المنتخب الوطني المغربي للفوتسال يفوز وديا على نظيره الصيني (8-0)    طقس السبت: تساقطات ثلجية في المرتفعات ونزول أمطار ضعيفة    طنجة.. مصرع شاب في حادث دراجة نارية قرب مركز الحليب        تونس: عريضة تطالب قيس سعيد بالتنحي وتحذر من خطر انهيار الدولة    فتح تحقيق تقني إثر حادث تعرضت له طائرة تابعة لشركة "إير أوسيان "بفاس    حملة أمنية واسعة بطنجة لمواجهة الجريمة وتعزيز الشعور بالأمن    لغيدي يحصل على جائزة فرنسية تكريمية    الCNSS يلجأ للقضاء ضد مروجي التسريبات    منتخب الفوتسال يقسو على الصين بثمانية أهداف نظيفة    الرميد ينتقد غياب لجنة تقصي الحقائق بخصوص دعم الأضاحي ويصف البرلمان ب"العاجز رقابيًا"    وزير الداخلية يترأس اجتماعا بالرباط لتتبع تنزيل ورش الجهوية المتقدمة    فتح تحقيق إثر حادث تعرضت له طائرة تابعة لشركة (إير أوسيان) على مدرج مطار فاس    آخر خرجات 'مسيلمة التيكتوك واليوتيوب' أو 'العياش الفاشل' مهزلة بكل المقاييس    الدرهم يرتفع بنسبة 3% مقابل الدولار بين فبراير ومارس 2025    الزمامرة تهزم شباب السوالم بالبطولة    كوت ديفوار تتجاوز السنغال بركلات الترجيح وتواجه المغرب في النصف    مهرجان "عرس الصحراء" في قلب درعة تافيلالت: سحر الفن في الراشيدية والريصاني    وزارة التجهيز تكشف تفاصيل سقوط طائرة بفاس وتفتح تحقيق    الصين ترد على رسوم ترامب الجمركية.. وأمريكا تتمسك بموقفها    حركة "بي دي إس" تدعو لمقاطعة "جيتكس إفريقيا" بمراكش بسبب مشاركة شركات إسرائيلية    12 مليار درهم للمقاولات الصغرى مهددة بالتبخر كما حدث مع 13 مليار درهم للمواشي    الشرطة توقف شابا متورطا في ترويج أجهزة غش مهربة    فوز ثمين ل"الكوديم" على آسفي    كيوسك القناة | قراءة في أبرز عناوين الصحف الاقتصادية الأسبوعية    حكاية مدينتين "التبادل الثقافي بين طنجة وجبل طارق " عنوان معرض تشكيلي نظم بعاصمة البوغاز    تطورات مثيرة في قضية إسكوبار الصحراء وهذا ما قررته المحكمة    مخيمات تندوف... سجن فوق تراب دولة ترعى الإرهاب    نشرة إنذارية: أمطار رعدية ورياح قوية مع تطاير الغبار بعدد من مناطق المملكة من الجمعة إلى الأحد    مشروع لتصنيف البوليساريو منظمة إرهابية    درك الفنيدق يفك لغز وفاة فتاة عُثر عليها بسد أسمير    تأجيل مهرجان تطوان لسينما المتوسط    مجلس المستشارين.. افتتاح أشغال الدورة الثانية من السنة التشريعية 2024-2025    نشرة إنذارية.. أمطار قوية منتظرة بالمملكة ابتداء من اليوم الجمعة    مجلة «أصدقاء ديونيزوس» تُخصص عددها 11 ل «جماليات السِّينما»    الذئب الرهيب يعود من عالم الانقراض: العلم يوقظ أشباح الماضي    ألف درهم للمشاركين في برامج الصحة    "الاستقلال" يطالب بتخليق الحياة العامة ومحاربة الممارسات غير الشفافة    الدول المنتجة للنفط في مأزق.. أسعار الخام تهوي لأدنى مستوى منذ الجائحة    محمد صلاح يجدد العقد مع ليفربول    الذهب يرتفع ويسجل مستوى قياسيا جديدا    شراكة بين "اتصالات المغرب" و"زوهو"    السياحة.. المغرب يسجل أرقاما قياسية خلال الربع الأول من سنة 2025    المغرب يدعو إلى تضافر الجهود الدولية لضمان سلامة الأجواء في مناطق النزاع    الاحتكار آفة الأشْرار !    