سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الدكتور لحسن مادي (الخبير الدولي في مجال محاربة الأمية) ل"التجديد": حان الوقت لاستثمار تراكم الدراسات التي تمت في مجال محاربة الأمية ببلادنا بشكل معقلن
الدكتور مادي لحسن أستاذ التعليم العالي متخصص في مجال التربية ومحاربة الأمية، وخبير لدى العديد من مكاتب دراسات، ومن بين الذين ساهموا في إعداد تقرير التنمية البشرية بالمغرب لاسيما المحور المتعلق بمحاربة الأمية وتعليم الكبار. أهم فكرة ينطلق منها هو أنه يصعب اليوم المراهنة على التنمية البشرية المستدامة من غير القضاء الكامل والشامل على الأمية. في هذا الحوار يعتبر الدكتور مادي لحسن أن قياس حصيلة ما أنجزه المغرب في مجال التنمية يتوقف على الإنجازات الكمية والنوعية التي حققها في مجال محاربة الأمية، ويرى أن المغرب فشل في أن يحقق تطلعاته الطموحة التي أعلن عنها بشأن القضاء التام على الأمية في أفق ,2015 وتقليص نسبتها إلى 20 في المائة سنة ,2010 إذ يرى أن نسبة الأمية تفوق اليوم 36 في المائة، وأنه لا يلوح في ألأفق ما يؤشر بأن هذه النسبة ستتقلص في سنة ,2015 ويعزو ذلك إلى المقاربة المعتمدة حاليا والتي لم تتغير عن سابقاتها، والتي تتميز بوجود عدة متدخلين، وانفراد كل متدخل عن غيره بأهداف خاصة ومقاربة خاصة في تدبير نفس الملف مما يؤدي في غالب الأحيان إلى هدر ونزيف في الموارد البشرية والمالية مقابل نتائج ضعيفة بل وهزيلة. ويخلص مادي لحسن إلى أن الاستمرار في نفس السياسة سيجعل المغرب غير قادر على مراوحة مكانه ومن ثمة غير قادر على تحقيق نموذجه التنموي، ويشخص مادي لحسن وضعية محاربة ألأمية في المغرب وأهم الإشكالات والعوائق التي تقف دون نجاحها، كما يقدم رؤيته لإصلاح تدبير هذا الملف. الملاحظ أن تدبير ملف محو الأمية عرف تخبطا كبيرا بحيث تم انتقاله من عدة قطاعات. فمن قطاع الشبيبة والرياضة إلى التعاون الوطني ثم قطاع الصناعة التقليدية والشؤون الاجتماعية إلى إحداث قسم لمحو الأمية وتعليم الكبار بالوزارة المكلفة بالشؤون الاجتماعية إلى إحداث مديرية محاربة الأمية تابعة لوزارة التشغيل والتكوين المهني، فإحداث كتابة الدولة لدى وزير التربية الوطنية والشباب مكلفة بمحاربة الأمية وبالتربية غير النظامية، لتتحول هذه الكتابة إلى مديرية لمحاربة الأمية، ليتم الإعلان عن إحداث وكالة وطنية لمحاربة الأمية، في نظركم ماذا يعكس هذا التدبير، وإلى أي حد أثر في النتائج المحققة على مستوى محاربة الأمية في المغرب؟ . بداية أشكرالتجديد على هذه الدعوة الكريمة لإبداء الرأي ومناقشة موضوع مهم وحيوي بالنسبة لبلادنا. ويتعلق الأمر هنا بوضعية الأمية بالمغرب والإشكالات المرتبطة بها. وأريد أن أقول في بداية هذا الحوار بأنه بدون مقاربة جديدة مبنية على إرادة واضحة وعلى مخطط قوي وجريء وفعال يستمد دعائمه من تصور واضح لمجتمع اليوم والغد وبدون موارد بشرية مؤهلة وإمكانيات مادية ملائمة ومشاركة ملتزمة