تحل يوم 14 اكتوبر، الذكرى التاسعة لوفاة أحد أبرز رجالات المغرب في القرن العشرين، يتعلق الامر بالمناضل محمد الفقيه البصري(1925-2003) أحد قادة المقاومة وجيش التحرير المغربي. وأحد أبرز رموز النضال الوطني ضد الاستعمار وضد الاستغلال. ذكرى رجل عشق هذا الوطن وكرس كل حياته للنضال من أجل غد الحرية والعدالة لكل أبنائه، فكان هذا العشق بمهر العذاب والاعتقال وأحكام الاعدامات والتغييب في المنافي لمدة 29 سنة. رجل ممانع ابن أب ممانع. فتح عينه سنة 1925 بأدوز دمنات نواحي مراكش على علاقات الاستبداد الاقطاعي ممثلا في نفوذ أحد عملاء الاستعمار، الباشا التهامي لكلاوي، تظاهر وهو لازال تلميذا ضد ظلمه واحتقاره وتنكيله وتسخيره لابناء حارته. سينتقل الى الدارالبيضاء ومن هناك سيأخذ على عاتقه تنظيم خلايا المقاومة المسلحة ضد الاستعمار الى جانب مجموعة من المناضلين. ليدخل بعد الاستقلال، الذي يقول عنه "الفرنسيون كانوا يبحثون عمن يسلمون إليه الاستقلال على أن يبقى الجوهر هو الاستعمار أي هياكل استعمارية بواجهة مستقلة"، في المعركة من أجل الديمقراطية ضد ما سيعرف بالاستعمار الجديد وأعوانه و شركائه كلفته ما كلفت، بحيث نجا أكثر من مرة بأشكال تثير الاستغراب علما بأنه كان أحد أبرز العقول المدبرة للصراع داخل المعارضة. تحدث عنه أحد ألذ أعدائه فقال إنه عصي على المساومة وهو الرجل الذي يستعصي على إغراءات السلطة، مخاطباً إياه بما معناه أنه "الوحيد الذي يمكنه أن يبيت ليلة في قصر ويبيت الليلة الثانية علي حصير". يصفه الماركسيون الليننيون بالبلانكيي نسبة الى البلانكية كتيار سياسي اشتراكي يحصر الثورة في نخبة مناضلين فقط. لو سالت عنه الكثير من شباب اليوم لأنكره البعض و لقال لك البعض الاخر"انه الذي كان وزيرا للداخلية"وستجد أن الامر طبيعي.. هذااليوم صنفان من الناس سيزورون قبره، الصنف الاول: ما تبقى من رفاقه الحقيقيين وأبنائه وأفراد عائلته وأقاربه ومحبيه. والصنف الثاني: بعض السياسيين المستعدين لتوظيف صمت القبور بعد أن باعوا ضجيج الجماهير... انه رجل لو قرأت عنه لتعلقت بتجربته النضالية الملحمية ولحلمت بمعاصرته ومجالسته ليحدثك عن الثورة والثوار ويوصيك :"احذروا تكرارأخطائنا". ولو حدثك عن حياته لنطق تلقائيا بضمير الجمع "نحن"، وسيجعلك تقتنع أنك أمام ثائر متواضع من زمن النضال. لو حدثك عنه الباحثون النزيهون لكانت المعادلة: الفقيه =الاتحاد +التحرير. لو سألت التاريخ عنه لقال لك تجنبوا الحديث عن مثل هؤلاء الرموز بهذا الاختصار، الرجل بثقل تراب الوطن...