وجه ضابط سابق في الشرطة الوطنية رسالة مفتوحة الى رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران يطالبه بفتح تحقيق في "المعتقل السري" المتواجد في تمارة والذي شهد تعذيب الكثير من المعتقلين المغاربة والأجانب. والرسالة التي نشرتها الجريدة الرقمية يابلادي الصادرة بالفرنسية تحمل توقيع الضابط المتقاعد علي الغازي التي يروي فيها ما جرى في معتقل تمارة من تعذيب ورفضه المشاركة في هذه العمليات الى غاية تقديم استقالته بعد 19 سنة من العمل ومغادرة المغرب. ويبرز الغازي في الرسالة أهم محطات التعذيب في مركز تمارة وكيف ينفي المسؤولون وجود مركز من هذا النوع بما في ذلك الزيارات التي قام بها مسؤولون برلمانيون والنيابة العامة، لكن في الوقت ذاته يؤكد أن الثقافة نفسها كانت سائدة في نفي معتقلات شهيرة مثل تازمامارت وقلعة امكونة وانتهت الدولة بالاعتراف بوجود هذه المعتقلات. واعتبر أن معتقل تمارة كان مكانا لتعذيب حتى الأجانب، مستشهدا في هذا الصدد بتصريحات نائب العدالة وقتها مصطفى الرميد الذي سيصبح في الوقت الراهن وزير العدل. ويؤكد في هذه الرسالة أن رفضه لهذه الأساليب وامتناعه عن المشاركة فيها تسبب له في مشاكل عديدة انتهت به في آخر المطاف الى تقديم استقالته طوعا ومغادرة المغرب سنة 2005. ويحث رئيس الحكومة ابن كيران على التحلي بالشجاعة ويفتح تحقيقا في معتقل تمارة طالما يوفر له الدستور صلاحيات من هذا النوع وطالما توجد في يده وزارة العدل. وتأتي هذه الرسالة الموقع من ضابط سابق لتلقي الضوء على موضوع المعتقل الشهير تمارة والذي لا يعتبر نهائيا معتقلا سريا بعدما تحدثت عنه تقارير عديدة بما في ذلك اعتراف مخابرات أجنبية ومنها البريطانية بنقل معتقلين الى المغرب للتعذيب. ويبقى نفي السلطات المغربية مؤقتا فقط، إذ كان الملك الراحل الحسن الثاني ينفي وجود المعتقل الرهيب تازمامارت وانتهى به المطاف للاعتراف بهذا المعتقل الرهيب. ومن أبرز الحالات التي فضحت معتقل تمارة هناك حالة المواطن البريطاني محمد بنيام الذي اعتقل في أفغانستان وجرى نقله الى المغرب سنة 2003 ليبقى في تمارة لمدة سنة ونصف، حيث خضع للتعذيب وجرى نقله لاحقا الى قاعدة غوانتانامو. وكان القضاء البريطاني قد طالب حكومة لندن سنة 2008 بتقديم ملف تعذيب محمد بنيام في المغرب. وتوصلت الحكومة البريطانية الى اتفاق مع القضاء لا يرفع السرية عن هذا الملف مقابل توضيح جوانب فيه. كما يوجد ملف الرحلات السرية للمخابرات الأمريكية التي كانت تنقل معتقلين في إطار مكافحة الإرهاب الى سجون ومنها المغرب، واعترفت المخابرات الأمريكية بهذا. ورغم هذا الاعتراف يستمر المغرب في الرفض الرسمي. وكانت المخابرات المغربية قد قدمت خدمات متعددة للغاية الى نظيرتها الأمريكية ضمن الحرب ضد الإرهاب، وبعض هذه الخدمات لا تدخل في إطار القانون. ومن المستبعد جدا أن يقدم ابن كيران على فتح تحقيق في هذا الملف. وكان ابن كيران يتهم الدولة بممارسة التعذيب في تمارة، انتهم أطراف مقرةب من الملك بالتورط في تفجيرات 16 مايو الإرهابية، لكنه بعد وصوله الى السلطة تخلى عن هذا الخطاب ويرفض فتح أي تحقيق في هذا الشأن. ---