لمختلف الفاعلين والقطاعات الحيوية سيبقى الارتجال واجترار التجارب المحدودة هو السائد. أما بخصوص سؤالكم، فأعتبر أن هذا التدبير ينتمي الآن إلى الماضي وبالتالي فما سيكون مفيدا هو النظر إلى المستقبل بنوع من التفاؤل لكن بروح المسؤولية والإبداع والابتكار. فكما لاحظتم هذا الملف الاجتماعي المهم تقادفته عدة جهات منذ بداية الاستقلال إلى الآن. وطبعا فعدم الاستقرار هذا سيكون من بين الأسباب التي أدت إلى الوضعية التي آلت إليها الأمية ببلادنا. فحسب النتائج الرسمية خ كما تعلم - لمديرية محاربة الأمية فأكثر من 36% من ساكنة المغرب أميون أي ما يعادل أكثر من 11 مليون نسمة. وهذه النسبة كانت حسب نتائج البحث الوطني للأمية و عدم التمدرس و الانقطاع عن الدراسة الذي أنجزته كتابة الدولة المكلفة بمحاربة الأمية و التربية غير النظامية أواخر سنة 45 ,2006,38% من بين السكان الذي يصل عمرهم إلى عشر سنوات فيما فوق ، مقابل43% سنة 2004 حسب الإحصاء العام للسكان و السكنى. هذا المعدل - 38,45%- يخفي في طياته كثيرا من التباينات حسب الجنس ووسط الإقامة و النشاط المهني ، إذا تبلغ هذه النسبة : - %38,31 لدى الرجال مقابل %64,80 لدى النساء؛ - %54,39 في الوسط القروي ( %44,95لدى الرجال، %64,39 لدى النساء)؛ - %23,27 في الوسط الحضري ( %21,09لدى الرجال، %33,86لدى النساء)؛ - %6,36 لدى الفئة النشيطة ( %59,84بالقطاع الفلاحي و%26,86 بقطاع الخدمات و %22,71بالإدارة العمومية). وهذه النتيجة الأخيرة يمكن قراءتها بشكل مختلف فالأمر لايعني طاقات بشرية عادية بقدر ما يمس الجهل والأمية شريحة حيوية يقع على عاتقها المشاركة الفعلية في التنمية. وهنا لابد، إذا سمحتم، أن أبين الربط القوي بين حدوث التنمية واستمرارها وبين وجود الأمية. إذ غالبا ما ننسى أو نتناسى أن التخلف مرتبط بشكل وثيق بوجود الأمية. فأينما توجد النسب المائوية المرتفعة من الأمية توجد كذلك نسب مرتفعة من مظاهر التخلف. فالإقصاء والتهميش والفقر ومختلف أنواع الفساد...كلها أمور مرتبطة إلى حد كبير بالأمية. وهكذا نجد أن إحداث التنمية، خاصة ما يصطلح عليه اليوم ب التنمية البشرية يقوم على كون البشر هم الثروة الحقيقية للأمم، واعتبارا لذلك فإن قدرات أي أمة تكمن فيما تمتلكه من طاقات بشرية خلاقة ومؤهلة ومدربة وقادرة على التكيف والتعامل مع أي جديد بكفاءة وفاعلية. إن غاية التنمية البشرية هو الإنسان؛ فهو في الوقت نفسه مصدرها وفاعلها وصانعها والمستفيد من نتائجها. إنها تنمية شاملة لا تقاس بوفرة السلع والقدرة على شرائها واستهلاكها، بل تتوجه إلى تحقيق كرامة هذا الإنسان، وبذلك فهي تتوجه إلى الذات لتجعل البشر يعيشون حاضرهم في طمأنينة، وينظرون إلى مستقبلهم بكل ثقة وتفاؤل. وهنا تتأسس العلاقة الوطيدة بين إحداث التنمية البشرية المستدامة و محاربة الأمية باعتبار أن هذه الأخيرة تهدف إلى تأهيل العنصر البشري من أجل المساهمة في التنمية. ذلك أن الأمية تشكل، بكل أنواعها المختلفة ( أبجدية، وظيفية، حضارية...)