إن المهام الجسام المطروحة على قطاع العدل في ظل العولمة، وما يعرفه العصر من تحولات متسارعة يتطلب من المرأة العدلية الارتقاء بأدائها النقابي وذلك بتقوية وتأهيل أدواتها التنظيمية لتكون قادرة على مواجهة هذه التحديات، ووضع حد مع الأساليب القديمة قصد جعل العمل النقابي قوة اقتراحيه تساهم مع مكونات المجتمع المدني في تحسين أوضاع جهاز كتابة الضبط، عموما وأوضاع العدليات داخله بصفة خاصة باعتبارهن الأكثر تضررا من النظام الاقتصادي العالمي الجديد . فالطابع الذكوري لا زال مهيمنا على مختلف التمثيليات النقابية بمختلف أنواعها في ضل غياب النساء عن العمل النقابي الذي تعود أسبابه بالدرجة الأولى إلى المرأة العدلية التي تتحمل جزءاَ من مسؤولية هذا الغياب كونها لم تتبع آليات التنسيق مع المؤسسة النقابية لتقليص الهوة الموجودة، لذلك مطلوب من المرأة العدلية النقابية التي هي في موطن القرار دعوة النساء للانتساب لعضوية النقابات على أساس برنامجها القطاعي المطلبي، مع التأكيد على ضرورة الدخول في آليات التشبيك والتنسيق والضغط مع هذه النقابات لرعاية مصالحها ومطالب القطاع النسوي، كما يتوجب عليها تثقيف قاعدتها النسوية حول أهمية العمل النقابي لتحسين وضع المرأة العدلية، فالتشخيص الميداني وتقارير الجمعيات المدافعة عن حقوق النساء ترصد وجود صعوبات بنيوية وعراقيل ذاتية وموضوعية تصادف المرأة في مسيرتها العملية وتؤثر على قدرتها في تحسين جودة عطائها أو تجعلها تغادر المجال تاركة فراغا يؤثر سلبا على مشاركة المرأة في مسيرة التنمية البشرية. وتشير أخر الأرقام إلى محدودية مشاركة المرأة في العمل النقابي التي لا تتعدى 15 % مع ملاحظة تشير إلى أن أكبر نسبة من الانتماء النقابي مكونة من نساء التعليم مما يتطلب إعادة النظر مع المرأة الموظفة والعناية بإدماجها النقابي وإشراكها في القرارات التي تهمها كفاعلة أساسية في العملية التنموية . إن عدم الاكتراث بأوضاع المرأة العاملة والتشكيك بقدراتها والانتقاص من مكانتها ودورها على هذا الصعيد، ومحاولة إقصائها عن قيادة النقابات، مفهوم نمطي سائد يبرز في كل محطة تحاول المرأة أن تتقدم لتطالب بحقوقها سواء النقابية أو المادية أو بالعمل والقوانين أو المشاركة السياسية، حيث تقذف في وجهها المصطلحات المتعلقة بنقص المؤهلات والكفاءة، فنقص الكفاءة ليست صفة ملازمة للمرأة، كما أن الكفاءة ليست حكراَ على الرجل، والأمر هنا متعلق بعدم تكافؤ الفرص والتجارب ولا يتعلق بتركيبة المرأة الفسيولوجية أو طبيعة تكوينها النفسي. إذ جرت العادة في مجتمعنا أن نطلق أحكاما على مجمل القضايا دون الرجوع إلى أسبابها وتحليلها بشكل يمكننا من فهمها وتحديد رؤيتنا نحوها بشكل موضوعي، وإطلاق هذا الحكم هو جزء من هذا النهج وخاصة عندما يدور الحديث في قضايا المرأة بشكل خاص. ونجزم بما لا يدع مجالا للشك وبحكم التجربة العملية في العمل النقابي إلى جانب الأخوات المناضلات المؤسسين للعمل النقابي بالنقابة الديمقراطية للعدل، إذ نسجل التطور النسبي في التمثيلية النسائية في مواقع صنع القرار، ونطمح مستقبلا أن تكون هذه التمثيلية في مستوى عطاءات المناضلات الفيدراليات وان تتبوأ المرأة العدلية المكانة اللائقة بها في الجسم الفيدرالي. ولن تفوتني الفرصة أن أنوه بنجاح المؤثمر الثالث للنقابة الديمقراطية للعدل العضو بالفيدرالية الديمقراطية للشغل الذي بين على قفزة نوعية إذ دخل التاريخ من بابه الواسع باعتبار الكوطة النسائية ليست السبيل الأوحد لإعطاء تمثيلية نسائية داخل النقابة، إذ كان الرجل العدلي الفدرالي في مستوى الحدث وعبر بواسطة الاقتراع السري ولأول مرة في تاريخ النقابة الديمقراطية للعدل ضرورة دخول المرأة العدلية إلى جانب أخيها العدلي الرجل في اللائحة العامة لانتخاب أعضاء المجلس الوطني والتي أفرزت فوز المناضلة حنان السايح بمنصب عضوة المجلس الوطني. إن المناضلات العدليات الفدراليات قادرات وبشكل فعال على خوض معركة العمل النقابي وقد تكلل هذا الجهد بنجاح كبير بعد عمل جاد ومتواصل لكل مناضلي ومناضلات النقابة بإشراك المرأة المناضلة من مختلف ربوع المملكة المغربية في العمل النقابي. وفي هذا الصدد نذكر على سبيل المثال لا الحصر المناضلة الفذة خديجة الدفيري عضوة المكتب المركزي للفدرالية الديمقراطية للشغل والمناضلة الشريفة حفيظة الشيخي عضوة المكتب الوطني للنقابة الديمقراطية للعدل من شمال المغرب والمناضلة العتيدة فاطمة مجدوبي عضوة المكتب الوطني للنقابة الديمقراطية للعدل من شمال شرق المغرب... اللواتي أسسن للعمل النقابي الفدرالي وتبوأن عدة مناصب في صنع القرار، داخل مكاتب الفروع المحلية والجهوية والمجلس الوطني والمكتب الوطني للنقابة الديمقراطية للعدل العضو بالفيدرالية الديمقراطية للشغل. من خلال ما سبق، أضحى هاجس تأطير المرأة الموظفة وتفعيل حضورها النقابي والرفع من مستوى تعاطيها مع القضايا النقابية، قصد إحداث نوع من التوازن الجندري في جسم كتابة الضبط من بين المهام المطروحة على نقابتنا إيمانا منا بأن النهوض بحقوق المرأة العدلية لن يتحقق إلا بانخراطها بشكل واسع في العمل النقابي وبإشراكها في مواقع صنع القرار، وهوما يستوجب بذل مزيد من الجهود وتضافرها لخوض النضال من أجل تعميق وعي النساء الموظفات بأهمية انخراطهن وضرورة مشاركتهن في الحياة النقابية إلى جانب مهامهن الوظيفية والمنزلية . وذلك باستحضار مقاربة النوع لخوض غمار الحياة النقابية لدعم كل الرهانات الإستراتيجية لقطاعنا وبلادنا، دولة ومجتمعا على السواء. حنان السايح* كاتبة عامة للنقابة الديمقراطية للعدل فرع بركان