أرت'كوم سوب وكوم سوب تفتتح الحرم الجامعي الجديد في الدار البيضاء وتوقّع 14 شراكة استراتيجية    غوتيريش يوصي بتمديد مهمة المينورسو في الصحراء المغربية..    مجلس المستشارين يعلن أسماء أعضاء مكتبه ورؤساء اللجان الدائمة    الوطن أولا.. قبل ماذا؟    ملامح العلاقة مع المغرب في ظل العهدة الثانية للرئيس الجزائري    سعر الذهب يبلغ مستويات قياسية في السوق العالمية    هؤلاء هم أهم المرشحين لخلافة السنوار في قيادة حماس؟    بعد طوفان الأقصى أي أفق لمقترح "حل الدولتين" ؟    المنتخب المغربي لكرة القدم يرتقي إلى المرتبة 13 عالميا        الهلال السعودي يكشف عن نوعية إصابة ياسين بونو        مطالب للحكومة بالارتقاء بحقوق النساء والوفاء بالتزاماتها    هل نحن في حاجة إلى أعداء النجاح؟    نسبة الفقر تقارب مائة في المائة في قطاع غزة بعد عام على بدء الحرب    مغربيان ضمن الفائزين بجائزة كتارا للرواية العربية في دورتها العاشرة    علماء يطورون تقنية جديدة لتجنب الجلطات الدموية وتصلب الشرايين    علماء يطورون تقنية جديدة لتجنب الجلطات الدموية وتصلب الشرايين    أمريكا: مقتل السنوار فرصة لنهاية الحرب    ديميستورا المنحرف عن الشرعية و التجاوز غير المسبوق لكل القرارات الأممية    توقعات أحوال الطقس اليوم الجمعة    تحقيق قضائي مع ضابط شرطة بشأن اختلاس 40 مليونا من ميزانية إدارته كانت مخصصة للوقود    النجم حميد السرغيني والمخرج العالمي إدريس الروخ يشاركان بالفيلم السينمائي " الوترة" بالمهرجان الدولي للفيلم بطنجة    دي ميستورا يطرح على مجلس الأمن الدولي مشروعا لتقسيم الصحراء المغربية    عبد الرحيم التوراني يكتب من بيروت: في الحروب يقف الموت على الأبواب    المديني: المثقفون العرب في فرنسا يتخوفون من إبداء التضامن مع قطاع غزة    "لجنة نداء طاطا" تلتقي المعارضة الاتحادية للدفاع عن المتضررين من السيول    الدولي المغربي رضا بلحيان محط اهتمام مجموعة من الأندية الأوروبية    تبديد أموال عمومية يوقف ضابط أمن‬    "جائزة كتارا" للرواية تتوج مغربييْن    مقتل يحيى السنوار.. إسرائيل لم تكن تعرف مكان وجوده    بايدن يعلق على اغتيال يحيى السنوار    تسجيل أزيد من 42 ألف إصابة بجدري القردة بإفريقيا منذ مطلع 2024    الإتحاد الأفريقي لكرة القدم يختار المغرب لاحتضان أضخم حدث احتفالي في القارة السمراء    توقيع اتفاقية شراكة لتطوير منطقة صناعية جديدة بالجرف الأصفر بقيمة 1.4 مليار درهم    تجدد الاحتجاجات بالمدن المغربية للجمعة ال54 تواليا تضامنا مع فلسطين ولبنان    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الارتفاع    أوروبا تشدد اللهجة في ملف الهجرة وسط خلافات حول "الاستراتيجية الإيطالية"    ترنيمةُ ساقطةٍ    ما الذي بقي أمام الجزائر؟    الحسين عموتة مرشح لتدريب المنتخب السعودي    يغزل نخب حسنها    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    وفاة المغني البريطاني ليام باين جراء سقوطه من أحد الفنادق في بوينس آيرس    الفيلم المغربي "أرض الله".. عندما تتحدث روح الميت بسخرية إلى الأحياء!    