، عائقا أساسيا أمام القضاء على التخلف وحاجزا منيعا أمام الإنسان لبلورة وتوظيف كل إمكاناته وقدراته لتحسين أوضاعه والتأثير الإيجابي على محيطه. فالأمية بهذا المعنى تحد من فرص النمو الفردي والجماعي وبالتالي تساهم بشكل كبير في بطء وثيرة التنمية في كل أبعادها المختلفة اقتصادية كانت أو اجتماعية أو سياسية أو ثقافية. أي ما يطلق عليه اليوم ب التنمية البشرية. وفي نظري فإدراك هذه العلاقة الجدلية بين وجود الأمية ومظاهر التخلف والوعي القوي بها هو المدخل الأساس لضمان انخراط الجميع في مواجهة آفة الأمية وعدم اعتبارها مسؤولية الدولة وحدها. فكل من يحب الخير لهذا البلد الأمين ويريد أن يضمن مستقبلا لهذا المجتمع لابد من انخراطه بشكل أو بآخر في برامج محاربة الأمية. حسب التقرير الذي أصدرته مديرية محاربة الأمية التابعة لوزارة التربية الوطنية السنة الماضية عن وضعية وآفاق برامج محو الأمية فإن النتائج المحققة تبقى بعيدة عن تحقيق الأهداف التي وضعها الميثاق الوطني للتربية والتعليم، والتي تنص على تقليص النسبة العامة للأمية إلى أقل من 20 في المائة في أفق عام ,2010 وعلى التخلص شبه التام من هذه الآفة في أفق 2015, في نظركم ما الذي يفسر فشل السياسات الحكومية في تحقيق هذه الأهداف؟ إن السياسات تستمد قوتها من قدرة واضعيها على تعبئة مختلف الموارد ومختلف الفاعلين في تنفيذها. وبدون ذلك تبقى هذه السياسات عبارة عن أفكار طوباوية مكتوبة بشكل جميل تستهوي القارئ. ويمكن لكل واحد أن يجتهد كيفما شاء في اقتراح نسب وأرقام وتواريخ، ولكن الواقع عنيد خاصة حينما يتعلق الأمر بأرقام وإحصاءات مستمدة من دراسة علمية لظاهرة موجودة في الواقع. فوضعية الأمية، كما قدمتها سابقا باعتماد معطيات 2006 تبين بشكل واضح بأننا بعيدون عن تحقيق الأهداف المعلنة في الميثاق الوطني للتربية والتكوين (1999) وفي الاستراتيجية التي وضعتها كتابة الدولة في محاربة الأمية سنة .2004 إن التناقض واضح فنحن في 2010 ونسبة الأمية تفوق 36% لذلك فنحن بعيدون كل البعد عن 20% في سنة 2010 وكذا عن إمكانية القضاء النهائي عليها في أفق ,2015 بل يمكن القول أن المقاربة المعتمدة في مواجهتها إذا لم تتغير بشكل جدري فإن اجترار هذا الموضوع سيستمر لسنوات عديدة بالمغرب .فلحد الآن هناك عدة متدخلين في موضوع محاربة الأمية. وكل متدخل له أهداف خاصة ومقاربة خاصة في تدبير نفس الملف مما يؤدي في غالب الأحيان إلى هدر ونزيف في الموارد البشرية والمالية مقابل نتائج ضعيفة إن لم نقل هزيلة. فعدم الالتقائية بين مختلف المتدخلين لبلورة تصور مشترك ومقاربة موحدة من بين الأسباب التي ساهمت في تفشي الأمية ببلادنا. بدون شك هناك عدة أسباب أدت إلى تعثر تحقيق الأهداف المسطرة في استراتيجية الجهة المسؤولة عن ملف محاربة الأمية. ومن الصعب ذكر جميع هذه الأسباب ولكن يمكننا الوقوف عند مايلي: - لمدة طويلة كان هذا الملف مهمشا ولم يول