نجاة الرجوي: "مشاركتي في حفل تكريم عبد الوهاب الدكالي شرف كبير"    وفاة مدرب ريال مدريد السابق الهولندي ليو بينهاكر عن عمر 82 عاما    جامعيون ومسؤولون سابقون يرصدون صعوبات الترجمة بأكاديمية المملكة    عراقجي في الجزائر .. هل تُخطط إيران للهيمنة على شمال إفريقيا عبر قصر المرادية ؟    السلطات الصحية بجنوب إسبانيا تتأهب لمواجهة "بوحمرون" القادم من شمال المغرب    سلطات مليلية تحتجز كلب "مسعور" تسلل من بوابة بني انصار    آيت الطالب يقارب "السيادة الصحية"    دراسة: أدوية الاكتئاب تزيد مخاطر الوفاة بالنوبات القلبية    العيد: بين الألم والأمل دعوة للسلام والتسامح    أجواء روحانية في صلاة العيد بالعيون    طواسينُ الخير    تعرف على كيفية أداء صلاة العيد ووقتها الشرعي حسب الهدي النبوي    الكسوف الجزئي يحجب أشعة الشمس بنسبة تقل عن 18% في المغرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الخليفة: مغرب ما بعد “كورونا” يحتاج إلى تحرير الإنسان والقطع مع مخططات “التكنوقراط” ومستقبل البلاد تبنيه إرادة الشعب
نشر في لكم يوم 09 - 05 - 2020

منذ بدأ فيروس “كورونا” في الانتشار والتوسع عبر العالم، انبرى الكثير من المثقفين والأدباء والساسة، في إبداء آرائهم وأفكارهم حول هذه “الجائحة”، وما ستحمله من تداعيات وتغييرات على العالم ككل .
وفي هذا الإطار يقترح عليكم موقع “لكم” هذه السلسلة التي يقدمها طيلة شهر رمضان، ويقدم فيها تصورات فاعلين في عالم السياسية والاقتصاد والثقافة والاجتماع، حول مغرب ما بعد “كورونا”.

وفي هذا التقرير نعرض لكم تصور القيادي الاستقلالي والوزير السابق “امحمد الخلفية” حول مغرب ما بعد “كورونا”.
انقسام العالم
يعتبر امحمد الخليفة أن فيروس “كورونا” هو أحد الأوبئة الأليمة الأكثر قسوة في تاريخ الإنسانية ، لأسباب عديدة في مقدمتها سهولة التواصل في عالم اليوم الذي جعل من الكرة الأرضية قرية صغيرة، لهذا يشعر العالم أجمع بفداحة زلزال ما خلفه ويخلفه هذا الفيروس المدمر، ويتقاسم تبادل المشاعر و الإعلان عن العجز في إيجاد العلاج، وما من شك في أن هذه الظروف الحرجة التي تكاد تشل حركة الإنسان، تهيمن في نفس الآن على الفكر والوجدان وشعورالإنسان بعجزه التام على مواجهة هذا الفيروس، الذي حجر الإنسان وأفقده نعمة الحرية، فبالأحرى أن يقترح أو يفكر أو يحلل مستقبل ما سيكون عليه عالم الغد، العالم اليوم يتخبط اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا وفكريا وعسكريا و أمنيا، و باختصار حتى حضاريا إن صح التعبير، لأن ما نعيشه يفوق التصور، نعم لقد تتبعت كل ما أمكنني ذلك آراء شخصيات علمية وفكرية وسياسية و مالية واقتصادية وتقنية في حجم تشومسكي ، وكيسينجر، وبيل غيست، كما تتبعت آراء مفكرين وسياسيين وإعلاميين و كتاب مغاربة ،الكل يجمع على أن عالم ما بعد “كوفيد19″ لن تكون له علاقة بما قبله، وهي في جلها تصورات مبنية على العلم والتجربة والخبرة واستحضار تاريخ الأوبئة التي عرفتها الإنسانية، وعلى سبيل القياس،فإذا رجعنا بذاكرتنا إلى ما كتبه العلامة ابن خلدون في مقدمته في وصفه للطاعون الذي عاشه في زمنه في القرن الرابع عشر وسماه ب”الطاعون الأسود” سنجد وصفه لحالتنا اليوم كأنه يعيش حيا بيننا!