يشهد المغرب منذ عيد الأضحى الماضي، ارتفاعا ملحوظا في إصابات فيروس كورونا، حيث بات يسجل حصيلة يومية تفوق الألف وأحيانا تقترب من ألفين. وتعد حصيلة الإصابات اليومية خلال الفترة الماضية، تطورا غير مسبوق للوضع الوبائي بالمغرب، منذ تسجيل أول إصابة في 3 مارس الماضي.
كما يهدد هذا التطور بانهيار المنظومة الصحية، خاصة مع ارتفاع عدد الإصابات الحرجة التي تحتاج للعلاج بوحدات العناية المركزة. والثلاثاء، تداول ناشطون بمواقع التواصل الاجتماعي صورا تظهر العديد من مرضى كورونا يفترشون الأرض في أحد أقسام مستشفى "ابن زهر" بمدينة مراكش . ومنذ 24 يونيو الماضي، قررت السلطات المغربية تخفيف إجراءات الحجر الصحي بمختلف مناطق البلاد، باستثناء الأقاليم التي تشهد ارتفاعا كبيرا في عدد الإصابات. ووفق آخر حصيلة، الجمعة، بلغت إصابات كورونا بالمغرب، 68.605، منهم 1.292 متوفيا، و52.483 متعافيا. الاستهتار بالتدابير.. سبب الموجة الثانية من كورونا وفي حديث للأناضول، قال البروفيسور المغربي، محمد البياز، إن البلد عرف موجة أولى لتفشي كورونا في مارس الماضي، ونجح في تخطيها بفضل التدابير الاحترازية، التي اتخذتها السلطات آنذاك. وأوضح أخصائي طب الجهاز التنفسي بالمركز الاستشفائي الجامعي الحسن الثاني ، بمدينة فاس ، أن تلك الإجراءات تمثل أساسا في فرض الحجر الصحي. وأردف: "لكن رفع الحجر الصحي لإعادة إنعاش الاقتصاد وإن كان تدريجيا فإنه لم يكن كافيا لاحتواء الارتفاع المنتظر لعدد الإصابات". وتابع: "ارتفاع الإصابات بعد رفع الحجر الصحي، يعود إلى الرفع من فحوصات الكشف عن الفيروس، حيث يبلغ عددها اليومي حاليا نحو 25 ألف فحص". واستطرد: "بعد رفع الحجر بدأت بوادر موجة جديدة للوباء تلوح في الأفق ساهم فيها استهتار كثير من المواطنين بعدم تطبيق التدابير الوقائية، والمخالطة الكبيرة خلال فترة عيد الأضحى". ولفت إلى أن "هذه الوضعية صاحبها ارتفاع في عدد الحالات الحرجة التي تتطلب العناية المركزة، وارتفاع معدل الوفيات اليومي خلال الفترة الماضية". خطر انهيار المنظومة الصحية ورأى البروفيسور المغربي، أن "الموجة الجديدة وارتفاع الإصابات بشكل متسارع، يعرض المنظومة الصحية لضغوطات كبيرة تهددها بالانهيار إذا لم تتم إعادة تسطير الأولويات لترشيد الإمكانيات المادية والبشرية". وأردف: "خاصة أن المنظومة الصحية عادت بعد رفع الحجر الصحي للتكفل بالمرضى الاعتياديين، الذين لا يمكن بأي حال التخلي عنهم". وذكر أن "السلطات الصحية والإدارية حاولت مواجهة ارتفاع الإصابات بداية بإنشاء مستشفيات ميدانية مخصصة للمصابين بالفيروس، لكن ذلك لم يعد كافيا". واستدرك: "ارتفاع الحالات الحرجة أدى إلى وصول أقسام العناية المركزة لأقصى طاقاتها الاستيعابية وإرهاق العاملين بالأطقم الصحية". 4 أمور أساسية تفرضها الوضعية الراهنة وحول الخطوات التي يجب القيام بها في ظل هذا الوضع، أفاد البياز، بأن "الظرف الراهن يفرض أربعة أمور أساسية في إطار رؤية واضحة تتلاءم وتغيرات الوضعية الوبائية". وأردف قائلا: "أولها تخصيص أقسام العناية المركزة فقط للحالات التي تتطلب التنفس الاصطناعي، وإحداث مصحات ومستشفيات ميدانية جديدة مجهزة بالأوكسجين". وأضاف أن "الأمر الثاني هو استغلال المراكز الصحية الفرعية للتكفل بالمخالطين والحالات التي لا تعاني من أعراض، مما سينظم التعامل معها عبر العزل المنزلي، ودون نقلها للمستشفيات". وأوضح أن "النجاح في هذه المسألة يفرض توفير نظام تواصلي للاستشارة الطبية عن بعد، مع توفير المستلزمات الطبية لتطبيق العلاج المناسب". واستكمل: "الأمر الرابع يتمثل في ترشيد استخدام الكشوفات المخبرية خاصة ما يتعلق بالمسح الأنفي والفمي لتشخيص الفيروس". ويحتل المغرب المرتبة الأولى إفريقيا، والثالثة والثلاثين عالميا في عدد الفحوصات اليومية، حيث يجري أكثر من 25 ألف فحص يوميا. واستطرد البياز: "الأمر الرابع هو إشراك القطاع الخاص في علاج المرضى، ويشمل ذلك المصحات والعاملين بها والأطباء والممرضين بالقطاع الخاص، وأيضا المختبرات الطبية الخاصة، لتوسيع دائرة الفحوصات". وختم بالقول: "هذا قد يشجع المواطنين على الاستشارة الطبية المبكرة لتجنب الوصول إلى الحالات الحرجة".