ارتبط اسم مجموعة «ناس الغيوان» منذ مطلع عقد السبعينات بحركة اليسار والمعارضة التي كانت تخوض نضالات في مواجهة السلطة. غير أن المعروف عن أفراد هذه المجموعة الغنائية الشعبية هو انهم لم يعلنوا قط انتماءهم الى هيئة سياسية معينة، مكتفين ان يكونوا صوتا لجميع الرافضين والمعارضين خلال ما عرف ب«سنوات الرصاص». والمؤكد هو أن عبد الرحمن قيروش (الملقب باكو) المولود عام 1948، لم يكن يقصد اطلاقا وهو يردد في احدى أغنيات «ناس الغيوان» القديمة المشهورة صادحا: «يا صاح راني وسط الحملة»، أي حملة انتخابية لبرلمان أو مجلس بلدي مفترضين. فقد كانت البلاد في تلك السنوات، على مشارف الدخول في معترك «المسلسل الديمقراطي» وانتخاب أول برلمان (1977) بعد حالة الاستثناء التي تلت أحداث 23 مارس (اذار) .1965 بيد أن السنوات التي تفصل بين ميلاد الأغنية واللحظة الانتخابية الراهنة كانت كافية لتغيير كثير من الثوابت والمواقف والافكار، فأصبح باكو الكناوي البوهيمي العاشق للألوان والايقاعات الافريقية والموسيقى الصوفية وليالي الجذبة كما قدمها الفيلم المغربي المشهور «الحال»، مرشحا ضمن لائحة الحزب الاشتراكي الديمقراطي في احدى دوائر جهة الصويرة (400 كيلومتر جنوبالرباط). وكان باكو قد قضى سنوات طويلة في صفوف مجموعة «ناس الغيوان» التي تأسست عام 1970 بمبادرة شباب من الحي المحمدي الشعبي الشهير في الدارالبيضاء، وهم العربي باطما، القادم من منطقة الشاوية، وبوجميع وعمر السيد، القادمان من منطقة سوس. الا ان باكو غادر المجموعة ليؤسس فرقة كناوية مستقلة لها الآن حضور متميز في الساحة الفنية المغربية. يذكر انه في الاونة الاخيرة التحق نجل باكو بفرقة والده، ليجد نفسه سابحا في مجرى نهر والده الكناوي المسكون بعشق أوتار الهجهوج التي اعتبرت من قبل بعض الباحثين في الموسيقى آلة لها تأثير روحاني كبير على النفوس والوجدان. المقال نشر سنة 2002 بجريدة الشرق الاوسط ونعيد نشره بمناسبة وفاة الفنان "باكوّ رحمه الله