، ولقد أكد في عمق تحليله أن دنيا ما بعد وباء عصره لن تكون هي نفس الدنيا ولا الأرض هي الأرض ولا الإنسان هو الإنسان، وكل ما فكر فيه تحقق بعد ذلك بدقة تكاد تصل إلى العلم بالغيبيات! حيث بدأ تغير العالم بالفعل انطلاقا من عصرالنهضة الأوروبية التي بدأت من ايطاليا، ومرورا بعصر البخار والثورة الصناعية والثورات الفكرية والسياسية وكل ما شاهده العالم بعد “الطاعون الأسود” فلابد أن نستخلص إذن من هذه الإشارات التاريخية ما يجب، حتى نستعد من الآن لبناء مغرب الغد، وان لا تضيع منا فرصة بناء هذا الوطن مرة أخرى.
وتوقع الخليفة أنه ما بعد “كوفيد19” بكل أسف سيجعل العالم منقسما، فالدول الديمقراطية بحق ستخرج من الجائحة مستفيدة من دروسها، وستشرع في الحين في تخطيط حاضرها ومستقبلها في أفق عالم جديد مغاير لا ندري كنهه، ولا حتى تصورا يقربنا من واقع عالم الغد، وستعتمد هذه الدول حوارات حقيقية مجدية شمولية، مستمعة إلى نبض المجتمع بكامله، ولن يعلو شيء في هذه الدول على ربح معركة الوطن قبل كل شيء، ولأنها دول تحترم الإرادة الشعبية، وكرامة الإنسان والحريات العامة، فإنها ستنتصر حتما، اعتمادا على ديمقراطيتها الحقيقية، وإرادة شعوبها بالدرجة الأولى، وبالتالي ستحجز لأوطانها مكانة مرموقة في عالم الغد .
أما الدول التي تعشعش فيها الدكتاتورية، أو يحكمها العسكر تحت ستار الديمقراطية فهذه لا يرجى لها خير حسب الخليفة، إلا إذا كانت شعوبها قد استفادت من دروس كورونا وفهمت فهما عميقا مغازي ومعاني الفروق بين الدول المتقدمة والمتخلفة طيلة أيام الأزمة والحجر، فاهتدت إلى طريق الخلاص، وقامت بثورتها واقتلعت الديكتاتوريات والعسكر من حكمها، وشيدت مجتمعا ديمقراطيا يكون الشعب فيه سيد نفسه، فذلك حديث آخر، وما أقوى وما أكثر دروس كورونا وما سنشهده بعد دحرها.أما الدول التي تصنف أنظمتها بالهجينة، أي لا هي ديمقراطية حقيقية رغم دساتيرها وقوانينها وأحزابها و مجتمعاتها المدنية وكل مظاهر النظام الديمقراطي فيها، ولاهي ديكتاتورية تامة بالمعنى المتعارف عليه في تصنيف أنظمة الدول، فهذه ستعيش أزمة حقيقية يلخصها مضمون وصف نظامها، إذ بين تطبيق الدروس المستخلصة من أزمة كورونا والانطلاق نحو بناء مجتمع جديد مغاير يطبق قوانينه ودستوره بالحرف، وبدون تأويلات مجحفة، ويحترم كرامة وحقوق وحريات مواطنيه، وينبذ الأساليب الملتوية التي تهمش مصالح الشعب الحقيقية لتستفيد طبقة محظوظة و فقط،،وبين من يعتبر كل دروس كورونا الواضحة انتهت بالقضاء على الفيروس ستعيش هذه الدول خطيئة فوات الفرص الضائعة لأوطانها وشعوبها بالذات، وهذا يقتضي أن تلعب نخب هذه الدول أدوارها بوطنية صادقة، وتضحية مثالية، والصدع بالرأي الصائب، وقول الحقيقة مهما كان الثمن لوضع قطارات أوطانها على السكة القوية والقويمة لربح رهانات الحاضر والمستقبل حتى لا تضيع فرصة الإقلاع الحقيقي للوطن من جديد.