تحسن الوضعية الهيدرولوجية في 6 أحواض مائية يبشر ببداية جيدة للموسم الفلاحي    دراسة تظهر وجود علاقة بين فصيلة الدم وزيادة خطر الإصابة بالسكتة الدماغية        الهاربون من تندوف.. فيلم مغربي جديد من قصة مؤثرة مستوحاة من الواقع    البرلمان الأوروبي يدخل على خط قرار المحكمة الأوروبية الخاص باتفاقيات الصيد مع المغرب    اكتشاف ‬نفطي ‬ضخم ‬بسواحل ‬الكناري ‬يطرح ‬من ‬جديد ‬مسألة ‬تحديد ‬الحدود ‬البحرية ‬مع ‬المغرب    الشامي: شراكة القطاعين العام والخاص ضرورية لتطوير صناعة السفن بالمغرب    أسماء بنات من القران    نداء للمحسنين للمساهمة في استكمال بناء مسجد ثاغزوت جماعة إحدادن    نقطة نظام .. النائبة البرلمانية النزهة اباكريم تطرح وضعية المواطنين بدون مأوى بجهة سوس    الملك محمد السادس: المغرب ينتقل من رد الفعل إلى أخذ المبادرة والتحلي بالحزم والاستباقية في ملف الصحراء    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد أسدرم تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    الزاوية الكركرية تواصل مبادراتها الإنسانية تجاه سكان غزة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل تُشَكِّلُ الأمِّية عَائِقًا أَمَامَ الديمقراطية؟
نشر في لكم يوم 25 - 09 - 2012

غالبًا ما تُعتبر الأمية عائقًا أمام الديمقراطية، لما تُشكّله من حائلٍ أمام إدراك المواطنين لحقوقهم و واجباتهم، و كذا استيعابهم للخطاب السياسي الذي يتناول مختلف شؤون الدولة الاقتصادية و المالية و القانونية...
و بالتالي، فالأمية بهذا المعنى تعتبر عائقًا من ناحيتين:
- أولا: إذا كانت الأمية في بلدٍ يفتقر إلى نظام سياسي ديمقراطي، فهذه الظاهرة ستجعل الوصول إلى هذا النظام صعبا و يستلزم وقتًا طويلاً.
- ثانيا: إذا كانت الأمية في بلد يتوفّر على نظام سياسي ديمقراطي، فهذه الظاهرة ستجعل الممارسة الديمقراطية مَعيبة من ناحية ضعف مشاركة المواطنين في النقاش العام، لضعف قدراتهم المعرفية أو انعدامها، و بالتالي سيستمرّ خطر الردّة إلى نظام سياسي غير ديمقراطي.
لكن و بالرغم من رجاحة هذه الفكرة، فإن التجربة أثبتت إمكانية تأسيس ممارسة ديمقراطية ناجعة في بلد نسبة كبيرة من مواطنيه يعانون من الأمية؛ و لعلّ تجربة الهند، التي تشكّل الأميةُ فيها نسبة 35 في المائة من السكان، نموذجٌ يؤكّد هذه الإمكانية. كما أنّ تجارب دول أخرى، خصوصا في إفريقيا جنوب الصحراء، هي أيضا نماذج لدول استطاعت أن تؤسس لديمقراطية رغم معاناتها من الأمية.
إنّ نجاح هذه التجارب يُؤَشِّر على أنّ عامل التعليم، و بالرغم من أهميته، لا يمكن أن يكون دائما حاسمًا من أجل نجاح الديمقراطية في بلدٍ ما. ذلك أنّ ثمّة عوامل أخرى تتظافر لتخلق مواطنا واعيا بحقوقه و متشبّعا بقيمٍ أخلاقيةٍ إيجابية، كفيلة بأن تشكّل بيئة ملائمة لممارسة ديمقراطية سليمة.
إنّ تجارب الحياة و القيم الأخلاقية و المُثُل العليا، التي لا يكتسبها الإنسان بالضرورة داخل المنظومة التعليمية، عوامل قد تكون أكثر إيجابية في المجتمع و دافعا نحو الديمقراطية، من مراكمة معارف بدون منظومة أخلاقية.
