محددة الأجل". واعتبر المتحدث أنّ إبقاء الصحافيين في الحبس الاحتياطي بهذا الشكل يشكك في صحة الادعاءات الموجهة إليهم، مؤكدًا على أن المغرب مطالب بالعمل على احترام المبادئ الدستورية التي كفلت للصحافيين أداء واجبهم المهني دون أية مضايقات. ودعا المرصد الحقوقي الأوروبي السلطات المغربية إلى التحقيق في صحة التهم الموجهة إلى الصحافيين بشكلٍ محايد ومستقل، وتجنب احتجازهم لفترات طويلة غير محددة الأجل. وحث الأورومتوسطي السلطات على اتخاذ إجراءات جادة وعاجلة لوقف تدهور وضع الحريات الصحفية في البلاد وحرية التعبير بشكلٍ عام، وضرورة تأمين مناخ آمن ومريح لممارسة الحق في التعبير المكفول محلياً ودولياً.