النقد الذاتي
وأبرز الخليفة أنه علينا جميعا كمغاربة أن نقف وقفة صراحة مع الذات ومع الغير الآن في ظل هذه الأزمة وبعدها، لنستخلص الدروس، ونتساءل من نحن؟ وماذا نريد؟، هل نريد أن نركب سفينة الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، وكرامة الإنسان واعتبار الشعب هو المبتدى والخبر في كل تخطيط، وكل إنجاز اقتصادي واجتماعي وعمراني، حتى نصل إلى بر الأمان إلى غير ذلك من المبادئ والمثل التي تصنف من خلالها دول تسمى بالناجحة، وتستحق أخرى لقب الدولة الفاشلة، مهما أضفي على هذا الوصف من تهذيب ومسوغات أحيانا، أم أننا سنبقى كما نحن الآن؟ ونترك سفينة الأمل واقفة في مرفإ الوطن وهذا إن حدث لا قدر الله سيعمق مأساتنا وضياع آمال كل من بنى أمله على بناء عالم مغاير لشعوب الارض بعد مرور زمن الحجر وكورونا .
وأكد الخليفة أننا نحتاج إلى نقد ذاتي صريح وحقيقي فردي وجماعي علني وشفاف ومسؤول للاستفادة من دروس الأزمة، وهذه الصراحة تقتضي التضحية والتحلي بالوطنية الصادقة، وهذا التوجه يمليه الاحساس بالمواطنة الحقة، وحق الوطن علينا ، الأمر ليس شيئا عاطفيا ولا شأنا خاصا يهم هذا دون الآخر، إنه التفكير الجماعي الذي يجب أن يسود،لان أزمة كورونا كشفت المستور وأظهرت أنه ليس لأي شعب إلا وطنه، وإخوته في الوطن، وفي المغرب كان إحساسا جماعيا طاغيا على الجميع بأنه ليس لنا أجمعين إلا هذا الوطن=المغرب، ليس لنا إلا سماؤه تحتها نعيش، وإلا أرضه فوقها نحيا وتحت ثراها الطاهر نرقد رقدتنا الأبدية، ليس لنا غير الوطن يحمينا حر القيظ وزمهرير الشتاء والبرد، وعاديات الزمان، ومع زمن كورونا اندثرت كل الفوارق الطبقية بين الأغنياء والفقراء، بين من يملكون الطائرات واليخوت الخاصة والقصور في أصقاع المعمور، والحسابات البنكية في كل مكان عندما أصبحت لاتجدي شيئا ! وبين من لا يملك في هذا الوطن حتى كسرة خبز يسد بها رمقه ! ، الكل قابع في المسكن الذي يأويه، لا يتجاوزه إلا بترخيص، وحتى عند الممات في زمن الجائحة ليس هناك إلا طريقة واحدة للدفن، ولا عزاء يقام، ولم تعد الجنسية أوالجنسيات نافعة في أي شيء لأي كان، هذه الصور يجب أن لا تغادر مخيلتنا الى الأبد، حتى نبقى جميعا للوطن من أجل تمنيعه وترفيعه وتقوية نسيجه المجتمعي بالديمقراطية السياسية والاجتماعية والاقتصادية بكل دلالات الكلمة .