و لعلّ تجربة بعض الدول التي تمكنت من تخفيض نِسَبِ الأمية دون أن ينعكس ذلك على طبيعة نظامها السياسي، يؤكّد محدودية دور التعليم في المساهمة في إرساء نموذج ديمقراطي. وكمثال على ذلك، يمكن أن نشير إلى تجربة دول الخليج النفطية التي حققت نِسَبَ أمّية منخفضة، حيث تبلغ نسبة الأمية في قطر 7,6 في المائة و في الإمارات العربية المتحدة 10 في المائة، لكن ذلك لم يجعلها ترتق لتؤسس نظاما سياسيا ديمقراطيا يكفل حق الشعب في انتخاب من يحكمه و محاسبته.
و فضلا عن كون التعليم ليس شرطًا حتميًا للديمقراطية، فإن جميع المواطنين مهما كان وضعهم التعليمي، يستحقّون الديمقراطية باعتبارها حقًّا لممارسة اختياراتهم في الشؤون التي تتعلق بالوطن الذي يعيشون فيه، لأنّهم جزٌ من هذا الوطن.
و في المغرب، الذي تبلغ فيه نسبة الأمية حسب الأرقام الرسمية 38 في المائة من السكان، فإننا غالبا ما نسمع من بعض الأطراف اتّهامات للأحزاب و الحركات الإسلامية بأنّها تستغلّ الأمّية و الفقر في المجتمع من أجل إقناع المواطنين بأفكارها. و هو اتّهام ينطوي على رفض ضمني من هذه الأطراف لحقّ المواطن الأمّي، الذي حرمته الدولة من حقّ التعليم، في ممارسة اختياراته و المشاركة في الشأن العام.
و هكذا دأبت هذه الأحزاب السياسية على تعليق فشلها على أمّية المجتمع و جهله، حسب ادعاءاتها، لتتجنّب النقد الذاتي حول مدى ديمقراطية أجهزتها التمثيلية و استقلالية قراراتها و تجاوبها مع اهتمامات المجتمع و مشاكله ...
إنّ هذه الأطراف باتّهامها هذا، تريد أن تقول بأنّ مجتمعنا قاصرٌ عن الديمقراطية و لا يستحقّها، مادام أنّه لا يحسن الاختيار حسب ادّعائها، و بالتالي من الأفضل تأجيل الديمقراطية ريثما يشبّ المجتمع عن الطّوق و يصبح جديرًا بممارسة حقّ اختيار و محاسبة من يحكمه.
إنّ الأمية ليست في نهاية المطاف إلاّ نتيجة للسياسات التي نهجتها الدولة، و لا يُعقَلُ للطرف الذي أنتج هذه الشروط (الأمية، الفقر ...) أن يدّعي أنها عوائق أمام الديمقراطية، فيفلت من المحاسبة و يستمرّ في السلطة بدون تقديم الحساب على نتائج سياساته.
على مستوى الممارسة، أكّدت التجربة في المغرب قُصُورَ النُّخَبِ المتعلِّمة على إفراز ممارسة ديمقراطية سليمة. و هكذا أكّدت تجربة الأحزب السياسية و النقابات المهنية و بعض جمعيات المجتمع المدني ... مدى ضعف الديمقراطية داخل هذه التنظيمات، التي غالبا ما تنتهي مؤتمراتها بتبادل الاتّهامات بالتزوير و شراء الذِّمَمِ، ثم تعقبها الحركات التصحيحية و الانشقاقات ...
بالتأكيد أن مجتمعنا ليس مجتمعا مثاليًا، و يعاني من الكثير من العيوب و النقائص، لكنه مع ذلك فهو مجتمع يستحقّ الديمقراطية مثله مثل بقيّة الشعوب الأخرى. و إذا كان هناك من طرف يتحمّل المسؤولية الأولى عن ما آلت إليه أوضاعنا، فهو بالتأكيد ليس المجتمع الذي لم يمارس أبدًا حقّه في الاختيار، و إنّما هي الدولة التي مارست السلطة بدون محاسبة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.