العناية التي يستحقها إلا في بداية التسعينات وخاصة مع حكومة التناوب التوافقي. - لمدة طويلة كانت المصالح الحكومية وحدها هي المكلفة بتدبير الملف في حين اتضح الآن أن المجتمع المدني ومختلف الفاعلين الاجتماعيين والاقتصاديين من جمعيات ومنتخبين وأحزاب ونقابات وأصحاب المقاولات... لهم دور كبير في المشاركة من جهة في وضع خطط محاربة الأمية، ومن جهة أخرى في تنفيذ وتتبع وتقويم هذه الخطط. - اعتماد مقاربة إدارية متميزة بالبطء في اتخاذ القرارات وفي تنفيذها في معالجة ملف له خصوصيات ومرتبط بتحقيق رهانات التنمية البشرية والذي من المفروض أن يغلق في وقت معين حينما سيستنفذ أغراضه. - غياب الالتقائية بين مختلف المتدخلين في معالجة نفس الملف. صحيح أن الحكومات التي توالت على تسيير الشأن العام بالمغرب بدلت مجهودات مهمة في هذا المجال وخاصة منذ بداية حكومة التناوب التوافقي 1998 إلى الآن لكن يتضح أنه حان الوقت للتفكير بشكل مخالف في طرق جديدة لمعالجة إشكالية الأمية ببلادنا. حسب حصيلة محاربة الأمية لموسم 2008/2009 فإن القطاع الخاص لم يساهم إلا ب 5,0 في المائة، في الوقت الذي شكلت وزارة الأوقاف أعلى نسبة مشاركة ضمن القطاعات الحكومية وذلك من خلال برنامج محو ألأمية بالمساجد إذ استقطبت 8,66% من المستفيدين من برنامج القطاع العام لمحاربة الأمية ، في نظركم ما هي الدلالات والمفارقات التي تقرؤونها من خلال هذه النسب؟ بالنسبة للقطاع الخاص فهذا مشكل كبير. فالقطاع الذي هو في حاجة ماسة إلى يد عاملة كفأة قادرة على مواجهة تحديات العولمة المتسمة بالمنافسة وجودة الإنتاج نجد أنه لا يساهم بشكل كبير في محاربة الأمية ومختلف مظاهر الجهل بين العمال. إنها مفارقة كبيرة ذلك أن جودة المنتوج مرتبطة بشكل وطيد بنوعية الكفاءات المتوفرة في المقاولة وبوعي العاملين بأدوارهم في تحقيق هذه الجودة. لذلك فضعف انخراط القطاع الخاص في مشروع محاربة الأمية هو ضعف هذا القطاع في مسايرة المستجدات التي يعرفها الاقتصاد العالمي. هذا الوضع يحد من إمكانيات القطاع الخاص ويحد من مهمته باعتباره قطاعا محركا للتنمية. لذا فهذا القطاع كان من المفروض أن يكون شريكا قويا في محاربة الأمية ببلادنا. فالمقاولة المواطنة لاتفكر فقط في الأرباح، بل إلى جانب ذلك تولي اهتماما كبيرا إلى الصالح العام. وبدون شك ففي المصلحة العامة للوطن مصلحتها كذلك. أما بالنسبة لتجربة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية فهي تجربة ناجحة لعدة اعتبارات نذكر من بينها مايلي: - أنها منذ البداية هيئت لها جميع الشروط لكي تكون ناجحة. - أنها انطلقت بشكل تدريجي في تصور واضح للغايات وللأهداف. - أن انطلاقتها كانت من طرف صاحب الجلالة محمد السادس مما يعتبر دعما قويا لها. - انها تتم في مؤسسات خاصة لها قدسيتها ورمزيتها الدينية ومكانة خاصة لدى جميع المغاربة وهي المساجد. - أنها تتم في وقت مناسب خاصة بالنسبة للنساء أي ما بين الثانية زوالا والخامسة