وأكد امحمد الخلفية أنه بعد أزمة “كورونا” علينا إعادة بناء الوطن و إنسان الوطن بناء شموليا بمخططات وأفكار ومناهج نتيجة حوارات عامة يسهم فيها الجميع بآرائه تشمل كل جهاته ومدنه وقراه، لكن من الآن نحتاج وفي الحين وحتى قبل انحسار الوباء إلى معالجة خمسة أمور أساسية، هي التي تهيئنا لبناء المجتمع الجديد والمغرب القوي، وإن لم نفعل فإننا من البداية أضعنا الدرس الأساس من دروس كورونا وهو عامل الزمان.
محاربة الفساد بصرامة
واعتبر الخلفية محاربة الفساد أولوية الأولويات، وإن استطعنا أن نبدأ الآن ونحن تحت ضغط “كورونا” سيكون أفضل من أن ننتظر.
وشدد على أن محاربة الفساد يجب أن تكون بصرامة قوية، ومنهجية واضحة، وفي إطارالقانون، لأن الفساد تغلغل بالمغرب وأصبحت مظاهره طاغية في كل مناحي الحياة.
وبحسب الخليفة، فإن أزمة المغرب أخلاقية بدرجة أولى، وبدون محاربة الفساد والإجهاز عليه بكل الوسائل لا يمكن أن نتعدى الأزمات التي يعيشها شعبنا، لذلك يجب القضاء على كل أضلاع الفساد وتمظهراته من محسوبية ورشوة وريع، وكل مظاهر الغش من الأدنى إلى الأعلى ومن الأعلى إلى الادنى.
و هذه المحاربة يجب أن تكون قانونية وشعبية، بالقوانين الصارمة التي يسنها ممثلو الأمة في التشريعات التي لا تحتاج إلى أي تأويل أو تفسير إلا لصالح المجتمع، إلى جانب حفظ وصون كرامة المواطن، لأن مجتمعنا يعاني من الظلم والحيف ومن آفة التملق لقضاء حاجاته البسيطة.
وأوضح الخليفة أنه إذا نجحنا في معركة محاربة الفساد، وهي معركة بدون شك ستكون طويلة النفس، سنكون قد وضعنا الخطوة الأولى الحاسمة نحو التقدم الذي ينشده المغاربة .
تحرير الإنسان
وأشار الخلفية أن مغرب ما بعد “كورونا” يحتاج أن نعلن في إطار النقد الذاتي بأنه آن الأوان أن نتحرر حقيقة وفعلا بكل ما تعنيه كلمة تحرر بالنسبة للانسان، وليس بمعنى الاستقلال السياسي المثير للجدل الذي تحقق في 2 مارس 1956، وعلينا تدشين العهد الجديد والمفهوم الجديد لتحرير الإنسان المغربي من خوف اليوم و الغد.
وأضاف “أنا من الذين لا ينكرون أن بلادنا حققت طفرة نوعية على صعيد البنيات التحتية في مجالات شتى، لكن أزمة “كورونا” أعطتنا دروسا لا يمكن إهمالها أو الازورار عن دلالاتها بأن هذه البنيات في الاساس منشآت لاستعمال الانسان فقط، واليوم ونحن محجورون في بيوتنا، فلا طرق، ولا قناطر، ولا حركات قطار تنفعنا، وحتى أننا لا نتنعم بتلك السدود عند امتلائها. فمهما كانت أهمية هذه البنيات في حياة الإنسان، ودلالتها على تقدم الامم، فإن الأهم منها هو الإنسان نفسه الذي علينا أن نعيد التفكير في إعادة بنائه سلوكا وأخلاقا وتربية شعبية على المواطنة والوطنية كما كان فكرالرواد الاوائل في بناء إنسان ما بعد الاستقلال لكن بكل آسى أضعنا الطريق منذ البداية وانطلقنا سيئا لأسباب شتى.
