أصيب الفنان الكناوي عبد الرحمان باكو منذ مدة بوعكة صحية، أدخل على إثرها إلى المستشفى بالدارالبيضاء، كما نقل إلى عدة مصحات على نفقة الملك، ورغم كل ذلك لازال هذا لمعلم طريح الفراش لا يقوى على الكلام يكتفي بالنظر إلى وجوه زواره، يعاني من شبه شلل تام، بعيدا عن «هجهوجه». لمعلم باكو من المعلمين الكبار الكناويين، فنان كناوي من عيار ثقيل، حين يغني تأخذه الجذبة ويغمض عينيه، كانت طريقة عزفه على آلة السنتير أو الهجهوج، مثار إعجاب لأهل الموسيقى. فهو من مواليد سنة 1948، ينحدر من مدينة الصويرة، اسمه الحقيقي عبد الرحمان قيروش وملقب ب «باكو»، كانت له حرفة النقش على خشب العرعار. للفنان باكو جمهور من المعجبين داخل الوطن ومن مختلف أقطار العالم، له علاقة بفنانين عالميين أمثال الفنان جيمي هاندريكس، الذي حين كان يأتي إلى مدينة الصويرة في الستينيات والسبعينيات، ليعيش عوالم كناوة، كان يلتقي بعبد الرحمان، وهو من لقبه ب «طبيب الأشباح» وكان أنذاك عمر عبد الرحمان 19 سنة، كان يعزف معه على آلة «الباس». انضم باكو إلى فرقة موسيقية مسرحية، «ليفينك تياتر»، كان دوره التمويج الموسيقي، وستعجبه كريستين التي ستصبح فيما بعد زوجته، والتي أنجب منها طفلة تعيش الآن في انجلترا مع والدتها، بعد افتراقها عنه، كانت كريستين مولعة بآلة السنتير، وهي من أطلقت على عبد الرحمان اسم «باكو»، وهي تعني النوتة التي يصدح بها السنتير عندما تسوى أوتاره. يحكي عمر السيد في سيرته الذاتية بأن بوجميع عندما رأى المعلم باكو مع «جيل جيلالة»، قال له «بأن هذا الولد بلاصتو في الغيوان». وحينما ذهب بوجميع إلى مدينة الصويرة للبحث عن عنصر يتقن العزف على آلة «الهجهوج»، ليضمه ل«ناس الغيوان»، صدفة التقى بالفنان «باكو»، الذي كان قد غادر مجموعة «جيل جيلالة»، فاقترح عليه بوجميع الإلتحاق بمجموعة «ناس الغيوان»، فقبل الفكرة دون تردد، وحمل سنتيره وعاد رفقة بوجميع إلى الدارالبيضاء. أمضى عبد الرحمان باكو سنوات رفقة مجموعة «ناس الغيوان»، وكان الفنان بوجميع معجبا به، لدرجة أنه حينما كان يقدمه إلى أصدقائه من الكتاب والفنانين والمسرحيين يشير إليه بالقول «ها الغيوان». كما أن الفنان المسرحي الطيب الصديقي كان أول العارفين بقيمة المعلم «باكو»، حين قال «.. باكو أحد أجود عازفي آلة السنتير في المغرب». استطاع هذا الكناوي أن يضيف الكثير للأغنية الغيوانية، بحيث لأول مرة ظهر الصوت الكناوي الحقيقي يصدح داخل المجموعة، ويتضح ذلك في أغنية «نترجاك أنا»، وكانت أول أغنية ذات الإيحاءات الكناوية هي أغنية «غير خدوني»، ثم هناك أغاني كناوية أخرى مثل: «عايشين عيشت الدبانة في لبطانة»، و«تاغنجة» و«زاد الهم» و «الضهصيص»، و«أهل الحال». يحكي المعلم باكو في مذكراته أن لقاء جمعه بالمطرب اللبناني مارسيل خليفة، فطلب منه الأخير أن يشرح له جملة من أغنية للغيوان تقول: «سنتير يزير انغامو على الحصير، سكب وتعبير»، أي أن آلة السنتير تزأر وتسكب أنغامها وتعبيراتها خلال جلسة يفترش جلساؤها الحصير. فهم مارسيل المعنى وقال له: «لو غنيتم هذه الجملة فقط، لاستحقت الغيوان كل هذه الشهرة». بقي عبد الرحمان «باكو» مع المجموعة حوالي 20 سنة، قبل أن يغادرها ويرحل إلى مدينته الصويرة ويعيش لفترة في عالم تاكناويت. قبل أن يصبح طريح الفراش، في صراع مرير مع المرض اللعين، نتمنى للمعلم الكناوي الشفاء العاجل ليواكب مسيرته الفنية المتميزة. من بين الأغاني التي غناها مع «ناس الغيوان» نذكر منها «سبحان الله»: سبحان الله سبحان الله صِيفْنَا وْلىَ شْتْوَة وْارْجْعْ فْصْلْ الرّْبِيعْ فْ البُلْدَانْ خْريفْ وْامْضَاتْ إيَّامْنَا سْرْقَتْنَا سهوة وْتْخْلْطَتْ لْدْيَانْ شَلَّى لِيكْ نْصِيفْ قلْتْ أعْجْبِي اضْحَاتْ فْ الدّينْ الرّْخْوَة وْلَّى الإِيمَانْ عْنْدْنَا فْ لَعْرْبْ ضْعِيفْ الصّهْيُونْ فْ غاَيَة لَعْلُو دَرْكُو سَطْوَة وْقْبْلْنَا دلْهُمْ عَاد الشّرْقْ كْفِيفْ وْلاَ تَلْقَى عْديلْ كايْقبْل شْكْوى وْيْبَلّغْ مَا يْخُون ما يرضى تْكْلِيف جُورْ الحْكََامْ زَادْنَا تَعَبْ وْقسْوة لاَ رَاحَة وُالعْبَادْ فْ نَكَدْ وُ تَعْسِيفْ وُالحَاكْمْ كَايْصُولْ كَايْقْبْطْ الرّشْوَة وُالشّاهْدْ كَايْدِيرْ فْ الشهَادَة تْحْرِيفْ افْهْمْ المَعْنَى وعِيقْ وُاسْتَافْدْ وَارْوَى هَذَا سَرْ لَكْنَانْ مَا رَامُه تَصْحِيفْ يِكْفَاك دْلّ لبْكَا يَا عيِنِي يَكْفَاك هَمْ ذَا الحَالْ الظّرْفْ غْشَمْنِي وُلاَحْنِي مَا بْقَا لِي آمَال لله يَا اللّي تْسَالْنِي لاَ تْطَالَبْ المُحَالْ قِصّتِي وَاضِحَه فْ جْبِينِي مَا بْقَات رَغْبَة تْلْهِينِي عَلْ لَفْرَاقْ عَوّال ْ وَا دَنْدَنْ دَانِي دَانِي.