مساء. - أنها تؤطر من طرف منشطين تلقوا تكوينا أندراكوجيا في مجال تعليم الكبار ومحو الأمية يؤهلهم لممارسة عملهم. - أن هؤلاء المنشطين يتقاضون أجرا دائما مقابل عملهم هذا مما يشعرهم بنوع من الاستقرار. - أن وزارة الأوقاف توفر الأدوات التعليمية الضرورة لإنجاح عملية التكوين. - أن الوزارة تقوم بنفسها بعملية الإشراف والتتبع والتقويم لمختلف مراحل البرنامج. يلاحظ على هذا القطاع بشكل خاص اطراد وتيرة الدعم الأجنبي سواء من خلال الاتحاد الأوربي أو البنك الدولي أو غيره من المؤسسات المالية المانحة، في نظركم إلى أي حد يمكن المراهنة على التمويل الأجنبي؟ وما هي تداعيات ذلك على السيادة الوطنية، وهل لا يملك المغرب من خيارات أخرى لمحاربة ألأمية غير الارتهان إلى التمويل الأجنبي؟ المغرب لا يراهن فقط على التمويل الأجنبي في محاربة الأمية. بل هناك دعم مالي وطني خاص لتمويل برامج محاربة الأمية. ولمعرفة ذلك يمكن الجوع إلى قانون المالية الخاص بكل سنة. فبالإضافة إلى ما يرصد في هذا السياق إلى وزارة التربية الوطنية هناك تمويل خاص من طرف جهات حكومية أخرى على سبيل المثال مديرية التعاون الوطني، وزارة الشبيبة والرياضة، وزارة العدل ( مديرية السجون )... إلى جانب الهيئات المنتخبة مثل رؤساء الجهات، رؤساء المجالس الإقليمية، الجماعات المحلية....لكن لابد من الاعتراف بأن نسب الأمية مرتفعة جدا ببلادنا لذا فالمغرب وفي إطار العلاقات التي تربطه مع المنتظم الدولي يبرم اتفاقيات وشراكات في مختلف الميادين. ولا نستثني هنا مجال محاربة الأمية الذي يحظى باهتمام ودعم كبير من عدة مؤسسات مانحة. وفي هذا السياق نذكر على سبيل المثال الإتحاد الأوربي الذي له بدوره مصلحة في مواجهة الأمية وما يمكن أن يترتب عنها في المجال الاجتماعي والاقتصادي والثقافي. إن السيادة الوطنية المغربية مصونة ولا خوف عليها فكل ما ينجز اليوم يتم في إطار اتفاقيات وشراكات بين طرفين أو عدة أطراف بنوع من الوضوح والاتفاق. لكن إلى جانب هذا النوع من التمويل أصبح من الضروري البحث عن مصادر أخرى لهذا الغرض، إذا أردنا فعلا التعجيل بالقضاء على الأمية ببلادنا. وهنا مرة أخرى لابد من تفكير بديل وأصيل في البحث عن مصادر جديدة للتمويل وذلك في إطار تصور شامل وواضح ومقاربة جديدة للاشتغال. وبإمكاني أن أذكر بعض هذه المصادر إلى جانب المصادر التقليدية المعتمدة إلى حد الآن: - تفعيل آليات التضامن المتجدرة في الحضارة المغربية - إدماج مكون محاربة الأمية بين مكونات الأوراش الكبرى التي تنجز حاليا ببلادنا: المخطط الأخضر، المخطط الأزرق، المحافظة على البيئة، مدونة السير، ... - إدماج مكون محاربة الأمية بين مكونات المخططات الجماعية للتنمية سواء تعلق الأمر بالجماعات القروية أو الحضارية أوالمجالس الإقليمية أومجالس الجهات، ... - إشراك المنظمات الحزبية والنقابية والجمعوية في تمويل وتنفيذ برامج خاصة بمحاربة الأمية وفق دفاتر تحملات مضبوطة وذلك في إطار دورها