وتابع “لقد انتزع شعبنا استقلاله منذ عقود طويلة، لكننا و بكل أسف مرة أخرى، لم نحرر الإنسان المغربي وننقذه من براثن الجهل والفقرو المرض والتخلف .
وأكد الخليفة أن وباء “كورونا” كشفنا وعرانا بصفة فجة، معلنا فشلنا في محاربة الجهل، والمرض، والفقر، وأنه آن الآوان لنلعن الماضي السيء بخصوص التلاعب ببرامج التعليم، لإرضاء ثقافة المستعمر التي خلقت في مجتمعنا أجيال العذاب، ونشرع في بناء مدرسة الوطن الصحيحة، بلغة الامة، والانفتاح على لغة العلم الاولى في العالم لتدارك ما فات، وبناء أجيال قادرة على التحدي بامتلاك العلم النافع والمعرفة الصحيحة، وأن لايبقى هذا الموضوع محل مساومة من أي كان!، وبخصوص الصحة فنحن في عمق دروس كورونا نعيش مأساة سوء التدبير لقطاع إنساني لا مجال فيه للارتجال والخطإ والمحسوبية والرشوة والفساد والتساهل وعدم المساواة، فبعد عقود من الزمن على استقلالنا اتضح لكل عين ناظرة، أننا لم نكن في المستوى للاهتمام بالعدو الفاتك بالانسان المرض، ولولا وعي الشعب المغربي وانظباطه وتضحيات أبناء المغرب البررة من أطباء وممرضين ومنظفي ومنظفات المستشفيات لكنا الآن أمام مأساة لا يمكن تخيلها، وأهم دروس “كورونا” هو ضرورة الاهتمام بهذا القطاع، و فتح حوار حقيقي مع كل من له صلة بالحفاظ على صحة المواطنين في جميع القطاعات الخاصة والعامة للخروج بمخطط مستعجل لوقف النزيف، ووضع استراتيجية شمولية بعيدة المدى للقضاء على القضاء والعناية الناجعة بصحة المواطنين في أفق ما نشهده في دول العالم المختلفة التي جعلت من صحة المواطن رأسمال حقيقي ورهانا استراتيجيا لها، أما ثالثة الاثافي وهو الفقر فإن كورونا كشفت عورتنا وعلينا أن نستفيد من الدرس ونجعل القضاء على الفقر وكل مظاهره في زمن محدد مضبوط بأي ثمن، لان الامر قبل كل شيء يتعلق بكرامة مواطنين، ونفس الشيء يقال عن محاربة الأمية فيجب إذن الإعلان عن الزمن الذي لا يبقى فيه أمي واحد فوق أرض الوطن .
وأبرز الخليفة أنه قد مرت على المغرب عشرات المخططات الخماسية والثلاثية وكثرة اللجان التقنية، وكل هذا لم يساعدنا و يؤدي إلى القضاء على التالوث المذكور، لذلك علينا أن نغير الطريق ونختار في تدبير الشأن العام الاستراتيجيات التي تتسق مع دستورنا ووعي شعبنا، لأن مستقبل الشعوب لا يبنى خارج إرادتها، كما أننا لن نحقق النجاح المرتجى مادمنا نتشبت بمبدإ إحداث لجان تقنية وتبني أفكار التيكنوقراط والمستلبين والفرانكفونيين،الذين لم يكن لهم أبدا اهتمام بقضايا الشعب ولم نسمع لهم رأيا في أية مرحلة من مراحل التاريخ، تهم فقر شعوبهم أوتعليمهم أوصحتهم، على أنني أؤكد أنني أحترم الاطر التقنية والهندسية و العلمية الوطنية الكفؤة المقتدرة التي هي عماد الوطن في حاضره وبناء مستقبله مادامت تؤدي واجبها الوطني فيما أعدت له ككفاءات.
إصلاح القضاء
وقال الخليفة إن المغرب يجب أن يبنى على الأساس المتين الذي به تقوم الدول وهو العدل، وبدون عدل لن يكون أي شيء، لذلك لا بد من إصلاح قضائنا إصلاحا حقيقيا شموليا بعيدا عن كل تفكير أو مخطط يرمي إلى احتوائه أو تسخيره لأن الله يأمر بالعدل .
وأضاف “بكل صراحة ووطنية أقولها، يجب إلغاء جل ما سمي بالإصلاحات الأخيرة للقضاء، وإعادة هيكلة القضاء، وترتيب مراكزه،وإحداث ما يجب إحداثه من مؤسسات يستدعيها التطور الديمقراطي كمجلس الدولة على سبيل المثال، وإعادة إخضاع النيابة العامة للمسؤولية السياسية أي وزير العدل، لأن السلطة التنفيذية في كل دول العالم هي وحدها المسؤولة أمام ممثلي الشعب عن السياسات الجنائية المتبعة، وممارسات الأجهزة ذات الصلة الامنية والبحثية في الجرائم، واحترام القانون والقانون وحده في جميع التصرفات لان استقلال القضاء لا يعني استقلال النيابة العامة إذ لا يوجد في أي نظام ديمقراطي شخص أو مؤسسة تدبر حقوق وحريات المواطنين، دون الخضوع للمسائلة الشعبية، كما أنه يجب التدقيق في سن قانون لضبط المعاييرالتي يختار بها رئيس محكمة النقض والوكيل العام بها، وبالأخص اشتراط النزاهة القصوى، والكفاءة العلمية والاحترافية النبيلة في الممارسة القضائية، المشهود بها، كتعليل الاحكام وإصدار المؤلفات القانونية والفقهية، والتجربة، والخبرة، والسلوك الممتاز لمسار من يعين في مثل هاذين المنصبين”.
وأكد الخليفة أنه بدون هذه المعايير وغيرها كثير لن يكون القضاء كما نريده لبلادنا قضاءا عادلا ونزيها وضامنا لحقوق الأفراد والجماعات، وبجملة واحدة علينا أن نرسخها في ثقافتنا و سلوكنا انه بدون عدل لا تقدم لأية أمة.
تأهيل الأحزاب
وألح الخليفة على مسألة مهمة تتعلق بتأهيل الأحزاب الوطنية، مشيرا إلى أن هذا التأهيل يجب أن ينطلق منها نفسها، لأنها ملزمة في زمان كورونا أن ترى نفسها في مرآة الحقيقة بدون مكياج ولا هالة مصطنعة، على أحزابنا الوطنية بالذات القيام بنقد ذاتي صريح يهم أفكارها وبرامجها وأداءها وأشخاصها ومسؤوليها ونجاحاتها و كبواتها وفشلاتها واستيلابها وفقدها لاستقلاليتها وانقيادها لمخططات الغير، لأنها بكل أسف فقدت مصداقيتها لدى الشعب المغربي، إلا بصيصا من الأمل في بعضها قد يطمس بعد حين !إن لم تنتبه لحماية نفسها وإبطال مفعول تدجينها او احتوائها او تهميشها بالمرة.
واعتبرالخليفة أن الأحزاب الوطنية الحقيقية في تاريخ المغرب النابعة من الشعب المغربي، التي ناضلت عبر تاريخها من أجل الاستقلال أولا وقيام نظام ديمقراطي حقيقي، تقع عليها بالذات مسؤولية النقذ الذاتي لاختيار الطريق الاصوب لاعادة بنائها على الاسس الراسخة التي قامت عليها، فالشعب المغربي يعرف أن هذه الأحزاب قد وقع الإجهاز عليها وتعرضت لظلم كبير في تاريخها منذ بداية الاستقلال، وبدل أن تجازى عن الجهاد والنضال في سبيل الاستقلال تمت شيطنتها ومحاربتها والإجهاز عليها وخلق “أحزاب المناسبات”، ودعمها وترسيخها كقوى لابد منها في تشكيل كل حكومة على حد تعبيره .