الأساسي في تأطير المواطنين والمواطنات الذي تخوله لها قوانينها الأساسية. - تقديم تحفيزات للمقاولات لجعلها أكثر إقبالا على المشاركة في تمويل وتنفيذ برامج خاصة بمحاربة الأمية. - تطوير الشراكات مع المؤسسات الاقتصادية الوطنية من أبناك وشركات التأمين،... - تطوير الشراكات مع المنظمات الدولية التي تربطها بالمغرب علاقات واتفاقات في مختلف المجالات... يلاحظ في تدبير ملف محاربة الأمية الالتجاء إلى إنجاز العديد من الدراسات دون تعميمها أو إخضاع نتائج تنزيلها إلى أي تقييم وطني، ما رأيكم في الموضوع؟ إنجاز الدراسات العلمية وإشراك مكاتب دراسات وفرق البحث العلمي في الموجودة في المراكز الجامعية أمر أساسي لتطوير القطاع. فالبحث العلمي يلعب دورا أساسيا في تطوير المجتمعات وبدون العناية به وبالتائج التى يتوصل اليها الباحثون في مجال تخصصهم فإن ما يطبق سيكون عبارة عن إرهاصات وخواطر لاغير. غير أن ما يلاحظ في كثير من القطاعات أن النتائج التي تتوصل اليها هذه الدراسات لا تؤخذ بعين الاعتبار في وضع مخططات جديدة. مما يبعدنا عن الموضوعية ويقربنا أكثر من الإرتجال في اتخاذ القرارات. إن هناك تراكما مهما نتيجة الدراسات التي تمت في مجال محاربة الأمية ببلادنا وقد حان الوقت لنفض الغبار عليها واستثمارها بشكل معقلن من أجل تطوير القطاع. وهنا لابد من التذكير أن وزير التربية الوطنية السيد أحمد اخشيشن قد ألح على أهمية نتائج البحث العلمي لتطوير قطاع محاربة الأمية وذلك في سياق تقديمه لمشروع قانون إحداث الوكالة الوطنية لمحاربة الأمية أمام لجنة المالية والتجهيزات والتخطيط والتنمية الجهوية بمجلس المستشارين في شهر شتنبر الماضي. وفي هذا السياق قال السيد الوزير: إن الوكالة ستعمل أيضا على المساهمة في تشجيع البحث العلمي في جميع المجالات المرتبطة بمحاربة الأمية من خلال التكوين في هذا المجال، ووضع وإعداد المقررات والكتب والوسائل الديداكتيكية الخاصة ببرامج محاربة الأمية، وكذا وضع أدوات إحصائية وقاعدة معطيات وأدوات للتتبع والتقويم. انتهيتم في بحثكم المقدم في الدورة الرابعة من سلسلة ندوات مائوية علال الفاسي إلى أن المغرب يصعب عليه تحقيق التنمية الشاملة ما دام لم يستطع أن يتخلص من الأمية، وانتقدتم بشدة المقاربات المعتمدة في تدبير هذا الملف، ووصفتموها بالمحدودة وأنها يغلب عليها الطابع الإداري والاستجابة لبعض الضغوطات الظرفية، كيف تبررون تقييمكم هذا؟ إن ما يبرر ماقلت في الندوة من خلال العرض الذي يؤرخ لمائة سنة من التنمية البشرية بالمغرب وعلاقتها بمحاربة الأمية ( 1910 خ 2010) هو المقارنة بين ما أعلنته الدولة من التزامات في هذا المجال وما أجزته فعليا والذي يتضح من الأرقام المعلنة رسميا سواء عبر الإحصاء الوطني للسكان والسكنى المنجز سنة 2004 والذي حدد النسبة العامة للأمية في أكثرمن 43% والبحث الوطني الذي قامت به كتابة الدولة سنة 2006 وأعلنت فية ان هذه النسبة انخفضت إلى 38%. إذن ليست هناك