وأكد الخليفة أن الأحزاب الوطنية يجب أن تصارح الشعب بأنها قاومت لكنها ظلمت في النهاية، وان الكلام الذي يردد حولها، من أنها لا تقوم بأي دور، ولم تعد صالحة لأي شيء، ولا قادرة على إنجاز أي شيء، هو كلام حق في وصفها بعد احتوائها والهيمنة عليها، أريد به باطل.
وأشار إلى أنه على هذه الأحزاب أن تثور على واقعها الاليم وعلى الزاوية التي حشرت فيها، وتعود الى نبعها الصافي ببرامجها وافكارها وطموحاتها ورجالاتها المومنين بحق الشعب في الحرية والكرامة والعدل وتعرف أن عشرة في قيادتها يؤمنون بها ويدافعون عن مبادئها ستتبعهم خلايا مناضليهم وعامة الشعب لبناء مغرب أفضل وكما يقال ( كمشة نحل أحسن من “شواري ذبان” ) .
وأضاف أما الأحزاب الأخرى فلا يمكن إلا أن أطلب الله أن نخرج من أزمة كورونا ، وتجد من يقول لها :انتهى الدرس يا غبي ! .. وان الشيء الذي خلقت من أجله قد انتهى بالنسبة لنا .
وشدد الخليفة على ضرورة تطهير الحقل الحزبي وإلا لن تكون هناك ديمقراطية ، فلا ديمقراطية حقيقية بدون أحزاب حقيقية ولن نستطيع بناء ديمقراطية حقيقية إذا بقيت أحزابنا على ماهي عليه، وهذا يقتضي أيضا إعادة صياغة جديدة لقوانين الأحزاب ببلادنا.
طي ملف الاعتقال السياسي
وأوضح الخليفة أن ظروف كورونا الاليمة ونحن نعيش شهر رمضان المعظم الذي يعتبره المغاربة شهر التغافر والتراحم، يستوجب نشر ألوية التسامح عاليا ويلزمنا بالإنصات لصوت الضمير ووضع حد لكل الاعتقالات المدانة بما يكاد يشبه إجماع الرأي العام، والتعجيل بإطلاق سراح المعتقلين لأسباب سياسية في عمقها ،وهذا يجب أن يحدث الآن لأسباب إنسانية أكثر من أي شيء آخر .
وأضاف “أمثال الصحفي توفيق بوعشرين، والصحفي حميد المهداوي وكل الذين ناضلوا من أجل حقوق اجتماعية او اقتصادية بالريف،من الافضل لوطننا أن يغادروا السجن الآن، وعلينا جميعا بما فينا الامن والقضاء أن ندرك أهمية الحكمة القائلة بأن “من يحكم..لا يعاند” لأن العناد في قضايا واضحة لا ينفع الوطن في شيء إلا تعميق الجراح.
وأكد الخليفة أن كورونا فرصة حقيقية من أجل أن نتغافر ونتسامح جميعا ضحايا ومتهمين وان نرجع الى الله، فعذاب أحد الاطراف وتغييبه في السجن لا يفيد الآخر في أي شيء، وعلينا جميعا أخذ الدروس لبناء مغرب آخر طال حلمنا بتحقيقه، وأن نكون يدا واحدة لبناء مشرق لمغرب الغد، وختم بالقول “القوة وحدها لا تحكم مصائر الناس، وملف معتقلي المطالبة باللإصلاحات في الريف، وملف الصحافيين يجب أن يسوى الآن وليس بعد كورونا، وأن نطوي هذه الصفحة ونوقف بكاء الأمهات والزوجات والأولاد والمعتقلين والضحايا، وأن ننفخ روح مواطنة جديدة تشمل الوطن كله”.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.