مزايدات خاصة إذا علمنا أن الميثاق الوطني للتربية والتكوين حدد سنة 2010 لتصل هذه النسبة إلى 20% ونفس الشيئ بالسبة للاستراتيجية المحددة من طرف القطاع المسؤول عن محاربة الأمية التي تبنت بدورها ما جاء في الميثاق الوطني للتربية والتكوين. هذا من الناحية الكمية دون الدخول في الكيف الذي نقيس فيه مدى التمكن من الكفايات الأساس ومن أثر البرنامج على سلوكات المستفيدين من هذا البرنامج. إننا نتحدث فقط عن الأرقام الكميةأما السلوكات فموضوعها شيئ آخر في نظركم ما هي المقاربة البديلة التي من شأنها أن تحقق نتائج إيجابية في أفق القضاء على الأمية في المغرب سنة 2015؟ كل مقاربة هي محاولة لإيجاد حلول لمجموعة من الإشكالات المعقدة التي يعاني منها قطاع معين سواء تعلق الأمر بالمجال الاقتصادي أو الاجتماعي أو السياسي أو الثقافي. وذلك في أفق تطوير هذا القطاع وجعله يواكب التطور العالمي ويستجيب في الوقت نفسه لحاجيات المجتمع. ولكي نضمن نجاعة المقاربة المعتمدة في حل إشكالية الأمية ببلادنا لابد من استحضار أولا مجموعة من المنطلقات وثانيا تحديد نوعية الإشكالات المطروحة في القطاع ثم بعد ذلك تحديد الإجراءات العملية التي ستعتمد باعتبارها حلولا لهذه الإشكالات. وبالتالي يصعب في لقاء من هذا النوع أن نتكلم عن مقاربة بديلة ومتماسكة وقابلة للتطبيق لموضوع متشعب ومعقد. لذا فلابد من التواضع والحذر في مثل هذه الوضعيات. وما سأقدمه في هذا المجال هو عبارة عن بداية لتصور مقاربة مؤسسة عن تجربة شخصية تستمد أسسها من معطيات نظرية راكمتها من خلال الإشراف على عدة دراسات وتأليف عدة كتب في هذا المجال وفيما يخص التجربة الميدانية فقد أطرت عدة دورات تكوينية داخل المغرب وخارجه كما أشرف على جمعية وطنية متخصصة في التربية الأساسية ومحاربة الأمية. من بين المنطلقات الأساس التي يمكن اعتمادها في وضع مقاربة بديلة لمواجهة آفة الأمية بالمغرب نذكر مايلي: - ضمان الإرادة القوية والالتزام التام لمختلف الفاعلين في الانخراط في مشروع محاربة الأمية بمسؤولية وبروح وطنية ملتزمة. - اعتماد الواقعية في التعامل مع وضع معقد ومتسم بالحركية الدائمة - استحضار المقاربة التشاركية في كل مراحل الاشتغال بموضوع محاربة الأمية - الانفتاح على التجارب الوطنية والدولية الناجحة في هذا المجال لكن لا بد أن نشير إلى أن هناك عدة إشكالات تقف أمام التطبيق الفعلي لبرامج محاربة الأمية بالمغرب وفيما يلي نذكر البعض منها: - غياب تصور واضح ومتكامل لمشروع محاربة الأمية ولآفاقه المستقبلية - ضعف التمويل المخصص لتنفيذ البرامج الحالية - غياب التقويم الداخلي والخارجي للبرنامج - عدم الضبط الجيد للفئات المستهدفة - عدم التدقيق الجيد لأعداد الأميين بالمغرب - ضعف الوعي لدى مختلف فئات المجتمع بأهمية الانخراط في محاربة الأمية - غياب برنامج موازي لمحاربة الرجوع إلى الأمية - ضعف التكوين لدى المتدخلين خاصة في مجال التدبير والتسيير وفي مجال الأندراكوجيا.